ماجد عبد الحميد كاظم
م/ قراءات في صحف عراقية قديمة
كتبت جريدة الراقدان بعددها 68 الصادرة في يوم الاحد 25 شعبان المعظم سنة 1340 الموافق 23 نيسان سنة 1922 مقالا افتتاحيا بعنوان (لماذا يطالب الشعب بنشر قانون الانتخاب) واظن ان القارئ الكريم باطلاعه عليه يكوم بامكانه ان يكون فكرة عن درجة النضوج الساسي في تلك الفترة المبكرة التي رافقت تأسيس الدولة العراقية الحديثة :
" قالوا لنا انا سالكون بكم طريقا يودي الى حياة الاستقلال والحرية والمساواة فقلنا لهم آمنا وصدقنا وما اختيارنا لكم لان تكونوا ادلاء لنا في هذه الطريق لترشدونا ( فقط ) الى ما ينبغي لنا ان نصنعه للوصول الى الحياة التي انتم قائلون بها الا بناء على ثقتنا في صدق اقوالكم وحسن نياتكم وانكم لا تبطنون غير ما تظهرون فكونوا عند حسن ثقتنا فيكم وحققوا ظننا بكم بما هو اقرب الى الاعتقاد بانكم قائمون على عهودكم ومستعدون الى تحقيق رغائب الشعب والقينا اليكم بسيطة القصد منها الوقوف على مبلغ ما بانفسكم من هذا الاستعداد وتلك المهمة هي وضع دستور يعين للفرد ما له وما عليه في الحياة النيابية ويرشده الى كيفية الى كيفية انتخاب من يتولى كرسي النيابة وتمثيله في التصرف في حقوقه الساسية والاجتماعية. ولاجل اختزال الطريق الموصلة الى هذه الغاية التي ناشدناكم اياها عرضنا عليكم قانون الانتخابات القديم للوقوف من نصه على ما كنا عليه من خطأ او سداد في الاراء النيابية ومواطن العدل او الاجحاف لحقوق الافراد والجماعات فضربتم بهذا القانون عرض الحائط وقلنم انه لا يصلح للعمل به واخذتم على عهدتكم وضع قانون بدلا عنه اقرب الى الحاجة ضابطا لحقوق الفرد من الضياع وفاتحا في وجه الشعب ابواب الاجتهاد وممهدا لطرق التقدم والنهوض وغير ذلك من العبارات الشيقة والجمل الاخذة بمجامع القلوب والمشعرةعلى اننا وضعنا حقيقة ايدينا على المحراث فلا يحسن بنا ان نلتفت الى الوراء وهكذا اندفعنا بعامل حسن النية والاخلاص وراء هذه الاماني على امل تحقيقها وسرنا او سارت بنا الايام نسرف في الوقت والمال ونحن نعلل النفس باقتراب الساعة التي نقف فيها على حقيقة هذا القانون.
وكلما شعرنا بملل الانتظار او تسربت السآمة الى نفوسنا من طول العهد اعتصمنا بحبل الصبر واستعرنا من شرف الوعود قوة نتذرع بها ضد اليأس وها الايام تفر من بين ايدينا فرار العصفور من شرك الصياد فلا الايام تسير وئيدا لنتدبر في امرنا ولا الوعود منجزة لتحقيق صدق ظننا وهكذا وقفنا بين عاملين وما احرج موقف امة اذا تنكرت عليها الاسباب وتشابهت لديها الامور.
الغاية الموضوعة امام الشعب العراقي غاية خطيرة جدا وطرق الارتقاء اليها متشعبة ملؤها العقبات وكل شعبة منها تحتاج الى طويل زمن حتى تمهد وحتى نكون امنة المرتقى فاذا كانت اول خطوة في طريقكم السالكون بنا فيها تكلفنا وقتا ومالا هذا مقداره فما بالنا مبلغ ما تكلفنا به الخطوات الاخر وهي كثيرة جدا واكثر اهمية واشكالا من هذه على ما نعتقد وعلى ما يؤخذ من نواياكم التي تقولون بها؟
اذا كان وضع قانون للانتخابات يستنفذ منا زمننا زهاء السنتين فما هو ياترى الزمن الذي يلزمنا حتى نتوصل الى الاتفاق على نصوص المعاهدة المنوي وضعها؟ وما هو الزمن الذي يلزمنا حتى نعيد النظر في في امتيازات الشركات النهرية التي هي من مخلفات العهد السابق وما هو الزمن ياترى الذي يلزمنا حتى نصل الى اتفاق ينصف بيننا وبين شركات البترول وشركات السكك الحديدية وشركات الترام والمباني والزراعية وغير ذلك من الامور التي هي من مقومات الحياة الجديدة التي تقولون انكم سالكون بنا فيها؟
لو اننا نعتقد ان قانون للانتخابات معضلة معضلات البلاد الصعبة الحل لالتزمنا جانب الصمت ولاالتسمت نفوسنا من هذا الشعور بعض الاسباب التي تحوطها عن السآمة واليأس. اما وانا موقنون من ان قانونا كهذا لا يحتاج الى كل هذه الامور فلا جناح على الشعب اذا بدى منه بعض الريب في هذا القانون ولا غرابة اذا طالب الشعب بوجوب الافصاح بحقيقة الواقع سيما بعد ان تاكد لنا ان لندن وهي النائية عنا والتي على ما نعتقد ( ان الامر لايعنيها بقدر ما يعنينا نحن ) تعرف عن هذا القانون ما لا نعرفه نحن الذين نتردد صباحا ومساء على ادارات الحكومة.
واخيرا نكرر القول مرة اخرى اننا لا زلنا نعتقد اننا عند حسن ظننا رغما عن هذا التسويف واننا لا نريد ان نصدق بان الواجبات تؤخذ اخذا وانما يريد الشعب ان يعرف ان هذه الواجبات اذا قدمت تقديما انما يكون ذلك ادعى الى النزول على احكام الاستقلال والحرية والعدالة التي ينشدها بالطريق الامينة من شر التنكيل.
هذا وان الشعب لا ينفك عن المطالبة بوجوب نشر قانون الانتخابات او اقناعه بما يقوم مقام هذا النشر حتى ينصرف فكره عن الاشتغال وقتل الوقت عبثا في حين اننا في حاجة الى ان نصرفه في ما هو اهم بكثير من هذه الامور. "
انتهى الاقتباس
اليوم تعيش البلاد ارهاصات العملية الانتخابية الفاشلة التي هي وليدة العملية السياسية الفاشلة التي اسس لها الاحتلال ومن اتى به اوتعاون معه من اجل الوصول الى السلطة واستثمارها لمصلحته وأتسائل هل ان القارئ الكريم من ابناء هذا الجيل هو بنفس الوعي الذي كان عليه الجيل المؤسس ويتحرك ولا يبقى ساكنا ويسكت عن المهزلة الي تشهدها البلاد ؟
وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم
831 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع