د علوان العبوسي
28 / 1 / 2018
كما تكونوا يولى عليكم (حديث شريف)
عاهدت نفسي بالكف عن كتابة المقالات ذات الطابع السياسي لأوضاع العراق بعد الاحتلال والتي تزداد تردياً يوماً بعد الاخر رغم وجود دستور وقوانين وضعية وانتخابات نيابية ومجالس محافظات ...الخ ، ولكن دون تغيير للأفضل وعدم جدوى حقيقية من كل ذلك ، نصحني الاخ الاعلامي المميز الاستاذ جلال جرمكا بالاستمرار رغم ذلك لكني خالفته الراي لأسبابي الخاصة هو يعرفها ، ومع ذلك احياناً تثيرني بعض الامور ذات العلاقة بوحدتنا الوطنية ومستقبل بلدنا وشعبنا واجيالنا القادمة ، فأعود للكتابة لبعض الامور الاستراتيجية الكبرى التي تمس السيادة وتاريخ العراق ورجاله الميامين يتحرك تجاهها ضميري تؤرقني وترفع من ضغط دمي لعدم اهتمام سلطات الدولة بها مستغلة جهل وتجاهل بعض العامة المؤثرة من شعبنا لعموم النصائح التي ينصحهم بها الوطنيون من ابناء هذا البلد .
مقالي اليوم حول الاصرار والقتال بين مدعي السياسة على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد 12 / 5 / 2018 دون الاكتراث من تبعاتها ونتائجها الغير انسانية ولا الاخلاقية للبعض من ابناء شعبنا ممن ابتلوا بتدمير مدنهم وامور اخرى مهمة تتسم بعدم مشروعيتها القانونية والعرفية على اختلاف انواعها التي اعتدنا عليها في حياتنا منذ تأسيس الحكم الوطني في العراق ، وذلك بسبب عدم توفر ظروفها المعروفة لأجراء انتخابات نزيهة ، سبق ان اشار لها السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي اهما ما يأتي (عودة النازحين لمناطق سكناهم المدمرة التي لم يتمكن سكانها من العودة إلى مناطق سكناهم منها جرف الصخر والكرمة وبيجي وعزيز بلد ويثرب وسليمان بك ومناطق أخرى بسبب سيطرة المليشيات على مناطقهم وجزء كبير من الموصل وصلاح الدين والانبار ، سحب الجماعات المسلحة التي انتشرت في إعقاب داعش وحصر السلاح بيد الدولة ، توفير الأجواء المناسبة للتعبير الحر عن الإرادة ، عدم اقرار قانون الانتخابات حتى الان وقد يكون لأغراض فئوية وسياسية لأحزاب السلطة ، عدم تشخيص ومحاسبة أيا من الفاسدين الذين اشار لهم السيد رئيس الوزراء قد يكون منهم المرشحين للانتخابات وهذا يبدوا واضحا من تكرار نفس الشخوص للدورات الانتخابية السابقة ).
وشدني اكثر للكتابة القرار المتسرع جداً من المكمة الاتحادية العليا بعدم موافقتها على تأجيل الانتخابات واجرائها في موعدها المحدد بحجة انها تخالف المادة 56 من الدستور ، قرار صادم حقيقة فهذه المحكمة بسلوكها السياسي اوصلت بلدنا وشعبنا لما هو عليه الان كدولة فاقدة للشرعية والسيادة غارقة في الفساد والطائفية ، المحكمة الاتحادية انتهجت النهج السياسي دون القانوني واصطفافها مع الاقوى من الاحزاب والتكتلات الطائفية ، لازال شعبنا يتذكر قرار هذه المحكمة بانتزاع فوز القائمة العراقية في انتخابات 2010 برئاسة الدكتور اياد علاوي ومنحها لدولة القانون برئاسة نوري المالكي بتخريجه بائسة غرضها تكريس النهج الطائفي المقيت ليبقى لصيقاً في عراقنا العربي ، هذه المحكمة التي تركت قرار اللجنة النيابية في تحديد وتشخيص القادة السياسيين والعسكريين المتسببين باحتلال الموصل من قبل داعش وعدم محاسبتهم حتى الان ، امور كثيرة اتسمت بها المحكمة الاتحادية العليا افرغتها من مسؤوليتها الوطنية والقانونية والانسانية تجاه احداث جسام تُرضي اعداء العراق للحط اكثر من هذا البلد ، وبات واضحاً لدى مجلس النواب في حالة اختلاف الكتل بالرأي في مواضيع لصالح شعبنا تحويله للمحكمة الاتحادية لحسم الموضوع وهذا الذي يجري .
هكذا ينتصر الباطل منذ الاحتلال الامريكي للعراق ويبدوا لي على الاقل ان شعبنا قد ياس واعتاد على الظلم والقهر وبات يرفض التطور والارتقاء بالنهوج الديمقراطية الصحيحة وبدى لسياسي الصدفة انه راضي لهذا النهج ومقتنع به حتى اغلو بظلمهم وتجهيلهم له اكثر واكثر لقاء امور بعيدة عن الواقع سمتها طائفية لشق وحدته الوطنية عليه تكررت الوجوه الفاسدة البائسة في كل دورة انتخابية التي ليس لها مشروع وطني ترتكز عليه سوى الفئوية الحزبية الضيقة وجني المال ، عليه لا أمل لمرشحي انتخابات 2018 فهم ذاتهم من المنتفعين بالمال العام وتعميق غرس اسفين التجهيل والفساد والطائفية .
على شعبنا بعد ثلاث دورات انتخابية ان يفهم ويعي الحقيقة بان جوهر السياسة هو حماية المصلحة العامة للشعب وان الامن ولقمة العيش مبدأ اكثر اهمية من الحرية ، علينا ان نفهم ان الديمقراطية ليست حكم الغوغاء والمزايدين على السلطة وليست قائمة بالتمني دون الاعمال الجادة والافعال الصادقة ، فالديمقراطية مثلها مثل التنمية الاقتصادية لا تقوم فجأة بمجرد المطالبة بها ورفع شعاراتها كما يفعل سياسيونا البائسين وانما تتطلب مثابرة وضغطاً ومساوات ومراحل وثقافة علمية ومهنية ، علينا ان نفهم لا يمكن لكيان سياسي النجاح دون معرفة اهدافه بوضوح ودون جدولتها بحيث يمكن تحقيقها في زمن معلوم وفي الظروف التي يسعى فيها هذا الكيان لا الظروف التي يجب توافرها ،علينا ان نفهم ان مرحلة الاهداف وواقعتها لا تتناقضان مع اتساع افق الاحلام وطموحاتها ، ان الشعوب لا تحتاج للتوعية بحقوقهم بل تحتاج لقادة يثق بهم لتأمينها لهم وحل مشاكلهم وازماتهم ، كثرة الوعود دون قدرة على تنفيذها ، لقد بات الكلام سلعة رابحة لدى البعض من السياسيين دون العمل المهني ، لم نفهم لما بعد الاحتلال الامريكي الفارسي للعراق سوى الازمات بكل مفاهيم الدفاع الوطني ثم الفشل والفساد والكره للأخر دون سبب سوى تسلط الجهلة .
في ختام مقالي نصيحتي لشعبنا ان يعي ويفهم اهداف الاحزاب والكتل والاشخاص ممن سينتخبهم في 2018 وهم برايي ذاتهم في الدورات الانتخابية السابقة سواء من اصطف مع الشيعة او السنة او الاكراد وغيرهم من الطوائف دون تغيير كما اشرت آنفاً وهذا واضح من قتالهم المستميت من اجل البقاء في السلطة دون تغيير رغم المآسي التي تكتنف نسبة كبيرة من شعبنا ، اذن ما هو الحل الانسب لمثل هذا السلوك ؟ الحل هو مقاطعة هذه الانتخابات اذا لم تتحقق الظروف المناسبة لها وفرض امر واقع لان المساهمة فيها هو الايجاب والقبول بواقع يتكرر في كل الدورات الانتخابية وهذا يعود سببه على الشعب وليس على سياسيو الصدفة البائسين ... تحياتي
627 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع