قراءات في صحف عراقية قديمة

                                              

                     ماجد عبد الحميد كاظم

 م/ قراءات في صحف عراقية قديمة

نشرت جريدة " لسان العرب" بعددها 110 الصادر في بغداد يوم الجمعة 24 ربيع الاول 1340 الموافق 25 تشرين الثاني 1921 جانب من رحلة جلالة الملك فيصل بن الحسين في طريقه الى بغداد وكما يلي:


من بغداد الى المنتفق رحلة جلالة الملك

- 3 -

زيارة الملك

ما اشرق صباح يوم - 19 - نوفمبر الا وتقاطر الزعماء والاشراف وكبار موظفي اللواء من ملكيين وعدليين وعسكريين وشرطة ودرك المنتفق والحي وسوق الشيوخ الى دار حضرة ابراهيم بك السعدون المتصرف السابق حيث كان جلالة الملك مقيما فيها مع حاشيته الموقرة وذلك للسلام على جلالته والتمتع بطلعته والتزود من نصائحه ومواعظه الابوية فدخلوا الى الغرفة التي جلس فيها طبقة طبقة وجماعة جماعة فكان جلالته يظهر نحوهم التفاته الملكي ويحادثهم ويسأل كل فرد عما يخصه من الشؤون ويقف على ارائهم في كثير من المسائل مما دل على ديمقراطية واسعة يتحلى بها عاهل البلاد وكان لها التأثير البليغ في نفوس الزائرين.

الملك وشعبه

وفي هذه الاثناء كانت جماهير عظيمة واقفة في الطريق الواسعة الممتدة من شاطئ النهر الى دار المتصرف ومحتشدة بنظام واتقان تطلب ان يطل جلالته عليهم ليحيوه ويبدوا عواطفهم ويعبروا عن شعورهم الحقيقي وامتنانهم لزيارته وافتقاده حالة البلاد بنفسه وقد ابلغ الحجاب جلالته امنية الشعب فخرج اليهم واطل من طنف الدار فدوى الفضاء بهتاف شق عنان السماء بالدعاء لجلالته بطول العمر والتأييد وما احلاه وما ابلغه من موقف يحتشد فيه شعب طائع ليحي مليكا له عاملا على حفظ استقلال البلاد مجاهدا في اعلاء كلمة الامة ذادا عن حقوقها بسيفه ولسانه وجنانه. وقد القى حسن داود وهو من عامة الشعب كلمة جميلة عبرت عن عواطف الخلائق المحتشدة التي امنت على ما قاله بالهتاف وعلى اثر ذلك استدعى جلالته حضرة الحاج محمد علي افندي رئيس البلديية وامره ان يبلغ الشعب سلامه الملكي وسروره بما صادفه من الشعور الحي والوطنية الصادقة وقد ابلغ الرئيس ذلك، الى الشعب الذي قابل هذا الانعطاف بالشكر والامتنان.

مأدبة الغذاء

وقد تناول جلالة الملك طعام الغذاء في بيت ابراهيم بك السعدون مع حاشيته وبعض الزعماء والاشراف وبعد ذلك تباحث جلالته مع من حضر في شؤون عمرانية ومالية مهمة.

في المدرسة والمستشفى

ولما ازفت الساعة الثالثة بعد ظهر يوم - 19 - نوفمبر وهو الموعد المعين لزيارة المستشفى والمدرسة وهما المعهدان الوحيدان في الناصرية ركب جلالته سيارته الفخمة ومن وراءه سيارات عديدة تقل حاشيته وكبار الزعماء والموظفين وقصد المدرسة الابتدائية حيث كان الشارع مزدانا بافخر الزين والاعلام العربية مرفوع فوق كل بناية فدخلها حيث حيته عند الباب فرق من كشافة المدرسة وقد كان التلاميذ مصطفين بنظام وترتيب فصدحت اصواتهم بالاناشيد الحماسية التي تبث في نفوس السامعين الروح الوطنية العالية والاحساسات الرقيقة وقد افتتح الحفلة احد التلاميذ بتلاوة بضع آيات من سورة الفتح المباركة ثم تلاه احد التلاميذ ايضا بقصيدة وآخر بخطبة ترحيب وكانت هذه احسنها وقعا واكثرها تأثيرا ثم تقدم الفاضل طه افندي البصري فارتجل كلمة مناسبة تمت عن وطنية واخلاص وعقبهاه صاحب الفضيلة قاسم افندي آل الشعًار فالقى قصيدة عامرة بالابيات ، دقيقة المعنى ارتاح اليها السامعون فقابلوها غير مرة بالهتاف ، وقد رفعت الغيرة الوطنية حضرة المحسن الكريم الشيخ سالم بك الخيون رئيس عشائر بني اسد فتبرع للمدرسة بالف ربية بمناسبة تشريف جلالة الملك وقد عودنا هذا المحسن ان يقف هذا الموقف عند ما تمس الحاجة اليها بارك الله فيه وجزاه عن العلم والادب خير الجزاء. وبعد ذلك خرج جلالته بين هتاف الشعب واناشيد التلامذة من المدرسة الى المستشفى فتفقد المرضى هناك وامر بتوزيع السجاير والحلويات عليهم ثم عاد في موكب فخم الى دار الحكومة التي تقرر ان يمضي جلالة الملك مع الحاشية ليليه فيها.

في قصر آل عجام

وفي عصر امس ايضا اقام معالي الشيخ سالم بك الخيون مأدبة شاي فاخرة في قصر آل عجام الفخم المطل على نهر الفرات الساحر بين الرياض والفياض لحاشية جلالة الملك تجلى فيها الكرم العربي والذوق السليم وقد شهدها معالي وزير الداخلية وسعادة الجنرال حداد باشا والاستاذ الكبير فهمي المدرس ورستم بك حيدر وجعفر جلبي الشبيبي ومدير سياسة هذه الجريدة وسامي افندي خوندة وصاحب الرافدان وقد كان الشيخ سالم بك يلاطف ضيوفه بما عرف عنه من رقة الجانب ولطف الطبع وحلاوة اللسان وقبيل الغروب انصرف المدعوون شاكرين ما لاقوه من الكرم والحفاوة. وقد بات جلالة الملك هذه الليلة كما ذكرنا آنفا في دار الحكومة استعدادا للسفر الى سوق الشيوخ في صبيحة يوم 20 نوفمبر.

الرحلة الملوكية

الرؤساء والشيوخ يمثلون بين يدي جلالة ملك البلاد

وبعث الينا مندوبنا الخاص المرافق للركاب العالي برقية قال فيها ان ما ينوف عن 250 شيخا ورئيسا حظوا بشرف المثول بين يدي صاحب الجلالة الملك فيصل في الناصرية يوم 23 الجاري وكان جلالة الملك على عرش مكلل بالاعلام في صدر صالون الاستقبال بسراي الحكومة وكان الذوات الماثلون بين يدي جلالته يمثلون قبائل الشطرة وسوق الشيوخ والحي والسماوة والناصرية. وتفضل جلالته فالقى عليهم خطابا بليغا قوبل بالهتاف والخضوع والدعاء لجلالته بالسعد والاقبال. وقد وعد حضرة مندوبنا بان يوافينا بالتفصيل بالبريد.
وقد اتصل بنا ان الركاب العالي يتحرك على بركة الرحمن من الناصرية مساء الجمعة فيصل العاصمة صباح السبت ، نسأل له السلامة في الحل والترحال.

                              انتهى الاقتباس

مع تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

879 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع