التحالف الأمريكي الإسرائيلي - الإيراني ... الى اين؟

                                     

                د.عبد السلام ياسين السعدي

التحالف الأمريكي- الإسرائيلي- الإيراني ... الى اين؟

انا من الذين يؤمنون ان هناك تحالفاً بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيران، وانا من الأشخاص الذين لا يثقون او يصدقون هذا التهويل الإعلامي من قبل إسرائيل أو أمريكا حول إيران، فهذا التحالف يجمع هذه الأطراف أكثر من ان يفرقهم، فكم سمعنا من الشعارات الإيرانية التي تريد قتل الإسرائيليين وإزالة إسرائيل من الخرائط أو ازالتهم حتى من الوجود، ولكن القتل والتنكيل كله واقع على العرب في سوريا والعراق واليمن وحتى في لبنان، ولم نسمع يوماً ان هذه الشعارات الإيرانية آذت اسرائيلياً او حتى حيوان يعيش هناك، وكذلك هو الحال مع الشيطان الأكبر " أمريكا" التي حمت وقدمت الاسناد بطائراتها لكل الميليشيات الإيرانية التي دخلت ودمرت المدن السنية في العراق وخاصة عند دخولها الى صلاح الدين والموصل والانبار. ولو عدنا الى الحقائق والوقائع، لشاهدنا كيف سلمت أمريكا العراق الى إيران وكما قيل قدمته لها على طبق من الذهب، وكيف سمحت للأحزاب الموالية لإيران وميليشياتها بالتفرد والتصرف بكل مقدرات العراق، وكيف غضت الطرف عن دخول العشرات من الميليشيات التابعة لإيران الى الأراضي السورية وخاصة احتلال دمشق وحماية بشار الأسد، وكان الدور الرئيسي لحزب الله اللبناني هناك والتي تصنفه الولايات المتحدة الامريكية على انه حزب إرهابي.
اما إسرائيل التي كانت تشتكي ليلاً ونهاراً من حزب الله اللبناني، كيف سمحت لألوف من عناصر الحزب بالدخول الى سوريا ووصولهم الى الحدود معها؟ وكلنا يعلم ان إسرائيل تقوم بكل ما بوسعها بما في ذلك الضربات الاستباقية لأي تهدي خارجي، من السماح لتلك الميليشيات من الوصول الى حدودها بهذه البساطة، هل توقفت أجهزة الرصد الإسرائيلية امام هذا التدفق ووصولها الى مشارف إسرائيل؟،وهل يمكن تبرير هذه الخطوة على انها خطوة هدفها توريط إيران في سوريا، وإذا عدنا الى خشية إسرائيل على امنها الوطني، ومحاولة القضاء على أي تهديد جدي لأمنها ولو على بعد الاف الكيلومترات، كيف تسمح لإيران ببناء مشروعها النووي وتقربها من صنع القنابل النووية ولم تقم الا بالاحتجاج وبالأعلام فقط، ولم تقم بتدميره كما فعلت بتدمير المفاعل النووي العراقي عام 1982.
وبالعودة الى الولايات المتحدة الامريكية اسأل عن كيفية وصول الصواريخ الإيرانية وشحنات الأسلحة الى ميليشيات الحوثي في اليمن التي تعتبرها الحديقة الخلفية للسعودية الحليف الرئيسي لأمريكا في المنطقة، وهل ان أجهزة المراقبة الامريكية غافلة عن هذه التحركات وهي معروفة بمراقبة حتى أصغر المخلوقات التي تدخل الى اليمن.ن
ومن هذا التحالف الثلاثي وجدت إسرائيل ضالتها المنشودة الا وهي تخفيف عداء العرب لها وتقاسم هذا العداء مع ايران، فسمحت إسرائيل لإيران بالتغلغل في المنطقة بحرية لكي يبدأ العرب بالشعور الإيراني ، فتم الاستعانة بقوى ظلامية همجية مثل تنظيم داعش والميليشيات الموالية لإيران ، لتقول للعرب انظروا فأننا افضل من هؤلاء ، حتى ان العرب بعد ما رأوا هذا الغول الإيراني وما فعله بهم في العراق وسوريا واليمن ، وما يتم اكتشافه يوميا من مؤامرات ايران في الدول العربية، باتوا يترحمون على العدو الاسرائيلي ، وان ايران قدمت خدمة كبيرة لمشروع الفوضى الخلاقة الذي تبنته الولايات المتحدة ، وأصبحت رأس الحربة في الصراع المفتعل الشيعي السني والذي لولا ايران لما اندلع وتوسع وزعزع المنطقة بكاملها منذ وصول اهل العمائم الى السلطة عام 1979.ويمكن ان نرى كيف ان المنطقة تغلي من المحيط الى الخليج بسبب ايران وما تقوم به من حملات للتشيع والتدخل بشؤون الدول حتى وصلت الى المغرب والجزائر، وبات العرب يخشون الغزو الإيراني ويعدون العدة للتصدي له، فماذا تريد أمريكا وإسرائيل افضل من هذا الدور الإيراني لتحقيق هذه الفوضى، وهل سيتم الاعتقاد بأن إسرائيل سوف تحارب ايران بعد الأفعال التي تقوم بها في سوريا وبعض المناطق العراقية وتدمير بلدان عربية مثل اليمن؟
وهنا نسأل كم باعت أمريكا من السلاح للدول العربية وخاصة الخليجية منها بحجة الخطر الإيراني؟ بعد ان كانت تخوفهم من الخطر العراق المتمثل بالرئيس الراحل صدام حسين، وتمثل إيران بالنسبة لأمريكا الدجاجة التي تبيض الذهب، فليس من المعقول ان تقوم بالقضاء على هذه الدجاجة والتي تدر على شركات السلاح الأمريكية المليارات من الدولارات سنويا.
هل ستبقى إيران ضرورة أمريكية – إسرائيلية لتحقيق مشاريعهما في المنطقة لفترة أخرى من الزمن كما حصل لشاه إيران السابق الذي خدم مشاريع أمريكا وإسرائيل لفترة مضت؟ وهل يمكن ان تكون إيران قد أصبحت كابوساً لأمريكا وإسرائيل بعد ان تعاظم نفوذها وأصبحت من القوة تريد فيها تغيير قواعد اللعبة؟ على ضوء كل الوقائع التي ذكرتها تبين ان هناك تحالف قوي بين هذه الدول، ولكن في السياسة لا يوجد صديق دائم ولاعدو دائم بل هناك مصالح دائمة، ولننظر الى الأيام المقبلة التي ستتوضح فيها حقيقة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل من طرف وإيران من طرف آخر والدور الذي تؤديه في المنطقة العربية، وسنعرف مصداقية الرئيس الأمريكي ترمب ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو في تهديداتهما لإيران.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

851 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع