الدكتور مليح صالح شكر
أهي ديمقراطية فعلاً ؟
أولاً يقتضي التأكيد على أن الديمقراطية هي ليست صندوق الأنتخابات فقط، بل هي تربية تلازم المرء منذ طفولته ودراسته الأولية وممارساته الاجتماعية والقانونية والسياسية .
لذلك فإن ما نقرأه ونسمعه هذه الايام عن ممارسة ديمقراطية في العراق ليست سوى عملية هجينة لا تمت للمبادىء الديمقراطية بشيء.
يتحدث بعض المرشحين عن الدستور بينما يهاجم مرشحون آخرون الدستور نفسه ، وكلاهما يلتقط من الدستور الذي خطته قوات الاحتلال أصلاً ، ما يناسب رغباته السياسية والمالية ، وما يتلائم مع حالة ترشحه للانتخابات .
مرشحون يقدمون أبنائهم أو أقاربهم معهم كمرشحين في قائمة ما، دون أحترام للنصوص الدستورية أو القانونية التي لا تبيح للفاسد أو للمحكوم عليه قضائياً أن يتمتع بحقوق سياسية ناهيك عن الحقوق التشريعية التي يمثلها البرلمان.
وهل أصبحت حقوق المواطن محصورة بتبليط زقاق أو شارع أو تجفيف مياه آسنة، أو إزالة أكوام الزبالة من الأحياء السكنية؟
أية ديمقراطية هذه ، وقادة مليشيات مدججة بالسلاح يزعمون أنهم يشاركون في أنتخابات ديمقراطية ؟
أين هي حقوق المواطن في الديمقراطية والحريّة وحرية الصحافة والتعبير والاجتماع والمسكن والمأكل والأمن وغيرها من الحريات الأساسية التي تشدق الاحتلال ، وأذنابه وأيتامه ، بها عندما كانوا يتمتعون ( بالسمفونية) التي يعزفها دوي الصواريخ والقنابل والطائرات والمدافع وهي تقتل أهل العراق؟ كما عبر أحد أذناب الأحتلال في نيسان / أبريل عام ٢٠٠٣ عن مشاعره فرحاً بقصف بغداد بكل أنواع الأسلحة والقنابل والصواريخ القصيرة والطويلة المدى وحرق الأخضر واليابس.
لاحظت مرة أن أثنين من النواب، نائب ونائبة ، تعاركا وتشاتما فيما بينهما وخلال جلسة رسمية للمجلس يبثها التلفزيون على الهواء لمناقشة قضايا مالية ، فلم يجد رئيس المجلس قاعدة من قواعد السلوك البرلماني ليستخدمها لأسكات المتعاركيين، فلجأ الى تنبيه النائب ، وليس النائبة ، بالذهاب للوضوء والصلاة!
أهذه هي الديمقراطية التي أصابونا بالصداع من كثرة الحديث عنها، ولحد الغثيان؟ وقد صدق أهل كربلاء في هتافهم الذي استعاره منهم كل أهل العراق ( بأسم الدين باكونا الحرامية).
هؤلاء الذين يطمعون بمكاسب عضوية البرلمان يتغنون بقضايا ومبادىء يعرفون أسمائها دون أن يفهموا معناها، وما أن يتدخل شخص يعتمر عمامة حتى يصبح قوله هو الفصل ، ويسقط عندها الدستور والقانون، ولا يتذكرهما أحد.
والادلة كثيرة هذه الأيام عن التزوير المبكر للانتخابات حيث تجري عمليات شراء بطاقات الناخبين الالكترونية الممغنطة بوتيرة عالية، وتكاد أن تكون علناً، ووصل سعر الواحدة منها الى ٢٥٠ - ٣٠٠ دولاراً، ويزعمون انها ( عملية ديمقراطية) ، ويكاد مال الفساد والاموال الأجنبية هي الصفة الغالبة على هذه المسرحية، وبعض المرشحين المعروفة دخولهم ، ينفقون أموالاً على دعايتهم الانتخابية وكأنهم من ورثة قارون.
كان رئيس الدولة ولأعتبارات حكومية يستخدم السيارات المصفحة، وها نحن في ظل ديمقراطية المارينز المفخخة أصبح فيها غالبية الذين يتمتعون بأمتيازات الدولة المالية ، من رؤساء، ووزراء ،ووكلاء وزارات ، ونواب ، ونائبات ، يستخدمون السيارات المصفحة ، الحديثة ، بل وتوفرها الحكومة( المنتخبة ) لهم، حتى وصل الامر في العديد من الحالات الى أن مدراء عاميين ومحافظين وربما من هم بدرجة قائمقام قضاء ، يستخدمون سيارات مصفحة وحماية مدججة بالسلاح!
لا بل وحتى سفراء الدول الذين كانوا يحضرون الى وزارة الخارجية قبل الأحتلال بسيارة يقودها سائق ، أصبحوا اليوم يتنقلون في بغداد بموكب من السيارات المحصنة والمدججة بالسلاح .
وهكذا أصبحنا أكثر بلد في العالم يستخدم السيارات المصفحة بعد أن كنّا قبل يوم ٩ نيسان ٢٠٠٣ المشؤوم أكثر بلد في العالم فيه حملة شهادة الدكتوراه ، وكل شعبه يقرأ ويكتب ؟
963 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع