نظام (نَاطِر كُرسِيَّا) للوراثة البطريركية الشرقية القسم الثاني

                                     

                       د. رياض السندي


نظام (نَاطِر كُرسِيَّا) للوراثة البطريركية الشرقية/القسم الثاني

المبحث الثاني

بداية نظام ناطر كُرسِيَّا (ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ)

وإزاء هذه المآسي والنكبات التي حلّت بالنساطرة، تناوب على رئاستها بطاركة من عائلة (أبونا) حصراً، إبتداءا من البطريرك طيمثاوس الثاني (1317-1332)، وإنتهاءا بالبطريرك مار شمعون إيشاي (1920-1975). إلا أن قرار التوريث البطريركي النسطوري أتخذه البطريرك مار شمعون الرابع باصيدي (1437-1397) في عام 1450 الذي جاء تكريساً لواقع قائم منذ 120 عاماً (1317-1437)، فقد سبقه خمسة بطاركة لذات الكنيسة ومن نفس العائلة، وذلك بعد وفاة تيمورلنك عام 1405. وعُرف منصب الخليفة المحتمل للبطريركية بناطر كورسيا “حارس الكرسي”. وتلقبوا جميعا بلقب (مار شمعون) إبتداءا من البطريرك شمعون الثاني (1365-1395)، وحتى إغتيال مار شمعون إيشاي عام 1975. وكان هذا النظام الوراثي سبباً رئيسياً في تصدع هذه الكنيسة الأصيلة.
وخلفا لأسرة شكمـــير توارث الكرسي الرسولي لبطريركية كنيسة المشرق ثلاث وعشرون بطريركاً شمعونياً ولمدة تقارب الـــ 650 عاماً (1328- 1975 م).

– تسمية أسرة التوارث البطريركي:
يسود التشويش وعدم الدقة في معرفة إسم العائلة التي حكمت وإحتكرت الكرسي البطريركي للكنيسة الشرقية الأثورية (النسطورية) طيلة ستة قرون ونصف.
وقد برزت أسماء عديدة لهذه العائلة، مثل (أبونا) وهذه التسمية هي صفة وليست إسماً، لإنها تشير إلى عائلة الأباء، والتي إختصرت بصيغة إسم النداء للمفرد.
كما إطلق عليها إسم (مار شمعون) وهي تسمية تشير إلى إسم الرسول بطرس، أحد الرسل الإثني عشر، ورأس الكنيسة وأساسها كما سمَّاه المسيح. وما زالت هذه العائلة وبقايا أفرادها تستخدم هذه التسمية تيمناً به.
وذهب البعض إلى أن إسم العائلة الحقيقي هو (بر ماما)، ودليلهم في ذلك أن أحد بطاركة هذه الكنيسة يدعى مار شمعون التاسع دنخا برماما (1552-1558)، بالقول:

” ففي عام 1450، بدأ شمعون الباصيدي بطريركية وراثية داخل أسرة بار ماما (أبونا) المعروفة ببطريركية هرمزد نسبة للدير الذي كان يعيش فيه، حيث دفن هو والعديد من أفراد سلسلته. بدأ هذه الممارسة من خلال سن قانون كنسي بسبب هلاك الكنيسة تحت هجمات تيمورلنك والمغول. ورأى مار شمعون الباصيدي أن الطريقة الوحيدة لضمان بقاء الكنيسة هي الإبقاء على البطريركية داخل أسرته. ولسوء الحظ، فإن هذا التشريع الكنسي الجديد قد انتهك شرائع راسخة في الكنيسة حيث لا يجوز لأسقف أن يرشح خلفا له، وهذا ما زرع بذور الخلاف التي استمرت حتى القرن العشرين.”

ونتيجة البحث والتدقيق فقد ثبت أن هذه العائلة أقامت في القوش قرب الموصل. وبالرجوع إلى المصادر التاريخية لهذه المدينة، يصادفنا أفضل مصدر عنها هو كتاب “القوش عبر التاريخ” الذي ألفَّه المطران يوسف بابانا، مطران زاخو ونوهدرا، حيث جاء فيه:
“وفي القرن الخامس عشر، أصبحت البطريركية الكلدانية عند النساطرة وراثية محصورة في أسرة واحدة (حسب قانون البطريرك شمعون الباصيدي) فلما كانت سنة 1551م توفي البطريرك النسطوري من بيت عمون (الأبوي) المعروف شمعون برماما (ܒܪ ܡܡܐ)، كانت كل الطائفة قد كرهت جور هذا القانون الوراثي في البطريركية”.

وتأكيداً لذلك، فقد ذهب كاتب عراقي مسيحي من القوش أيضاً إلى أن أسم هذه العائلة هو (بيت عَمُّون)، حيث قال:

” بيتُ عَمّون الذي سمي فيما بعد بيتُ الأب أو أبونا، يعودُ أصلَهم إلى بغدادَ حتى زمنِ الفتوحاتِ الإسلامية، حيث بَعْدَها شَدّوا الرِحالَ، إلى مدينةِ حلَبْ السورية، فمَكثوا فيها بضعةَ قرونٍ، ثم عادوا إلى بلادِهم بين النهرين، واستقروا في القوش عام 1426 تلكَ البلدةِ التي يرجعُ تأريخُها، على أقلِّ تقديرٍ، إلى القرنِ السابعِ قبل الميلاد، حيث وُلد النبي ناحوم، من عائلةٍ يهوديةٍ مَسبيَّةْ، من أرضِ الميعادِ.

نظراً لإمكانياتِ تلك العائلة المُتميِّزَة، تصدَّروا التأريخَ الكنسي الشرقي للقرونِ اللاحقةِ، إبتداءً من وصولِ مار طيماثيوس، الى السدةِ البطريركيةِ، لكنيسةِ المشرقِ العَريقةْ عام 1314، وتوالى بعدَها البطاركةُ، من صلب تلك العائلة حتى عام 1838، عند موت البطريرك مار يوحنان هرمزد. في سنة 1653 حدثَ صراعٌ دَمَوي داخلَ العائلة، فنزحَ شطرٌ منهم إلى سلامَس في إيران، ثم استقرَّ بهم المقامَ في بلدة قوجانس مَركزُ القبائلِ الآشوريةْ المُستقلةْ، هناك أصبح ابن الشماس دنحا المُلقّبْ (ܕܸܢܚܵܐ ܩܵܛܘ̇ܠܵܐ) ، بطريركاً فيها باسمِ مار شمعون دنحا (1692- 1700)، وتسلسل البطاركة بعدَهُ حتى عام 1975، عند مقتل البطريرك مار شمعون إيشاي.”

– جوهر نظام ناطر كرسيا
“كان للكنيسة الشرقية دستور يسمى بالسنهادوس ويتضمن جميع القواعد القانونية والأنظمة والتعليمات التي تحدد كيفية إنتخاب ورسامة البطاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة وغيرهم من رجال الدين وكذلك تلك التي تحكم قضايا الزواج والطلاق وكل ما يخص إدارة الكنيسة وتنظيمها بطرق علمية وديمقراطية. وكان هذا السينهادوس قابلا للتعديل من قبل الكنيسة بما يخدم مصلحتها ومصلحة الطائفة إلا إنه أهمل وجمِّد منذ 1552م عندما إتخذت بعض العوائل إدارة الكنيسة ورئاستها لنفسها بصورة وراثية مما أدى إلى ضعف وانحلال في بنيان الكنيسة وإنتماء أكثرية أتباعها إلى الكنائس الأخرى التي حافظت على دساتيرها مثل الكاثوليكية والأرثوذكسية وغيرها من الكنائس الطقسية القديمة.”

وجوهر هذا النظام الكنسي لا يختلف تماما عن نظام الخلافة الإسلامية، بل هو نسخة منه. بإستثناء شيء واحد وهو أن المرشح للخلافة كان في الغالب الأعم إبن الخليفة الأكبر على قيد الحياة، ولذا كان الصراع يسود بين الإخوة فيقتل الأخ الأصغر أخاه الأكبر منه لإزاحته من تسلسل المرشحين للمنصب. أما في نظام ناطر كرسيا فإن المرشح المرتقب لتقلد منصب البطريرك ليس إبن البطريرك قطعاً لاستحالة ذلك بسبب التقليد الكنسي المتوارث في عدم زواج البطريرك. لذا فإن المرشح للبطريركية سيكون إبن الأخ الأكبر الذي سيخلف عمه في منصب رأس الكنيسة، وتجري تسميته من لحظة تشَكُّله جنينا في بطن إمه، ويطلق عليه لقب (ناطر كرسيا) أي حارس كرسي البطريركية المتوارث منذ صغره. وسيمنح لقب (مار شمعون) كالمعتاد ضمن تسلسل معين. وهذا اللقب هو أيضا إستنساخ لتقليد إسلامي كان معمول به في الدولة العثمانية، حيث تلقب سلاطين آل عثمان بلقب (محمد) في إشارة ضمنية لإستمداد الحكم من محمد رسول الإسلام، وهكذا كانوا يلقَّبون بألقاب متسلسلة مثل محمد الخامس أو محمد السادس، في حين إن الترك ليسوا عربا ولا من قريش التي ينتمي إليها محمد، وهذان هما من شروط الخلافة الإسلامية إستنادا لإحاديث صحيحة. وكان القصد من ذلك هو لترسيخ شرعية الحكم طبقاً لجذور دينية هي في غالب الأحوال غير صحيحة.

وهكذا، فالكنيسة النسطورية لا علاقة لها بمار شمعون (سمعان) المعروف ب (بطرس الرسول) كبير تلاميذ المسيح، وهو صياد عاش في فلسطين زمن المسيح، والذي كان قد لقبَّه ب (كيفا) أي الصخرة التي ستبنى عليها كنيسة المسيح لاحقاً. ولم يثبت التاريخ أبداً أي صلة بين شمعون هذا والكنيسة الشرقية النسطورية، ومع ذلك فإنها تضعه على رأس قائمة سلسلة بطاركتها دائما، وهو لم يمر حتى ببلاد ما بين النهرين، وصلتهم به ليس أكثر من صلة الأتراك بمحمد.
وهذا ما يثبت أن جوهر هذا النظام إنما هو تقليد لنظام إسلامي قائم آنذاك، ساهمت ظروف المنطقة آنذاك على إستنساخه.

وجرياً على هذا النظام، فقد واجه آخر بطاركة مار شمعون (إيشاي) صعوبة عملية في إستمرار نظام التوارث البطريركي (ناطر كرسيا) الذي إستمر في عائلته لأكثر من 650 سنة، “حيث لم يكن لمار ايشاي شمعون أبناء أخ يمكنه أن يخلفوه” في منصب بطريرك الكنيسة الشرقية الأثورية (النسطورية)، وهي بالفعل نفس المشكلة التي واجهت نبي الإسلام محمد عند وفاته، حيث لم يوصي لأحد أن يخلفه، لعدم وجود خليفة له من صلبه من الذكور. وهي مشكلة طالما واجهتها كل النظم الوراثية في العالم سواء أكانت دينية أم سياسية، حيث يبقى الهَّم الأول للبطريرك أو الملك هو مجيء ولي العهد الذي سيكون وريثاً للسلطة فيضمن بقاءها وإستمرارها.

وسنرى لاحقاً كيف واجه هذا النظام الكنسي نفس التحديات التي واجهتها الخلافة الإسلامية، وكما قادت تلك التحديات إلى سقوط الخلافة في عام 1924 رسمياً في تركيا بتنصيب أتاتورك رئيسا لها، فقد تأخر نظام ناطر كرسيا بأكثر من نصف قرن بقليل ليسقط عام 1976 رسمياً بإعتلاء البطريرك مار دنخا الكرسي البطريركي بطريركا للكنيسة الشرقية (الأشورية).

ولم يجر إتخاذ نظام التوارث الكنسي هذا (ناطر كرسيا) في مجمع كنسي أو مسكوني (سينهودس) كما هو الحال في معظم القرارات الهامة داخل الكنيسة، وبالتالي لا يعد نظاما دينيا مقدسا، أو جزءا من التعاليم العقائدية الدينية المسيحية التي لا يجوز مناقضتها أو الاتفاق على ما يخالفها لتعلقها بجوهر الإيمان المسيحي. وهذا النظام قد سنَّه وشرَّعه البطريرك مار شمعون الباصيدي بقرار شخصي منه عام 1450، دون الإستناد إلى نص ديني. لذا فهو من قبيل قواعد الإنضباط في النظم الإدارية التي يجوز تعديلها وتغييرها وحتى إلغائها دون المساس بجوهر الدين وعقائده. وقاد التزمت فيها إلى إنشقاقات كثيرة ومآسي عديدة.

وكان لهذا القرار ظروفه الخاصة، لا سيَّما إذا علِمنا “أن كنيسة المشرق تراجعت في القرن الرابع عشر وبعده، خاصة بعد حملة تيمورلنك 1396-1405 م وانحصرت بما يعرف اليوم بمنطقة كردستان الجبلية، في كل من: العراق، إيران وتركيا. ونظرا لعدم استقرار الوضع السياسي والأمني، نرى الكرسي البطريركي يتنقّل من محل إلى أخر نتيجة لذلك. في هذه الفترة، لم يكن سهلا حضور الأساقفة جميعهم لعقد مجامع كنسية لاختيار البطاركة. وصادف اختيار أربعة بطاركة على رأس كنيسة المشرق من عائلة واحدة، عرفت بعدئذ بالبيت الأبوي (بيت أبونا). وكان أولهم البطريرك طيماثاوس الثاني 1318-1332م الذي جلس في أربيل، ثم دنحا الثاني 1332-1364م الذي جلس في كرمليس. بعد ذلك انتقل الكرسي البطريركي إلى الموصل. وكان أخرهم مار شمعون الرابع الباصيدي 1437-1497م. وفي سنة 1450م، وبسبب الظروف غير المستقرة إضافة إلى الرغبة في السيطرة والاستحواذ على المنصب البطريركي، سنّ البطريرك شمعون 4 الباصيدي قانون القاعدة الوراثية لمنصب البطريرك في كنيسة المشرق. وجعل البطريركية محصورة في عائلته، العائلة الأبوية فقط. فيتوارث أخوة البطريرك، أو أولاد أخوته المنذورون للكرسي البطريركي وحسب الأسبقية عمرا. وبذلك أبطل نظام الانتخاب الذي كان سائدا في كنيسة المشرق. فكان البطريرك يختار ويرسم ناطور الكرسي (ناطر كورسيا) مطرافوليطا لكي يتوارث البطريركية بعد وفاته وبدون انتخاب.”

وقد أشار ستافورد إلى ذلك بشكل أوضح قائلا: “والأشوريون يقرون بأن هذا الإختيار لا يأتلف وأصول الدين في شيء، لكنهم يبررونه بقولهم إنه يحول دون سفك الدماء عندما يخلو الكرسي ويشرع في إنتخاب بطريرك جديد”.

إن نظام التوريث البطريركي أو نظام ناطر كورسيا-حارس الكرسي (ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ)، إنما كان القصد منه هو الإحتفاظ بالسلطة الدينية (الروحية) لأطول فترة ممكنة، وفق نظام وضع قواعده البطريرك شمعون الباصيدي، وتقضي بإنتقال المنصب من البطريرك إلى ابن الأخ الأكبر بعد ترشيحه من سلفه منذ صغره، على أن تنذره عائلته لذلك منذ صغره وفق قواعد سلوكية صارمة بعض الشيء، تقضي بعفته وعدم زواجه وعدم أكله اللحم طيلة حياته، وكذلك والدته خلال حملها به، وطيلة فترة رضاعته، أي ما يقارب 21 شهراً. والواقع، أن حصر قواعد السلوك للمرشح البطريركي في عدم أكل اللحم، هو إختصار لوظيفة دينية في نمط غذائي معين، وهو النظام النباتي المعروف في يومنا هذا. وتقترب هذه الفكرة كثيراً من فهم مسيحيي الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي لقواعد الدين المسيحي بشكل مبَسَّط، حتى قال عنهم علي بن أبي طالب: “إنهم لا يعرفون من المسيحية سوى إنها تسمح لهم بشرب الخمر”.

و “بغية الحد من سلطتها في هذا الشأن إشترطت العشائر عليها عدم جواز رسم البطريرك إلاَّ بعد الحصول على موافقة جميع ملوك (جمع مالك) ورؤساء وكهنة العشائر الأثورية . وبقي هذا الشرط معمولاً به إلى سنة 1920م حيث أهمله المطران يوسف خنانيشو عندما قام برسم إبن أخته (إيشا داود) البالغ من العمر 12 سنة فقط مار شمعوناً بتأييد قلة ضئيلة من الأثوريين فقط وبحماية الإنكليز”.

ومما ساعد على بقاء هذا النظام التوارثي هو سريانه على الكنائس (الأبرشيات) التابعة لهذه الكنيسة الأم، حتى عهد قريب. وكانت التقسيمات الإدارية للكنيسة الشرقية في إمارة حكاري، كما يلي: –
1. أبرشية البطريرك: يرأسها المار شمعون نفسه، وكان مقرها في قرية قوذشانس حيث كانت تتبعها كل من عشائر تياري السفلي وتياري العليا وتخوما وديز وطال.
2. أبرشية جيلو وباز وريكان: ويرأسها أسقف جيلو الملقب بمار سركيس، وكان مقرها في قرية مار زيا في جيلو الكبرى، حيث كانت تتبعها عشائر جيلو الكبرى وجيلو الصغرى وباز ومنطقة الريكان.
3. إبرشية برواري بالا: يرأسها أسقف يسمى مار يوآلاها، ومقره في قرية “دوري” بحيث كانت تتبعها مناطق برواري بالا وصبنا ونيروة.
4. أبرشية شمدينان: يرأسها مطران وكانت تسمى بأبرشية روزتاقا أيضا، وكان مقرها في قرية ماربيشو (كرسي العيلامي) الإيرانية الحالية.


وكان تنصيب بولص شقيق البطريرك المغدور مار شمعون بنيامين بطريركا للأثوريين في 14 نيسان 1918 هو آخر تنصيب حضره جميع رؤساء العشائر الأثورية بالإضافة إلى مطارنة وأساقفة الأبرشيات الأثورية، حيث جرت مراسيم ذلك التنصيب البطريركي في كنيسة مريم العذراء الشرقية في مدينة أورميا إبان نزوح الأثوريين من تركيا إلى إيران هرباً من الإضطهاد التركي بعد تمردهم على الدولة العثمانية عام 1915. وقد حضره كل من: –
1. المطران إسحق خنانيشو رئيس أبرشية روستاقا.
2. الأسقف زيا سركيس أسقف جيلو وباز وريكان.
3. الأسقف يوسف خنانيشو أسقف شمدينان.
4. الأسقف إيليا الألقوشي رئيس أبرشية وان.
5. القس إسحق الأشوتي من تياري السفلى.
6. القس أويتر من جيلو.
7. القس حنا من شمدينان.
8. القس أوراهم مرهج من أورميا.
9. الشماس يوسف قليتا.
10. الشماس بابا رئيس أثوريي أورميا.
11. الشماس يوئيل.
12. ملك خوشابا رئيس عشيرة تياري السفلى.
13. داود ملك خوشابا.
14. أغا بطرس إيليا قائد القوات الأثورية في أورميا.
15. مالك إسماعيل رئيس عشيرة تياري العليا.
16. ياقو ملك إسماعيل.
17. مالك خمو البازي رئيس عشيرة باز.
18. أغا لازار من أورميا.
19. الدكتور إسرائيل من أورميا.
20. داود مالك من أورميا.
وإلى جانب هؤلاء حضر بعض الضيوف وهم: المطران توما أودو مطران أورميا للكلدان الكاثوليك، والقس واسيل من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، العقيد الروسي كوزمن مستشار القوات الأثورية، الدكتور شيد نائب القنصل الأمريكي في أورميا، الدكتور باكرت الأمريكي، الدكتور كون رئيس الجامعة الأميركية في أورميا، الدكتور عزرا، القس نيسان من الكنيسة الأنكليكانية في أورميا.
في حين أن مراسيم تنصيب خلفه مار شمعون إيشاي (11 عاما) جرت في خيمة من مخيم بعقوبة بتاريخ 20 حزيران 1920. وقام برسامته:
1. المطران خنانيشو (خاله)
2. المطران سركيس
3. داود قائد القوات الأثورية (والده)
4. سرما خانم (عمتَّه)
5. زيا (عم البطريرك)
6. تيودور (شقيق البطريرك)
وبمباركة البريطانيين الذين وجدوه صغيراً وسهل الإنقياد، ودون إنتظار إنعقاد المجلس الكنسي الذي يضم جميع مطارنة الكنيسة الشرقية القديمة، وقد تنافس معه على المنصب أخوه ثيودور، إلاّ أن الأختيار وقع عليه. و”حصل انشقاقا كبيرا في الآثوريين حيث إن الأغلبية لم تكن مؤيدة لهذه الرسامة وعلى رأسهم أغا بطرس وملك خوشابا حيث طلب الرافضين لهذه الرسامة من مار طيماثاوس ان يصبح بطريركا لهم إلا انه رفض ذلك مدعيا بانه لا يرغب في توسيع شقة الخلاف بين الآثوريين فيزيد الطين بلة.” وفي ظل عدم إكتمال السينهودس لتعذر حضور مار ابيمالك طيمثاوس مطران مالابار والهند، وغياب معظم رؤساء العشائر الأثورية الذي كانوا قد وصلوا مخيم مندان ضمن حملة أورميا لعام 1920، فقد أحتج الكثيرون في عدة مناسبات بأن رسامة إيشاي للبطريركية كان بشكل غير قانوني، ولم يستوف الإجراءات المطلوبة في التنصيب البطريركي المعتاد لهذه الكنيسة العريقة.

واليوم، وبعد تشتت الأشوريين في دول الشتات مما يتعذر جمعهم، فإن إجراءات إنتخاب وتنصيب بطريرك الكنيسة الأشورية تجري بإلتآم مجلس رؤساء الأبرشيات أو المجمع الكنسي المقدس (السنهودس) فقط، ولا حاجة أو ضرورة لتجمع رؤساء العشائر الأشورية المتفرقة في دول العالم المختلفة، خاصة بعد زوال نظام ناطر كرسي للتوارث البطريركي. وهذا ما جرى أثناء تنصيب البطريرك الحالي مار كيوركيس صليوا الثالث، حيث وبعد نياحة البطريرك الراحل مار دنخا الرابع في ٢٦ آذار٢٠١٥ التأم سينودس مجلس الآباء في كنيسة مار يوحنا المعمدان في عنكاوا، أربيل، اقليم كردستان العراق في الفترة بين ١٦ – ١٨ أيلول ٢٠١٥. وفي يوم الجمعة ١٨ أيلول انتخب اعضاء المجمع المقدس غبطة الميترافوليط مار كيوركيس صليوا ليكون الجاثيليق البطريرك الواحد والعشرون بعد المئة على كرسي ساليق وقطيسفون. وتمت رسامته وتتويجه في كنيسة مار يوحنا المعمدان يوم الأحد ٢٧ أيلول ٢٠١٥ بوضع اليد من قبل أصحاب الغبطة الميترافوليطين مار أپريم موكن ومار ميلس زيا وبشراكة يمين كافة أباء كنيسة المشرق الآشورية.

وقد أدى هذا النظام لاحقاً إلى الجمع بين السلطتين الروحية-الزمنية، أو الدينية-الدنيوية، وحصرها في عائلة واحدة، هي عائلة (أبونا)، مما قاد إلى إحتكار هذه الوظيفة الدينية بيد جماعة معينة، كما دفع قسم كبير من أتباع هذه الكنيسة إلى الإنقسام والإنفصال عنها، حتى ألغي هذا النظام في عهد البطريرك دنخا الرابع عام 1976.

وهكذا يمكن القول بأن هذه الكنيسة قد شهدت نظاماً عائلياً جمع لها السلطتين الدينية والدنيوية وجلب لها الكثير من المآسي والنكبات طيلة 700 سنة، إبتدأت بعد عهد دنخا الأول (1266-1281)، وانتهت في عهد دنخا الرابع (1976-2015). وبدأت سلسلة بطاركة قوجانس عام 1661 بحادث إغتيال، وإنتهت عام 1975 بحادث إغتيال أيضاً.

و “لا يعرف الكثير عن تاريخ المنطقة (هكاري) قبل زيارة الأوروبيين لها في القرن الثامن عشر. ومع ذلك يعتقد أن تركيز المسيحية بها يعود إلى القرن الرابع عشر عندما احتل تيمورلنك بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين وشن حملة اضطهاد على المسيحيين بها دافعا بهم إلى الجبال. وبحلول منتصف القرن السادس عشر اختفى النساطرة من العديد من المدن التي ازدهروا بها سابقا، مثل تبريز ونصيبين. كما نقل كرسي بطريركية كنيسة المشرق من بغداد إلى مرغة في أورميا سنة 1553.”

“في القرن الخامس عشر إنحسرت أبرشيات كنيسة المشرق في شمال بين النهرين وفي جبال هكاري. وفي سنة 1450 قام البطريرك شمعون الباصيدي (+1497) بحصر البطريركية في أبناء عائلته وحدها (العائلة الأبوية). وسَنَّ قاعدة لتوريث الجاثليق من هذه العشيرة، مما جعل عائلة واحدة تهيمن على الكرسي البطريركي.

وتبعا لذلك، فقد إنتقل مقر بطريركيتهم مرات عديدة، من بغداد بعد عهد البطريرك دنخا الأول (1266-1281) إلى مراغة شرق بحيرة أورميا عام 1553، ثم أربيل ثم الموصل (كرمليس، القوش، تلسقف، والعمادية) ثم خسراوا-سلامس عام 1662، ثم قوجانس في جبال هكاري بتركيا منذ عام 1680، ثم مخيم بعقوبة 1918، ثم قبرص 1934، ثم شيكاغو-إيلينوي في الولايات المتحدة عام 1950، فسان فرانسيسكو-كاليفورنيا عام 1954، ثم شيكاغو عام 1976، وأخيراً أربيل-شمال العراق منذ عام 2015، ولم يعودوا إلى بغداد بشكل مستقر منذ عهد تيمورلنك حتى يومنا هذا. ومن المؤسف، أن الأماكن التي غادروها لم يعودوا اليها أبداً (مثل مراغة، وبغداد، والقوش، وكرمليس، وتلسقف، وقوجانس).

المبحث الثالث
سلسلة بطاركة مار شمعون

يسود التناقض والإختلاف تسلسل بطاركة كنيسة المشرق عموما، لعدة أسباب منها: –

أولا. كثرة الإنشقاقات
إنشقاق قسم كبير منها عام 1553، بقيادة المطران يوحنا سولاقا وإنضمامه إلى كنيسة روما الكاثوليكية، ومع ذلك فقد تلقب بلقب مار شمعون أيضا وحاز التسلسل الثامن في السلسلة، كإمتداد للكنيسة الأم، ولكن دون جدوى. وإنشقاق قسم من الكنيسة الشرقية النسطورية وإعتماده تسمية (الكنيسة الشرقية القديمة) بزعامة مطران الهند توما درمو عام 1968، وخلفه فيها البطريرك مار أدي منذ 1970 حتى يومنا هذا.

ثانيا. تناوب الإنتقال من الكثلكة إلى النسطرة وبالعكس
وقد جرى عودة قسم من المتحولين للكاثوليك إلى الأصل النسطوري قبل أن تترسخ الكثلكة فيهم، وبالمقابل فقد إنضم قسم من النساطرة إلى الكاثوليك وفق سلسلة جديدة، لذا فقد ظهرت ثلاثة خطوط من سلسلك بطاركة كنيسة المشرق، هي خط ساليق-قطيسفون، وخط يوحنا سولاقا، وخط آمد (ديار بكر)، وهناك فرع أخر لكنيسة المشرق تأسس عام 1968 ولقب بالكنيسة الشرقية القديمة، وأول بطريرك لها هو توما درمو (1968-1969)، ومن ثم أدي الثاني (1970-ولحد اليوم).

ثالثا. تعدد مقار البطريركية الشرقية
كان لإنتقال المقر البطريركي للكنيسة الشرقية من مكان لآخر، مع إدعاء أكثر من طرف بعائديتها وإعتمادها في تسلسها التاريخي، سببا في خلق الإضطراب وعمل في تشويش الصورة على الباحثين.
ف “الكرسي البطريركي المشرقي مقره كان في المدائن (ساليق وقطيسفون- طاق كسرى) ثم في بغداد عند قيام الخلافة العباسية وانتقل الى عدة أماكن بسبب الظروف الأمنية والسياسية (الحروب). مثلا إلى مراغا وأربيل وكرمليس والموصل وجزيرة بن عمر ونقله منها البطريرك شمعون السادس إلى دير الربان هرمزد سنة 1504 وظل فيه الى وفاة إيليا 13 ايشوعياب سنة 1804، وعندما اعتنق المطران يوحنا هرمزد وهو أحد أنسبائه الكثلكة نقل الكرسي إلى الموصل سنة 1830 وانتهى المقر في دير الربان ثم نقل الكرسي من جديد الى بغداد سنة 1958.”

رابعا: تقاطع خطوط التوارث البطريركي
والغريب أن نجد أن الكنيسة الأشورية اليوم تنحدر من خط الإنشقاق الأول الذي قاده يوحنا سولاقا عام 1553. وإن الكلدان المنشقين عن الكنيسة النسطورية ينحدرون من خط تلك الكنيسة التي إنشقوا عنها، والتي بقيت محافظة على وجودها وإستمرارها في القوش شمال الموصل أول الأمر.
ف “الكلدان اليوم يعودون إلى هذا الخط الألقوشي، أي خط ساليق وقطيسفون… والبطريرك الحالي هو سليل هذا الخط وليس سليل خط البطريرك سولاقا.
أما الخط الثاني فبدأ مع سولاقا 1551-1555 في ديار بكر- آمد، سولاقا رئيس دير الربان هرمز اعتنق الكثلكة وسيم بطريركاً بروما وأقام كرسيه في ديار بكر– آمد، تركيا حاليا. وتذبذب هذا الخط بين الكثلكة والعودة إلى الكنيسة القديمة، وانتقل إلى أماكن عديدة: سعرت، سلماس، اورمية ثم إلى قوجانس عام 1656 مع شمعون 13 دنحا؟ وصراحة ثمة مشكلة؟ فلا يمكن أن يكون بطريركان للكنيسة القديمة: الأول في دير الربان هرمز والثاني في قوجانس وغير معلوم متى انتقل إلى قوجانس تماماً؟ والى خط سولاقا يرجع قداسة البطريرك مار كوركيس صليوا الثالث ولربما لهذا السبب حافظ أسلافه إلى أيام مار دنحا الرابع بالختم الكلداني!
وفي فترة ما أسس خط أخر في ديار بكر للكلدان هو يوسف الأول 1681 ويوسف الثاني والثالث والرابع، واندمج في النهاية في خط الموصل يوحنا هرمز.”

خامساً. تبادل الألقاب الكنسية
أن لقب “بطريرك الأثوريين” أطلق أولاً على خلفاء سولاقا من بطاركة المشرق المتحدين بروما، بينما أطلق لقب “بطريرك بابل” بادئ الأمر على الجثالقة النساطرة غير المتحدين بروما. غير أن التطورات اللاحقة عكست الأوضاع تماماً. فأضحى لقب “بطريرك بابل” في المفهوم الشائع كنيسة للبطريرك الكاثوليكي. بينما أضحى لقب “بطريرك الأثوريين” كنية للبطريرك غير المتحد بروما.
ومن المؤكد أن الرؤيا لم تكن واضحة تماما للكاثوليك الجدد، لا بل أن أحد البطاركة وهو مار إيليا الثامن (1591-1617) ورث كرسي البطريركي، “كان معتقده كالماء الفاتر لا كاثوليكيا ولا نسطوريا”. لكنه توفي على المذهب النسطوري ودفن في مقبرة بطاركة أبونا في دير الربان هرمزد.

– التسلسل البطريركي الشمعوني
تناوب على الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق النسطورية من عائلة أبونا والذين حملوا لقب (مار شمعون) 23 بطريركا، إضافة إلى 3 بطاركة حملوا ألقاباً أخرى، وفيما يلي قائمة بأسمائهم والفترة التي تولَّوا فيها المنصب ومقراتهم، وهم: –
1. مار طيموثاوس الثاني (1318-1328) – أربيل-العراق
2. مار دنخا الثاني (1329-1359) – كرمليس-العراق
3. مار دنخا الثالث (1359-1368) – الموصل-العراق
4. مار شمعون الثالث (1369-1392) – الموصل-العراق
5. مار شمعون الرابع (1403-1407) – الموصل-العراق
6. مار إيليا الثالث (1407-1420) – الموصل-العراق
7. مار شمعون الخامس (1420-1447) – جزيرة إبن عمر-تركيا
8. مار شمعون السادس (1448-1490) – القوش-العراق
9. مار أيليا الخامس (1491-1504) – الموصل-العراق
10. مار شمعون السابع (1505-1538) – القوش-العراق
11. مار شمعون الثامن إيشوعياب (1538-1551) – القوش-العراق
12. مار شمعون التاسع دنخا برماما (1552-1558) – سلماس-إيران
13. مار شمعون يوالاها العاشر (1558-1580) – سلماس-إيران
14. مار شمعون دنخا الحادي عشر (1580-1600) – أورمية-إيران
15. مار شمعون إيليا الثاني عشر (1600-1653) – اورمية-إيران
16. مار شمعون إيشوعياب الثالث عشر (1653-1690) – قوجانس-تركيا
17. مار شمعون يوالاها الرابع عشر (1690-1692) – قوجانس-تركيا
18. مار شمعون دنخا الخامس عشر (1692-1700) – قوجانس-تركيا
19. مار شمعون شليمون السادس عشر (1700-1740) – قوجانس-تركيا
20. مار شمعون ميخائيل مقدسي السابع عشر (1740-1780) – قوجانس-تركيا
21. مار شمعون يونان الثامن عشر (1780-1820) – قوجانس -تركيا
22. مار شمعون اوراهم التاسع عشر (1820-1860) – قوجانس-تركيا
23. مار شمعون روئيل العشرون (1860-1903) – قوجانس-تركيا
24. مار شمعون بنيامين الحادي والعشرون (1903-1918) – قوجانس-تركيا
25. مار شمعون بولس الثاني والعشرين (1918-1920) – بعقوبة-العراق
26. مار شمعون ايشاي الثالث والعشرون (1920-1975) – سان فرانسيسكو-الولايات المتحدة.

– يليه الجزء الثالث والأخير –

د. رياض السندي
كاليفورنيا في 15 آذار 2018

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

899 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع