نجاع سعد / الجزائر
أيــام من الزمن الجميل...
جاء يوم السبت وهو أول يوم للدراسة...
وسط غرفة أرضيتها طينية بدت تفاصيلها مرعبة ؛ جدار مهترئ؛ وضوء خافت؛ ونافذة خشبية تُحدث صوتا مخيفا بين فينة وأخرى ؛ وضعت أمي "الڨصْعة" ثم جرّدتني من ملابسي ولا أنكر كم كان جسمي هزيلا...غير أنّ يديْ أمي كانتا حادّتين في الدّلْك والوعك والصفع.. بيد أنني كنت أبكي قبل الإستحمام بساعة وأمي تُخفي أدوات الاستحمام حتى لا أراها ؛ في مشهد يشبه إلى حدٍّ بعيد عملية جراحية نسبة نجاحها ضئيلة ...
قليل من الماء "المتْلَذّنْ *" ،وقشرة من صابون "حَجْرَة " ولا أنسى قارورة الڨطْرَان للقضاء على"الڨِمل" ...
كانت ترفسني بأناملها وأنا أصرخ صراخ المختتن ولا أنسى كلمتها المشهورة "نخطيكم وياكُلْكُمْ لُوْسَخْ"....
في مشهد درامي ممزوج بالهلع والطرافة يُطِل أخي من شق الباب ليرى هوْلَ ماسيأتيه من بعدي وهي تتوعده و "تتحلّف" بأن تدلكه بصابون الحَجْرَة مرتين ولكم أن تتخيلوا نعومته.
تمّتْ تنقيتي من أدْرَانِيْ ثمّ لَفِّي في قطعة قماش من ٍ"جارزي " ممزقة كانت تُغلِّفُ بها أمي مطرحا تم اقتناؤه من السوق الأسبوعي ، بعد هذا تُلبسني سروالا أنا أتذكره جيدا يحمل رسوم "بوباي" على أحد جوانبه ؛ وقميص أحمر و"صَنْدَالة" بلاستيك ...
بينما أنا واقف أتفقد ملابسي وإذ بِأُمّي تسحبني من رسغ يدي للخارج سحباً... في اللحظة نفسها كان أخي يتوسلها وهي تصرخ في وجهي قائلة "أخرج يخرّجْ رُوُحَك... خلّيْنِي نْدَوّشْ خوك "...
خرجت لتوي من وطأة التعذيب الممل بعد أن تشابكت أضلعي من الفرك الشديد.... إنه "صاونة مساج" لكنه بأيادي من حرمنا الله العيشة الطويلة إلى جنبهم....
#رحلتن_وكِــلانا_لوْسَخْ_صحْ...
سلام إلى امرأة كانت تُرقّعُ ثيابها ببقايا من ملابسنا...
اللهم ارحم أمهاتنا وووالدينا وسائر أمهات المسلمين.
بقلم: نجاع سعد / ابن الماضي
يوم: 2016/06/30
ـــــــــــــــــ
*المتلذن : الماء الفاتر
894 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع