علي عرمش شوكت
وفق نظرية الاحتمالات.. ستشكل الكتلة الاصغر الحكومة العراقية
السباق على تشكيل الحكومة العراقية سيدخل كتاب " غينس " من حيث مداه الزمني ويعود ذلك الى قرار المحكمة الاتحادية عام 2010 ، حيث قلبت الموازين الديمقراطية المتعارف عليها. فاصبحت الكتلة الاكبر التي تتكون داخل البرلمان هي التي تشكل الحكومة ، وليست الكتلة التي تحصل على اكبر عدد من الاصوات بعد ظهور نتائج عملية الانتخابات. لابد من ذكر هذه الخطيئة، لكي يتحمل ، من سعى اليها ، مسوؤلية مايجري من تزاحم وتدافع بالمناكب لاخذ حق تشكيل الحكومة، خارج القواعد الديمقراطية، مما سيفضي الى ضياع الوقت وتزايد التداعيات التي لا تنذر الا بالكوارث العنيفة .
امست الساحة السياسية العراقية مفتوحة لمن يتمنى من الفائزين بالانتخابات البرلمانية الاخيرة، ان يقتنص فرصة تشكيل الكتلة الاكبر، وان كان لا يمتلك سوى عدداً ضئيلاً من المقاعد، لعله يتمكن من استقطاب الاخرين، حتى بتنازلات خادعة ووهمية، غير مبال بمتطلبات اصلاح الاحوال العسيرة في البلد، كما يتقمص دور " السينارست " الماهر في تمويه نظام المحاصصة الطائفية، واعادة انتاجه بمجرد تغيير عنوانه، دون اي تغيير في نهج النظام ذاته. لقد علمتنا الاحداث العاصفة في بلادنا منذ اكثر من نصف قرن ان القيم والمبادئ وحتى الاعراف، غالباً ما تغيب لدى طلاب الحكم والتسلط. وفي يومنا هذا تشتد تلك الممارسات التي حصيلتها اطلاق العنان للاحتيال والسوقية السياسية.
وهنا تتكاثر التساؤلات حول دور القائمة الفائزة باعلى عدد من المقاعد " سائرون " في اخذ دورها بالمبادر لتشكيل الكتلة الاكبر، غير ان هذه المهمة يحكمها تجميع " 165 " مقعداً في البرلمان، وبما ان القوى الاخرى التي فازت هي في الغالب منافسة لـ"سائرون" ، بل وبعض الكتل لها خصومة معها. كما وانها متمسكة حتى النخاع بنظام المحاصصة. اذن ما العمل ؟ ، هل من المناسب لتجاوز هذه الاشكالية، ان يطرح برنامج من قبل "سائرون" وجله يؤدي الى حرمان تلك الكتل من تلك الامتيازات الخيالية " السحت الحرام " ؟ . وهل يوجد لدى "سائرون" ثمة قناعة بان هذه الكتل الفاسدة سترعوي وتقتنع ببرنامجها. الذي تعتبره كتل الفسادة بمثابة مطالعة تجريم لها يؤدي بها الى قفص الاتهام، اذا لم يكن الى السجن مباشرة ؟.
ان البرنامج الذي طرحته قائمة سائرون ذو الاربعين فقرة والذي جاء على لسان السيد مقتدى الصدر، كان يشكل قمة الحلول الناجعة لمشاكل البلد وانهاء محنته المستعصية. الا انه قد شكل في ذات الوقت غلقاً للطريق امام سائرون نحو تشكيل الكتلة الاكبر من تلك الكتل الفاسدة التي ستصاب بمقتل اذا ما اعتمد برنامج سائرون الرائد والمناسب جداً لحل الازمة في البلاد. الامر الذي قد ادى الى انشاء مناخ للتصور بان سائرون قد اختارت بصورة غير مباشرة، الذهاب الى المعارضة، وبالتالي ستكون السبل مفتوحة للاخر، امام الكتل المتحاصصة لتشكيل الكتلة الاكبر. بل وربما سيدغدغ هذا الوضع السالك، مخيلة حتى الكتلة الاصغر للتحرك نحو تشكيل الكتلة الاكبر!! .
ان طريق المعارضة لا افق فيه لتنفيذ برنامج للتغيير، حيث ان فترة الاربع سنوات القادمة غير قابلة للصبر لدى الشعب العراقي، لاسيما وان هنالك قوى فاسدة فاشلة ستيّد على ناصية الحكم، وتستثمر قوة الدولة المالية لشراء الذمم والرشى، وكذلك القوة العسكرية للترهيب بكل شراسة بغية الدفاع عن مصالحها. اذن وحسب رايي الشخصي، يتطلب الامر من "سائرون"، ان تعتمد السبق في تشكيل الكتلة الاكبر وبمزيد من التحاور مع القوى الوطنية النزيهة وجمع شتاتها تحت خيمة المشتركات في مصالح الشعب الوطن.
662 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع