ماجد عبد الحميد كاظم
في الذاكرة العراقية - مذكرة الملك فيصل ألأول في 1932
اصدر المرحوم السيد علي جودت الايوبي احد رجالات العراق البارزين ومن الذين تسلموا المسؤولية بعد الحرب العالمية الاولى ، مذكراته { ذكريات علي جودت-1900_ 1968} ذكريات علي جودت،وقد استهل مقدمة مذكراته الصادرة في بيروت عام 1967بقوله " ولاجل ان نقف على حقيقة ما كان عليه العراق يوم صار الى ابنائه وعلى العناصر المؤلفة له، والاراء السائدة بين بعض طبقاته انذاك، يجدر بنا ان نطلع على المذكرة التي كان الملك فيصل الاول قد كتبها في آذار 1932 اي بعد تبوئه عرش العراق، ودرسه احوال البلاد واتصاله المباشر بطبقات المجتمع واطلاعه على اتجاه وميول واراء مواطنيه، وكان قد وجهها الى بعض رجاله، وكان كاتب هذه السطور ممن خصهم جلالته بنسخة منها للفت نظرهم الى واقعهم، والى ما يجب عمله خلال ممارسة اعمالهم، ليصهروا تلك الكتل البشرية ويجعلوا منها دولة، بل قوة عصرية تساعدهم بامكانياتها الجبارة على استخلاص البلاد العربية الاخرى من مخالب الدول المسطرة عليها"
مذكرة الملك فيصل
بغداد آذار 1932
كنت منذ زمن طويل أحس بوجود أفكار وآراء حول كيفية ادارة شؤون الدولة، عند بعض وزرائي، ورجال ثقتي، غير أفكاري وآرائي.وكثيرا ما فكرت في الاسباب الباعثة لذلك. وفي الاخير ظهر لي بأن ذلك _ كان ولم يزل ناشئا عن عدم وقوفهم تماما على أفكاري، وتصوراتي، ونظري في شؤون البلاد، وفي كيفية تشكيلها، وتكوينها، والسير بها، نظرا الى ما أراه من العوامل والمؤثرات المحيطة بها، والمواد الانشائية المتيسرة، وعوامل التخريب والهدم التي فيها،كالجهل، وأختلاف العناصر ، والاديان، والمذاهب، والميول،والبيئات لذلك رأيت من الضروري ان أفضي بأفكاري، وأشرح خطتي في مكافحة تلك الامراض، وتكوين مملكة على اساس ثابت، واطلع عليها اخصائي، ممن اشتركوا واياي بالعمل، واني الخص خطتي مختصرا، بجملة تحت هذا، وبعد ذلك اتقدم الى الى تفصيل نظرياتي ومشاهداتي.
1- ان البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها اهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية، فهي والحالة هذه مبعثرة القوى، مقسمة على بعضها، يحتاج ساستها ان يكونوا حكماء مدبرين، وفي عين الوقت أقوياء مادة ومعنى، غير مجلوبين لحسيات او اغراض شخصية، او طائفية، او متطرفة، يداومون على سياسة العدل،والموازنة، والقوة معا، على جانب كبير من الاحترام لتقاليد الاهالي، لاينقادون الى تأثرات رجعية، او الى افكار متطرفة، تستوجب رد الفعل.
2- في العراق افكار ومنازع متباينة جدا، وتنقسم الى ااقسام.
1- الشبان المتجددون بما فيهم رجال الحكومة 2- المتعصبون 3- السنة 4- الشيعة 5- الاكراد 6- الاقليات غير المسلمة 7- العشائر 8- الشيوخ 9- السواد الاعظم الجاهل، المستعد لقبول كل فكرة سيئة بدون مناقشة او محاكمة.
ان شبان العراق القائمين بالحكومة، وعلى رأسهم قسم عظيم من المسؤولين، يقولون بوجوب عدم الالتفات الى افكار وآراء المتعصبين، وارباب الافكار القديمة، لانهم جبلوا على تفكير يرجع عهده الى عصور خوت، يقولون بوجوب سوق البلاد الى الامام، بدون الالتفات الى اي رأي كان، والوصول بالامة الى مستواها اللائق، وبالاعراض عن القال والقيل، طالما القانون، والنظام، والقوة، بيد الحكومة ترغم الجميع على اتباع ما تمليه عليهم.
ان عدم المبالاة بالرأي بتاتا مهما كان حقيرا، خطيئة لاتغتفر. ولو ان بيد الحكومة القوة القاهرة، التي تمكنها من من تسيير الشعب رغم ارادته، لكنت واياهم. وعليه فاننا لحين ما نحصل على هذه القوة، علينا ان نسير بطريقة تجعل الامة مرتاحة،نوعا ما، بعدم مخالفة تقاليدها، لكي تعطف على حكومتها في النوائب.
ان المثل الصغير الذي ضربه لنا"الاضراب العام" يكفينا لتقدير حسياتها، ووضعها موضع الاعتبار، وكذلك يكفينا لتقدير مبلغ قوانا لاخماد هياج مسلح، ما قاسيناه ابان "ثورة الشيخ محمود" والنقص العددي البارز الذي ظهر في قواتنا العسكرية آنئذ. كل ذلك يضطرني ان اقول بأن الحكومة اضعف من الشعب بكثير. ولو كانت البلاد خالية من السلاح، لهان الامر، لكنه يوجد في المملكة ما يزيد عن المائة الف بندقية، يقابلها 15 الف بندقية حكومية، ولا يوجد في بلد من بلاد الله حالة حكومية وشعب كهذه. هذا النقص يجعلني اتبصر، وادقق، وادعو انظار رجال الدولة، ومديري دفة البلاد، للتعقل وعدم المغامرة.
ألمحت فيما تقدم الى افكاري الخاصة، وافكار رجال الجكومة، والشبان، وحالة الشعب كل ذلك توطئة لما سأقوله فيما يلي، وتصوير البلاد كما أراها في الوقت الراهن، وبعد ذلك ابين ايضا ما اراه ضروريا لمعالجنها.
3- العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية مؤسسة على انقاض الحكم العثماني، وهذه الحكومة تحكم قسما كرديا اكثريته جاهلة، بينه اشخاص ذوو مطامع شخصية يسوقونه للتخلي منها بدعوى انها ليست من عنصرهم. واكثرية شيعية جاهلة منتسبة عنصريا الى نفس الحكومة، الا ان الاضطهادات التي كانت تلحقهم من جراء الحكم التركي، الذي لم يمكنهم من الاشتراك في الحكم، وعدم التمرن عليه، والذي فتح خندقا عميقا بين الشعب العربي المنقسم الى هذين المذهبين، كل ذلك جعل مع الاسف هذه الاكثرية، او الاشخاص الذين لهم مطامع خاصة الدينيبون منهم، وطلاب الوظائف بدون استحقاق، والذين لم يستفيدوا ماديا من الحكم الجديد. يظهرو بأنهم لم يزالوا مضطهدين لكونهم شيعة، ويشوقون هذه الاكثرية للتخلي عن الحكم الذي يقولون بأنه سيئ بحت، ولا ننكر ما لهؤلاء من التأثير على الرأي البسيط الجاهل.
اخذت بنظري هذه الكتل العظيمةمن السكان، بقطع النظر عن الاقليات الآخرى المسيحية، التي يجب ان لا نهملها، نظرا الى السياسة الدولية التي لم تزل تشجعها للمطالبات بحقوق غير هذه وتلك. وهناك كتل كبيرة غيرها من العشائر كردية وشيعية وسنية، لايريدون الا التخلي من كل شكل حكومي، بالنظر لمنافعهم، ومطامح شيوخهم، التي تتدافع بوجود الحكومة.
تجاه هذه الكتل البشرية، المختلفة المطامع والمشارب المملوءة بالدسائس، حكومة مشكلة من شبان مندفعون، اكثرهم متهم بأنهم سنيون او غير متدينين، او انهم عرب، فهم مع ذلك يرغبون في التقدم، ولا يريدون ان يعترفوا بما يتهمون به، ولا بوجود تلك الفوارق، وتلك المطامع بين الكتل التي يقودونها. يعتقدون انهم اقوى من هذا المجموع، غير مبالين ايضا بنظر السخرية التي يلقيها عليهم جيرانهم الذين على علم بمبلغ قواهم
اخشى ان اتهم بالمبالغة، ولكنه من واجبي ان لاادع شيئا يخامرني، خاصة لعلمي بأنه سوف لايقرأ هذا الا نفر قليل، ممن يعلمون وجائبهم ومسؤوليتهم. ولا ارغب ان ابرر موقف الاكثرية الجاهلة من الشيعة، وانقل ما سمعته ألوف المرات، وسمعه غيري من الذين يلقون في في اذهان اولئك المساكين البسطاء من الاقوال التي تهيجهم، وتثير ضغائنهم، ان الضرائب على الشيعي، والموت على الشيعي، والمناصب للسني. ما الذي هو للشيعي؟ حتى ايامه الدينية لا اعتبار لها، ويضربوم الامثلة على ذلك، مما لا لزوم لذكرها.
اقول هذا على سبيل المثال، وذلك للاختلافات الكبرى بين الطوائف التي يثيرها المفسدون، وهناك حسيات مشتركة بين بين افراد الطوائف الاسلامية، ينقمون بمجموعهم على من لا يحترمها، وهناك غير هذا دسائس آثورية، وكلدانية، ويزيدية، والتعصب للتفرقة بين هؤلاء الجهلاء توهن قوى الحكومة تجاه البسطاء، كما ان العقول البدوية، والنفوذ العشائري الذي للشيوخ، وخوفهم من زواله بالنسبة لتوسع نفوذ الحكومة، كل هذه الاختلافات وكل هذه المطامع والاحتراصات، تشتبك في هذا الصعيد وتصطدم، وتعكر صفو البلاد وسكونها، فاذا لم تعالج هذه العوامل بأجمعها وذلك بقوة مادية،وحكيمة معا ردحا من الزمن، حتى تستقر البلاد وتزول هذه الفوارق وتتكون الوطنية الصادقة، وتحل محل التعصب المذهبي،والديني،هذه الوطنية التي سوف لا تكون الا بجهود متمادية، وبسوق مستمر من جانب الحكومة، بنزاهة كاملة، فالموقف خطر.
وفي هذا الصدد اقول وقلبي ملآن اسى انه في اعتقادي لايوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد كتلات بشرية، خالية من اي فكرة وطنية، مشبعة بتقاليد واباطيل دينية، لاتجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء، ميالون للفوضى، مستعدون دائما للانتقاض على اي حكومة كانت، فنحن نريد - والحالة هذه ان نشكل من هذه الكتل شعبا نهذبه، وندربه، ونعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الضروف، يجب ان يعلم ايضا عظم الجهود التي يجب صرفها لاتمام هذا التكوين، وهذا التشكيل.
هذا هو الشعب العراقي الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي، وهذا نظري فيه، وان خطتي في تشكيله وتكوينه هي كما يلي:
في اعتقادي، وان كان العمل شاقا ومتعبا، الا انه ليس مما يوجب اليأس والتخوف، اذا عولج بحكمة وسداد رأي واخلاص.
اذا قامت الحكومة بتحديد خطة معينة، وسارت عليها بجد وحزم، فان الصعوبات تجابه، وبارقة الامل في الرسوخ السياسي تزداد نورا. والاحظ ان منهاجا يقرب مما سأذكره ادناه، يكون كافلا لمعالجة المهمة والنجاح.واليك بالاختصار اولا، ثم التفصيل.
1- تزييد قوة الجيش عددا، وبشكله الحاضر، بحيث يصبح قادرا على اخماد أي قيام مسلح ينشب في آن واحد، على الاقل، في منطقتين متباعدتين.
2- عقب اتمام تشكيل الجيش على هذه الصورة، تعلن الخدمة الوطنية.
3- وضع التقاليد والشعائر الدينية بين طوائف المسلمين بميزان واحد، مهما امكن، واحترام الطوائف الاخرى .
4- الاسراع في تسوية مشكلة الاراضي.
5- توسيع المأذونية لمجالس الالوية والبلديات بقدرالامكان على انموذج القانون العثماني.
6- الاسراع في تشكيل مدرسة الموظفين.
7- الاعمال النافعة، وحماية المنتوجات.
8- المعارف.
9- تفريق السلطة التشريعية، والسلطة الاجرائية.
10- تثبيت ملاك الدولة.
11- وضع حد للانتقادات غير المعقولة ضد اجراءات الحكومة في الصحف والاحزاب.
12- العدل والنظام والاطاعة في الموظفين، والعدل عند قيامهم بوظائفهم.
1- بدأت بالجيش، لاني اراه العامود الفقري لتكوين الامة،ولاني اراه في الوقت الحاضر أضعف بكثير بالنسبة لعدده وعدته من ان يقوم بالمهمة الملقاة على عاتقه، وهي حفظ الامن والاطمئنان الى امكانية كفائته، نظرا الى ما تتطلبه المملكة، ونظرا الى العوامل المختلفة الموجودة، والتي يجب ان تجعلنا دائما متيقظين لوقوع حوادث عصيان مسلح في كل وقت.
انني لا اطلب من الجيش ان يقوم بحفظ الامن الخارجي في الوقت الحاضر الذي سوف نتطلبه منه بعد اعلان الخدمة العامة، اما ما سأطلبه منه الان، هو ان يكون مستعدا لاخماد ثورتين تقعان(لا سمح الله) في آن واحد، في منطقتين بعيدتين عن بعضهما. انني غير مطمئن الى اننا بعد ستة اشهر، وبعد ان تتخلى انكلترا عن مسؤوليتها في هذه البلاد ، نتمكن من الوقوف لوحدنا، ما دامت القوة الحامية هي غير كافية. ولا يمكنني ان أوافق على تطبيق الخدمة العامة، او القيام بأي اجراءات آخر ى هامة، او محركة، او مهيجة، ما لم اكن واثقا بأن الجيش يتمكن من حماية تنفيذ هذا القانون، او اي اجراءات آخرى وعليه ارى من الضروري ابلاغه لحد يتمكن معه من اجابة رغبتي المار ذكرها وذلك بشكله الحاضر.
ارى انه من الجنون القيام بأنشاءات واصلاحات عظمى في البلاد، قبل ان نطمئن الى كفاية القوة الحامية لهذه الاعمال. امامنا حركات بارزان في الربيع القادم، ومن الضروري ان ارى بيدنا قوة احتياطية لمجابهة أي طارئ آخر يحدث في المملكة.
2- علينا ان نطمئن معنويات اخواننا الشيعة بالكيفية الآتية :
(1) اعطاء التعليمات الى قاضي بغداد-كما عمل- ان يسعى لتوحيد ايام الصيام،والافطار وهذا ممكن وشرعي.
(2) تعمير العتبات المقدسة،حتى يشعروا بأن الحكومة غير مهملة لتلك المقامات،التي هي مقدسة لدى الجميع،والتي هي كذلك من آلآثار التاريخية التي تزين البلاد،فعلى الحكومة من كل الوجوه محافظتها من الخراب.
(3) ان رجال الدين من الشيعة ليس لهم اي ارتباط مع الحكومة،وهم في الوقت الحاضر اجانب عنها، خاصة حيث يرون ان رجال الدين السنيون،يتمتعون بأموال هم محرومون منها والحسد(خاصة في الطبقة الدينية) معلوم، فعلينا ما دمنا غير قادرين على تقسيم الاوقاف فيما بينهم، ان نفتكر في ايجاد اوقاف خاصة، ومن رأيي ان ذلك ممكن بالطريقة التي كنت تشبثت بها غير ان الضروف جالت بيني وبين تحقيقها.
3- ان احترام الشعائر العامة غير عسير،خاصة في ايام رمضان،والحيلولة دون تفشي الموبقات،واذا تمكنت الحكومة من سد بيوت الخناء،لقامت بأكبر عمل يربط العامة بها.
4- لم اتكلم عن الضرائب، اذ ان قانون ضريبة الاستهلاك قطع قول كل مفسد،وانه لاكبر عمل جرى، ولسوف نقتطف ثمراته ان شاء الله.
5- ان مشكلة الاراضي وحلها سيربط الاهالي بالاراضي، وهو ذا مساس كبير بالشيوخ ونفوذهم، ولا لزوم للاسهاب بمنافعه، ويجب الاسراع في تطبيقه، على قدر المستطاع، كما انه يجب ان لايحس الشيوخ والاغوات بأن قصد الحكومة محوهم،بل بقدر ما تسمح لنا الظروف يجب ان نطمنهم على معيشتهم ورفاهيتهم.
6- ارجو ان تكون قضية المدرسة مطمنة لكل سكان العراق، بأنهم سيشتركون فعلا في خدمات الدولة،والاشتراك في خيرها وشرها مع اهل بغداد والموصل بصورة متساوية، وتزول تهمة(الحكومة السنية او العربية) كما يقول اصحاب الاغراض،من اكراد وشيعة.
7- اقول بتحفظ: انه اذا امكن اعطاء صلاحيات للالوية، شبيه بمجالس الولايات في العهد العثماني، فسيكون ذلك من جملة اسباب تشويق سكان الالوية للاشتراك بالحكم.
8- لقد تحدثنا كثيرا حول تفريق السلطة التشريعية،عن السلطة الاجرائية، ويجب عمل ذلك بتعديل القانون الاساسي.
9- علينا ان لاندع مجالا للاحزاب (المصطنعة) والصحف، والاشخاص ،ليقوموا بانتقادات غير معقولة،وتشويه الحقائق، وتضليل الشعب، وعلينا ان نعطيهم مجالا للنقد النزيه المعقول،وضمن الادب، ومن يقوم بعمل غير معقول،يجب ان يعاقب بصرامة.
10- على موظفي الدولة أن يكونوا آلات مطيعة،ونافعة،حيث هم واسطة الاجراءات،ومن يحس منه انه يتداخل مع الاحزاب المعارضة،او يشوق ضد الدولة،ينحى عن عمله،وعليه ان يعلم بأنه موظف قبل كل شيئ خادم لاي حكومة كانت.
11-النافعة: أتيت بهذا الاسم الجديد، ورجعت الى التعبير التركي،حيث رأيت انه(اشمل) للاعمال المختلفة في مرافق الامة. حسنا عملنا في السنة الماضية بتخصيص مبالغ للاعمال الرئيسية،ولا ننكر ان ذلك القانون صدر بصورة مستعجلة، على ان يكون قابلا للتحوير،والتبديل،في بعض مواده، عندما نرى ضرورة لذلك، وفي اعتقادي انه من الضروري اعادة النظرفي مواده،خاصة قسم الابنية والطرقات.
اقول بكل اسف: ان الزراعة افلست في بلادنا،بالنظر لبعد مملكتنا عن الاسواق. لقد وضعنا الملايين لانشاءات الري،ولكن ماذا نريد ان نعمل بالمحاصيل؟ اننا في الوقت الحاضر عاجزون عن تصريف ما بأيدينا من منتوجات اراضينا، فكيف بنا بعد اتمام هذه المشروعات العظيمة؟ هل القصد تشكيل اهرامات من تلك المحاصيل الخام والتفرج عليها؟ ماذا تكون فائدتنا منها اذا لم نتمكن من اخراجها الى الاسواق الاجنبية او استهلاكها في الداخل على الاقل؟ ما الفائدة من صرف تلك الملايين قبل ان نهيئ لها اسواقا تستهلكها ونحن مضطرون الى جلب الكثير من حاجاتنا من الخارج؟
اعتقد انه من الضروري اعادة النظر من جديد في موقفنا الاقتصادي، نرى جيراننا الاتراك والايرانيين،باذلين اقصى جهودهم للاستغناء عن المنتوجات الاجنبية، وكيف لايبالون بصرف الاموال الطائلة لانشاء المعامل لسد حاجتهم.
علينا ان نقلع عن السياسة الخاطئة التي اثنتنا عن سبيل تقييد الامم المتشبثة، وعلينا ان نعاون المتشبثين من ابناء الوطن بصورة عملية فعالة وعلينا ان نعطي الانحصارات لابناء البلاد الى مدد معينة الذين فيهم روح التشبث. واذا لم يظهر طالب او راغب لانشاء عمل صناعي ترى الحكومة انه مربح،فعليها ان تقوم هي به ومن مالها الخاص او بالاشتراك مع رؤوس اموال وطنية اذا امكن والا فأجنبية او كلاهمامعا.
على الحكومة ان تشكل دائرة خاصة لدرس جميع المشاريع الصناعية على اختلاف انواعها كبيرة كانت ام صغيرة وتبدأ ببناء الاهم فالمهم وترشد الاهلين الى كيفية التشبث بالاعمال الصغرى وتقوم هي بالاعمال الكبرى اذا تعذر القيام بها من قبل الاهالي.
انه لمن المحزن والمضحك والمبكي معا ان نقوم بتشييد ابنية ضخمة بمصاريف باهظة وطرق معبدة بملايين الروبيات ولا ننسى الاختلاسات وتصرف اموال هذه الامة المسكينة التي لم تشاهد معملا يصنع لها شيئا من حاجاتها. واني احب ان ارى معملا لنسج القطن بدلا من دار حكومة واود ان ارى معملا للزجاج بدلا من قصر ملكي.
"فيصل"
أنتهى الاقتباس
منذ عدة اشهر وبعد الانتخابات التي شهدت الكثير من عمليات التزوير الى الحد الذي افسدها والشغل الشاغل بين الاطراف التي شاركت بها " الكتل السياسية" مشغولة بكيفية تقاسم السلطة ، بغرض التمتع بالمزايا والفوائد ولم يتكلم ايا منها بالبرنامج الذي اعدته لبناء البلاد وخدمة العباد وكأن الغاية من الانتخابات كانت هي فقط للوصول الى السلطة ولهذا السبب وددت ان يطلع ابناء هذا الجيل بشكل خاص وان يتذكر ابناء جيلنا وكثير منهم قد اطلع على هذه المذرات كيف بني العراق بعد استقلاله في بداية القرن الماضي وما هي نوعية من تولى المسؤولية والاهداف التي كانوا يريدون تحقيقها ، ومذكرة " المغفور له بأذن الله الملك فيصل بن الحسين" تعكس الرؤيا والفهم العميق للمجتمع العراقي لمعرفة الكيفية التي يجب ان يتم التعامل معه ، ومن ثم اتبع ذلك بالبرنامج المطلوب تنفيذه للتعامل مع العقبات والسلبيات التي ستواجه من يتولى المسؤلية ، هذا الامر حصل قبل ما ينوف على ثمانين عاما ، وقد وودت ان يقارن القارئ الكريم بين الفئتين ومستوى الشعور بالمسؤولية والارادة ابناء البلاد، وشتان بين الثرى والثريا
مع تحياتي
ماجد عبد الحميد كاظم
775 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع