عبد السلام صبحي طه
" الرجل الفقير في نيبور" - حكاية اول فلم منطوق باللغة الاكدية.
في جامعة كيمبردج البريطانية، تم استكمال انتاج أول فيلم منطوق باللغة الاكدية . الفلم حمل ذات عنوان القصة الاصلية التي وردت بالعنوان ( الرجل الفقير في نيبور )، تطوع للعمل في الفلم طلاب دراسات (علم الآشوريات وهو العلم المعني بتاريخ العراق القديم ) في قسم بلاد النهرين في الجامعة.
( صورة الايكور - زقورة الاله انليل في نيبور ) - مرفق
مواقع التصوير كانت في العديد من مواقع الكليات التابعة لجامعة كيمبردج ، والمتحف البريطاني ، ومتنزه فلاك فين التراثي والريف المحيط به.
تم تمويل المشروع من قبل الجمعية الفلسفية، Thriplow Charitable Trust ، وصندوق جوديث ويلسون ، وصندوق CHW Johns ، وكلية سانت جون ، وكلية Trinity ، وجمعية Henry Sweet لتاريخ الأفكار اللغوية ، ومركز لندن للشرق الأدنى القديم.
القصة بالاصل تنتمي الى جنس الادب الشعبي الهزلي والحكمي بذات الوقت، يتم تقديم الحكاية بصيغة المتحدث ( الراوي - الحكواتي ) وهو جنس ادبي عراقي أصيل ، تلاقفته امم العالم لاحقا ووجدنا صدى له في الاعمال الاغريقية الادبية الشهيرة ومنه الى اوربا فيما بعد، و كذا توارثته الاجيال اللاحقة من أهل العراق برعوا فيه بشكل يؤكد امانتهم في تبني إرث اجدادهم ، ولا ادل من ذلك السفر القصصي العربي الاشهر ( ألف ليلة وليلة ) .
وردتنا حكاية " الرجل الفقير في نيبور " باللغة الاكدية في الواح طينية مختلفة ترقى الى الالف الاول ق.م و عثر عليها في مواقع مختلفة لما كانت يوما جزءا من الامبراطورية الآشورية العظيمة وهي في اوج مجدها ، ولكن يبدو ان جذر الحكاية اقدم من هذا التاريخ و ربما يمكن ارجاعه الى منتصف الالف الثاني ق.م
تروي الحكاية، قصة الانتقام الثلاثي الذي يقوم به شخص اسمه ( جميل ننورتا - Gimil-Ninurta ) من مدينة نيبور ( نفّر - قرب عفك الحالية في الديوانية ) على حاكم المدينة المحلي إثر خطأ ارتكبه بحقه .
الفلم متوفر بسبتايتل بالعربية ولغات اخرى - يرجى الضغط على زر الاعدادات في الفلم " Settings - Subtitle "، يُنصح بالانصات جيدا للاصوات وطريقة نطق الحروف و الابدال والقلب الحرفي في بعض الكلمات و عمل مقاربات ما بين نسخة اللغة الاكدية في الفلم والسريانية و العربية الحاليتين.
https://www.youtube.com/watch?v=pxYoFlnJLoE
نموذج من القصة
كان هناك مواطن في نيبور ، وهو رجل معدم و فقير ،
كان اسمه جميل نينورتا ، لم يكن سعيداً ،
في مدينته ، نيبور ، عاش ، وعمل بجد ، ولكن
لم تكن الفضة لائقة بمكانته لفقره،
لم يكن الذهب يليق به لفقره.
كانت مخازنه تفتقر إلى الحبوب النقية ،
كان يتضور جوعا ويحلم بالطعام بشدة،
كان وجهه غير سعيد ، كان يحن للحوم و الجعة الطيبة .
لم يكن لديه طعام ، فهوينام جائعًا كل يوم ، و كان يرتدي الملابس الرثة.
فكر في نفسه: سأنفض عني ثيابي الرثة ، وفي سوق مدينتي نيبور سأشتري أغنام !
فخلع ثيابه الرثة وذهب الى سوق مدينته نيبور ، اشترى ماعزًا يبلغ من العمر ثلاث سنوات.
فكر في نفسه: لنفترض أنني ذبحت هذا الماعز في داري ،لن تكون هناك وليمة بلا جعة ، فأين هي الجعة؟
أصدقائي في الحي سيفضحونني ويغضبون مني ، وستكون عائلتي وأقاربي غاضبين مني، ايضاً.
الالواح المسمارية المتعلقة بالقصة
في الخامس من حزيران من العام 1951 تم العثور على مجموعة من الألواح المسمارية خلال أعمال التنقيب للبعثة البريطانية في حران و سلطان تبه. قام أعضاء الفريق بالتنقيب عن أكبر قدر ممكن في هذا الموسم ، وعادوا في صيف عام 1952 لإكمال العمل. في المجموع ، تم العثور على 572 رقيما وملفًا وتمت فهرستها بواسطة الفريق. أغلب الارقم لم تكن مفخورة الا من واحدة ، مما دفع الباحثين إلى استبعاد إمكانية كون المكتشف هو موقع لمكتبة ملكية مثلا. هذا ، وكذلك وجد ان هناك الكثير من الاخطاء الاملائية في المدونات ، اقترح بدلاً من ذلك إمكانية استخدام هذه الارقم للتدريب في مدرسة المعبد .
كان أوليفر جورني ( Gurney Oliver R ) ، مسؤولًا بشكل أساسي عن الدراسة اللاحقة للالواح المكتشفة. وقد تم مسحها ضوئيا، تم تحديد تاريخ هذا الموقع بحسب الالواح ما بين القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، وتضم نصوص مختلفة ما بين الطبية ، والقصائد ، والصلوات ، والطقوس ، والأغاني ،الفؤول ، الفلك ، والرياضيات ، والاقتصاد.
احد اهذه الالواح هو المرقم متحفيا ( S.U. 51/78 ) والذي كان يحوي مفاتيح حكاية " الرجل الفقير من نيبور" . حيث يتم ذكر اسم كاتب اللوح ( نابو ريختو اوصر Nabû-riḫtu-uṣur ) والذي دونه بطلب من( كودري-نركال Qurdi-Nergal ) بالاضافة الى كسرة اخرى بها بعض من الحكاية.
وقد وجد لوحين اخرين مختصين بالقصة ـ واحد في مكتبة ( الامبراطور الآشوري آشوربانيبيال) في نينوى ومحفوظ حاليا في المتحف البريطاني بالرقم ( K 03478 + K 19604 ) ، والأخر عُثر عليه في نيبور ( نفّر ) في وسط العراق من قبل بعثة تنقيبات جامعة بنسلفانيا ومحفوظ في متحفها بالرقم المتحفي ( N 4022 ).
667 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع