أ. فؤاد يوسف قزانجي
اللغة العربية الى اين ؟!
مدخل
اللغة العربية من اللغات المتميزة بتاريخها ، اذ تعد من اللغات العشر الاولى في العالم التي تمتلك تراثا ادبيا متميزا، ويتكلم بها حوالي 420 مليون نسمة .
ويستدل من اقوال علماء الخط العربي في القرن السابع ان مرامر بن مرة الانباري او من كتب ورتب الخط العربي ، كما يروى عن الاصمعي المتوفى سنة 828 ان الكتابة العربية ( وليست اللغة) ، جائت من الحيرة والانبار الى الحجاز. وهناك رواية تنسب الى ابن الكلبي المتوفى سنة 821 والهيثم المتوفى حوالي 821، ان الخط العربي انتقل من حيرتا اي الحيرة، التي اصبحت من اهم المدن في بلاد الرافدين بعد ان طرد الخليفة معاوية بن ابي سفيان المسيحيون من مدينة نجران .و يعتقد ان اللغة السريانية اقرب اللغات الى العربية والتي يعرفها معظم المسيحيين العراقيين منذ القرن الاول وحتى الان .(1)
كان العرب خلال سعيهم الى التغيير والتطور خلال مسيرتهم الطويلة لتحسين واقعهم الذي تركه لهم احد الشعوب الاسلامية المتخلفة وهم العثمانيون الذين لم يقدموا اية ثقاقة تذكر للعرب لمدة ثلاثة قرون ، مما يدلل على ان العرب كانوا على حق حينما انتفضوا ضد العثمانيين بمساعدة الظروف السياسية الدولية ، ولذلك سعت معظم الدول العربية الى الاستقلال وقبول الديمقراطية كنظام سياسي جديد يتبناه العالم منذ بداية القرن العشرين ، ولذلك سعت لاصدار قوانين جديدة بعيدة عن القوانين القديمة التي كان يعدها رجال الدين ، لكن البلاد العربية لم تنجح في معظمها في تطوير ثقافتها وتجديد اللغة العربية لاسباب عديدة ابرزها انتشار الامية بالاضافة الى الانقلابات السياسية والحكم الدكتاتوري تحت ظل مجلس نواب في اغلب الاحوال لايخالف الملوك والحكام مهما كانت مسمياتهم، وغيرها من المشكلات التي سببت تباعد الدول العربية وعدم التعاون في سبيل تطوير اللغة العربية ،على الرغم من جهود المجامع العلمية العربية وخاصة في مصر والعراق ، في تجديد اللغة العربية وايجاد مصطلحات جديدة لجعل لغتنا تلاحق الزمن في العصر الحديث .وقد كان العراق اول دولة عربية صاغت رتب الحيش العراقي باللغة العربية على يد السيد انيس وزيرالذي كان يعمل في وزارة الدفاع بعد عام 1921 .
كما سعى العراق في بداية السبعينات من القرن العشرين في حملة او حملتين لمحو الامية في العراق . وخلال الفترة التالية وجدنا ان اقطار شمال افريقيا العربية تعاني من تداخل اللغة العربية الفصحى مع العامية وزاد الامر صعوبة ، تاثير اللغة الفرنسية الذي اصبح مؤثرا على اللغة العربية في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا هذه الاقطار التي تعاني من عامية غريبة عن العربية، الى درجة ان النادل في الجزائر لم يفهم حين زرنا ها و طلبنا بيضا للفطور في احدى الزيارات الرسمية ، وفي اليوم التالي سألنا احد المسؤلين عن البيضة وتسميتها، فاجاب نحن نسميها (عظمة !)
اما في مصر التي قدمت للعرب كتب قواعد اللغة العربية ،وجدناها ايضا تعاني من العامية فهي تبدل حرف الكاف الى جيم فتبدل كلكامش الى جلجامش وتسمي الجسر كوبري والسيارة عربية ، والقطار: وابور وتقبل تسمية اشهر السنة الانكليزية بدلا من ان تاخذ اشهر السنة العراقية التي هي اقرب الى العربية الفصحى مثل كانون ثاني ثم شباط ..الخ. كما تلفظ في الغالب حرف القاف ب(أ) .
ولعل الحل في رأي هو ان تقوم الدول العربية في حملة ، سنويا في العطلة الصيفية للطلبة كل في بلده لمحو الامية وكذلك في التعاون بين المجامع العلمية في توحيد المصطلحات للكلمات والتعابير المختلف عليها قدر الامكان فبا ان تستفحل العامية ، وللتدليل على خطورة المشكلة واهميتها انقل للقارئ بعظ ماوجدت من تعابير في القواميس العربية : ففي قاموس اللغة الالمانية-العربية لمؤلفه وديع فانوس وجدت يسمي الجسر كوبري ، واقراص السعال يسميها بلابيع للكحة والامرأة العجوز يسميها شمطاء او حيزبون وهذا احتقار للمرأة ، وفي الجزائر يسمون البيضة عظمة !كما ذكرت انفا .بالاضافة الى ان بعض من التسميات الحديثة في دول المغرب العربي اقرب الى الفرنسية منها الى العربية .
ووجدت كثيرا من مؤلفي المعاجم او القواميس وخاصة في دول المغرب العربي يخلطون بين الفصحى والعامية . اما افضل القواميس العربية مثلا فهو (المورد الحديث من اللغة الانكليزية الى العربية ) لمنير البعلبكي . ولعل السبب في طغيات العامية يعود اولا الى ازدياد السكان وقلة المدارس ، وعدم اقامة دورات لمحو الامية في العطل الصيفية كما فعلها العراق مرتين في السبعينات من القرن الماضي ، بالاضافة الى قبول العامية قي المعاملات الرسمية ، وكذلك في الجامعات واولها اشهر السنة فمعظم الدول العربية تستخدم اسماء الاشهر اما عن الانكليزية او الفرنسية فيما عدا العراق . بالاضافة الى تباهي مثقفي بعض الدول العربية بتفضيلهم التحدث باللغة الفرنسية بدلا من العربية وهي ظاهرة موجودة بين الجيل الجديد في دول المغرب العربي خاصة ، وعليه ندعوا وزارات المعارف في الاقطار العربية ان تتنبه عن انتشار العامية في الجامعات والمعاملات الرسمية والمجلات وبين المتعلمين، وكذلك اهتمام المجامع اللغوية والثقافية باللغة العربية الفصحى البسيطة وترك التقعر القديم في اللغة ونقله الى اللغة العربية وتوحيد الترجمات الجديدة بين الاقطار العربية وخاصة بين مصر والعراق وكذلك لبنان التي نجحت في اختيار اللغة العربية البسيطة في ال تدريس كما ارى ونبذ التعابير التي لايساندها المجمع العلمي .
اهم المصادر
1- بلاشير ، ريجيس . تاريخ الادب العربي . ترجمة ابراهيم الكيلاني، ج1 دمشق : الجامعة السورية . ص60-65
1026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع