نَظرة عامة وشاملة في أوضاع شعبنا السرياني الآرامي في القامشلي

                                              

                              وسام موميكا


نَظرة عامة وشاملة في أوضاع شعبنا السرياني الآرامي في القامشلي بعد القرار الجائر والمجحف للإدارة الذاتية بإغلاق المدارس السريانية والمسيحية في المنطقة !

تشهد مدينة القامشلي السورية تظاهرات حاشدة ومنددة بقرار الإدارة الذاتية لغلقها مدارس سريانية ومسيحية ، حيث ينضوي خلف هذهِ الإدارة بعض الأحزاب الكوردية والعربية ومن يتبعها من الذيول السريانية والمحسوبة على شعبنا شكلياً لتكملة مخططات الغرباء على أرضنا التاريخية في سوريا الآرامية !

وكانت الإدارة الذاتية الكوردية قد أقدمت على إغلاق المدارس السريانية التابعة للكنائس السريانية الكاثوليكية والأرثوذكسية وقيامها أيضاً بإغلاق مدسة للإخوة الأرمن ومدرسة أخرى للكنيسة الإنجيلية ، مما أثار هذا التصرف اللامسؤول غضب الشارع المسيحي عموما في مدينة القامشلي السورية ، حيث خرج أبنائنا السريان الآراميون الأبطال بِتظاهرة حاشدة إنضم إليها المسيحيين من الكنائس الأخرى الشقيقة للتنديد بالقرار الجائر والمجحف الذي إتخذته الإدارة الذاتية ومن ينضوي خلفها من أحزاب ومؤسسات ومنها (حزب الإتحاد السرياني ) أحد الأحزاب التابعة لمجلس بيث نهرين القومي MUB والمعروف عنهم ب(الدورنويو ) ، فقد قام الجناح العسكري والأمني لحزب الإتحاد السرياني والمعروف ب(السوتورو ) تُساندهم ميليشيات من المجلس العسكري السرياني بإطلاق النار على المتظاهرين المحتجين أمام مدرسة الأمل السريانية وذلك لتخويفهم وتفريقهم ، لكن المتظاهرين الأبطال صمدوا أمام ممارسات هذهِ الميليشيا المنفلتة بكل شجاعة .

لذا أوجه مقالي هذا أولاً الى الإدارة الذاتية التي بدأت تَتخبط في إدارة المنطقة لفرض سياساتها وإراداتها على المكون السرياني الآرامي الأصيل وباقي المسيحيين . كما وأقول لهم أنه ليس بالأمر السهل أن يفرضوا أو يملوا سياستهم على شعبنا الأصيل ، كوننا أصحاب الأرض الحقيقيين ولن نقبل صاية من الغرباء علينا أياً كان ، فَنحن لنا خصوصيتنا الدينية والثقافية والإجتماعية المختلفة عن الآخرين مع كامل إحترامنا لخصوصياتهم لكن شريطة أن يبادلوننا بالمِثل ، وإن أي مساس بالكنائس ومؤسساتها الدينية والتعليمية أمر مرفوض ولن نقبله أبداً ، وليعلم الإخوة المسؤولين والقائمين على الإدارة الذاتية الكوردية والأحزاب المساهمين معها بأنه ليس من المَنطقي وبالأمر الهَين والسهل في زمننا هذا فَرض سياساتكم وإخفاء جرائمكم بحق شعبنا المسيحي وخاصة السريان الآراميين في محافظة الحسكة وبالتحديد في القامشلي ، فاليوم تتواجد وسائل عديدة لِفَضح أعمالكم المَشبوهة هذهِ في ظل التطور الهائل والسريع في نَقل الخبر والمعلومة إلى العالم أجمع ، وهناك أيضاً منظمات ومؤسسات ومجالس دولية تُعنى بحقوق الإنسان ، فَفكروا جيداً قبل أن تتقدموا بخطوات غير مسؤولة لإضطهاد شعبنا وفي أي مكان تتعايشون معه في سوريا ، ولاتنسوا أن تاريخ أسلافكم المُظلم بحق شعبنا السرياني الآرامي وأيضاً بحق إخوتنا الأرمن في تركيا إبان مجازر (سيفو ١٩١٥ ) ولانريد إسترجاع الأوجاع والمآسي التي حلت على شعبنا بِسبب أفعال أسلافكم ونتمنى منكم أن تتعلموا وتَتعظوا من أخطاء أجدادكم ونتمنى أن لاتتكرر مرة أخرى.

كما وإن التحَجج بالمناهج البعثية التي تُدَرس في مدارسنا السريانية لإغلاقها ، ماهي إلا حجج فارغة ومُفلسة الغرض منها إظهار وإبراز عضلاتكم على المكونات المستضعفة لإستخدام بَطشكم تجاه هذه المكونات التي لم تَتربى لا دينياً ولا إجتماعياً على لغة القتل والدم وإنما تربى على المحبة والسلام وإحترام الآخر ونبذ العنصرية والطائفية وحب الأرض والوطن ، وهذا ما يفتقده الكثيرون من القوميات الأخرى الذين جاءوا بالمحتليين إلى بلداننا ، واللبيب تكفيه من الإشارة ليفهم !

لذلك نحن السريان الآراميين لانساوم على مبادئنا الوطنية الثابتة ولن نقبل من أية جهة أن تزايد علينا بالوطنية ، فالمناهج التربوية التي تُدرس في مدارسنا السريانية لا تَخص أي نظام أو أية جهة كانت سواء البعثية او غيرها ، فاللغة السريانية الآرامية هي لغة شعب سوريا بِرمته قبل أن يتواجد العرب والكورد وغيرهم مع إحترامنا وإعتزازنا بالجميع كإخوة لنا في الوطن ، وإن التحجج بالمناهج البعثية لإغلاق مدارسنا السريانية العريقة لايمت للواقع بأية صلة ، فَنحن السريان الآراميون من عندنا خرج العلماء والأطباء والفلاسفة ونحن من ترجم الكُتب ولانَنسى لغتنا التي أخذ منها العرب وغيرهم ما أخذ !

إذن المشكلة ليست بالمناهج ياإخوتنا في الإدارة الذاتية ، فالمشكلة الرئيسية تَكمن في تحقيق أهدافكم المشبوهة وفرض مناهجكم الكوردية وتاريخ الكورد على شعبنا !

فما علاقة السريان الآراميين وأبنائنا في القامشلي بالزعيم الكوردي التركي (أورجلان ) حتى تفرضوا عليهم مناهجكم وتاريخكم في المدارس الخاصة بِشعبنا والعائدة لكنائسنا !!!!؟

نحن لنا حضارتنا وتاريخنا العريق وجذورنا المُمتدة من جنوب تركيا وغرب إيران مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن ، فَهذا ما نريد من أبنائنا وأجيالنا تتَعَلمه من خلال المناهج التعليمية والتربوية الصحيحة والهادفة رُغْمَ أنه يستحيل حالياً تحقيق ذلك في ظل الأنظمة العربية والدكتاتورية المستبدة ، وبناءاً على ذلك ها أنكم يا إخوتنا في الإدارة الذاتية تريدون فَرض نَفس التجارب التي تَتبعها الأنظمة الدكتاتورية العربية تجاه أبناء شعبنا في الجزيرة السورية بَعد أن إستبشرنا خيراً بزوال سلطة تلك الأنظمة عن مناطقنا والتعايش معاً بِكل حرية وإنطلاقاً من مبدأ إحترام خصوصية الجميع بعيداً عن أية مشاكل ومُعضلات لِمنع إثارة أية نعرات عنصرية وطائفية قد تؤثر على السلم الأهلي في المنطقة .

كما وكنت أتمنى من الإخوة في الإدارة الذاتية أن يتعلموا من تجربة الإخوة الكورد في حكومة إقليم كوردستان -العراق ، ومايَخص قانون وزارة التربية رقم 4 لسنة 1992 المادة الرابعة بِجعل لغات الأقليات القومية ، لغة التعليم في مدارس الأقليم الى جانب اللغات الوطنية الاخرى وفي 6 /اذار/ 1993 باشرت المدارس السريانية في مركز محافظات دهوك واربيل وكذلك في القرى والمناطق التي يتواجد فيها الشعب المسيحي من الكلدان والآثوريين والسريان الآراميين ، وكما وتتضمن المناهج الدراسية تَعلم لغتنا الأم إلى جانب المواد العلمية والتاريخية والإهتمام بِدراسة حضارات وتاريخ شعبنا على وجه الخصوص ، هذا بالإضافة إلى تاريخ أشقائنا في الوطن ، فإلى يومنا هذا لا تواجه عملية التعليم السرياني في كوردستان العراق أية مشاكل وعوائق ، بالرُغم من أنها قد وصلت إلى مراحل جامعية متطورة ومتقدمة ، مما دفع حكومة الإقليم مشكورة بِتخصيص قسم خاص باللغة السريانية في جامعات الإقليم ، فَهذهِ الإنجازات جميعها قد تَمت بِفضل وتعاون حكومة الإقليم الحكيمة مع مكونات شعبنا وإحترام خصوصية المسيحيين بِجميع تسمياتهم القومية من كلدان وأرمن وآثوريين وسريان آراميين ، فأين الإدارة الذاتية في سوريا من ما حققه إخوتهم كورد العراق لشعبنا المسيحي من إنجازات ومكاسب في جميع المجالات !!؟

كلمة أخيرة

كلمتي الأخيرة أُوجِهُها إلى حزب الإتحاد السرياني - سوريا ، فَهذا الحزب كما أَسلفنا عنه هو أحد أذرع مجلس بيث نهرين القومي (MUB ) المعروف عنهم بالدورونويو أو الدورونويي المرتبطين بِفصائل وجهات حزبية كوردية (تركية وسورية ) وهذا ماهو معروف عنهم لدى أبناء شعبنا السرياني الآرامي ، فالدورونويو يدعون في جميع مناسباتهم بأن العلاقة الحميمة والمتأصلة التي تربطهم بالأحزاب الكوردية هي مجرد تحالفات فقط !

أما من جانب شعبنا الواعي والمتفتح بات يعرف جيداً أن هؤلاء هُم الخنجر المسموم الذي يَطعن أُمتنا من الخلف ، وذلك بِحسب ماتقتضيه مصلحة الأحزاب الكوردية الداعمة لهم ، فَما يَحدث حالياً في مدينة القامشلي ما هو إلا دليل دامغ لإدانة (الدورونويي -الدورونويو ) بِسبب الموقف المعادي لشعبنا من جانب حزب الإتحاد السرياني بِفصائلهِ وميليشياتهِ المسلحة ومنها ما يُعرف ب (السوتورو ) و (المجلس العسكري السرياني ) الذي يُضم معه نسبة أكبر من مقاتلين عرب وكورد مع نسبة ضئيلة لاتتعدى أصابع اليد الواحدة من أبناء السريان الآراميين وهذا حسب المصادر الموثوقة التي وردتني من أبناء شعبنا في القامشلي !

فلابُد للتاريخ أن يَلعن كل من باعَّ قَضيتهِ وتآمر مع الغرباء ضد أبناء شعبهِ وأمتهِ .

كما وأُطالب شخصياً قداسة البطريرك مار أفرام كريم الثاني بإدانة جميع المواقف والأفعال الجَبانة واللامسؤولة لحزب الإتحاد السرياني في قضية غلق مدارسنا وطريقة تعاملهم الوحشي والقمعي تجاه المتظاهرين السريان الآراميين الغاضبين من قرار غلق المدارس ، كما وأطالب قداسته بِطرد وإبعاد ميليشيات (السوتورو ) و(المجلس العسكري السرياني ) خارج مُدُن وقرى وبلدات شعبنا في سوريا الحبيبة ، وإتخاذ موقف حازم وجريء وواضح من مجلس بيث نهرين القومي (MUB ) ومن كافة الأحزاب والمؤسسات والفصائل العسكرية المرتبطة بهِذا المجلس المشبوه ، كما وأننا تألمنا وحَزِنا كثيراً للصمت الذي إلتزم بهِ قداستكم حيال ما يجري في القامشلي ، ولم نسمع إلى هذهِ اللحظة أي تصريح رسمي من جانِبكم للتنديد ورفض تصرفات ميليشيا (السوتورو) من إغلاق المدارس وإطلاق النار على المتظاهرين العُزَل في مدينة القامشلي قبل أيام !

ومن جانب آخر ، أين بطاركة الكنائس الكلدانية والآثورية ، ولماذا لم تُندد لما يجري في القامشلي فالأمر لايطال السريان الآراميين لوحدهم وانما يَطال أيضاً أبناء الكنائس الأخرى من كلدان وآثوريين وحتى الأرمن ، كما ولابد أن نُعطي للأحزاب السياسية والقومجية المحسوبين على الكلدان والآثوريين والسريان في سوريا او في العراق حقها ، لأنها صَرعت رؤوسنا بِشعارات الوحدة الزائفة والتي إتضحت ومنذ زمن بعيد بأنها رنانة مثل الوحدة ، الشعب الواحد ، الأمة الواحدة ، الحضارة والتاريخ المشترك ، وووووإلخ من كلام فارغ لا يغني ولا يُسمِن ، فأين أنتم مما يحدث في القامشلي ، هذه المدينة العريقة التي يتواجد فيها أبناء الكنيسة الكلدانية والآثورية والأرمن ، ولماذا لم تُحركوا ساكناً وكأنكُم أغلقتُم جميع حواسِكم تجاه مايجري بِحق أبناء شعبنا هناك ، ولم تحفظوا ماء الوجه ولو بِبيان إستنكار ولم يصدر منكم أي تصريح حِيال ما يحدث ...والجميع أدخلوا رؤوسهم في الأرض كالنعامة !!.

وفي الختام أتمنى من الإدارة الذاتية أن تَقوم بإيجاد حلول سريعة للإشكاليات التي إختلقتها في المنطقة ليَنعَم الجميع بالأمن والسلام والمحبة ، ولكي لايؤثر ذلك على السلم الأهلي ، وهذا لن يخدم سوى الأمريكان وحلفائهم ومن يقف ورائهم لزعزعة الأوضاع الإدارية والأمنية الشبه مُستقرة في القامشلي .

وشكراً

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع