الأحزاب السياسية العراقية في العهد الملكي - حزب الاستقلال

                                                       

                               قاسم محمد داود

الأحزاب السياسية العراقية في العهد الملكي /حزب الاستقلال

ترجع فكرة تأسيس حزب الاستقلال الى نادي المثنى وهو نادي اجتماعي تم تأسيسهُ من قبل مجموعة من الشباب في بغداد عام 1935 الغاية منه بث الروح الوطنية والشعور القومي بين الشباب تحت اسم نادي المثنى تيمناً بالقائد العربي المثنى بن حارثة الشيباني وكان رئيس النادي الطبيب صائب شوكت ومحمد مهدي كبة نائباً للرئيس. في عام 1945 بدأت مجموعة من الشخصيات ذات الاتجاه القومي العربي الذين كانوا أعضاء في النادي الذي اغلق عام 1942 بعد حركة رشيد عالي الكيلاني بتأسيس حزب الاستقلال وكان ابرز هذه الشخصيات محمح مهدي كبة (1900 -1984) وهو مفكر قومي وسياسي عرف بإخلاصهِ الوطني ومحمد صديق شنشل (1910 -1990 ) وهو الاخر سياسي معروف من الخط القومي في جماعة الأهالي وفائق السامرائي (1908 -1979 ) حقوقي وسياسي عربي قومي كان له دور فاعل في الحياة السياسية العراقية منذ عشرينيات القرن الماضي وخليل كنة (1910 -1995 ) الذي ترك الحزب فيما بعد واتجه في اتجاه معاكس لتوجهات الحزب وكثير من السياسيين العراقيين ذوي الاتجاه القومي العربي . في 19 نيسان 1946 اجيزَ الحزب من قبل السلطات وعقد أول مؤتمر له وانتخب محمد مهدي كبة رئيساً للحزب وفي 4آب 1946 صدر العدد الأول من جريدة (لواء الاستقلال) لسان حال الحزب واستمرت في الصدور حتى تم الغاؤها في 29 أيلول 1954 على اثر صدور مرسوم الغاء الأحزاب والجمعيات في العام نفسه فأصدر الحزب جريدة (صدى لواء الاستقلال). وبسبب ما آلت اليه الأوضاع في فلسطين حيث صدر قرار التقسيم من الأمم المتحدة عام 1947 وإعلان دولة إسرائيل 1948 التف حول الحزب عدد كبير من القوميين العراقيين كما ضم الحزب في عضويته عدد من أعضاء التنظيم القومي العربي وبعض من أعضاء نادي المثنى بالإضافة الى العناصر القومية من طلاب المدارس الثانوية والكليات. اهتم حزب الاستقلال بتنمية الوعي السياسي عند افراد الشعب العراقي والدفاع عن الحريات والدعوة الى المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات. كما اهتم بتنمية الوعي القومي والدفاع عن عروبة فلسطين ودعا الى تفعيل دور الجامعة العربية. انضم الى الحزب كثير من العمال والفلاحين من ابناء الطبقة الوسطى ومن اصحاب المهن والاعمال، وعمل الحزب على عدم اشراك رؤساء القبائل كما فعلت بعض الاحزاب آنذاك بسبب قناعته بعدم امتلاك تلك الشريحة المؤهلات السياسية. من اهداف حزب الاستقلال الداخلية:

توطيد الحياة الدستورية الصحيحة في البلاد من خلال اصلاح قوانين الانتخاب لجعل المجالس النيابية تمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً. الاهتمام بالمجالس البلدية والإدارية واختيار أعضائها بالانتخاب. اصلاح الجهاز الإداري والحكومي والاهتمام بأعداد وكفاءة الموظفين واللامركزية في الإدارة. تعزيز القضاء وتوحيد الأنظمة وإصلاح القوانين وضمان سلامة تنفيذها والمساواة امام القوانين بالحقوق والواجبات والحريات العامة. ضمان تطبيق نصوص الدستور. الاهتمام بالصحافة والعناية بالجيش وإلغاء البعثة العسكرية البريطانية وإصلاح ما افسده التدخل الأجنبي. الاهتمام بالتجنيد الاجباري وحسن تطبيقه.

اهتم حزب الاستقلال بالجانب الاقتصادي وتجلى ذلك بدعوته الى تحسين الأوضاع الاقتصادية واستغلال الموارد الطبيعية وخاصة النفط الشريان الرئيسي للاقتصاد العراقي والمورد الأكبر لميزانية الدولة واكد على هذا الجانب في منهاجه:- (يرى الحزب ان تقوم الدولة باستغلال موارد البلاد ومنابع الثروة الكبرى ولا تمنح هذه الامتيازات الى الهيئات والشركات الأجنبية، إلا عندما تحقق منفعة المستهلكين والدولة، وانتفاء المساس بسيادتها).كان الحزب ضد سيطرة الشركات الغربية على النفط فقد كتب محمد مهدي كبة فيما يخص قضية النفط :- "ان الاستقلال الاقتصادي قد يكون اهم من الاستقلال السياسي، أعتقد انه لا فائدة من الاستقلال السياسي ان لم يكن البلد متمتعاً بالاستقلال الاقتصادي". اما القيادي الآخر في الحزب محمد صدّيق شنشل فقد قال "ان غاية بريطانيا من فرض سيطرتها على العراق هو الاستحواذ على مصادره النفطية". كما اصدر الحزب في الحادي والعشرين من آب 1951 بياناً مفصلاً عن الاتفاقية النفطية بين الحكومة العراقية والشركات الأجنبية ودعا الى التضامن من اجل تحقيق التأميم ورفض الاتفاق الجديد مع الشركات النفطية.

عَمل حزب الاستقلال من اجل إقامة حياة ديمقراطية دستورية في العراق، وإصلاح الإدارة والقضاء والاهتمام بالتعليم وتعزيز الجيش وتقويته وتوزيع الأراضي على الفلاحين وسيطرة الدولة على الثروات الطبيعية وخصوصاً النفط ومحاربة البطالة والفقر وتعزيز استقلال وسيادة العراق. في المجال الخارجي اكد منهاج حزب الاستقلال على : - تعزيز كيان العراق الدولي لاستكمال سيادته وتقوية الجامعة العربية لإقامة كيان نظام اتحادي بين الدول العربية. السعي الى تبديل المعاهدة العراقية البريطانية من اجل الوصول الى السيادة العراقية. الاهتمام والعناية بالبلاد العربية كافة وتمكينها نيل الاستقلال وتقرير المصير واتحادها بالجامعة العربية. واكد على ان فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي وان تبقى دولة عربية. مكافحة الصهيونية ومقاومة الوطن القومي لليهود ومقاومة انشاء دولة يهودية فيها. اذكاء روح الصداقة وتقوية الصلات السياسية والثقافية والاقتصادية مع الأمم الأخرى. وتوثيق الصلات بين المهاجر العربي ووطنه الام وتوثيق الروابط مع الشعوب الإسلامية خارج البلاد العربية.

كان للحزب دور كبير في الحياة السياسية في العراق منذ تأسيسهُ في سنة 1946 حتى قيام النظام الجمهوري سنة 1958 من خلال اشتراكه في الحكومة او دوره في الدورات الانتخابية والبرلمانية. ففي عام 1948 كان رئيس الحزب محمد مهدي كبة وزيراً للتموين في حكومة محمد الصدر والمحامي داود السعدي المعتمد العام للحزب نائباً عن بغداد سنة 1948 وكان عبد الرزاق الظاهر احد مؤسسي الحزب نائباً عن الكرخ في نفس الدورة البرلمانية كما تم اختيارهُ وزيراً للاقتصاد في وزارة علي جودة الايوبي سنة 1949 لكنه استقال منها في السنة التالية في الاستقالة الجماعية لنواب المعارضة. في منتصف الخمسينات من القرن الماضي حلت السلطة الأحزاب ، فجرت مداولات بين حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه كامل الجادرجي لتوحيد جهودهما تجاه ذلك وفي عام 1956 تقدموا بطلب الى وزارة الداخلية لتأسيس حزب سياسي باسم ( المؤتمر الوطني) في محاولة منهم لإبعاد العراق عن كل نفوذ اجنبي وضمان حيادة والعمل على تحقيق تعاون واسع مع الدول العربية .وفي عام 1957 كان لحزب الاستقلال دور كبير في تأسيس الجبهة الوطنية ضد الحكم الملكي التي تألفت من حزب الاستقلال وأحزاب أخرى وعدد من المستقلين. بعد قيام النظام الجمهوري في 14 تموز 1958 شارك حزب الاستقلال في الحكومة الجديدة من خلال رئيسة محمد مهدي كبة الذي صار عضواً في مجلس السيادة الذي شُكل بعد انقلاب تموز 1958 من ثلاثة أعضاء ليقوم مقام رئيس الجمهورية. وشارك الحزب في اول وزارة في العهد الجمهوري حيث شغل محمد صديق شنشل سكرتير الحزب وزارة الارشاد وعين نائب رئيس الحزب فائق السامرائي سفيراً للعراق في القاهرة الا ان نهج حكومة عبد الكريم قاسم لم يتفق مع توجهات الحزب القومية فدفعهم ذلك الى الاستقالة من الحكومة. في أواسط الخمسينات هجر معظم الشباب المتحمس للفكر القومي صفوف حزب الاستقلال، ولم يعد الحزب قوة سياسية يعتد بها، وبعد عام 1960 التجأ الحزب الى العمل السري مما أدى الى انسحاب معظم اعضائه فكانت نهاية الحزب.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

636 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع