د. سيّار الجميل
يقال ان حمامات النسوان في العراق خلال ازمنة مضت ، كانت تشتهر بالفوضى والصياح والمناكفات والمهاترات والضرب بالقباقيب وحالها حال سوق هرج مرج ..
لا ادري لماذا تبادر الى ذهني ذلك ، وانا اتابع خلال اليومين السابقين ما جرى في جلسة البرلمان العراقي بصدد استجواب وزير الدفاع من قبل بعض النائبات والنواب الذين اتت بهم الصدف التعيسة ليكونوا ممثلين للشعب العراقي كمشرعين ومراقبين في سلطة سامية تمثّل في بلدان اخرى ذروة النخب بانتخابهم على اساس الكفاءة والاهلية وحسن السلوك والتاريخ الوطني المشرف ، فاذا بهم في العراق مجموعة مافيا ليس لها الا التدليس والاختلاسات والعلاقات المريبة .. ومذ جاءوا ليتصدروا على كراسيهم ، انتقدت وصولهم نوابا الى البرلمان ، فوصلني عتب بعضهم عليّ ، فأجبته قائلا : هؤلاء في اغلبهم غير مؤهلين ان يكونوا مشرعّين لقوانين ومراقبين دستوريين ، بل اصلح لهم ان يقوموا بدور كومبارس في مسرحيات هزلية ساذجة !
راقبوا كيف تحوّلت الجلسة الى سوق هرج ومرج ، اذ لا حرمة للجلسة ، ولا تقاليد في الحديث ، انه اداء مهرجين في عرض كومبارس يشاهد في سيرك تافه : هذا قاعد ، وذاك واقف ، والاخرى تذهب تجادل الوزير على المنصة ، ونائب يشتم ، والاخر يلعب باذنه ، وآخر بخشمه واخرى تبقى صائحة كالديك ، وأخرى تعلك وتوزع الابتسامات وهي غير مبالية ! والاخر يصّور المشهد المزري ، ووزراء قدماء يهذون ، احدهم يقاطع الاخر ، ونائب يعانق نائبا وكأنه في مقهى او شارع .. ورئيس برلمان اصغر من حجمه ، وهو لا يراعي التقاليد ويترك مكانه لنائبه ، وبحركته الهستيرية ، ثبّت رئيس البرلمان التهمة على نفسه ، وهو ونائبه لا يمتلكان اية مزايا بسيطة في ادارة الجلسات ، وكان البعض ساخطا لا يتكلم .. صورة كاريكاتيرية مهينة مضحكة ومبكية وكأننا في سوق الصفارين حيث لا يسمع المتكلم صوته أو ( ..... ) .!!
لقد شغلوا كل العراقيين بما دار من مناكفات مع اطلاق شتائم وخروج النواب ورئيسهم عن اخلاقيات العمل النيابي ، وكيلت الاتهامات الشخصية بالجملة ، واطلقت الاهانات ضد الوزير وهو برتبته العسكرية ، فرد عليهم ! لقد قدّم نواب الامة مشهدا مزريا ومهينا للعراق والعراقيين امام كل العالم ، وخصوصا من اشخاص لا مؤهلات لهم ، ولا تواريخ مشرفّة لديهم وقد طعن في تصرفاتهم ، فان كان وضع البعض من الاسماء ، فما بالنا ان انفضح الجميع ؟ لقد انشغلنا بقضايا فساد ومكاشفات عن جرائم مالية وعقود وهمية وعن علاقات غير نظيفة ابدا .. تذكرت احد صفوف مدرسة مليئة بالاطفال المشاكسين ، وقد غاب المعلم عنهم لوهلة بسيطة ! وبنفس الوقت تذكرت مقارنا جلسات البرلمان الاوربي الموقرة في بروكسل الذي حضرت بعضها عام 2005 !
في برلمانات العالم ، الاعضاء يتصارعون ويتناكفون سياسيا وايديولوجيا من اجل قضايا وطنية ، او مشروعات سياسية ، او برامج تنموية ، اما ان تصل صراعات المسؤولين العراقيين ، وخصوصا عن نواب يمثلون شعبهم كسلطة تشريعية في قضايا نهب وعقود وهمية وعلاقات غير نظيفة وبيع مناصب وشراء ذمم ، ووكلاء سيارات ، وتوظيف ووساطات وترقيات وكلها محسوبيات ومنسوبيات ، فان ذلك يدل دلالات فاضحة عن سوء هؤلاء المسؤولين لا يمثلون في الحقيقة ضمير العراقيين ، بل يمثلون اسوأ الاحزاب والتكتلات والتيارات في التاريخ ، اذ يبدو ان 95% من هؤلاء هم مافيات وعصابات تتعامل مع بعضها الاخر باوسخ اساليب الفساد من اجل الكسب غير المشروع والنهب المنظم وتدمير العراق . فان كان هذا هو حال مجلس النواب كسلطة تشريعية بائسة ، فما بال وضع السلطة التنفيذية في العراق ، وهي تتألف من وزراء قدم اغلبهم من هذا المستنقع الآسن؟؟؟ سنوات عجاف مضت ، ونحن واقفون ضدهم وضد ممارساتهم البشعة ، وتفاهاتهم وسوء سياساتهم واخلاقهم وممارساتهم ، والعالم كله يدري بما يجري في العراق على ايدي هؤلاء المسؤولين الجدد الذين ضيعوا البلاد واحرقوا مواردها ومزقوا مجتمعها واساءوا لثقافة ابنائها ووظفوا كل ابنائهم واقربائهم ومحسوبيهم في السفارات .. وجعلوا الغرباء يسرحون ويمرحون في ارض العراق من دون اي تغيير !
والسلطة القضائية لم تتحرك ابدا في التحقيق بكل الجرائم التي جرت منذ سنين ، كي تأتي اليوم لتتحرك على استحياء فهذه السلطة لا استقلالية لها ابدا ، وكانت ولم تزل اداة طيعّة بايدي مراكز القوى السياسية والطائفية .. اما رئيس الدولة ، فكأنه دخل سردابا لينام نومة اهل الكهف وهو لا يدري ما الذي يفعله هؤلاء ، او انه قد شاركهم في الوليمة ، وكأن العراق لا يعنيه امره ! سنوات طوال والشعب العراقي منشغل بتفاهات هؤلاء الحكام الجدد الذين لا ضمير لهم ، ولا اخلاق لديهم ، ولا حياء عندهم ابدا .. العراق ينتقل من كارثة الى اخرى ، بفعل هذه الطبقة الحاكمة التي استحوذت على الحكم وطغت وتجبرت ومارست كل الموبقات والفواحش والمفاسد والنهب والاستحواذ وبث الاكاذيب وكتم الفضائح .. دون ان يعترفوا بجرائمهم ومفاسدهم وهم يخفون رؤوسهم في الرمال واشلائهم في العراء ، فمنهم من هرب بالملايين والمليارات ، ومنهم من يزل يمارس كل الدعارات .. بل والانكى من ذلك ان هناك من يزل يصفق لهم !
دولة هرج ومرج اضاعت العراق والعراقيين يقودها سراق ومجانين ومشعوذين وتافهين ومعممين منافقين ومشاغبين وكذابين و " لوكيه هتلية ".. ومعهم نائبات محجبات يصلحن ان يعملن دلالات في الشوارع ، او دلاكات في حمام نسوان ! ان مصير العراق والعراقيين في خطر ان بقيت هذه الطغمة الفاسدة على رأس الحكم في العراق .. لقد بلغ السيل الزبى ، فالجيش العراقي يقدّم دمه الى العراق ضد داعش ، والبرلمانيون يرقصون على جراح كل العراقيين . ان التغيير بات ضرورة حياة او موت يا ناس ..
376 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع