زيد الحلي
قراءة في استضافة محافظ البنك المركزي
تابعتُ امس ، من على شاشة التلفاز ، كما تابع غيري ، استضافة مجلس النواب ، لمحافظ البنك المركزي العراقي ، واعضاء مجلس ادارته .. والحق اقول ، انني على سعة مداركي الصحفية الممتدة لأكثر من نصف قرن ، ومتابعاتي لاستضافات مجلس النواب ، واستجواباته طوال دوراته الماضية ، لعشرات الوزراء والمسؤولين ، لم استفد على الصعيد المعرفي ، من معلومات وقضايا اقتصادية ومالية ، قدر استفادتي من طروحات المحافظ ، الذي افاض بعلمية ، دون الاعتماد على تقرير مكتوب ، في شرح ظروف عمل البنك ، في اصعب سني العراق ، اقتصاديا وأمنيا ، وكيف تجاوز المحن العديدة التي توقع لها الكثيرون ، بانها ستكون ( لا سامح الله ) بداية لانتكاسة مالية تعصف بالعراق ، وكلنا نتذكر تصريحات وزير المالية هوشيار زيباري قبل نحو ثلاث سنوات ، التي حذر فيها من عجز الحكومة عن توفير الرواتب للموظفين ، وهي نبوءة سوداء كادت ان تتحقق ، لولا جهود الجنود المجهولين في البنك المركزي ، الذين عملوا بعقلية نقدية ومالية واقتصادية ، وبهمة ، فعكسوا الحالة الى قوة ووفرة مالية ، رغم تشاؤم وزارة المالية العراقية ، وفي فترة اشتداد المعارك ضد الغيمة السوداء المتمثلة بعصابات داعش ..
لقد ظننت ان مجلس النواب ، في استضافته للبنك المركزي ، جاء من باب التكريم لتلك الجهود التي تمثلت بالحصول على شهادة دولية، مصرفية تنطلق من باريس، تتوج محافظ البنك المركزي العراقي ، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018... وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في مجالات عدة ، كان من أبرزها الحفاظ على سعر الصرف، وغلق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق فضلاً عن التطور الكبير في نظام المدفوعات وانظمة الدفع الالكتروني وايضاً العمل المتقدم الذي أحرزه في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .. لكن هذا الظن ، خاب ، اذ علمت ان الاستضافة جاء ت بالعكس من ذلك .. وان الشارع العراقي ، يرى الان ان هناك رياح معاكسة لتطور البنك المركزي ، تتمثل بوجود اصحاب شركات صرافة ، واصحاب مصارف خاصة ، في مواقع المسؤولية ، تضررت مصالحهم نتيجة قرارات اتخذها البنك مؤخرا ، للحد من الاتساع غير المبرر للأنشطة المالية في دورة الحياة اليومية للمواطن ، ما يخلق حالة من التذبذب الذي يعيق السوق المحلية .. والى جانب ذلك ، يقول العارفون في كواليس المال ، ان متنفذين من اصحاب رؤوس الأموال ، الذين اودعوا ( اموالهم ) في تلك المصارف والشركات بهدف المضاربات المالية التي تنعكس سلبا على المواطن ، هم من فرح لهذه الاستضافة !!
ان المواطن العراقي ، ينظر باطمئنان الى خطوات مجلس النواب ، لذلك ، لا يعتريه الشك، بان احداث تغيرات جذرية في مفاهيم المؤسسات المالية تجاه المجتمع بما يترتب على أحساس المواطن بمسؤوليته الجماعية في القضاء على المشاكل التي يواجهها، هو اهم مفاصل الاستقرار النفسي، وهذا ما اتجه اليه البنك المركزي العراقي . لإدراكه أن ادارة التنمية لها أهمية كبيرة، وأبرز مضامينها هي قدرتها وفعاليتها في تنفيذ اهداف تنموية مبنية على استراتيجية واضحة تسندها ارادة جادة، تأخذ بالأساليب الادارية الحديثة، وتستوعب الطبيعة الاستراتيجية للتنمية والدور والاهداف المراد تحقيقها.
نأمل ، ان ننظر بعين صافية ، وقلوب بيضاء .. فالعراق ينتظر منا تقديم الشكر لمن عمل بدأب من اجل الوطنالحبيب ..
443 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع