اللواء فوزي البرزنجي
معارك مُحَمَدْ رَسُولُ الله في قاطع الفيلق الاول في السليمانية/القسم الثالث
وصف طبوغرافية المنطقة
أولاً. القادم من إتجاه كلار قاصداً مدينة السليمانية بعد خروجه من نفق دربندخان من إتجاه الشمال يشاهد على يمينه بحيرة دربندخان بمنظرها الخلاب حيث يسير الطريق العام غرب البحيرة ، تلوح في الأفق البعيد إلى جهة الشرق سلسلة جبلية شاهقة الإرتفاع تسمى سلسلة (هورامان ) تشكل خط الحدود العراقية الإيرانية وعورة وإرتفاع هذه السلسلة بمثابة جدار بين الدولتين ، في نهاية طريق دربندخان من إتجاه الشمال يتقاطع هذا الطريق مع طريق السليمانية المتجه إلى مدينة سيد صادق ، الراغب بالذهاب الى مدينة السليمانية يتجه إلى جهة اليسار والراغب بالذهاب الى مدينة سيد صادق أو بنجوين يتجه إلى جهة اليمين مروراً
بمدينة عربت ثم مدينة سيد صادق ، تقاطع طريق مدينة سيد صادق الى جهة اليمين بإتجاه الجنوب يؤدي إلى مدينة خورمال– حلبجة – بياره – طويلة - الى جهة اليسار بإتجاه الشمال يؤدي الطريق الى مدينة بنجوين .
ثانياً. تعتبرهذه المنطقة إمْتِدادَاً إلى سهل شهرزور الذي يعتبر من أخصب المناطق الزراعية المشهورة بزراعة الحنطة والشعير، يسير الطريق بإتجاه بنجوين بمحاذاة السلسلة الجبلية الكائنة غرب الطريق العام ، بعد بدأ الحرب العراقية الإيرانية إقتضت الضرورة فتح طريق جديد من مدينة عربت بين السلاسل الجبلية حتى مجمع نال باريز السكني لغرض تأمين ستر حركة الأرتال العسكرية من رصد ونيران المدفعية الإيرانية ، عند الوصول إلى نقطة التقاء الطريق القديم بالطريق الجديد يوجد جسر فوق نهر صغير يجري من إتجاه الشمال الشرقي بإتجاه الجنوب الغربي يسمى ( الروبار ) يشكل مجرى الروبار وادي ضيق محصور بين
سلسلتين جبليتين من جهة اليمين السلسلة الجبلية المشهورة قمتها بإسم ( قمة قايه ) ومن جهة
اليسار السلسلة الجبلية المشهورة قمتها بإسم ( قمة هرزله ) طول المضيق كليومترين يكون مسار الروبار في اليمين ومسار الطريق في اليسار، شمال سلسلة قمة قايه توجد سلسلة جبلية تبدأ من الحدود الإيرانية من جهة الشرق وتتجه نحو الغرب تنتهي بالطريق العام تسمى (جبل حديد) ويشرف جبل حديد على مدينة وحوض بنجوين .
ثالثاً. يشكل حوض بنجوين سَهْلاً مُنْبَسِطاً نسبياً وواسع وتتواجد فيه عوارض جبلية كلما إتجهنا نحو الشمال والشمال الشرقي حيث مدينة كرمك ولسان ميشاف الذي عمقه 33 كيلومتراً ، ويشكل نتوء داخل الأراضي الإيرانية على كتفيه الأيمن والأيسر مرتفعات جبلية شاهقة ومنيعة خاصة الكتف الأيسر ، يخرج طريق من مدينة بنجوين بإتجاه الشرق يربطها بمدينة مريوان الإيرانية في السنوات التي تواجد فيها العدو الإيراني في هذه المنطقة قام بفتح طريق يتجه شمالاً إلى مدينة بانه الإيرانية .
الموقف العام
أولاً. في بداية الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1981 كانت تتواجد في المنطقة وحدات من لواء الحدود 116 قسم منها في مخافر حدودية وقسم في ربايا تم إنْشاؤها في مناطق مشرفة ومسيطرة على الأراضي المجاورة لها حسب ما أخبرني أحد مخابري لواء المُشاة التاسع عشرالذي كانت محطته اللاسلكية متجحفلة مع لواء الحدود 116 في حينها وبما أن المنطقة في حوض بنجوين مفتوحة و شُبُهْ منبسطة والقطعات المتواجدة فيها قطعات حدود
أفرادها ضباطاً ومراتب أغلبهم من الشرطة وتسليح وحداتهم أخف من تسليح وحدات الجيش.
ثانياً. في مطلع عام 1981 قام الجيش الإيراني بإجتياح معظم المخافر الحدودية والربايا
وتمكن من إحتلالها وأَسَرَ أعْداداً كبيرةً من منتسبيها إتخذت القيادة العسكرية إجراءات سريعة لمعالجة الموقف منها حركة أفواج مغاوير الى القاطع إشتبكت مع العدو الإيراني لإيقاف تقدم قطعاته وحركة تشكيلات لمسك عارضة جبل حديد وجبل قايه وعارضة هرزلة وحركة مقر فرقة المُشاة السابعة من خانقين إلى عربت في السليمانية لإدارة العمليات وحدثت معارك ضارية في القاطع نزف أبناء الجيش العراقي الباسل دِماءً زَكِيَةً دفاعاً عن أرض العراق إلى أن إستقر الموقف نسبياً في نهاية سنة 1983 .
الموقف الخاص
أولاً. بعد الصولات الجسورة التي قام بها أبطال لواء المُشاة 501 ولواء المُشاة التاسع عشر ولواء المُشاة 91 وتشكيلات أخرى في سلسلة جبل سركيو أدام الفيلق الأول زخم الهجوم على قطعات العدو الإيراني لغرض تحرير آخر شبر من أرض العراق من دنس العدو الإيراني في حوض بنجوين .
ثانياً. بدأت العملية العسكرية بتاريخ 20 تموز 1988 وتزامنت مع عملية توكلنا على الله الرابعة في قاطع الفيلق الثاني :
سير الأحداث
ثالثاً. أول عمل قام به الفيلق أوعز إلى الجهد الهندسي للفيلق بفتح ثغرة في حقل الألغام
المزروع على الطريق العام أمام جبل حديد وعارضة هرزله المشرفين على حوض بنجوين .
رابعاً. تخصيص قيادة فرقة المُشاة الرابعة لإدارة العمليات التي كان قائدها المرحوم اللواء الركن عصمت صابر عمر، أول التشكيلات التي التحقت بالفرقة هو لواء المُشاة الخامس الذي هو أصلاً من نظام معركة الفرقة الرابعة زائداً كتيبة دبابات 46 كان واجب لواء المُشاة الخامس زائداً كتيبة الدبابات 46 دحر العدو المتواجد في العارضة الكائنة شمال قضاء مدينة
بنجوين كانت معنويات العدو منهارة ، بعد ساعات قليلة من القتال تمكن لواء المُشاة الخامس بإسنا د مِنْ كتيبة الدبابات 46 من تطهير العارضة التي ذكرتها آنِفاً ، وفتح مقر فرقة المُشاة الرابعة المتقدم في إحدى الأبنية الكائنة في (قرية جنانه ) قرب تقاطع الطرق بعد تطهير العارضة التي أشرت اليها آنِفاً.
خامساً. بعد ظُهْرِ يوم 21 تموز 1988 صدرت الأوامر بالهاتف إلى اللواء المُشاة التاسع عشر بالحركة إلى قاطع بنجوين ، وأَصْدَرْتُ الأمر الإنذاري إلى الوحدات بالحركة كُنْتُ دائِمَاً أستبق حركة الوحدات بالحركة إلى المقر الأعلى الذي يتواجد في المنطقة كان مقر فرقة المُشاة 27 قد إستلم المسؤولية من الفرقة السابعة في عربت بعد بدْء معركة الفاو سنة 1986 وصلت إلى المقر أخبرني أحد ضباط الركن بالذهاب الى المقر المتقدم قرب نال باريز عند وصولي إلى المقر المتقدم أخبرني ضابط الركن الأول بأن تجحفل اللواء يكون مع الفرقة الرابعة التي مقرها الآن بالأمام قرب مقر اللواء المتواجد في جبل حديد ذَهَبْتُ إلى المكان ، إلْتَقَيْتُ بأحد ضباط الركن شرح لي الموقف وطلب مني أن يقضي اللواء ليلته في المضيق إستلم المخابر ترددات الأجهزة اللاسكية لتأمين الإتصال بمقر الفرقة الرابعة
.
سادساً. وصلت وحدات اللواء إلى المكان إلتقيت بآمري الوحدات شرحت لهم الموقف والواجب المقبل قضينا الليلة النوم بالعجلات ، في فجر اليوم التالي 22 تموز إتصل مقر الفرقة الرابعة وطلب الحركة إلى الأمام كانت مدفعية العدو تقصف الطريق بشده وخاصة الثغرة التي فُتِحَتْ في حقل الألغام لذا طَلَبْتُ من الوحدات إجتياز هذه المسافة التي تقدر ب 400 متراً بأسرع مايمكن لإنها مرصودة من قبل العدو لتقليل الخسائر المحتملة نتيجة القصف المدفعي المعادي ، وَصَلْتُ إلى مقر الفرقة الرابعة وجدت آمر لواء المُشاة 36 سبقني بالوصول إليها شرح قائد الفرقة المرحوم اللواء الركن عصمت صابر عمر الموقف والخطة لتنفيذ الواجب .
الخطة المقررة لتنفيذ الواجب
سابعاً. بِدايَةً كان واجب لواء المُشاة التاسع عشر تطهيرالكتف الأيمن من لسان ميشاف وواجب لواء المُشاة 36 الكتف الأيسر بعد وقت قصير تغيرت الخطة حيث أُنيط واجب تطهير الكتف الأيمن الى لواء المُشاة 36 والكتف الأيسر إلى لواء المُشاة التاسع عشر .
مِعْضَلْة حيوية يصعب تذليلها
ثامناً. المعضلة التي واجهت القطعات عدم وجود الخرائط العسكرية للمنطقة بكمية تكفي لتوزيعها على آمري الوحدات وآمري السرايا وضباط الرصد ، تم إيجاز آمري الوحدات وبدورهم قاموا بإيجاز آمري السرايا وشرعت الوحدات بالتقدم راجلاً بإتجاه الأهداف ، نحن في شهر تموز والجو حار ومصادر المياه قليلة نسبياً لعدم معرفتنا بالمنطقة بشكل جيد ، كان مقر اللواء يتنقل راجلاً خلف الفوج الأول شاهدت بالقرب من قرية كرمك إحدى ربايا لواء الحدود 116 شبه مخربة أوعزت إلى الوحدات الإبتعاد عنها لأنها تشكل نقطة دالة إلى ضباط رصد المدفعية الإيرانية كان تواجد العدو الإيراني على كتفي لسان ميشاف الأيمن القريب إلى مدينة مريوان الإيرانية والكتف الأيسر القريب إلى مدينة بانة الإيرانية هذا كما أشرت سابقاً
العدو كان يتواجد في المنطقة منذ سنة 1981 ويعرف المنطقة بشكل جيد أفضل من أي مقاتل ضمن قطعات الجيش العراقي .
تاسعاً. بعد منتصف النهار إتصل قائد الفرقة وطلب مني أن أخصص فوج بقيادته لتطهير لسان ميشاف من أي تواجد للعدو الإيراني ، خَصَصْتُ الفوج الثاني من اللواء ليكون بإمرة القائد تم تعزيز الفوج بسرية دبابات من ك دب 46 لإن الطريق يسمح بحركة الدبابات ، طلبت الفرقة إستمرار التقدم نحو الأهداف ، العوارض الجبلية وعرة وإرتفاعها يصل إلى 2950 متراً أُصيب الجنود بالإنهاك نتيجة عدم النوم في الليلة السابقة والمسير راجلاً في المنطقة الجبلية لمسافة تزيد على 10 كيلومترات ثم التسلق إلى الأعلى ، كان إعتماد الجندي على أرزاق المعركة التي لايستسيغها لإنها عبارة عن بسكت ومعلبات فيها نسبة عالية من الأملاح والجندي يبذل جُهْدَاً مُضاعِفاً خلال التسلق ، قبل الضياء الأخير طَلَبْتُ من الوحدات أن تنتخب سراياهم أماكن مشرفة ومسيطرة ويكون الدفاع فيها الى جميع الجهات 360 درجة تحسباً لأي طارئ كان إنفتاح مدفعية الإسناد المباشر بَطْئ نسبياً بسبب صعوبة التنقل في ثغرة حقل الألغام في الطريق العام و وعورة المنطقة.
عاشراً. جهد جناح طيران الجيش الأول خُصِصَ بالكامل إلى قاطع عمليات الفيلق الثاني لإسناد القطعات في (عملية توكلنا على الله الرابعة ) هذا التخصيص حرم القطعات من جهد السمتيات لتقديم الإسناد الإداري ، القصف المدفعي الإيراني كان شديداً خاصة على الطرق من إتجاهين ، صباح يوم 23 تموز 1988 واصلت السرايا التسلق بعد الظهر يوم 23 تموز
أكمل الفوج الثالث الكائن على الجناح الأيسر إحتلال أهدافه بعد مناوشات خفيفة مع العدو على أثرها إنسحب العدو من المكان الى داخل العمق الإيراني إلا أن الفوج الأول الكائن على الجناح الأيمن أهدافه أبعد مسافةً وأعلى إرتفاعاً لم يكمل مهمته يوم 23 تموز، بداية نوهت عدم تيسر الخرائط بعدد كافي صباح يوم 24 تموز أكمل الفوج الأول إحتلال أهدافه ، السرية الثانية آمرها الشهيد الملازم الأول فتحي سلمان النقشبندي من أهالي مدينة الموصل توغلت داخل العمق الإيراني دون إنتباه آمر السرية لعدم وجود خريطة لديه ، بعد الظهر شن العدو هجوم على مواقع السرية وتكبدت خسائر في الأرواح عددها 22 شهيداً من ضمنهم آمر السرية والضابط الراصد وعدد مماثل من الجرحى لتمسكها بالدفاع عن مواضعها بعدها تقدم آمر الفوج إلى أقصى الأمام وأعاد ترتيب مواضع السرية وإستقر الموقف أما الفوج الثاني أصبح بإمرة قائد الفرقة زائداً سرية دبابات من ك دب 46 وإستمر بتعقيب العدو المنسحب
في لسان ميشاف لإخر مخفر حدود داخل الأراضي العراقية أعطى الفوج تضحيات نتيجة
.إستخدام العدو مدافع 106 ملم بالرمي المباشر بالعتاد المهداد يوم 25 تموز إستقر الموقف وتم تحرير كامل الأراضي العراقية ماعدى إستمرار القصف المدفعي المعادي على الطرق
والمقرات ومواضع المدفعية ، صباح يوم 26 تموز قمت بزيارة مقر الفوج الأول إستغرق التسلق الى مقر الفوج من أقرب مكان وصلت اليه عجلتي أكثر من ثلاثة ساعات وفي اليوم التالي زرت مقر الفوج الثالث إستغرق التسلق الى مقر الفوج ساعتين ، أنوه إن منطقة( لسان ميشاف) لم يسبق لقطعات الجيش العراقي العمل بها سابقاً ، منطقة ذات طبيعة معقدة وتشكل قمم الجبال خط الحدود بين العراق وإيران.
أحدعشر. قبل هذه العملية كنت أستحق التمتع بالإجازة الدورية إلا أن إشتراك اللواء بهذا الواجب حال دون ذلك ، مساء يوم 27 تموز أخبرني مقر الفرقة بحصول الموافقة على التمتع بالإجازة لمدة أربعة أيام من ضمنها الطريق ونحن في أبعد نقطة في قاطع السليمانية ، فجر يوم 28 تموز بعد صلاة الفجر ركبت عجلتي وتوجهنا بإتجاه بنجوين أخطر معضلة تواجهنا إجتياز الثغرة في حقل الألغام حيث الرصد المعادي فعال لإصطياد العجلات التي تسير في
الثغرة لعدم إمكانية العجلات بالمناورة خلال المسير ، إنقضت الإجازة بسرعة قبل ظهر يوم 31 تموز ركبت عجلتي وتوجهت بإتجاه السليمانية كنت أسلك طريق بعقوبة – جلولاء - كلار- دربندخان خلال الإجازة بالذهاب والإياب عند وصولنا إلى عربت أخبرت مقدم اللواء بالجهاز اللاسلكي بمغادرة عربت وصلنا بنجوين بعد غروب الشمس.
إثنى عشر. تجاوزنا مقر الفرقة ونحن متجهين إلى كرمك الطريق غير معبد يوجد يمين الطريق مجرى مياه جاف عمقه مترين سائق عجلتي هو السائق البديل المرحوم ن ض ألي زويد سلمان حسن توفى بعد الإحتلال سنة 2003 يأتي معي أول مرة كنت لا أسمح بإستخدام الضوء خلال التنقل بالليل في مناطق العمليات إرتطمت العجلة في مطب عرضه أكثر من
متر مما أدى الى حدوث تشقق كيس زيت العجلة أحد أفراد الحماية أصيب ظهره نتيجة إرتجاج العجلة تركنا العجلة مع السائق قرب إحْدى بطريات المدفعية أمامنا مسافة تزيد على 4 كيلومتر للوصول إلى مقر اللواء ، تقاطع الطرق قرب كرمك يتعرض إلى قصف مدفعي معادي منتظم كل خمسة دقائق كان علينا تجاوز هذه المكان بأقصى سرعة ، الليلة مظلمة منظر إنفجار قذائف المدفعية ليلاً مرعب حيث تشاهد الشَظايا كتل نار حمراء تنطلق بسرع عالية إلى جميع الإتجاهات بعد إنفجار أخر قذيفة إنطلقنا بكل ما لدينا من قوة تجاوزنا المكان بسلام حمدت الله على ذلك بعد هذا كان لِزْامَاً علينا أَن نسلك طريق نيسمي المنطقة مشجرة (جندي كشاف الطريف) فقد الإتجاه توقفت برهة من الوقت للتأكد من الإتجاه الصحيح .
ثلاثة عشر. آمر فصيل الحماية المرحوم ن ض مغاوير حمادي عبد الزهرة وهيب مقاتل من الطراز الأول أستشيره أحياناً ، سالته أين أصبح إتجاه مقر اللواء المنطقة مشجرة الظلام
دامس سكون تام لايوجد بصيص ضوء فقط دوي إنفجار قذائف المدفعية المعادية الوقت قارب الثانية عشرة منتصف الليل قال سيدي نسلك هذا الطنف ، نحن 6 أشخاص فقط وزعت المجموعة إثنان في الأمام وإثنان في الخلف وأنا وآمر فصيل الحماية بالوسط طلبت أن يكون المسير مسير الدوريات قطعنا مسافة تقارب كيلومتر على هذه الحال فجأة إنطلقت صلية
رصاص بندقية كلاشنكوف فوق رؤسنا في الهواء بددت السكون المطبق وصرخ أحد المقاتلين قف محلك جمدنا في المكان صرخ ثانياً أرفع إيدك إلى الأعلى عرفنا أن
المنادي أحد جنود سرية الصولة للواء أجابه آمرفصيل الحماية صديق صرخ ثالثاً تقدم للتعريف أوعزت الى آمر فصيل الحماية تقدم عَرَفْ وبعد التعريف سألت هذا المقاتل لماذا أنتم هنا ، المكان أقرب عن مكان مقر اللواء بحدود 300 متراً شرح لي الأسباب ثم قادنا الى مكان مقر اللواء حال وصولنا وجدت مقدم اللواء ينتابه قلق شديد لتأخرنا قلت له ما الجديد لماذا سرية الصولة مفتوحه في هذا المكان قال سيدي خلال تمتعك بالإجازة شن العدو هجوم على دفاعات لواء المُشاة 36 في الكتف الأيمن للسان ميشاف وتمكن من إحتلال موضع
سرية مُشاة لأحد أفواجه في الفتحة المؤدية إلى مدينة مريوان لذلك قمنا بفتح سرية الصولة في هذا المكان لغرض تأمين حماية المقر من الخلف .
أربعة عشر. تناولت وجبة طعام وأخذت قسطاً من الراحة وأنا أحدث نفسي وأقول لو لم أذهب بإجازة أفضل من هذه المُعاناة في هذه الليلة ، حمدت الله على سلامتنا ، الفترة من (1 آب لغاية 7 آب ) كان مقر اللواء يُقْصَفْ من قبل المدفعية المعادية بإستمرار من إتجاهين ، يوم 8 آب أُذْيْعَ بيان توقف الحرب سكتت أصوات المدافع وحل الهدوء وبدأ تحرك المقاتلين بحرية في المنطقة أصْدَرْتُ أمراً بإخلاء جثامين الشهداء التي تعذر إخلاءها أثناء الإشتباكات مع العدو إلا أن شهداء السرية الثانية من الفوج الأول داخل الأراضي الإيرانية في مكان مرتفع جداً ، حدثت مفارقة جنديين من السرية المذكورة ذهبا لجلب ماء من عين الماء التي تقع في الحدود المشتركة بين العراق وإيران وحدث بينهما وبين جنود إيرانيين يتحدثون اللغة العربية حوار عن الحرب وويلاتها وطلبا التعاون لإخلاء قتلاهم من الأراضي العراقية.
عقد إتفاق ميداني لإخلاء جثامين الشهداء
أخبرني آمر الفوج بهذا الحادثة لذا خولته التفاوض معهم على أن يقدموا لنا المساعدة بإخلاء شهدائنا من الأراضي الإيرانية الذين ذكرت آنِفاً عددهم 22 شهيداً ، طلبوا من آمر الفوج نقل جثث قتلاهم التي خسروها في معركة تحرير جبل سركيو ، من هذا إستنتجت إنهم على علم بأن قتلاهم قتلوا في المعركة التي خاضها لواء المُشاة التاسع عشر وذكرت تفاصيلها في القسم الثاني من معارك (مُحَمَدْ رَسُولُ الله) التي حدثت بتاريخ 4 تموز 1988 ، وافقت على هذا الطلب بدون الرجوع إلى مقر الفرقة الرابعة للأسباب التالية :
أولاً. إكْرامَاً لشهدائنا كي لايبقوا في الأراضي الإيرانية وإستحالة التعرف على جثثهم إذا تُرِكُوا لفترة طويلة .
ثانياً. لأسباب إنسانية وشرعية لعوائلهم كي يقوموا بدفنهم ويتابعوا إنجاز معاملاتهم التقاعدية.
ثالثاً. إستحصال الموافقات العسكرية لمثل هذه الحالة يتطلب موافقة أعلى القيادات العسكرية وهذا يستغرق وقت طويل .
رابعاً. كنت على علم بأن اللواء سيصدر له أمر بالحركة من القاطع وفي هذه الحالة القوة البديلة التي ستستلم المسؤولية لا تعرف مكان إستشهادهم.
لذا طلبت من الوحدات إرسال ممثلين من سراياهم يعرفون أماكن دفن القتلى الإيرانيين وكَلَفْتُ بهذه المهمة عناصر الفصيل الكيمياوي لوجود أكياس بلاستيكية لديهم لنقل الجثث في اليوم التالي ذهبوا إلى جبل سركيو وأخرجوا الجثث من أماكن دفنها ووضوعها في الأكياس البلاستيكية وعادوا ، في اليوم الثالث تم نقل الجثث الى قاطع الفوج الثالث الأقرب مسافة إلى الأراضي الإيرانية كُلِفَ أحد آمري سرايا الفوج بإجراء عملية تبادل الجثث الجانب الإيراني التزم من جانبه بنقل جثامين شهدائنا الى المكان وتمت عملية التسليم والإستلام بدون حادث.
وتم نقل جثامين شهدائنا إلى ذويهم ، بعد عملية الإستلام والتسليم أَخْبَرْتُ بالموقف اليومي مقر الفرقة الرابعة عند إطلاع قائد الفرقة على الموقف كلمني المرحوم اللواء الركن عصمت صابر عمر قائد الفرقة الرابعة عن كيفية إجراء التبادل شرحت له الأسباب إقتنع بهذا العمل ولكن بعد ذلك بوقت قصير كلمني اللواء الركن سلطان هاشم أحمد قائد الفيلق الأول فَكَ الله أَسْرَهُ وعاتبني على عدم إستحصال الموافقات المسبقة على هذه العملية أخبرته عندما
كُنْا تلاميذ في الكلية العسكرية عِنْدَ دراستنا للسوق والتعبية والتأريخ العسكري من حَقْ القادة الميدانيين عَقِدْ هُدْنَة مؤقته لإخلاء الخسائر والآن الحرب توقفت وللأسباب التي ذكرتها
سابقا قُمْتُ بهذا العمل ، هذه الحادثة ذكرتها هُنا لإنها الأولى والآخيرة التي حدثت خلال الحرب التي إستمرت 8 سنوات .
بعد أيام قليلة صدر أمر بحركة لواء المُشاة التاسع عشر من هذا القاطع إلى قاطع آخر لتنفيذ واجب جديد .
اللواء فوزي البرزنجي
20 تموز 2013
4756 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع