شخصيات بغداديه في الذاكره / 10 الكابتن جمولي

                                       

                                            عبدالكريم الحسيني

     

شخصيات بغداديه في الذاكره/10 الكابتن جمولي..السد العالي

   

         

  لم يكن العراق يمارس الالعاب الاوربيه الرياضيه في مطلع القرن العشرين وكانت العابه مقتصره على العاب رياضيه مثل ( الزورخانه ) و(السباحه ) والعاب المصارعه حتى جاء الاحتلال البريطاني وجائت معه بعض الالعاب التي كان يمارسها الجيش الانكليزي ومنها كرة القدم وكرة الطائره والسله والعاب الكمال الجسماني والكولف والبولو والرياضه الوحيده التي كان العراقيون يشتركون فيها مع الانكليز هي رياضة الفروسيه وسباق الخيل ..

 

حضت كرة القدم باهتمام كبير من الشباب حتى اصبحت من الالعاب المفضله ولاتزال تستحوذ جمهورا كبيرا من الشباب وكبار السن رجالا ونساء وكانت البدايات لهذه اللعبه بائسه نوعا ما لعدم تيسر التجهيزات وخاصة (كرة القدم ) ومن ثم الاحذيه والقمصان والشورتات والجواريب وكانت هذه عمليه مكلفه جدا للشباب في ظرف معاشي صعب كان يعيشه العراقيون عموما والبغداديون خصوصا ,, وبالرغم من كل ذلك بدأت بعض المواهب بالظهور من بين المحلات الشعبيه وحارات الفقراء حتى تبؤ البعض من هذه الكفاءات المراكز المرموقه عراقيا ودوليا ومن هذه الاسماء التي كانت تتردد على السنة الناس مثل :

       

(ناصر جكو , ويلسن , كوركيس , محمود اسد , حسن بله , طرزان , جميل عباس , صاحب خزعل , محمد ثامر , عمو بابا , شدراك يوسف, ثامر محسن , باسل عبد المهدي ,  وكادر رياضي مثل  عزيز الحجيه . اسماعيل حمودي , عادل بشير , اكرم فهمي وغيرهم ) واستمتع الجمهور الرياضي فتره من الزمن بما كان يقدمه هؤلاء من مباريات تشد الانفاس .

       

                      

موضوع حلقتنا اليوم هو واحد ممن ذكرنا اعلاه بطل رياضي مكافح بنى نفسه بنفسه ولم يتلقى عونا من احد بل ولم يحظى يتدريب راقي كما كان غيره في دول العالم وانما صاغ موهبته بيديه حتى وصل الى درجة عاليه وقلد منصب (كابتن الفريق العراقي ) ولقب بالسد العالي لبراعته في حمايه الهدف العراقي ومنع الخصوم من اختراق الهدف هذا الاعب هو المرحوم (جميل عباس ابو عصام الملقب جمولي ) الذي ولد في بغداد منطقة الكسره في عام 1927م من عائله تمتهن الفلاحه لدى اصحاب الاراضي في منطقة الصرافيه حيث انجبت هذه العائله من الرياضين عدا جمولي اخيه نوري حكم دولي , اسماعيل لاعب , ابراهيم بطل بالقفز ..
ارسل جمولي الى (الملا حسين) لتعلم القراءه والكتابه حيث كان جمولي ينفر منه ويهرب الى ساحة الكشافه لممارسة اللعب ا والى شارع الزهاوي حيث اولاد المرحوم امين العمري ليلعب معهم وهم اصدقاء طفولته ومن ذكريات هذه الفتره كان جمولي يلعب حافيا في حين كان اولاد العمري يلبسون الاحذيه وكانوا يطلقون عليه لقب (الطياره ) لسرعته الفائقه ..

   

التحق للعب في نادي الاعظميه ثم التحق بالحرس الملكي في شباط عام 1947م وبذلك منع من اللعب مع نادي الاعظميه وكانوا في النادي يتوسطون المرحوم (ناظم الطبقجلي ) لاستحصال الموافقه له للعب مع نادي الاعظميه الذي ظل يعتز به ,,
كان فريق الحرس الملكي يعتبر من افضل الفرق الرياضيه وكان بمثابة من يمثل العراق ولذلك كان جمولي متواجدا في جميع الوفود الرياضيه في كل العالم من الشرق الى الغرب ولعب في اكثر الملاعب ومن ذكريات اللعب في الخارج وعندما كان الفريق العراقي في المغرب وبسبب بعض المشاكل قرر رئيس الوفد الغاء المباراة بين العراق والمغرب وعندها ترك اللاعبين الفندق وتوجهوا الى سوق المدينه للتبضع وفوجئوا باستدعائهم للعب مع المغرب وهم في هذه الحاله الصعبه وتم جمعهم من الاسواق والمحلات بصعوبه بالغه ومنهم مرضى نتيجة اصابات حدثت في لعبات سابقه ولكن اللعبه تمت وعلى خير  ومن النوادر في لعبة كرة القدم كان ملعب الكشافه مكتظا بالجماهير وهم ينتظرون الفريق الباكستاني الضيف في عام 1950م عندما دخل الفريق وهم حفاة الاقدام عدا لفاف بسيط على مشط القدم وهذه حاله كانت تحدث لاول مره في العراق ولم يألفها لاعبينا ..
كان جمولي ضابط صف في الحرس الملكي ووصل حتى رتية رأس عرفاء  عندما اشترك في دورة الليفي ومنح رتبة نائب ضابط تلميذ حربي ومن ثم منحه المرحوم الملك فيصل الثاني رتبة ملازم في عام 1955م عند فوز العراق في بطوله دوليه اقيمت في طهران وقال جلالته في هذه المناسبه (لم نمنحك الرتبه للعبك المتقن والجيد ولكن منحناك الرتبه لاخلاقك الرفيعه والعاليه ) . نصب للاعب جمولي تمثال برونزي في مدخل ملعب الكشافه اعتزازا به وبجهوده الرياضيه وما قدمه من انجازات للعراق وهو الوحيد من الرياضين اقيم له حفلة اعتزال في 1966 م وقدمت له ابنته الصغيره (سهير ) باقة ورد ومن ثم قدم له هديه  5 دنانير وساعه يدويه وهكذا ابتعد جمولي عن اللعب ولكنه لم يبتعد عن الملاعب وعن اللاعبين .
تعرض جمولي الى جلطه دماغيه ونقل الى مستشفى النعمان وتعرض الى جلطه اخرى ونقل الى مدينة الطب حيث تزايدت عليه حدة المرض واصبح عاجزا على السير على قدميه ثم اصيب بعجز في الكليتين وارتفاع اليوريا في الدم ثم تبين انه مصاب بعجز في القلب نقل على اثر ذلك الى البيت حيث فارق الحياة يوم 6 تموز 2005 م عن عمر يناهز ال –  78 عاما وبذلك غادر الحقل الرياضي بطل من ابطاله وستظل ذكراه ماثله امام الرياضين ليتذكروا كفاح هذا البطل الذي صنع نفسه من لاشيء وحقق للعراق البطولات ...
رحم الله ابا عصام واسكنه فسيح جناته
والى شخصيه اخرى.. مع تحيات ..عبد الكريم الحسيني

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع