علي الزاغيني
قراءة في رواية ألف عام
رواية ألف عام التجربة الاولى للروائية العراقية شذى سلمان والتي صدرت عام 2016 نقلتنا الى سبعينيات القرن المنصرم حتى الالفية الثالثة في اعوامها العشرة الاولى وما رافقتها من احداث , ورواية ألف عام تنقلنا تدريجيا في التحولات في المجتمع العراقي ومن خلالها تبرز المنعطف في التغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع بصورة عامة والبغدادي بصورة خاصة .
احداث الرواية تدور في حي بغدادي وهذا الحي كباقي الاحياء البغدادية تسوده المحبة والسلام والتعاون بين جميع الجيران وابطال الرواية الاساسيين في زقاق واحد او بالاحرى شارع واحد اذا قلنا ان منازلهم متلاصقة مع بعض , احمد وعائلته وطيبة وعائلتها , احمد الذي نشأ في كنف عائلة متماسكة يسودها الحب والوئام مع امه وابيه وشقيقته , وطيبة ترعرعت وسط عائلة دائما ماكانت يسودها عدم التفاهم والمشاكل الزوجية بس طيش والدها الذي يجري خلف نزواته تاركاً البيت وسط صراخ ام طيبة التي لم تستطيع ان تخلق جو عائلي يعيد للبيت توازنه الاسري وهذا ما جعل طيبة في دوامة كبرى .
وباسلوب السهل الممتنع تستمر الروائية شذى سلمان بالكتابة باللهجة البغدادية البسيطة لتاخذنا معها في روايتها واحداثها وما الت اليه عائلة احمد بعد وفاة والده وتحمله المسوؤلية كرجل مع امه التي هي الاخرى تتركه وحيدا بعد وفاتها يصارع الحياة وهو لازال يافع ولكنه يتحمل المسوؤلية كاملة ويستطيع التغلب على صعوبات الحياة , ومن ناحية عائلة طيبة فأنها اضطرت للزواج للهروب من واقعها المؤلم لتقع في دوامة زوج بخيل ولا يقدر الحياة الزوجية ولكنها تكتم ذلك عن ذويها تجنبا للمشاكل ولكن بعد هروب والدتها بسبب قسوة والدها واهماله لها ومغادرته البيت بلا عودة قررت الطلاق والخلاص من زوجها البخيل .
تستمر الروائية شذى سلمان بطريقة رائعة سرد الاحداث حتى تشوقنا لمعرفة ما سيحدث وكيف استمرت طيبة بحياتها بعد اصبحت وحيدة تصارع وكيف استطاع احمد ان يكمل دراسته الجامعية ويتطوع ليكون ضابط في الجيش , لتستمر الاحداث بزواج احمد وطيبة واندلاع شرارة الحرب العراقية الايرانية عام 1980 لتعيدنا الروائية الى مجريات تلك الحرب وويلاتها والمخاوف في كل عائلة من استمرار الحرب وما تخلفه من مأسي ودمار وانهار من دم , في الحرب عليك ان تكون متهيئ لكل الاحتمالات لذا نجد الروائية شذى سلمان تنقلنا الى اقفاص الاسرى العراقيين في ايران بعد ان اصبح احمد اسيرا لدى الجانب الايراني ليقضي ثمانية سنوات في معاناة والم وغربة قاسية افقدته شبابه واحدى ذراعيه ليعود بها للوطن ولكنه يصطدم بجدار المراقبة والاستجواب ولكنه يمضي في حياته ويحاول ان ينسى سنين الاسر والامها .
في سرد ممتع واحداث متسارعة تاخذنا الكاتبة الى الالفية الثالثة واحداثها الدموية التي تعصف بالوطن بعد احتلال العراق عام 2003 وما خلفته الحرب من صراع داخلي وفتنة طائفية بالقتل على الاسم و الهوية .
994 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع