أ . د . حسين حامد حسين
عندما تعمى البصائر...عندها يترشح عادل عبد المهدي وأمثاله لرئاسة الوزراء!!
لا ندري هل هي مسألة حظ ام هو مجرد قبول بهدر الكرامات ، ام انها الارادة المغلوب على امرها وقد توفرة في المجتمع العراقي اليوم ، بحيث يبقى هؤلاء البعض من الذين يدعون "الوطنيات" سائرون على نهجهم القديم ليعيشوا غير مبالين بسمعتهم السياسية المعطوبة في عهود سياسية ماضية دمرت العراق واصبحت كوابيسا للعراقيين فأقضت احلامهم . فهؤلاء كانوا في تلك العهود كما هم الان، قادرون على الحصول لكل ما يتمنونه ، لا بل هناك من يسعى اليوم الى تنصيبهم لرئاسة الحكومة من اجل ان يعمقوا الصدع في جبهة الوطن العراقي الذي يعاني اصلا من التصدع ، عندها يفقد شعبنا صوابه تماما وتحل الكارثة الكبرى. هؤلاء بقوا كما هم دائما وفي كل العهود ، قادرون على النجاة من كل أذى والعيش بسلام كأي من المخلصين لتلك الحكومات سيئة الصيت . ولكن هل سينسى شعبنا مواقف وافعال هؤلاء ممن رضوا بوصمة عار سمعتهم السياسية ، فنجدهم اليوم يحاولون استغفال شعبنا ثانية في القفز نحو القمة، اليس ذلك امرا غريبا حقا ان لا يبالي شعبنا بوجود هؤلاء ثانية بعد فشلهم السياسي والمهني المريع ؟!
قبل عدة سنوات كانت هناك حادثة سطو مسلح على مصرف الزوية في بغداد لم ينسها شعبنا بعد. وقد تم اتهام حماية الدكتور عادل عبد المهدي بذلك السطوعندما كان نائبا لرئيس الجمهورية، ولكن ، أحداثا كهذه ، سرعان ما كانت تعالج بتبريرات تعتبر قاطعة ولا احد يستطيع ردها، حتى وان كانت جرائما في السطو المسلح . وهكذا، سرعان ما تم غلق القضية ونسيانها ، لكنها لم تنمحي من ذاكرة العراقيين. فالدكتور عادل عبد المهدي ساهم بالتغطية على الجريمة، ومن يعمل شيئا كهذا، لا اظنه جديرا ان يكون احد المسؤولين العراقين في الدولة ، وان اصبح رغما عن الجميع ، أو يصبح رئيسا للوزراء في اخر فرصة للعراقيين يعتبرها العالم "رصاصة الرحمة" ؟!!
لا تزال ذاكرة شعبنا تعج بمفارقات عادل عبد المهدي كسياسي كان قد تم اسيزاره لعدد من المرات ، وطبيعي ان عبد المهدي هذا لا يتسم بالعبقرية ، ولم يأتي بأي شيئ استثنائي في مناصبه العديدة تلك، فضلا أن شعبنا يعلم ان عبد المهدي كان ولا يزال يتم فرضه على شعبنا من قبل الولايات المتحدة التي لا يهمها كثيرا ان عانى العراق من تدمير لمرات اخرى. فالولايات المتحدة يكفيها عارا انها دمرت العراق وخرجت بدون ان تعيد بناء طابوقة واحدة فيه.
لربما ، ان هذا البعض الذي يحاول الان تمرير لعبته على العقول العراقية ، لا يزال يجد في الدكتور عادل عبد الهدي "نموذجا" استثنائيا في القدرة على تعلمه دروسا خصوصية لخوض غمار "الانتهازية السياسية" التي هي أحد اختصاصاته بلا منازع ، وتقلبه مع مجرى الاحداث من اجل أن تبدوا الحكومة العراقية أقل تصديعا للحياة من خلال انتماءات هذا الرجل الى جميع سياسات "الانظمة" التي مرت على العراق ومن جهة سياسية الى اخرى ، فهو بذلك ، رجل له قدرة استثنائية لا يخجل منها ولا يجد فيها ضيرا في انتماءاته السياسية المتلونة. فها هو اليوم في هذ الدورة الانتخابية الجديدة التي تفرض فيها المرجعية الدينية الرشيدة لاية الله السيد علي السيستاني التركيز في مطالبتها بالذات على انقاذ العراق من جميع الشرور التي تحيطه ، ورفعها شعار "المجرب لا يجرب" . فضلا من أن الشعب العراقي الهائج والمائج والذي لم يكن قد أهمه شيئ حتى من خلال تصديه لرصاص الحكومة بصدره العاري من اجل ان تكون هذه الحقبة الجديدة كنهاية لفساد طغى على كل رجولة وكبرياء العراقيين ومرغها بالوحل واطاح بالعدالة وأجاع وضيع شعبنا وسلبه الرفاه والتفائل بالمستقبل.
ربما تم ترشيح الدكتورعادل عبد المهدي لهذه المهمة الصعبة والشاقة، بسبب ان عبد المهدي كان معروفا في انتماءاته السياسية في الماضي الى الحزب الشيوعي ، ثم تحوله الى بعثي في حزب صدام ، وأخيرا وربما ليس اخرا، كانت له قفزة "جبارة" في عهد الفوضى والفساد اليوم ، لنجده نموذجا اسلاميا فذا!! . فهل أن هؤلاء الذين وقع اختيارهم على هذا الرجل ليكون رئيسا للوزراء كان بسبب انه خاض في جميع "مباديئ" السياسات العراقية من ألفها الى يائها ، فتعلم من اين تؤكل الكتف؟؟ وان الرجل ربما ايضا تعلم أن الانتماء السياسي بلا ايمان هو اهون بكثير من اؤلئك المتهمون باللصوصية والفساد ، وان انتماءه هذا لا يشعره بحرج مع نفسه، فخرج بقدرات وخبرات في التلون مع الظروف؟ كما وان هناك كان دائما من يسانده ليعطي انطباعا وكأنه يستطيع ارضاء الجميع من "البعثيين والشيوعيين والاسلاميين معا" !! جاعلا من نفسه نموذجا "لاعريبا ولا كرديا ولا تركمانيا" ، في حسابات التعاطف والانتماءات ومدارات الامزجة والميول والاهواء رغم تصارعاتها الدموية احيانا .
أن وزير النفط السابق عادل عبد المهدي ، لم يترك من اجل ذكراه كسياسي ، سوى مقتا وعدم رضا من لدن شعبنا نتيجة للسياسات النفطية المتضاربة والمنحازة للاقليم ولغيره على حساب الدستور والحقائق والضمير ، ولكنها نفعت البعض ممن كانوا يسرقون النفط ويبيعونه الى ايران والى اسرائيل!!
هؤلاء المعنيون الان بالترشيحات للمواقع السياسية ، يبدوا انهم لايهمهم سوى ان تصبح وبأي ثمن ، جاهزية الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية امام الاعلام لطمأنة أنفسهم بنجاحهم. ولكن ، الاجدر بهم تأكدهم بشكل عميق وكاف ان هؤلاء المرشحون يتوافقون مع رأي مرجعية اية الله السيد السيستاني وبالنقاط الحيوية الاربعون والتي طرحها السيد مقتدى الصر كبرنامج عمل متكامل. لكن المعنيون الان بالترشيحات للمواقع السياسية لا نراهم وقد بدأوا بهمة كما هو مطلوب منهم في هذه المرحلة الحرجة من حياة العراق وشعبنا وفرض الاصلاحات السياسية التي انتظرها شعبنا طويلا جدا ، فالتأريخ لن تكتبه سوى الحقائق والمواقف الوطنية ، وليس من اجل اعلام يتحاشى الحقائق من اجل امتداح هؤلاء الذين لا تهمهم النتائج .
عراقنا ، هذا الوطن المسكين ، سيبقى سجين عواطفه ، وساجنوه هم لصوص ومرتزقة وبائعوا ضمائر. فالديمقراطية ليست "عملية اختيار" . الديمقراطية عملية انتخابات الاغلبية الشعبية من اجل يحصل الفائز على ما يستحقه من مسؤولياته الوطنية التي هو مؤهل لها . وباعتقادنا انها ليست ديمقراطية هذه التي يقوم بها المعنيون من خلال "اختيار" شيعي كرئيس للحكومة ، وسني كرئيس للبرلمان ، وكردي كرئيس للجمهورية . الديمقراطية في العالم تتم بدون هذا التمييز الطائفي والاثني ، فتلك صورة تخريبية وليست وسيلة سياسية من اجل أن "يتمتع" الجميع (السنة والشيعة والكرد) بالرضا .
يفترض بالديمقراطية الحقيقية ، ان تمارس من خلال ان كل عراقي له الحق في ترشيح نفسه لاحد هذه المناصب السياسية الثلاث . ويجب ان يتم ذلك عن طريق الانتخابات العامة أيضا وليس من خلال التعيين . ولو تم ذلك من قبل المعنيين واجريت الانتخابات ، لا ندري حينذاك أن سيفوز كل من عادل عبد المهدي كرئيس للوزراء ، او السيد محمد الحلبوسي كرئيس للبرلمان ، او السيد سليم الجبوري كوزير للخارجية؟
الشيئ الي نخشاه هو ان الدكتور عادل عبد المهدي اذا ما تم تنصيبه كرئيس للوزراء ، سيعطينا خلال سنة واحدة ، عراقا يصعب علينا التعرف على قيمه الجديدة وأي نوع من الاوطان قد اصبح؟؟؟!!!
سؤال نوجهه لاولي الالباب.
حماك الله يا عراقنا السامق...
9/18/ 2018
845 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع