وسام موميكا
بين الساسة وقُبة البرلمان ، ضاعَت الوزارة يابطريرك الكلدان !
إنتصار جديد تحقق لشعبنا المسيحي بعد رفض البرلمان العراقي في جلستهِ المنعقدة بتاريخ ١٨ من شهر كانون الأول ٢٠١٨ ، مرشحة البطريرك الكلداني مار لويس ساكو لِشغل مَنصب وزارة الهجرة والمهجرين في حكومة عادل عبد المهدي "المنقوصة " ، رُغم الصَمت الذي إلتزمته البطريركية الكلدانية طيلة الفترة السابقة بعد ورود الإعتراضات والطعون الكثيرة والتي قدمَها من يُطلقون على أَنفسهم برلمانيين وممثلين عَن مسيحيي العراق في البرلمان الحالي ، والتي أثارت الكثير من الجَدل و التساؤلات حول الطريقة التي كادَ من خلالها بطريرك الكلدان لويس ساكو أَن يفوز بالمَنصب الوزاري اليَتيم والمُخصص للمكون المسيحي في الكابينة الحكومية العراقية الجديدة الغير مكتلمة إلى هذهِ اللحظة ، والجميع تَحدث أيضاً عَن تَدَخل بطاركة كنائس الشرق الكاثوليك في هذا الموضوع والتي تزامن إنعقاد إجتماع بطاركة الشرق الكاثوليك في مقر البطريركية الكلدانية في بغداد بتاريخ ٢٤ /١١ / ٢٠١٨ ، والذي كان قد دَعا إليه بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو ، ولكن للأسف الشديد كان الهَدف من ذلك الإجتماع هو للتباحث في الوضع السياسي العراقي والتركيز الأهم من جانب البطريرك ساكو كان على كيفية حصولهِ على حقيبة وزارية في حكومة السيد "عادل عبد المهدي " لسَحب البِساط الوزاري من تحت أقدام الساسة و البرلمانيين ( المسيحيين) المُنتمين والموالين لأحزابهم المسيحية الطائفية والعنصرية سواء كانت هذهِ الأحزاب آشورية أو حتى كلدانية ، وكما يبدو أن الخلاف والصراع بين الكنيسة والأحزاب السياسية المسيحية على المناصب الوزارية بات واضحاً منذ الإجتماع السابق والذي كان قد جَمَع البطريرك لويس ساكو بالنواب المسيحيين الفائزين بِعضوية البرلمان العراقي في دورتهِ الحالية الجديدة ، والتي كان قد إمتَنع عَن حضورها البرلماني السيد "عما نوئيل خوشابا " رئيس الحزب الوطني الآشوري ، المعروف سابقاً في زمَن صدام بالحزب البعث الآشوري وهذا ما تَعلمتهُ من مَدرسة الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا ) ومن إجتماعاتها عندما كنتُ بينَ صفوفها سابقاً وقبل تقديم إستقالتي من الحزب ، وللأمانة أقولها ليس إلا .
وأما الآن فالسيد خوشابا رئيس مايسمى بالحزب الوطني الآشوري وبَعد الخلافات والتسقيطات والصراعات والتجاذبات مع القائد الأوحد السيد يونادم كنا وحركته الديمقراطية الآشورية (حزب العائلة ) فإنهم بين ليلة وضُحاها أصبحوا أصدقاء ليَنطبق عَليهم المَثل القائِل : (عُكب الكُون صَداقة ) عَجيبة غَريبة هالدنيا !! ...ثُم بعد ذلك أتت الصَدمة والمفاجأة للسيد يونادم كنا وحركتهِ العنصرية الآشورية بِنتيجة الفوز التي تَحققت للسيد النائب العنصري المتأشور "عمانوئيل خوشابا " بالمقعد البرلماني ، وحيث إستطاع إزاحة الصَنم وعَدوهُ اللدود السابق وحَليفهُ الحَميم الجديد السيد يونادم كنا ، عَن كرسي الحكومة و البرلمان و الذي كان الأخير قد إلتصق بهِ لسنوات طويلة منذ عام ٢٠٠٣ ومجيء الإحتلال الأمريكي الى العراق مروراً بإدارة الحاكم الأمريكي المدني (بول بريمر) الشؤوم ، ومجلس الحُكم والحكومات الأخرى السابقة ، حيث كانت تلك المَناصب و الكراسي حِكراً للنائب السابق السيد كنا وكان يَعتبرها مَكاسب وإستحقاقات حَسب رأيه وإعتقادهِ الخاطىء ، لكن في المقابل كان الشعب مسيحي (السرياني الآرامي ) يَعتبر ذلك سرقة ولعبة سياسية مارسها السيد يونادم كنا وحركتهِ العنصرية للمزايدة والمتاجرة بِحقوقنا القومية والوطنية .
حيث كان السيد يونادم وحركتهَ قَد إمتلكوا تلك المناصب وكَتبوا عليها (مُلك صرف "طابو " للسيد يونادم كنا ولأفراد حزبهُ العائلي "الحركة الديمقراطية الآشورية " ) !!!..عِلماً أن السادة عمانوئيل ويونادم هُما من قائمة واحدة تُعرف ب" قائمة الرافدين" ، المُتخاذلة في الدورات البرلمانية العراقية السابقة وربما الحالية أيضاً ، لأن هذهِ الكتلة النيابية لم ولن تستطيع تحقيق أَية مُنجزات تُلبي إرادة وطموحات الشعب المسيحي بِكافة تسمياته الكنسية والقومية ، كما يَدعون بأنهم يمثلونه في الحكومة وتحت قبة البرلمان العراقي !
كما وأن فوز السيد عمانوئيل بالمقعد البرلماني فإنه سوف يغير كثيراً من سياسة قائمة "الرافدين " الحركية الديمقراطية الآشورية برئاسة السيد يونادم كنا ، ولربَما سوف يكون لها فائدة على مُجتمعنا المسيحي "السرياني الآرامي " في العراق بعد معاناتهِ الصعبة مع السياسي المُخادع يونادم كنا وحركتهِ العنصرية المشبوهة . وخصوصاً بَعد أن خَسر السيد كنا منصبهُ وأتى خلفاً له السيد خوشابا رُغم أن الهدف الأساسي للإثنان وأحزابهم هو هدف واحد ويَصب في خانة الأشورة العنصرية المَقيتة التي باتت تُشكلُ خطراً كبيراً على الأُمة السريانية الآرامية في العراق ، لكن يَبقى الأمل في تغيير الوجوه السياسية والحكومية الفاسدة السابقة مَبعثُ أمل للجميع .
لنَعود إلى الموضوع الرئيسي للمَقال والذي يلقي الضوء على محاولات البطريرك الكلداني لويس ساكو وسَعيه مع بعض أصدقائهِ من السياسيين العراقيين لتَمرير مرشحة البطريركية الكلدانية السيدة "هناء عمانوئيل" الى منصب وزيرة الهجرة والمهجرين في كابينة عادل عبد المهدي ، فَهذهِ ليست المرة الأولى للبطريرك الكلداني لويس ساكو في حَصد الفشل وخَيبة الأَمل من جراء تدخلاتهِ المُتكررة في أمور السياسة ، ولقد سَبق هذا الفَشل تدخل سيادتهِ بين المُرشحين وقوائمهم وإعلانه عَن دَعمهِ لقائمة إنتخابية برلمانية مسيحية "كلدانية " مُعينة دون أخرى ، وللأسف الشديد فَقد إتخذ البطريرك ساكو في هذا الجانب جُملة من القرارات والمواقف الغير مدروسة ، كونه أعتمدها على أُسس كنسية وطائفية دون النَظر إلى المصلحة العليا لجميع المكونات المسيحية الأخرى ، وخاصة الذين يُعانون من الفقر والظلم والإضطهاد والتهجير المُمنهج منذ عام ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا ، والتي تَقف خلفهُ جِهات وأيادي سياسية داخلية وخارجية ، مما أحدثت تلك المواقف في حينها تَذمراً وإستياءاً شديداً لدى الشارع المسيحي من التَصرفات اللامسؤولة التي إنتَهجتها البطريركية الكلدانية برئاسة البطريرك لويس ساكو !!
وهكذا لايزال سيادة البطريرك الكلداني لويس ساكو ومعه القائمين على إدارة شؤون بطريركيتهِ يَمضون في الطريق السياسي بدلاً من الإهتمام بالأمور الدينية والكنسية والرعوية وخاصة في هذهِ المرحلة الصعبة والحساسة ، والمُصيبة أن البطريرك ساكو يَعمل مع الساسة العراقيين في الخَفاء ، ولكنهُ عندما يريد تمرير مشروعاً ما لصالحهِ فإن أصدقائهُ السياسيين يَخذولونه كما حَصل قبل أيام مع السيدة هناء عما نوئيل مرشحة البطريرك لوزارة الهجرة والمهجرين ، فالطَبخة والصَفقة السياسية للتوزير لم تَكتَمل بين البطريرك لويس ساكو والرئيس العراقي الدكتور برهم صالح لأن البرلمان العراقي قام بِإحراق هذه الطبخة والصفقة السياسية المَشبوهة التي حَصلت بين بطريرك الكلدان والرئاسة العراقية ، رُغم أن الجانبين كانوا قد أصدروا توضيحاً يَنفي حصول مِثل هذا الإتفاق ، وهذا ما تعودنا على سماعهِ دوماً من بعض الساسة ورجال الدين في العراق ، خصوصاً عندما تَنكشف الأوراق ويَنفَضح أمرهم في مِثل هكذا صفقات سياسية مَشبوهة .
وفي الخِتام أناشد البطريرك لويس ساكو بالإبتعاد عَن التدخل في السياسة والتَفرغ لشؤون كنيسته ورعيته الكلدانية ، وأُطالب سيادتهِ بإعادة النظر في جميع القرارات التي إتخذها سابقاً وإزالة نَظرة الإستعلاء والتَكبُر مِن قاموس أفكارهِ ، والتي أَودت هذهِ النظرة الإستعلائية المُتكبرة إلى تَمزيق النسيج الكَنسي المسيحي (المشرقي ) منذ أَن أَعلن سيادتهُ الإنسحاب من مَجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق ، وبِحجج غير مقنعة كانت قد أعلنت عَنها البطريركية الكلدانية في بيان كان قد صدَر في حينها حول قرار إنسحاب البطريرك لويس ساكو من هذا المجلس ، في حين كان الشعب المسيحي المُهجر في تلك المرحلة بِحاجة الى التلاحم والتكاتف بدلاً من الفُرقة والتَشتُت ، ولكن البطريرك ساكو ومن أجل المَنصب وإظهار " الذات " إختار الإنسحاب من المجلس لأسباب لم تُكُن مُقنعة بَتاتاً ، وكما إتضح لنا بعد ذلك أن سيادة البطريرك لويس ساكو يُحب كثيراً إظهار " الذات " وهذا ما أراد تحقيقهُ بالفِعل عندما قام بِمنافسة الأيزيدية "نادية مراد " على جائزة نوبل للسلام ، والمؤسف جداً أن يصل الأمر بالبطريرك ورجل الدين المسيحي إلى منافسة ضحية من ضحايا تنظيم "داعش " الإرهابي من أجل المال والشهرة !!
لذا ما أتمناه وأترجاه من سيادة البطريرك لويس ساكو أن يقوم بإصلاح ما يُمكن إصلاحهُ داخل الهرم الإداري في البطريركية الكلدانية لأنها باتت تثير الكثير من المشاكل داخل وخارج البطريركية من خلال إصدارها الكثير من البيانات والتوضيحات المائلة للسياسة أكثر منها دينياً وكنسياً ، والمصيبة أن العديد من بيانات وتصريحات البطريركية الكلدانية تَميل إلى إستخدام لغة التهديد والوعيد ضد من يكتب ويعارض تصرفات وسياسات رأس البطريركية . وهذا مايَدفعنا ويُحفزنا أكثر إلى إنتقاد رجال الدين المسيحيين لِكثرة تدخلاتهم في الأمور السياسية وإهمالهم للواجبات الدينية والكنسية والرعوية الهامة والرئيسية المُلقاة على عاتِقهم .
الروابط ذات الصِلة بِموضوع المَقال :
البطريرك الكلداني لويس ساكو يَستغل إجتماع بَطاركة كنائس الشرق الكاثوليك لأغراضهِ السياسية !!
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=915317.msg7629117#msg7629117
تعقيباً على إجتماع البطريرك لويس ساكو بالنواب *الكلدان * على طاولة رئاسية مستديرة !
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=905287.0
وشكراً
539 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع