العبادي ومجلس الخدمة

                                              

                        خالد القشطيني

العبادي ومجلس الخدمة

بمناسبة العام الجديد أعلن د. حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية أنه سيجعل العام الجديد 2018 سنة بناء. وكان هذا أمراً متوقعاً بالنسبة للعراق بعد ما حل به من تخريب الإرهابيين. وقد تقرر عقد مؤتمر دولي في الكويت في شهر أبريل (نيسان) القادم عن إعادة إعمار العراق. هذه خطوة بديهية وإلا فليس للنصر الذي حققوه أي معنى. ستفضي المشاريع العمرانية إلى توسعة البنية التحتية وامتصاص البطالة ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى توسيع الفساد بدلاً من قمعه كما يسعون الآن. فمن شأن المقاولات والأعمال والمربحية أن تجر للرشوة والفساد. ولهذه المنطقة تاريخ كبير في ذلك. ستكون هناك عركة على الكعكة بين أصحاب الوظائف والمناصب.

كيف سيتفادى العبادي هذا المطب؟ أتذكر أنه قبل عدة أشهر أشار إلى عزمه على إقامة مجلس خدمة يحرص على انتقاء الموظفين والمسؤولين الأكفاء والشرفاء. أشار لذلك ولكنه لم يفعل شيئاً بصدده. أتصور أنه تعرض إلى ضغوط قوية من أصحاب القوى وربما قوى خارجية، مسكت يديه. ولكن انتقاء الموظفين والمسؤولين حسب الكفاءات والمؤهلات والنزاهات أمر في غاية الأهمية إذا كان يحرص فعلاً على استئصال الرشوات والاختلاسات والفساد، وهو المطلب الشعبي الذي يلح عليه الجمهور وينتظرونه. وهذه معركة يتوقف عليها مصيره وسمعته. لا فائدة كبرى ستتوفر إذا فشل في هذا المشوار، أي استئصال الفساد.
لن يجني العراق الكثير من الخير إذا كان هذا الخير قائماً على الفساد. بدلاً من مستقبل مزدهر سيحصل العراقيون على مستقبل فاسد يصبح فيه الفساد دائرة مفرغة. وهذا أمر خطير. كل شيء يتوقف على النخبة المسؤولة وهي فئة المتعلمين والمثقفين. هذا ما جرى في الغرب منذ الثورة الفرنسية إلى الثورة البلشفية. وكل ما جرى من ثورات وانقلابات واضطرابات في الشرق الأوسط تسببت به الفئة المتعلمة. وهذا ما جرى في إيران في الأيام الأخيرة. حيثما ستشعر قطاعات من هذه الفئة بالظلم والبطالة فإنها ستسعى للثأر أو التآمر أو الهجرة من البلاد.
تحقيق العدالة شيء أساسي للعبادي. إنها ضرورية للتخلص من الفساد ومن المحاصصة، وضرورية لضمان الحصول على الكفاءة والنزاهة وبناء البلاد... كما أشرت آنفاً، الفئة المتعلمة بيدها مفاتيح الاستقرار أو الاضطرابات أو هجرة البلاد. وكله يتوقف على توزيع الكعكة بالعدل، فلا تستحوذ بها طائفة أو شلة من المتنفذين. والكعكة في العراق حالياً هي السلك المدني. جل أبناء هذه الفئة المتعلمة تعيش على الوظائف والمعاشات. لا بد للعبادي من أن يضمن توزيع الوظائف والمسؤوليات والبعثات الدراسية والمقاعد الجامعية بصورة عادلة. ولن يحصل على هذه الصورة العادلة بقرارات انفرادية أو بالمحاصصة. لا بد من مجلس خدمة مستقل ومنتقى بصورة عادلة حريصة يتولى توزيع الكعكة، أي الوظائف حسب المؤهلات والكفاءات والاختبارات وبشفافية كافية تضمن العدالة، فلا يشعر مظلوم بظلمه أو طائفة بحرمانها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

975 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع