توليف الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
الحلقة السابعة/ حـقبة الحكم العارفي الثاني!
نظام عبدالرحمن عارف:
بعد انتهاء نظام عبدالســلام عارف, عندما وافته المنية, اثر تحطم طائرته على اثرهبوب عاصفة رملية, في 13 نيسان (ابريل), 1966 بدأت حقبة الحكم العارفي الثاني!,حيث أستقـرَالرأي على أن يتولي الحكم من بعده اخوه الأكبر عبدالرحمن عارف, بمعية عبدالرحمن البزاز كرئيســاً للوزراء,..وعلى أية حال حكمت الظروف لتنفيذ هذا السيناريو,حيث كان عبدالرحمن
عارف رجلا متواضعاً وطيب الأخلاق,وقد كرس فترة حكمه لدعم قوة الجيـش اكثرمن الدعوة للوحدة مع مصـر,..أما بالنسـبة للبزاز ,..فقد كان محامياً اكاديميأً,.. ورئيــس وزراء سابق في عهد عبدالسلام عارف, وقد لعب دوراً في ترشـيح عبدالحمن عارف ليخلف اخيه الحكم ومنع الفتنة التي كادت ان تنشـب لو فتح باب الترشــيح للآخرين!
*** كانت فترة عبدالرحمن عارف في العراق قصـيرة , كرسها لأدارة الحكم بطريقة اخيه عبدالسـلام , الا ان البزازوحكومته المهنية,.. ارادوا تجديد الأقتصاد عن طريق اسـتخدامهم لعائدات النفط العراقي في محافظات العراق, ولازمت الحكومة الحذرمن تكريس تلك العائدات للقوات العسـكرية الملسحة ,..وفي آب (اغسطس), 1966, حدث عمل غيرودي في الوسـط
العسـكري
حيث اســتبدل عبدالرحمن البزاز بالعضوالسابق للضباط الأحرار(ناجي طالب),من مدينة الناصـرية, محافظة ذي قار(سابقاً),حيث كون دائرة ســياســية مـن الضباط العسـكريين اســتحوذت على معظم الوزارات الأســاســية.
*** وفي حزيران ( جون) 1967, اندلعت الحرب بين العرب واسـرائيل , وارســل عارف قطعات من الجيش العراقي الى الأردن , للمساهمة في المعارك ضد اسرائيل وحماية الشعب الفلسطيني من الأبادة الجماعية, وقد تم التحرك, بعد ان اجتاحت شــوارع بغداد ومعظم المدن العراقية الكبرى مضـاهرات صـاخبة,.. ولكن ما أن وصلت القطعات العسـكرية الى الأردن, حتى توقفت الحرب, كما أرتبط أسـم عبدالرحمن عارف بالقرارالعربي بقطع النفط عن الغرب والذي دام لغاية شــهر آب (اغسطس)1967.
***ومن الجدير بالملاحظة, ان كل من حكم العراق, منذ عهد الملك فيصـل الأول , نراه فقد ســلطته في الحكم , اما بأنقلاب عسـكري او ثورة او بالأغتيال , ماعدا الرئيــس العراقي عبدالرحمن عارف,.. فقد كان هذا الأمرغريبا بعض الشــيئ او قل مُذهلاً, ان يكون الرئيــس عبدالرحمن اول رئيـس بتاريخ العراق, يتخلى عن موقعه بثورة بيضــاء في تموز( جولاي), 1968 ويترك الحكم وهوعلى قيد الحياة!
ثورة السـابع عشـر من تـمـوز 1968
كانت ثورة 17 من تمز (يوليو) وفقا للصحفي البريطاني "كون كافلين" , قضية مدنية, بدأت في الســاعات الاولى من صباح 17 تموز, عندما قامت وحدات عسكرية ومدنية من البعثيين للأستيلاء على مبانٍ عسـكرية تشـتمل على وزارة الدفاع ومحطة الإذاعة , والجــسور والطرق في بغداد وعدد من القواعد العسكرية, كما قطعت خطوط الهاتف في الساعة 03:00، وبدأت عدة دبابات في الوقوف أمام القصرالرئاسي,وفي الصباح الباكرمن هذا اليوم,دق جرس التلفون في غرفة نوم الرئيــس عبدالرحمن عارف, فأجاب ســيادته , وكان المتكلم بصـوت ضــابط برتبة عســكرية عالية في الجيــش العراقي, وقال :
" انني احدثك مـن وزارة الدفاع, والدبابات تطوق الآن مبنى وزارة الدفاع " !,..وهكذا وبكل هدوء اكمل ســيادة الرئيــس عبدالرحمن عارف شــرب فنجان قهوته الصـباحية,.. وبعد فترة وجيزة تم اقتياده الى المطار بطائرة خاصة الى اسـطنبول, وكانت من مطالبه ضمان سلامة ابنه الذي كان ضابطا في الجيش ,..على ان تلتحق به فيما بعد زوجته المريضة في لندن.
** وفي اليوم التالي صباحاً,... أعلن حزب البعث عن تشكيل حكومة جديدة بكل سهولة وبدون اهدار قطرة دم واحدة!
*** تكون النظام الجديد من احمد حســن البكر, رئيــساً للجمهورية, ونايف رئيـسـاً للوزراء, والداوودي كوزيراً للدفاع, وصالح مهدي عماش وزيراً للداخلية , وحردان التكريتي , قائداً للقوة الجوية, وســعدون غيدان آمرا للحرس الجمهوري.
صالح مهدي عماش وزير الداخلية
حردان التكريتي قائد القوة الجوية
*** ان العلاقات بين البعثيين وغيرالبعثيين داخل النظام الجديد معقداً , حيث اراد كلا منهما , المسـك بأمور الدولة بالقوة, وقد عمل ســعدون غيدان بتقريب وجهتهما, كما ان احمد حســن البكر وحردان التكريتي , تمكنا من تقريب وجهات النظر بين المســؤلين وتمت له الســيطرة على موقع بغداد, ومن الجديربالذكران حمادي شــهاب لم يكن عضواً بحزب البعث , بل كان من القبيلة التي ينتمي اليها احمد حســن البكر,.. وبعد بضـعة ايام, وعند مغادرة الداودي القطر لزيارة الأردن في 30 تموز(جولاي), 1968, اعلن عن غلق الدوائرالأســتراتيجية في بغداد, وارســل النايف خارج القطر, وبهذا اســتعاد حزب البعث قوته, كما ان معظم رموز القادة في النظام الجديد هم من ضـباط الجيـش, ومعظمهم منحدرمن العشائروالقبائل العربية في الشمال الغربي من العراق.
خلال الأشهرالأولى من ثورة 17-30 البيضاء في تموز(جولاي), ترأس احمد حســن البكر رآســة الجمهورية, وصدام حســين نائباً لرئيــس الجمهورية, وقد بين النظام الجديد علامات واضحة لمقاومة القوى المعارضة له, والتي كانت تســاند نظام عبدالكريم قاســم. واضــافة الى ذلك, فقد منع المسلمون من تأدية مراســيم العزاء لآل البت,(رضوان الله عليهم), وخاصــة في ذكرى اســتشـهاد ســبط الرســول,الحســين (ع), في العاشــر من محرم الحرام (عاشــوراء).
*** قام النظام الجديد بأعدام علماء دين بارزين , مثل السـيد باقرالصـدر, واخته بنت الهدى, ومن الملاحظ ان القادة في المدن , مثل كربلاء والنجف المقدســتين , التزموا الصــمت, وقد اعطت تلك الحالة علامات بان المعارضة قد وصلت الى ادنى المســتويات, ولهذا, ما من احد يهتم او قل يعيراهمية لها بعد الآن.
*** وفي تلك الفترة, بدأت شـرطة النظام الجديد بالتحري عن الأهالي من اصـل ايراني , حتى من الذين لديهم اقامة منذ سـنوات عديدة, ووضعوا في حافلات خاصــة , وتم نقلهم الى الحدود العراقية - الأيرانية,وأضافة الى ذلك أعتقلت قوى الأمن العديد من المعارضة , بتهمة انتمائهم الى حزب محضـور يدعى حزب الدعوة.
*** ظهرت في تلك الفترة كتباً عديدةً بقلم اشـخاص كبارفي الدولة,..اوقل يشـغلون مناصــباً عليا, تنتقد المفاهيم الآيدولوجية لطائفة معينة ,ولكن لم تحظى تلك الكتب رواجا, وبيعت قســرا
لأي فرد يراجع اعماله في بعض مراكز الدولة, مثل دائرة الهجرة و الســفر,.. وســببت عدم ارتياحاً لدى معظم من اطلع على تلك الكتب , والتي كانت تســعى للتفرقة بين المذاهب.
***وفي منتصـف تموز (جولاي), 1979, فجأة اعلن عن اســتقالة احمد حســن البكر من رآســة الجمهورية, وبعد ســاعات ادى صــدام حســين اليمين الدســتورية ليشــغل مركز رآســة الجمهورية العراقية, وبنفس الوقت عين احد اقرب المخلصــين له هوعزة الدوري , نائباً لرآســة الجمهورية,.. كما عزل فورا كل الذوات الذين يـشعربعدم ولائهم له.
صــدام حســين/ رئيــس الجمهورية العراقية.
وفي نهاية تموز (جولاي), 1979, اعلن صــدام حســين, عن كشــف قوى الأمن لمؤآمرة تســتهدف قمة النظام الحاكم والمتمثلة بأعضاء مجلــس قيادة الدولة , كما اتهم صــدام حســين متآمرين آخرين وتم القبض.
***شــاهد كل العراقيون تلك المحاكمات, من على شــاشــة التلفزيون, ومنها مشــهد الرئـيس صدام حسين وهو يدخن الســيكارالطويلة, وينهش بالبكاء بين الحين والآخر, ومن حوله العديد من اعضاء الحزب الثقة, ففي مســاء الثامن من آب (اغسطس), 1979, كان صــدام حســين يراقب واحدا وعشــرين من اعضــاء القيادة القطرية المتهمين بالخيانة العظمى, وهم يعدمون الواحد بعد الآخر!
***بعد عدة سـنوات, شــعرمعظم العراقيون بمزايا الحقبة الملكية, فقد كانت أكثرأسـتقراراً من النظم التي جاءت من بعدها, والتي ســببت تدهوراً بالتطورالعلمي والأدبي والأجتماعي!
يتبع في الحلقة / 8 مع محبتي
للراغبين الأطلاع على الحلقةالسابقة:
http://algardenia.com/maqalat/22196-2016-03-06-08-07-00.html
1241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع