أسماء محمد مصطفى
العزلة الإيجابية / (تجربة شخصية)
حين تتيح العزلة الاختيارية او القسرية لصاحبها فرصة لمراجعة ذاته وتحسينها أكثر او إعادة تشكيلها بالتأمل ، مثلاً ، او استثمارها بمعنى التفرغ لتحقيق منجز معين بعيدا عن ضجيج الحياة الاجتماعية وضغوطها ، فهي تعد إيجابية مختلفة تماما عن العزلة السلبية التي تضرّ بصاحبها الهارب اليها خوفاً او قلقاً او ضعفا يتجلى بانعدام المقدرة على مواجهة الحياة والناس والمشكلات .
وعن تجربة شخصية ، لطالما كانت العزلة ـ التي اختارها او تختارني ـ إيجابية أبني خلالها شيئا نافعا ، ومنها عزلتي في سنة 2017 عن التواصل إلاّ قليلا اضطراريا تفرضه متطلبات الحياة ، فعلى الرغم من أن الإجازة الطويلة التي استحصلتها من المؤسسة التي أعمل فيها ، لاعتني بطفلتي ذات الظرف الخاص وبصحتي التي تحتاج الى إهتمام مني ، الى جانب الظروف التي رافقتني وأهلي بسبب مرض فرد آخر من الأسرة ، ربما أوحت بأنّ سنة 2017 ستكون ساكنة لي ، حتى أنّ أحد الباحثين المتابعين أشار الى أنّ غيابي سيترك فراغاً في المشهد الثقافي والإعلامي خلال سنة العزلة 2017 ، لكن الذي حصل أن تلك السنة أخذتني ، بل أخذتها معي الى آفاقي عبر عزلتي الإيجابية ، ذلك أنني لااتعكز على مايسمى بالحظ ولااستسلم إذا واجهتني ظروف قاهرة بل أفعل ماأؤمن به وهو أن يصنع الإنسان حظه بأخلاقه وعمله وعطائه مقدار استطاعته وأن يعرف ماهي المجالات التي تناسب خبراته ومواهبه فيعمل فيها ليبدع ، وهذا رأيي المستخلص من رحلة حياتي الفائتة حتى اليوم ، وهي رحلة شاقة أعطيت فيها أكثر مما أخذت حتى أنني مارست في وظيفتي منذ بداياتها الى الآن أعمالاً إضافية تطوعية حباً بالعمل وكذلك بهدف اكتساب المزيد من الخبرات ، كما واجهت خلال حياتي هذه الكثير مما جعلني أصل الى ماأنا عليه اليوم من ايمان بأهمية التحلي بطاقة إيجابية مهما إشتدت بنا الظروف ، بكل ماتشمله الإيجابية من معان ٍعلى صعيد الحياة كالتفاني في العمل والتعامل الحسن مع الآخرين وصنع الامل بشتى الصور ، وعليه قمت بالآتي وأنا في البيت ، بفضل الله الذي في قلبي دائما :
ـ أطلقت في 9 من تشرين الثاني 2017 موقع مُشرقات الألكتروني الإعلامي الثقافي المستقل الذي يعنى بالمرأة والمجتمع ، وتأكيدا على تعزيز إيجابية المرأة اخترت شعارا للموقع " لتشرق المرأة أكثر ، كي تقود المجتمع الى آفاق أكثر إشراقا " ، ومعه أصدرت مجلة مُشرقات بصيغة pdf .
ـ أسست مع طفلتي الرسامة الموهوبة سماء الامير ، في 9 من كانون الاول 2017 مشروعا تطوعيا استحدثت له شبكة ألكترونية ( الحياة لوحة رسم Life just like a palette) لدعم المواهب الواعدة والشابة ـ لاسيما ذات الظروف الخاصة ـ في الكتابة والفنون وتثقيفها بالقراءة وشحنها بالطاقة الإيجابية. وهو مشروع مستلهم من نجاح معرض طفلتي سماء الامير الذي أقامته خلال سنة 2017 بعنوان (عالم أحلامي يتحدى ألم الواقع) والصدى الإعلامي الذي لقيه ، وهي شريك أساس في المشروع ـ لأن ماتقدمه بالرغم من ظرفها المَرضي الخاص هو الأهم لدي ولهذا تعد هي ملهمتي في إطلاق هذا المشروع الذي شكلتُ فيه فريق عمل لتنفيذ برامج ثقافية على أرض الواقع الى جانب الشبكة الألكترونية التي أقوم بتحديثها باستمرار ، وسأتحدث في مقال لاحق عن تفاصيل دقيقة خاصة بهذا المشروع .
ـ أجريت تغييرا على آليات إصدار مجلة الموروث الثقافية الالكترونية الرسمية التابعة الى دار الكتب والوثائق الوطنية ، فصدرت بإخراج فني وآلية نشر جديدين (موقع ألكتروني ومجلة بصيغة pdf) ، ومازلت أدير العمل في الموروث خلال إجازتي ، مع أنني قررت في بداية إجازتي أن أتركها لكن الأمور سارت على النحو الذي جعلني استمر في إدارة تحريرها من البيت .
ـ بدأت منذ شهرين بالتحضير لكتاب وينبغي لي أن أخصص له المزيد من الوقت لمراجعته خلال المدة المقبلة .
لاأعرف ماذا ينتظرني وابنتي في السنة الجديدة 2018 ، لكن ماأدركه تماما أنني وضعت خطة وأهدافاً لي ولها ، وكلتانا قررت أن تكون هذه السنة امتدادا لسابقتها ، مشحونة بطاقتنا الإيجابية التي نحاول بها التغلب على أوجاعنا ، ذلك أنّ الحياة عبارة عن مزيج من الأفراح والأحزان ، وليس من المعقول أن نسلم رقابنا لأحزانها إن كثرت على حساب الأفراح ، فالاستسلام وكثرة التشكي يحولان دون أن نصنع الفرح ، وإن كان القليل منه والذي يجعلنا نحيا اللحظة ونُحيي جمالها .. فلنتعلم دائما كيف نعثر في وجه الألم على ملامح الفرح ، ذلك أنّ الظلمة كلما اشتدت أمسى شعاع النجمة أكثر لمعاناً .
1024 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع