علاء البنداوي*
الوزير الدكتور محمد ناصر- سيرة موجزة
تميز تاريخ العراق المعاصر بظهور شخصيات فكرية وتربوية وسياسية ، كان لها الدورا الكبير في أحداثه , والاسهام في بناءه في الجوانب المختلفة , وقد حظيت هذه الشخصيات باهتمام الدراسات الاكاديمية , في الجامعات العراقية والعربية والاجنبية , لأن دراستها ألقت الضوء على جوانب كثيرة من أحوال العراق العامة , ولم تتقاطع تلك الدراسات مع دراسة أوضاع العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجوانب الاخرى , بل أدت الى التعمق في دراستها .
ومن هذه الشخصيات , هي شخصية محمد ناصر , الذي ولج ميدان الحياة منذ نعومة أظفاره , وساهم في القطاع التربوي في العراق والحياة السياسية منذ بدايات شبابه , ولأن شخصية محمد ناصر البصرية , كان لها دور في الجوانب المذكورة اذ شغل مناصب ادارية ووزارية فيما بعد في بداية الاربعينيات من القرن الماضي وما بعدها, فكان محمد ناصر وزيراً وباحثاً ومحاضراً وكاتباً ومترجماً .
هو محمد بن ناصر بن عثمان بن علي بن عثمان بن ناصر, وتعرف عائلته بال عثمان او ال الناصر ويرجع نسبه الى عشيرة بني حسين او ( الحسينات ) , المنتشرة في الجزيرة العربية , وهذه العشيرة نزحت من الحجاز , وأخذت أسمها عن جدها الاقدم ( حسين ) , وتعد العشيرة بطن من بطون عشائر الضفير التي كانت منتشرة في الحجاز.
ولد محمد ناصر في ضوء ما جاء بالوثائق الرسمية سنة 1911 , في قرية باب سليمان , في أبي الخصيب في لواء ( محافظة ) البصرة , وكان هو الولد الثالث في تسلسل أخوته , في عائلة ميسورة الحال , متمسكة بالعادات والتقاليد المحلية , قضى معظم أوقاته, عندما كان صبياً , في اللعب مع أطفال منطقته ,وكانوا في الاغلب من أقاربه ، وفي بعض الاحيان يأخذه والده معه الى البستان لجلب بعض مما كان قد زرع فيه من المحاصيل ، و حين بلغ السادسة من عمره أرسله والده الى الكتاب أو الملا, أي معلم القرية ، فأكمل محمد ناصر تعلم قراءة القران الكريم وحفظ الكثير من سوره المباركة ثم أرسله والده الى ملا اخر لتعليم القراءة والكتابة والحساب ، وبعدها طلب من والده ان يرسله الى المدرسة الابتدائية فأستجاب والده للطلب وادخله الى المدرسة المحمودية , الابتدائية الكائنة في مركز قضاء أبي الحصيب , وهي أيضاً لم تكن بعيدة كثيراً عــن ( باب سليمان ),كان دخوله الى المدرسة الابتدائية في بداية العام الدراسي 1921 -1922 , وأمضى فيها ست سنوات حيث أكمل مرحلة الدراسة الابتدائية , فدرس فيها اللغة العربية والدين والحساب والجغرافية والتاريخ والمعلومات الاخلاقية والهندسية والصحة بالإضافة لمواضيع عامة اخرى . وتخرج في المدرسة المذكورة في شهر حزيران سنة 1927 , وكان من الطلبة المتقدمين .
دراسته في دار المعلمين 1927- 1931 :
في شهر حزيران , من سنة 1927 , أتفق مع زملاء له من الدراسة السابقة , على التقديم للدراسة في دار المعلمين في بغداد , فقدموا أوراقهم لها , وبعد اسابيع قليلة تم قبولهم فيها ، وتخرج محمد ناصر من الدار , في شهر حزيران سنة 1931 .
الوظائف التي شغلها في المدة ما بين 1931- 1964 :
عُين محمد ناصر معلماً في مدرسة تطبيقات , دار المعلمين الابتدائية في الاول من شهر تشرين الاول عام 1931 ولغاية الثالث من شهر أيلول 1932 , حيث دّرس فيها اللغة الانكليزية ، قد رُشح محمد ناصر للبعثة الدراسية الى الجامعة الامريكية في بيروت . وكان عقد البعثة لمدة ســنتين الى الجامعة الامريكية في بيروت , وســنتين اخريين الى جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الامريكية , وألتحق محمد ناصر بالبعثة العلمية في 1/ تشرين الاول/1932 .
بعد انتهاء دراسته وحصوله على درجة البكالوريوس من الجامعة الامريكية في بيروت عام 1934 ، سافر الى الولايات المتحدة الامريكية في آب عام 1934 , لإكمال دراسته العليا في حقل التربية , فالتحق بجامعة كولومبيا , في بداية العام الدراسي 1934-1935 , لم يكمل محمد ناصر دراسته للدكتوراه في كلية المعلمين في جامعة كولومبيا الا في سنة 1955 ، وعُينّ محمد ناصر أستاذاً زائراً في جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس عام 1954, وقضى فيها عاماً واحداً , عمل خلالها مع اللجان الجامعية في الجامعة المذكورة , لإنشاء قسم الشرق الادنى .
عاد محمد ناصر الى العراق , بعد حصوله على درجة الدكتوراه , ونسب للتدريس في دار المعلمين العالية , وأسّس مع نخبة من خريجي الجامعات الامريكية فرع العراق لجمعية (( رابطة التربية الحديثة )) , في أواخر عام 1937 .
وأستمر محمد ناصر في عمله في التدريس أصبح معاوناً لعميد دار المعلمين العالية للشؤون الادارية , في 17/آب/1940 ولغاية 9/آذار/1941 حيث تم نقله الى البصرة وعُيّن مديراً للمعارف فيها و أصدر وزير المعارف أنداك أحمد مختار بابان قراراً بتعينه في 26/ تشرين الاول/ 1957 ، على الرغم من أن محمد ناصر قد انتخب عميداً من قبل مجلس دار المعلمين لمدة أربع سنوات تبدأ من (26/ تشرين الاول /1957 ) وتنتهي في (26/ تشرين الاول /1961 ) , إلا أن عبد الجبار عبد الله , رئيس جامعة بغداد أصدر أمراً في 10/شباط/1959 , بإعفاء محمد ناصر وإعادته الى التدريس , وأسفرت الانتخابات عن فوز الجبهة التعليمية الموحدة التي يرأسها محمد ناصر , وبذلك أصبح نقيباً للمعلمين سنة 1961 ، أستمر محمد ناصر في عمله نقيباً الى انتخابات الدورة الرابعة في بداية عام 1962 .
اهتماماته السياسية :
كانت سنوات أواخر عقد العشرينيات بداية للتفتح الفكري بين المجاميع الذين بدأوا يتخرجون في المعاهد العلمية العراقية وتوسعت اهتماماتهم بالأمور الوطنية مع حس قومي واضح ، فضلا عن ذلك فقد كانت المشاعر الوطنية قوية في أوساط دار المعلمين ببغداد . فكان من ذوي الاتجاه القومي وكان له نشاط السياسي الوطني والقومي ، ابرزه كان مشاركة محمد ناصر في المظاهرات ضد زيارة ألفرد موند شباط 1928، و مشاركة محمد ناصر في المظاهرات المطالبة بالاستقلال وانهاء الانتداب 1930 . ودور محمد ناصر في تأسيس جمعية الجوال العربي 1934-1941 ، و موقف محمد ناصر من حركة مايس 1941 . وموقف محمد ناصر من العدوان الثلاثي على مصر 1956 ، و موقف محمد ناصر من ثورة 14 تموز 1958 . موقف محمد ناصر من انقلاب 8 شباط عام 1963 .
وقد اصبح وزيرا للتربية والتعليم سنة 1964 وتأسست في عهده جامعة البصرة ووزيرا للثقافة والارشاد بين عامي 1965 و1966 ، وقد خرج من الحكومة مع استقالة رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز وغادر الى الكويت سنة 1967 بطلب من وزير التعليم الكويتي للمساهمة في انشاء جامعة الكويت وترأس قسم التربية وعلم النفس واستمر فيها لغاية سنة 1991 عاد الى العراق وتوفي في بغداد سنة 2002 اثر مرض سرطان الدم.
*المدرس المساعد: علاء البنداوي
تدريسي في وزارة التربية العراقية
ماجستير آداب تاريخ حديث ومعاصر
957 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع