قراءات في صحف عراقية قديمة

                                                       

                        ماجد عبد الحميد كاظم

 م/ قراءات في صحف عراقية قديمة

           

تضمن العدد 68 من جريدة "دجلة" الصادر بغداد بتاريخ 14 محرم الحرام سنة 1340 اموافق 16 ايلول سنة 1921 عدة مواضيع محلية اقتبست منها مواضيع ذات علاقة بالتعليم لافادة القارئ الكريم على جانب من الفعاليات التي كانت ضمن اهتمامات المواطنين في ذلك الوقت

حول المدارس العراقية / مدرسة التفيض الاهلية

للمدارس الاهلية اهمية كبرى ، ومنزلة سامية في الامم الراقية، وعليها المعول في تربية النشئ وبث الروح الوطنية الصادقة، وخير الامة والوطن ورقيها معقود بنواصيها ، فلمدارس الرسمية مهما بلغت من الرقي فاللاهلية مها القدح المعلى
لذلك نجد الشعوب الحية باذلة في سبيل تأسيسها كل ما في وسعها فلو سرحنا انظارنا في مدارس الامم المتمدنة وقسنا الاهلية منها بالرسمية لرأينا البون شاسعا ولما الفينا المدارس الرسمية - على كثرتها - تبلغ عشر معشار الاهلية وحسبك دليلا الامة اليابانية ففيسنة 1908 كانت فيها

المدارس الابتدائية الرسمية 3 / الاهلية 7122
المدارس الثانوية للحكومة 2 للذكور / 1 للاناث / المدارس الثانوية الاهلية 285 للذكور 132 للاناث
دور المعلمين والمعلمات الرسمية 2 / دور المعلمين للامة 12
مدارس الصنايع المختلفة للحكومة 13 / مدارس الصنايع المختلفة للشعب 788

فهذه هي اليد العاملة التي نهضت بها الى مصاف الامم الراقية

اما في قطرنا فالمدارس الرسمية على قلتها اكثر من من الاهلية عددا وارقى تدريسا ، وقد يذهب بعضهم الى اننا اذا قلنا بتفضيل المدارس الرسمية في حاضرتنا على الاهلية هو اعتقادنا ان الاولى كاملة من جميع الوجوه، كلا ان هذا خلاف ما نرمي اليه لاننا نعترف بالنقائص بالمدارس الرسمية ولكنها على علاتها ارقى من الاهلية ولا اخال احدا يخالفنا في دعوانا ، ومن قرأ المقالة المنشورة بعنوان "المدارس الابتدائية الرسمية في العاصمة" يتأكد صحة قولي

خلت هذه الربوع من المدارس الاهلية مدة طويلة كما خلت من الرسمية بعد ان كانت منهلا عذبا وشرعة واسعة لرواد المعارف وبقيت تتوالى عليها ظلمات الجهل فذهبت ب------- ، وتليدها

وما زالت ضاربة عليها اطلبها حتى قيض الله في السنوات الاخيرة ثلة من ابنائها فأسسوا مدرسة اهلية اطلقوا عليها المدرسة الجعفرية وسيأتي الكلام عليها في عدد آت

بقيت هذه المدرسة مشتغلة بتعليم ابناء الوطن حتى يومنا هذا ، ثم فتحت المدرسة الاهلية التفيض والمدرسة الحسينية

اسست مدرسة التفيض في سنة 1919 واخذ على عهدته ادارتها وتدريسها اياد عاملة وعالمة فكانت تربي التلاميذ افواجا افواجا ينخرطون في سلكها حتى ان ارقى تلاميذ المدارس الرسمية تركوا مدارسهم والتحقوا بها وكنا نشاهد عليها امارات الرقي التدريجي، ولكننا لا نتفق معها بفتح سبعة صفوف مرة واحدة فلو انها فتحت الصفوف الابتدائية الاربعة واستمرت تتدرج منها الى الصفوف الراقية لكان افضل
اما السبب الذي الجأهم الى فتح الصفوف الثانوية - حسب ما ارى - كثرة المدرسين حينذاك الذين كان جلهم من الرجال العسكريين العائدين الى وطنهم بعد عقد الهدنة ولم يتشبثوا بوظيفة ما
وما عتمت ان رأيناهم تركوها والتحقو بالجيش الوطني حتى اصبحت خالية منهم
اما آلآن فهي طوع المحامي البارع حسن رضا افندي فانه - والحق يقال - اقدر مدير يمكنه ان يستلم زمام ادارتها فقد رقت ازمنه رقيا جيدا فهي وان كانت ارقى المدارس الاهلية في حاضرتنا فلم يشأ النقص ان يقاطعها ان نقائص مدارسنا الاهلية وان افرد لها مقالا صديقي الاديب عوني بكر صدقي من وجهة عامة ولكنني اعود فاطرق هذا الباب من الوجهة الخاصة في النقاط التالية

اولا منهاجها
لمؤسسي المدارس الاهلية حرية تامة بسن المناهج اوبقبول مناهج المدارس الرسمية - كما سبق فذكرناه - فقد علمنا انها انتخبت منهج المدرسة السلطتنية التركية وعقبته في سيرها منذ فتحها ، ولكن انى لهم ذلك ودون تطبيقه خرط القتاد في هذا الوقت الحرج انى لهم تلك الالات والادوات الحكمية والكميائية لجعل الدرس عمليا اكثر منه نظريا ، انى لهم .... انى لهم
ها قد مضت على فتحها سنتان فأين الفائدة التي جنتها تلامذتها من الدروس؟
كان من الاجدر بالهيئة المحترمة ان تتأخذ من منهج المدارس الثانوية المصرية وتزيد عليه أو تسقط منه فتجتهد بان تجعله ملائما لذوق المدارس العراقية ، فانه قد سن من قبل هيئة عربية لمدارس عربية ولا شك ان الفائدة التي تجنى منه اضعاف ما تجني من غيره
واملنا بها ان لا تفتر همتها بل تواصل سعيها بكل جد ونشاط لرفعها الى مستوى المدارس الراقية


ثانيا بناؤها وموقعها

اكتب عن بنائها واني معتقد انه ليس في العاصمة بناء يصلح ان يكون محلا لمدرسة ، ولكن لايسعني الا ان اقول كلمتي عنه وان كانت موجزة. ان موقعها لم يكن مناسبا لكونه في محل ضيق تحيط به دور الاهلين . جميع الجهات حيث تكثر الضوضاء والجلبة .
ساحة المدرسة : بالنسبة لكثرة التلاميذ ضيقة ، صفوفها غرف قد بنيت للسكنى - كما هي الغاية من من انشاء هذه الدار

ثالثا وسائل الايضاح

لاينكر احد ما لوسائل الايضاح من المكانة الرفيعة في التدريس. فهي اكبر معين ومساعد للمعلم والمتعلمعلى النجاح في الدرس
ان وسائل الايضاح في مدارسنا عموما غير وافية بالغرض كما قال الاديب ( ع. ق ) في مقالته الماضية ، فالمدارس الاهلية لاتتعدى بقول الاديب ( عوني بكر صدقي ) في مقاله السابق من انها بقايا خرائط وتصاوير قد نقشت عليها الكلمات باللغة التركية التي لاتجدي التلاميذ فتيلا وهنا نطالب الهيئة بصفتنا من افراد الشعب ان تسعى لتوفير هذه الوسائل الضروري وجودها في المدارس وتكون قد ادت واجبا تجاه الامة في تربية نشئها

رابعا اللغة العربية

لقد ميزنا اللغة العربية على كافة العلوم واخترنا الكلام عليها لمكانتها من التعليم ووجوب مراعاتها واتقانها على التلاميذ لانهم لايدرسون العلوم الا بها فأستبقنا الاشارة اليها عن باقي العلوم
ان اللغة العربية من الدروس التي يجب في تدريسها اتباع الطريقة الاستنتاجية . لذلك يجب تسليمها الى مدرس حاذق حازم يتصرف في تدريسها حسب مقدرته العلمية ومهارته، مستندا على اصول التدريس الحديث المستنبط من تجاريب علماء التربية والمؤسسة على قواعد علم النفس
ان هذه اللغة مع وجوب الاهتمام بها فهي منحطة في هذه المدرسة " حتى ان علم الاملاء لايرس الا في صفوف الصفوف الدنيا " ؟؟
ولولا الغضب من النقد وان الحقيقة جارحة لتعرصنا الى غير ذلك. ولكن اذا بقيت ودامت على حالها لانعود نهضم ما اخفيناه لحد آلآن ، واملنا وطيد بأن الهيئة ستتخذ لها خيرا من دارها وتهيئ لها الاساتذة الاكفاء وان تعهد لكل واحد منهم بالدرس الذي نبغ بهلكي تسير سيرا حسنا نحو الرقي والكمال بنشئنا الكريم وعهدنا فيها الا تخيب ظننا لاسيما ما ظهر اليها من صدق نوايانا واخلاص سرائرنا نحو المصالح الوطن

بغداد ص ل

وزارة المعارف 

تقرير عن شغل نظارة المعارف وتقدمها في السنة المدرسية 1920 - 1921

بدأت السنة الدراسية في سبتمبر 1920 وكانت الصعوبات كبيرة بسبب الاضطرابات التي من جرائها اقفلت مدارس عديدة واضطر عدد كبير من المدرسين ان يبقوا في بغداد لانهم لم يتمكنوا من الذهاب الى مدارسهم في الجهات المختلفة غير ان منطقتي الموصل والبصرة لم يقع عليهما نفس التأثير. وكانت نظارة المعارف تدفع لاولئك المدرسين الذين تعذر عليهم الالتحاق بمدارسهم مخصصات الى ان هدأت الاحوال واعيدوا الى مراكزهم وما كاد ينتهي شهر ديسمبر حتى كانت جميع المدارس قد فتحت ثانية ونتيجة الشغل كانت حسنة هذه السنة رغما عن وجود المصاعب الكثيرة في بدئها وقد فتحت عدة مدارس جديدة وزاد عدد الطلبة في كل منها الى درجة اضطرت منها النظارة لزيادة المدرسين.
في بداية السنة الجديدة وجد من الضروري اجراء تعديل في رواتب المدرسين في البلاد تخلصا مما كان في الترتيب القديم من الخطأ الظاهر ولرفع العدد الاول، سنة من عهدها يبشر بنجاحها ونموها في المستقبل وهي المدرسة الثانوية الوحيدة في بغداد التي يمكن تحصيل الدروس الثانوية الحقيقية فيها، لان مستوى الدروس التي تدرس فيها اوفى من مستوى علوم اي مدرسة غير رسمية في البلاد ، ويساعد المدير في القيام باعمال هذه المدرسة نخبة من الوطنيين وغيرهم. ان الامتحانات النهائية لهذه المدرسة عقدت في اوائل يوليو فاحرز طلبتها نجاحا كبيرا كما ان مدرسة الموصل الثانوية اظهرت تقدما كبيرا ايضا مع انه يجوزان حظها من المدرسين لم يكن كمدرسة بغداد ولكن للنظارة الامل في ارسال بعض المدرسين الاكفاء من الخارج اليها السنة المقبلة اما مدرسة البصرة الثانوية فقد كانت في نفس بناء المدرسة الابتدائية وكان مدير المدرسة الابتدائية يشارف على شؤونها ولكن في شهر سبتمبر القادم ستنفذ في بناء خاص بها اما نتيجة الامتحانات النهائية فلم تصل الينا للان من الموصل والبصرة وقد وضعت نظارة المعارف قسم الفنون من المدرسة العلمية بكركوك تحت ادارتهاونظمته الى مدرسة ثانوية والامل انه سيكون لهذه المدرسة نجاح كبير في المستقبل وقد ارسل مدير معارف منطقة الموصل تقريرا حسننا بعد قيامه بدوره قصد التفتيش والامتحان

التعليم الصناعي
بالرغم عن ضيق المكان القائمة فيها مدرسة الصناعة في بغداد فان هذه المدرسة قد نمت نموا يذكر وبزيادة العدة والادوات الحديثة يتخرج منها الان عدد من الشبان وقد احرزوا خبرة فنية حسنة ليشتغلوا في دوائر الحكومة وان ادارة السكك الحديدية على الاخص تساعد المدرسة المذكورة في هذا الامر اذ انها ستدخل في معاملها في آذار المقبل ثلاثين من هؤلاء الشبانواما في كركوك والبصرة ستفتح مدارس صناعية جديدة في شهر ديسمبر وقد عين لهذه المدارس اساتذة واستحضرت العدة اللازمة لها انما البنايات لاتزال في دور التجهيز

دار المعلمين
لم تكن دار المعلمين ببغداد هذه السنة اقل نجاحا من غيرها من المدارس فان عدد الطلبة فيها كان (95) منهم ( 65 ) كانوا يسكنون في المنزل المخصص لهم حيث يقدم لهم الطعام ايضا . وكان عدد الناجحين من طلبة السنة الثانية في الامتحانات النهائية ( الكتابية والتطبيقية ) 32 طالبا وسوف يعين هؤلاء معلمين في اول سبتمبر ويجهز الانفي دار المعلمين مختبر لاجراء الاختبارات والتطبيقات العلمية وسيكون ذلك ليس لطلبة دار المعلمين فقط بل لطلبة المدرسة الثانوية ببغداد ايضا وستنشأ مختبرات كهذه في البصرة والموصل ايضا

المدارس الابتدائية والاهلية
عقدت الامتحانات في هذه المدارس في اول يوليو وقد اجري لطلبة الصفوف الرابعة الابتدائية في بغداد والموصل والبصرة امتحانات تحريرية وشفاهية خاصة بهم طبعت اوراقها في بغداد ووزعت قبل الامتحانات على المراكز الاخرى بظروف مختومة وعقدت الامتحانات جميعها في المراكز الثلاثة في نفس الوقت لجدول الاوقات الذي كان اعد لذلك قبلا وبهذا كانت الفرص التي اعطيت لتلاميذ لاظهار نجاحهم في المراكز الثلاثة على حد المساوات وكان مجموع الذين اشتركوا في هذه الامتحانات بالمراكز الثلاثة مائة طالب وقد دعيت المدارس الاهلية للاشتراك بهذه الامتحانات ولكن لم تقبل الدعوة الا اثنتان منها مدرسة الكلدان في بغداد والمدرسة الاسرائيلية في البصرة وتسهيلا لطلبة ه\ه المدارس قد طبعت اوراق الامتحانات حيث دعت الضرورة باللغتين العربية والانكليزية وان عدم اشتراك عدد اكبر من المدارس الاهلية في هذه الامتحانات لما يوجب الاسف لما يترتب على اشتراكها من الاهمية اذ به يعرف مستوى هذه المدارس بالنسبة الى بعضها ببعض. واما نتيجة هذه الامتحانات بالنظر الى نجاح المناطق الثلاث فكان
الاولى منطقة بغداد والثني منطقة الموصل والثالث منطقة البصرة وقد احرزت مدرسة البارودية ببغداد الدرجة الاولى بين مدارس البلاد واما بين الطلبة فقد حاز السيد يوسف بن السيد عبد الله الكيلاني على جميع طلبة البلاد واحرز الدرجة الاولى وهو من طلبة مدرسة باب الشيخ وقد نال 164 درجة من المجموع الكامل وهو 260 درجة
واما امتحانات بقية الصفوف في جميع المدارس فقدتولى امرها المدراء وسوف ترقى الطلبة في السنة المقبلة طبقا لنتائج هذه الامتحانات
وقد اقيمت مدارس صيفية للمدرسين في بغداد والموصل مدة العطلة الصيفية لسنة 1921 وقد اقبل عليها عدد كبير من المدرسين وفي هذه الاونة يلقي نخبة من الافاضل محاضرات عمومية في مواضيع طبية، ادبية، وعلمية بالمدرسة الثانوية عند المساء ثلاث مرات في الاسبوع وقد برهنت هذه المحاضرات على انها مفيدة كما انها لاقت استحسانا عند الجميع، وامل ان يكون انجاح والتقدم في السنة المدرسية المقبلة اكثر منه في هذه السنة

بغداد في 7 اغسطس 1921
وزير المعارف

                           انتهى الاقتباس

توخيت اقتباس هذا الموضوع المتعلق بشؤون التربية والتعليم الذي يعطي القارئ الكريم على الجهود الحثيثة والاخلاص في العمل الذي اضطلع به بناة العراق الجديد واسأل الله تعالى لهم الرحمة ، وان ابراز هذه المجهودات يستوجب الثناء والتقدير

وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم

ملاحظة: ارفق طيا صورة الصفحة الاولى من الجريدة المذكورة اعلاه

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

534 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع