الغواصات الألمانية الغارقة

                                        

                       د.ضرغام الدباغ

    

              الغواصات الألمانية الغارقة

   

المراسلات :
Dr. Dergham Al Dabak : E-Mail: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دراسات ـ إعلام ـ معلومات
العدد 130
التاريخ : / 2018

تمهيد
تمثل الغوارق من السفن باختلاف أشكالها وأنواعها الحربية والمدنية منها، تمثل هدفاً حراً لصيادي الكنوز والمفقودات بوصفها مالاً عاماً لا ملكية قانونية لها، والإشكالية القانونية حول الكنوز الغارقة في المياه الدولية لم تجد لليوم الحل الحاسم بحقها. وهذه الغوارق قد تضم الكنوز من المعادن الثمينة، أو مقتنيات أو آثاراً لها قيمتها، وهناك معاهد متخصصة تحدد أماكن غرق هذا المراكب والسفن وما يحتمل أن تكون حمولتها، بل وربما جرداً دقيقاً بما تحمله، وهناك خبراء مختصون بهذه الغوارق، كما أن هناك شركات متخصصة بأنتشالها، أو تخليص الثمين من حمولة السفينة الغارقة أو أجزاء منها، وقد تكون لهذه الأجزاء قيمة فنية أو تاريخية، وتمتلك هذه الشركات المعدات الضرورية لهذه الأعمال..

ويقدر عدد السفن الغارقة غير المكتشفة ما يزيد على ثلاثة ملايين سفينة متناثرة في قعر البحار والمحيطات، ويورد معجم الكوارث البحرية قائمة تتضمن 12,542 سفينة شراعية وحربية فقدت بين أعوام 1824 و1962، كما هناك آثاراُ لمدن كاملة تحت مياه البحر تضم آثار نفيسة لا تقدر بثمن.

ومن أهم ما أنتشل في العقود الأخيرة حمولة ضخمة من الذهب السوفيتي، كانت محملة على متن مدمرة بريطانية تبحر من ميناء سوفيتي على بجر بارنتس بأتجاه بريطانيا تسديداً لمشتروات سوفيتية من بريطانيا والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن غواصة ألمانية كانت لها بالمرصاد وأغرقتها في المياه الدولية (خارج المياه الأقليمية السوفيتية)، وفي أعوام الثمانينات تأسس جهد هندسي فني لأستخلاص الذهب من خزائن المدمرة، وفعلاً نجحوا في أنتشال معظم الحمولة من الذهب.

ذئاب البحار، هكذا أطلق على الغواصات الألمانية في الحرب العالمية الثانية، التي أنطلقت بعشرات المئات تجوب بحار ومحيطات العالم، وإذا لم يكن بوسعها مجاراة البحرية البريطانية العريقة، أو الأمريكية الناهضة بقوة، ولكن ليهددوا طرق مواصلاتهم على الأقل، وجعل سيادتهم في موقف قلق وغير مريح. البحرية الألمانية الحربية، ونجحوا في ذلك نجاحاً متفاوتاً.

خططت لمواجهة البحرية البريطانية المتفوقة، بتطوير وإنتاج أعداد كبيرة من الغواصات، الأرخص ثمناً، والأكثر فاعلية، لتقوم بمحاصرة الجزر البريطانية، فأنتجت المصانع نحو 1250 غواصة، وهددت فعلاً خطوط مواصلات الحلفاء، ولكن الثمن كان باهضاً أيضاً بغرق المئات من تلك الغواصات، إذ غرقت نحو 793 غواصة، وأختفت مئات أخرى لا يعرف مصيرها. وتبذل جهود من أجل العثور على حطامها ومعرفة ظروف غرقها.

واليوم يندر أن تبقى على قيد الحياة من أولئك الجنود والضباط الذين خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية، وشخصياً، كان بواب العمارة التي سكنتها في برلين في السبعينات جندياً في البحرية الألمانية الحربية / الغواصات، روى لي (وهو رجل بسيط) أنهم تلقوا أنباء نهاية الحرب وغواصتهم في مهمة في المحيط الباسفيكي، فسلموا أنفسهم في أستراليا ..!

اليوم تجربة جديدة، وظروف دولية جديدة، وربما تحالفات جديدة، وصورة الحرب المقبلة مختلفة بدرجة كبيرة عن الحربين العالميتين السابقتين. ولهذا فالمهتمون بجمع المعلومات، هو في الواقع تذكير للجيل الذي ضحى، وكل هذه دروس سياسية وعسكرية ولمصلحة التقدم التقني، ولكن الألمان ما يزالون ينتجون أفضل الغواصات، رغم أن بحريتهم الآن، لا تضم إلا أعداداً قليلة منها..

ضرغام الدباغ

   

     الصورة : غواصة تعود للوطن بعد تنفيذ الواجب
               الغواصات الألمانية الغارقة

يوناس ايرلنكمبر في موغن بوست 20/ ديسمبر / 1917online : Jonas Erlenkämper, in morgen Post
ترجمة : ضرغام الدباغ
ــــــــــــــــــــــــــ

ترقد في قعر البحار مئات من الغواصات الألمانية، وهذه حقيقة، والباحثين عن الكنوز في الغوارق، يحيكون حولها الأساطير. (1)

برلين. توماس تيرموتي بالكاد يستطيع أن يستوعب فرحة حظه، حينما علم أن في هذا المكان، مقابل السواحل البلجيكية يرقد حطام إحدى الغوارق. وهذا ما أشار به جهاز السونار (Sonar) وفحوص قاع البحر كانت قريبة لتقديرات تيرموتي الذي كان يدرس بأستمرار المنطقة على أمل اكتشاف شيئ غير اعتيادي.(2)

ثم أكتشف تيرموتي حقيقة، أن الحطام ليست لقارب صيد أسماك قديم، بل هي حطام غواصة ألمانية ترقد منذ 101 عاماً في مياة البحر على عمق 30 متراً على قاع بحر الشمال. وأنتابه شعور لا يصدق يصدق تيرموتي أكتشافه، نصر حقيقي.

والبلجيكي تيرموتي البالغ من العمر 42 عاماً، يدرس علم الآثار البحرية ، يدرس ويعمل ويبحث منذ عقود في بقايا السفن الغارقة، ولكنه أنتظر طويلاً لمثل هذا الاكتشاف الذي توصل إليه في حزيران / 2017 . الغواصة الألمانية من طراز (UB II) كانت سليمة بدرجة كبيرة بما يجعلها أكتشاف مثير، والعثور على بقايا 22 رجلاً كانوا على متنها.

السلطات البلجيكية تمتع عن لمس الحطام.

والغواصة يمكن تشبيهها " بالكبسولة " ، من الممكن الحفاظ على الملابس والمعدات والأوراق. وفي حالات مماثلة أمكن العثور على أوراق ومذكرات صالحة للقراءة. فمالذي يمكن أن يكون قد عثر عليه داخل الغواصة (UB II) ؟ ربما هذا شيئ سوف يدرك أبداً، ذلك أن السلطات البلجيكية منعت لمس حطام الغواصة الراقدة في قعر البحر منذ الحرب العالمية الأولى.

هذه اللقية / الاكتشاف، هيجت الباحثين عن الكنوز، وعلماء الآثار الذين يبحثون عن أشياء مماثلة مذهلة في قيمتها التاريخية والعلمية والمادية، كتلك التي وجدها تيرموتي.، ففي مياه البحار ما تزال مئات الغواصات الألمانية تنتظر من يكتشف مكان وجودها والعديد من الأساطير. " .

ويقول كاي ستيباك من متحف الغواصات الألمانية كوكسهافن (Cuxhaven)، " وفي بعض منها ينتظر العثور حتى على الذهب، وفي أخرى كانت تحمل من القيادات النازية على متنها ". وهو الرجل البالغ الأربعين من العمر والهاوي منذ طفولته بالسفن الحربية والتاريخ البحري.

وعلى الرغم من أن الكثير من الأساطير هي من حياكة رجال البحر، ولكنها تجتذب أهتمام صيادي الثروات ومن يعتقد بالحظ من جميع أرجاء العالم. وبحسب تقديرات المتحف، ففي الحرب العالمية الثانية وحدها، فقن البحرية الألمانية فقدت في العمليات الحربية نحو 765 من بين 1168 غواصة نزلت في الخدمة، بالإضافة إلى 116 غواصة قامت البحرية البريطانية بعد نهاية الحرب وأستسلام ألمانيا بإغراقها شمال إيرلندة.، وفي الحرب العالمية الأولى خسرت ألمانيا 202 غواصة من بين 375 غواصة كانت في الخدمة.

قيادة الجيش الألماني تتحدث عن 229 غواصة مفقودة.

وقيادة الجيش الألماني (Budeswehr) تقرر أن هناك 299 غواصة ألمانية فقدت بين أ‘وام 1914 ــ 1918 (سنوات الحرب العالمية الأولى) . وفي كل حال، لا تزال أعداد كبيرة من الغواصات مفقودة لم يعثر على أي منها،. ويعتقد مدير المتحف ستيباك " ما تزال هناك امكانية وفرض لإيجاد اعداد منها، في المياه الضحلة (الغير عميقة) مثل البحر المتوسط، وبحر البلطيق وبحر الشمال ".

ولا ينتظر صيادوا الكنوز المساعدة من السلطات، فهؤلاء نادراً ما يكون لديهم الأهتمام بذلك، البحث عن غواصات غارقة من زمن الحروب " فالحطام بنظر الدول المعنية تعد مقابر للحروب، وينظر إليها كمكان لراحة نفس قتلى المعارك كما يعبر ستيباك. وهذا لا يكون إلا بإبقاء الحطام في مكانه دون لمسه. والاستثناءات عن ذلك نادرة، إلا إذا كانت لديهم أهتمامات خاصة كأن تكون هناك في حطام الغواصة حمولة من مواد مضرة بالبيئة.

الخبراء يبدون أسفهم لمعاناة طواقم الغواصات.

كيف يبدو الأمر في غواصة مغلقة التي ترقد في قعر البحر دون أن يلمسها أحد منذ عقود. إنها تبدو غير إلى حد بعيد غير واضحة المعالم، حيث الهياكل العظمية في المقصورة بثيابهم الرسمية ؟ لم يسبق لي مطلقاً أن شاهدت صوراً كهذه من الداخل، يقول ستيباك. ولكنه يفترض أن بمرور الوقت فإن الرمل والمياه قد اخترقت كل شيئ بفعل الصدأ في حطام الغواصة. وفي حطام أحداها وجد مرة جمجمتان فيهما ثقوب بفعل طلقات الرصاص، وهي فيما يبدو أن البحارة وضعوا حداً لحياتهم للتخلص من اختناق مؤلم.(4)

توماس تيرموته مكتف موقف الغواصة الألمانية قبالة سواحل بلجيكا كانت لديه نفس المشاعر لمعاناة البحارة، ليس فقط لأنهم أصطدموا بلغم بحري. الحياة في الغواصة التي تنطوي على ظروف صحية صعبة هي تعني الجحيم بكل معنى الكلمة.

   

(الصورة: الغواص تيمورتي يكتشف الغواصة الألمانية الغارقة مقابل سواحل بلجيكا)

هوامش :

1. الباحثين عن كنوز الغوارق، عدة أصناف، فمنهم وهم الأسهل ممن يبحثون في سفن غارقة على عمق بسيط، (أو ربما نصف غارقة)، أو في أعماق تحت سطح الماء، وكلما ازداد العمق، صعبت عملية البحث والتفتيش والاستخراج، حتى تبلغ درجة تحتاج فيه إلى أستثمار مبالغ كبيرة تفوق قدرة الافراد، قد تقوم بها شركات.
2. الجهاز المتحسس كاشف الاعماق.
3. قرأت مرة أن رجال الغواصات القديمة كانوا يأخذون معه أرانب بيضاء اللون، وهي حساسة تجاه نقص الأوكسجين، ويبدأ جلدها والفرو بالأزرقاق، حينها يدرك البحارة أن ةما تبقى من الهواء الصالح ضئيل جداً، وإذا كان يستحيل الصعود للسطح، يبدأون بالأنتحار بإطلاق النار على بعضهم.
4.
https://www.focus.de/wissen/videos/mehr-als-70-jahre-unter-wasser-entdecker-filmen-nazi-u-boot-vor-der-kueste-texas_id_3999039.html

في خليج مكسيكو وعلى عمق 1500 متر ترقد غواصة ألمانية من طراز (166U) التي غرقت بنيران سفينة صائدة للغواصات بتاريخ 13 / تموز / 1942 بعد اشتباك دام 20 دقيقة قتل فيها 25 جندي من طاقم لغواصة.

5. صورة

  


صوره لغواصه ألمانية من الحرب عالميه الأولي, رقد في قعر بحر الشمال وجدت على سواحل بلجيكا. تصوير توماس تيرموتي..

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع