اليوم ، تماسيح العراق ترقص جوبي !

                                                 

                         أ.د. سيّار الجميل


اليوم ، تماسيح العراق ترقص جوبي!

لمناسبة عرس الانتخابات - كما يسمونه – اليوم ، فقد قدمت مشروع عمل افتراضي يتضمن : ان يعمل المسؤول العراقي الجديد رئيسا او وزيرا او نائبا على مدى اربع سنوات ، وعلى مدى 8 ساعات يوميا تطوعا بلا راتب ولا منح ولا مكافئات .. يعمل ويؤدي واجبة تطوعا بالمجان ان كان يريد خدمة شعبه ، وان يسكن المسؤول في قسم داخلي وتقدم له ثلاث وجبات ، وينقله الى عمله وقسمه الداخلي باص ، وتصرف له بدلتين شتوية وصيفية وتراقب حساباته .. كم من هؤلاء التسعة الاف من المرشحين العراقيين يقبل بهذا العرض خدمة لوطنه واهله مجانا بلا اية امتيازات ؟؟؟؟؟؟ عندما تقبل ذلك اية مجموعة ، اقول انتصر العراق . وهل هناك من يطبقها ؟ انا اتبناها واطرحها على العراقيين الكرام ، شريطة ان لا يتقّدم اليها من مارس دوره النيابي والسياسي والقيادي سابقا .

لا ادري الم يستمع هؤلاء الناس من العراقيين الى كل هذه التفاهات والاعلانات والخطابات التي لا يعرف اصحابها المرشحون للنيابة حروف الجر وادوات النصب ؟ الم يعلموا ان كل القدماء في السلطة يسعون اليها ثانية وثالثة ورابعة بجشع لا يوصف ، وهم من اتعس المخلوقات في هذا الكون ؟ لماذا ؟ هل عرفتم يا اهلنا في العراق ، لماذا يتسابق كل الطفيليين الى السلطة ؟ فمنهم من يأمرنا بالذهاب الى صندوق الانتخابات ، ومنهم من يهددنا بحرب اهلية لا تبق ولا تذر ، ومنهم من يتوعد ويهدد وقد ضمن السلطة لنفسه .. ومنهم من يقول : سنسحب الناس من بيوتها كي تنتخبنا ! وكما تخيلتهم قبل الفوز ، فهم يمثلون عرس واوية مخاتلة بالالاف المؤلفة ، وسيختار الشعب العراقي بارادته يوم 12 /5/ 2018 بعض التماسيح الذين سنراهم يرقصون الجوبي في قاعة البرلمان العراقي ، وهم لا يشترون الشعب العراقي وألامه بقلامة ظفر ، ومعهم حلفائهم واتباعهم الذين يأتمرون بأمرهم نسوة ورجالا .

كالعادة ، يندفع العراقيون اليوم نحو صناديق الاقتراع سعيا لارضاء هذا او ذاك من المرشحين لعوامل اسرية وعشائرية وفئوية وطائفية وعرقية وحزبية وسياسية وقومية .. او خلاصا من اجل تحقيق حلم التغيير ، وكأن هؤلاء المرشحون سيقلبون وضع العراق رأسا على عقب ويجعلونه جنة عدن خلال اربع سنوات . مجتمع العراق قلق جدا ، ولا يعرف ماذا يريد ، وهو يسمع الاكاذيب والخداعات والوعود : هذا جائع مع اولاده ، وذاك عاطل لا يعرف ماذا يفعل ، واولئك نازحون كفروا بالعراق وتاريخه ، وتلك عجوز نخرتها الامراض ، والاطفال يأكلهم السرطان ، او صبية تفنيهم حشرات المياه الاسنة .. وملايين الدولارات تنفق على مهرجان انتخابي مضحك تتسابق فيه التماسيح والثعالب والحمير ، اذ يندر الفرسان فيه من سلالة البشر !

ان عراقيين اذكياء ادركوا اللعبة منذ سنين ، فموقفهم واضح من فهم ما يجري على ايدي طبقة سياسية حاكمة او مشاركة معها احتكرت التماسيح فيها حتى مهرجان الانتخابات لها وحدها . لديها القوة والمال والدعاية الاعلامية وشراء الذمم وتسقيط الاخر بل وشهدنا فواجع قتل وتصفيات وطعن بالاعراض مع خيانة للوطن بالتعامل مع دول اخرى . لقد فرضوا مفوضية من قبلهم وطبلوا وزمروا لكل الذين سحقوا العراق ونهبوه .. الم يسأل اي مرشح عراقي شريف نفسه : كيف لي ان اشارك في عرس انتخابي كما وصفوه ، وهو يضم فاسدين ومرتشين ومجرمين وخونة وعملاء وحرامية وقتلة وملالي جهلة .. ؟ لماذا يعيدون انتخاب من اخذ فرصته في الحكم والنيابة سابقا ؟ الا ترون انه احتكار فاضح للسلطة من قبل تماسيح تتمسح اليوم بكم وغدا ترقص جوبي على دمائكم ؟

انا لا امنع العراقيين من ممارسة حقهم الانتخابي ، ولكن لتنبيههم الى فرز الصالحين من الطالحين .. نعم هناك اناس صالحين ، ولكن كم نسبتهم الى الطالحين في عملية يشترك فيها الاف مؤلفة من المرشحين الذين لهم دعاياتهم السمجة .. العملية برمتها فيها خطايا لا تغتفر ، ولا يمكن ان اتصور شراكة بعض الناس المخلصين مع قتلة ومجرمين وخونة وعملاء وفاسدين وجهلة ومارقين ومخاتلين ولوكية ومرتشين .. الخ العراقيون مرت عليهم محن وكوارث وحروب وانسحاقات وتهجيرات ، ولكنهم لم يتعلموا شيئا وحتى ان تعلّموا ، فقد تأقلموا على كل السلبيات .. ان الواقع المزري لا يمكن ان تصلحه هذه الانتخابات التي ستأتي بالطبقة الحاكمة ملحقة بها شرذمة اخرى من الفاسدين .. الم تسمع خطاباتهم ودعاياتهم وشعاراتهم المضحكة .. انها مهزلة المهازل ؟

من يريد ان ينتخب فليذهب الى صناديق الاقتراع وينتخب من يريد ولكن ليس من الصواب ابدا ان يجبر الاخرين ان ينتخبوا عنوة تحت حجج واهية .. أو باسم شعارات الوطن او تخويف الناس ببقاء الفاسدين . ان المقاطعين لهم حريتهم وهم يمارسون الديمقراطية ، فلا يمكن ان يطعنوا بوطنيتهم ابدا .. وهم كالمشاركين لهم موقفهم من قانون الانتخابات والعملية برمتها . ان الفاسدين باقون ما داموا رتبوا كل شيئ لصالحهم وبقائهم في السلطة .. واذا كان البعض لا يطيق المقاطعة والداعين لها ، فهو لا يؤمن بالديمقراطية ابدا .. انا لست ضد الناخبين العراقيين ، ولكنني ضد نظام سياسي فاجر لا يمكن اصلاحه ابدا من خلال مثل هذه الانتخابات .. وان من يركض الى المشاركة في سياقات هذا النظام ، فانه يمنحه الشرعية ، وسيعتلي كل الفاسدين المسؤولية كرة اخرى .. التماسيح هي المسيطرة على الموقف حتى الان ، كونوا واسعي الافق انهم يضحكون عليكم بأن لا خيار الا المشاركة . وستبدأ التحالفات بعد الانتخابات وسنرى ما سيحدث كالعادة .. ان من ينتخب هو قابل بهذا النظام ، وانا لم اقبل هذا النظام حتى لو اصبح كل المسؤولين السياسيين فيه من الملائكة !!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

868 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع