سعاد عزيز
الجوع و القمع عدوتا طهران اللدودتين
ليست هناك من إنتفاضة أو ثورة إذا ماکان هناك أمرين متوفرين وهما الطعام و الامن، فهما عماد و أساس ليس الحياة فقط وانما البناء الحضاري للإنسنا، ولذلك فقدکان ماجاء في سورة إيلاف( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف)، وإن الباب الذي إذا فتح فإن الجوع سيدخل منه هو باب الفقر، فالفقر و الحاجة من شأنها أن تقود الى أمور و قضايا لاتخطر على البال، لکن وفي الخط العام فإن الفقر اوخصوصا عندما يصبح مدقعا مضافا إليه إنعدام الامن وأي أمن من يجد الموت يهدد حياته؟ ولذلك فقد صدق من قال:"تخاض الحروب من الدول لتغيير الخرائط، ولکن حروب الفقر تخاض لوضع خريطة التغيير".
منذ أکثر من عقد وأنا أتابع الشأن الايراني و الامور المختلفة المرتبطة و المتداعية عنه، وقد کانت هناك تقارير کثيرة لاتعد ولاتحصى تتحدث عن تزايد الفقر في إيران و وصوله الى مستويات تنذر بالخطر، خصوصا عندما وصلت الامور بالشعب الايراني الى بيع أعضاء جسده بل وأطفاله و بناته من أجل لقمة الخبز، الفقر الذي دفع بهذا الشعب ليقطن في المقابر و يجعل من الکراتين غرفا لنومه في ليالي إيران قارصة البرودة، ولم تتوقف القضية هنا، فقد ذکرت تقارير أخرى بأن هناك ملايين قدرتها بعض المصادر بأثنا عشر مليونا إنسان إيراني لايجدون مايأکلونه!
في موازاة ذلك، کانت هناك حالة أخرى تتزايد و تتصاعد مع إزدياد و تصاعد الفقر و الجوع لدى الشعب الايراني، وهي القمع و إحکام القبضة الحديدية على إيران و عدم الرأفة بأي تحرك معادي للنظام، خصوصا وإن هناك قانون المحاربة الذي يعني بأن کل من يعارض النظام فإن ذلك يعني إنه يعارض الله ولذلك فإن قتله مباح! وإذا ماعلمنا بأن إيران ثاني دولة في العالم في تنفيذ الاعدامات، وإنها قد تم توجيه 66 إدانة دولية ضدها لإنتهاکها لحقوق الانسان، والانکى من ذلك إن الرئيس الحالي الذي من المفترض إنه إعتدالي، فإنه يبرر القمع و الاعدامات التي إرتفعت و تصاعدت في عهده تحديدا کما إن الفقر و الجوع قد تصاعدا في عهده بشکل خاص، ومن هنا، فإن إنتفاضة يناير 2018 لم تندلع بتلك الصورة غير المألوفة التي غطت 142 مدينة و وقف الحرس الثوري و قوات الباسيج ليس عاجزين فقط وانما حتى مذعورين، فالمنتفض من الفقر و القمع هو برکان من الغضب الذي لايمکن مواجهته بل إن مواجهته ستجعله أکثر إندفاعا و غضبا ولهذا فقد خاف القادة و المسؤولون الايرانيون من هذه الحالة، التي قد وصفتها زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي خلال خطبتها الاخيرة في مؤتمر بباريس قائلة:" ( هذه الانتفاضة نابعة عن ثلاثة تغييرات كبيرة.
أولا وقبل كل شيء، لقد تصدع جدار الخوف في المدن الإيرانية.
واحدة من سماتها هي الشباب المتنفضون وتهورهم وشجاعتهم.
الآن أصبح هؤلاء الملالي هم من ترتعد فرائصهم من الخوف.
ثانيا، تم إبطال الأسطورة القائلة باقتدار قوات الحرس التابعة لخامنئي.
هذه القوة الشيطانية وبالطبع مجرمة.
ولكنها مقابل القوة التحررية للشعب أصبحت محبطة.
وبالتالي، لم تتمكن من منع نشوب الانتفاضة.
والأهم من ذلك، أنها لم تتمكن من منع انتشار الانتفاضات إلى 142 مدينة.
والثالث هو وجود قوة حديثة ومناضلة ومطالبة بالتحرر والمساواة،)،"، فالفقير الجائع المقموع ليس لديه من شئ يفقده سوى قيوده!
911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع