معركة تغيير المناخ

                                                          

                                  الدكتور هيثم الشيباني
                                     خبير في البيئه


معركة تغيير المناخ


توصلت بعد التأمل الطويل والبحث المكثف الى توظيف عقلي وفتح عيني على واحدة من الكوارث التي تهدد البشريه فصارت تجتاح المعمورة كلها , الا وهي التغيير المدمر في المناخ , حيث أن القسم الأكبر من هذا التغيير حصل بسبب فعاليات الانسان من جراء الصناعات الثقيلة الملوثة للبيئة واستخدامات الوقود الأحفوري والحروب التي يقتنع بها أصحاب القرار وحدهم .
سبق أن نشرت مقالا بعنوان (مؤتمر باريس ومعركة المناخ) في شهر شباط عام 2018
ان تغييرالمناخ الذي فعل العجائب, و دمرمدنا بكاملها وأغرق سواحل وقرى بأمطار وثلوج وغيرها راح ضحيتها الاف البشر.
 انه من أبرز التحديات الرئيسية في هذا العصر, فقد عرضت الفضائيات  العالميه  مثل   الCNN وBBC طبقات الثلوج التي غطت صحراء الجزائر الحاره , ومقاطعة كاليفورينيا التي شاهدت قبل ذلك بشهر حرائق مخيفه تعذر اطفاؤها , لكنها واجهت بعدها سيولا وانهيارات طينيه مروعة , فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث القوة والتأثير . ان تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي والحيواني , و ارتفاع منسوب مياه البحار  زاد من خطر الفيضانات الكارثية  , مم  يتطلب القيام بإتخاذ إجراءات جذرية فورا . تحدث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل طبيعي وهي ضرورية لبقاء البشر والملايين من الكائنات الحية الأخرى على قيد الحياة عن طريق الحفاظ على جزء من دفء الشمس وعكسها مرة أخرى إلى الفضاء لتجعل الأرض صالحة للعيش , على أن لا تتجاوز هذه الغازات الحدود   المتفق عليها دوليا  والمحسوبة بدقة . لقد أدى قرن ونصف من التصنيع المكثف, حيث تطلب ذلك قطع واسع جدا لأشجارالغابات وأساليب معينة في الزراعة , مما أدى الى ارتفاع كميات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي, وقد تراكمت هذه الغازات (الغازات الدفيئة) بخط بياني صاعد.
وهكذا تزايد تركيز الغازات الضارة منذ عهد الثوره الصناعيه , مصحوبا بازدياد حرق الوقود الأحفوري (نفط ,غاز ,فحم) وخصوصا زيادة ثاني أوكسيد الكاربون.
ان من يتجاهل تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري , كأنه يقبل نحو الموت غرقا أواختناقا أو حرقا وهو عاى معرفة مسبقة بحجم المصير الكارثي الذي ينتظره والبشرية جمعاء.
ان تغيير المناخ في المعموره فرض نفسه وتخطى الحدود السياسية التي رسمتها أقلام القوى الكبرى على خرائط فرشت على المناضد بدأت بيضاء أولا ثم ملأتها تلك الأقلام من قبل تجار الحروب والمصالح  التي توزعت حسب القوميات والأديان والأعراق وغيرها من المسميات. وشاهدت منطقتنا مثل غيرها من مناطق العالم تقسيمات ظالمه , بغض النظر عن حقوق الانسان  بل  راعت أهواء المنتصرين بالدرجة الأولى بعد الصراعات المسلحة والحروب الساخنة في كثير من الأحيان , والحروب الباردة في بعض الأحيان. ولعبت الأطماع المادية والثروات الاقتصاديه  والطبيعيه للدول المنتصره الدور الرئيسي في التوزيع المجحف.
كل ما تقدم يؤكد أن تغيير المناخ والكوارث المترتبة عليه تعبر تلك الحدود المفتعله والمصطنعة , ولا تميز بين الدول وقوتها وأجناس البشر وألوانهم وانما شملت الجميع دون استثناء.
نشير باهتمام كبير الى العدد الاجمالي لسكان الأرض الذي تجاوز 7 مليار حسب احصائية عام 2012 و هناك نسبة مئوية تضاف سنويا الى هذا الرقم. كما أن هناك مجموعة لا يستهان بها ولا تستحي من التحدث بأفكارها, قوية التأثير في حركة الحياة , وتضم بعض تجار الحروب والمستفيدين من الفواجع الانسانيه , ترفع شعارا يؤمن بضرورة  تقليل عدد سكان الأرض, تحت مبرر تحقيق السعادة والرفاهية للباقين على قيد الحياة. ولو صدقنا بوجود هذه النظريه نستنتج مخاوف من حروب و ممارسات وحوادث وكوارث تبدو طبيعية في الظاهر الا أنها مصطنعة.
يقينا أن من يضع نصب عينيه خطر تغيير المناخ على عموم الأرض, والعراق جزء منها , تهون عنده مشاكل مثل ( تعريف الكتلة الأكبر في برلمان عجيب في تفاصيله ).
لا بد أن نميز الفرق بين الطقس والمناخ , فهناك اختلاف كبيرفي المعنى بينهما.المناخ هو حالة الجو لمنطقة معينة خلال فترة زمنية طويلة نسبياً تمتد لشهر أو فصل, وتؤخذ الصفات المناخية لمنطقة ما من خلال مراقبتها وتسجيل الملاحظات حولها على فترة زمنية عادة ما تكون ثلاثين سنة, حيث يتم أخذ المعدلات الخاصة بعناصر الطقس, مثل درجات الحرارة العظمى والصغرى, وطبيعة الرياح, ومدى الإشعاع الشمسي, ونسب الرطوبة. ومن طبيعة المناخ يتم تحديد نوعية الغطاء النباتي المنتشر في المناطق, ومصادر المياه الجوفية والسطحية, وأنواع الهطول, ودرجات الحرارة في تلك المناطق. أما تعريف الطقس فهو عكس المناخ حيث يطلق على الحالة الجوية لمنطقة معينة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً, وهو يعني أيضاً الحالة الجوية الناتجة عن تقلّبات تحدث في الغلاف الجوي, في المنطقة القريبة لسطح الأرض, وبشكل خاص في طبقة تدعى التروبوسفير , وهي الطبقة الملاصقة للأرض وترتفع 6 كم فوق القطبين و18 كم في خط الاستواء.
  تعتبر حالة الطقس من أكثر العناصر المؤثّرة في الحياة العمليّة للبشر, فهي تؤثّر على  التنقل, ونوعية الملابس, والحالة العامة من حيث الشعور بالدفء أو البرودة, وعناصر الطقس الأخرى  مثل: المطر, والثلج, والبَرَد, والضغط الجوي, ونسبة الرطوبة.  يعتبر  التنبؤ بالطقس من أهم ما يتم الاعتناء به على المستوى الإعلامي, فيتم تحديث البيانات بشكل دوري ولعدة مرات يومياً .
أظهرت دراسة بتكليف من الحكومة البريطانية , خاصة بالمناخ أن الكرة الأرضية مقبلة على تحولات مناخية خطيرة. وحذر الباحثون الذين أشرفوا على إنجازها من عواقب الارتفاع المتسارع والملحوظ في درجة حرارة الأرض نتيجة تزايد انبعاثات الغازات السامة في الغلاف الجوي. وجاء في الدراسة التي عرضت  في لندن إن التحولات الجويه ستؤدي إلى تقلص الاقتصاد العالمي وتراجع معدلات نموه, وهو ما سيؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية بشكل مقلق. وقدرت الدراسة نسبة هذا التراجع بنحو  20%. كما رأت بأن الكوارث الطبيعية الناتجه من التحولات المناخية ستدفع ما يزيد على مائتي مليون شخص إلى النزوح بحثا عن مأوى هربا من الفيضانات والجفاف. وهو الأمر الذي يهدد بدوره الحيوانات والنباتات التي سيتعرض أكثر من 40 %   منها للانقراض .
سجلت البيانات ارتفاعا غير مسبوق في درجات حرارة الأرض , تنذر بأخطار كارثيه  , حيث أثبتت دراسة قام بها المركز الأمريكي الوطني للأبحاث , أن الكرة الأرضية شهدت ارتفاعا في متوسط درجة حرارتها هذا العام لم تشهده منذ 400 عام , وأن هذه الزيادة   تنذربالخطر, فالمطلوب وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري, وصار مؤكدا أن الانسان يدمر الطبيعه والبيئة التي يعيش فيها.
ومن المؤكد أن البيئه التي تخدم البشر وتقدم لهم كل أسباب الراحة والرفاهية والسعادة , تغضب وتثور بقوة اذا لم يحسن البشر التعامل معها.
 أن الصناعة الملوثة للبيئة التي أوجدها الانسان لمصلحته ,على حساب ضوابط البيئه وشروط الصحة العامه, تحمل من أنانية الأثرياء الكثير, ومعظم هؤلاء لا يكترث بمسميات يسخر منها أحيانا مثل البيئة الخضراء. وعليه فان معظم الأغنياء في مقدمة أعداء البيئه.
ان معظم الدول العربية موجودة ضمن مجموعة الـ77  وهذه بدورها تنسق بين مواقف أعضائها في مفاوضات مؤتمر المناخ .
تحدث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل طبيعي وهي ضرورية لبقاء البشر والملايين من الكائنات الحية الأخرى على قيد الحياة عن طريق الحفاظ على جزء من دفء الشمس وعكسها مرة أخرى إلى الفضاء لتجعل الأرض صالحة للعيش. ولكن بعد أكثر من قرن ونصف من التصنيع , وإزالة الغابات , والزراعة واسعة النطاق ,ارتفعت كميات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات كبيرة جدا لم تشهدها  المعمورة منذ ثلاثة ملايين عام. وبينما تنمو الاقتصادات ومستويات المعيشة للسكان, فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة) آخذة في الإرتفاع أيضا. كذلك الحال بالنسبة للمستوى التراكمي من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. (انبعاثات غازات الدفيئة), وكشفت  الدراسات أن عام 2017  من أكثر ثلاثة أعوام ارتفاعا في درجات الحرارة المسجلة.
ومن المنطقي القول حيث أن المناخ يتغير, فعلينا أن نتغير.    
تعتبرحماية المحيطات  نقطة ارتكاز أساسية لمسألة مكافحة تغير المناخ, ويدخل الموضوع في صلب مؤتمر الأمم المتحده المعني بتغيير المناخ, والذي جرى في مدينة بون الألمانيه في عام 1917.
لقد أشارت الدراسات الأخيرة أن عشرة ملايين طن من القمامة يتم سنويا إغراقها في المحيطات, وإذا استمر الأمر على ما هو عليه فمن الممكن أن يصبح عدد النفايات الموجودة في قاع المحيطات أكثر من عدد الأسماك التي تعيش في مياهه وذلك بحلول العام الفين وخمسين.
 وعليه تعتبر النفايات البحرية من أكثر المخاطر التي تواجه المحيطات في الوقت الحالي.
لذلك أقر الاتحاد الأوروبي قانونا جديدا يهدف إلى الحد من النفايات البحرية بنسبة تصل إلى ثلاثين في المئة. القانون الذي سيبدأ سريانه بحلول  عام 2020 , سيحد من أنواع  النفايات الأكثر شيوعا على الشواطئ.
وتعد المحيطات إحدى العوامل الرئيسية للمناخ , فهي تستوعب نحو 90 في المئة من حرارة الكوكب كما تحتوي على 30 في المئة من ثاني أكسيد الكربون, كما تقوم المحيطات بضخ ما يقرب من 50 في المئة من الأوكسجين الموجود في الهواء.
ان التهديدات المحيطة بنا تزداد بشكل كبير, وأيا كانت الإجراءات الوقائية التي نتخذها اليوم فلن يكون لها تأثير فوري على المحيطات غدا, حتى وإن توقفنا عن انتاج غاز ثاني أكسيد الكربون الضار اليوم   فسوف تستمر في امتصاص ما انتجناه بالفعل لعقود قادمة, وإن حدث وتوقفنا عن ألقاء النفايات البلاستيكية في المحيطات فلن تتوقف الدوامات البحرية من جمع ما بها الآن من نفايات لعقود قادمة أيضا, إذن يجب الاستمرار في الأعمال الوقائية والعلاجية على حد سواء.  
صرح المفوض الأوربي للبيئة والشئون البحريه  كارمينو فيلا : أعتقد أن الإجراء الأول والأكثر أهمية الآن هو وقف انتاج ثاني أكسيد الكربون فورا.
 والإجراء الثاني هو تطبيق الأنظمة الإيكولوجية السليمة.  
 والإجراء الثالث هو أن نتحد جميعا وبأسرع وقت ممكن  .
وتبقى عالقة في ذاكرة التأريخ البشري ,  ثورة البراكين التي  أدت الى اندثار الحياة البحرية قبل 100 مليون سنة.
 ومن غرائب تغيير المناخ هو تزايد العواصف الثلجيه بالعالم بسبب الاحتباس الحراري حيث امتد الثلج على مساحات واسعة من العالم هذا العام , وشكلت العواصف الثلجية التي ضربت النصف الشمالي من العالم خلال الأشهر الماضية مادة جيدة للجدل السياسي والعلمي بين العديد من الجهات, خاصة بالنسبة للذين اعتبروا أنها تعمق في الشك حول حقيقة الاحتباس الحراري .
واعتبر الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي , أن كثافة الثلوج في الولايات المتحدة تتناقض مع التحذيرات حول ارتفاع حرارة الأرض, بينما عاد بعض العلماء للحديث عن فبركة أرقام تتعلق بحرارة الكوكب.
ولكن الباحث في علوم المناخ جيف ماسترز اعتبر أن العواصف الأخيرة هي دليل إضافي على ضخامة تأثيرات الاحتباس الحراري ومدى قوته, مضيفاً الى أن تعرض مدن أمريكية في العام نفسه إلى أقسى عواصف ثلجية في تاريخها ليس بمحض الصدفة.
واعتمد ماسترز على أبحاث متعقلة بالمناخ قالت إن الهواء الساخن ( بخلاف البارد )  قادر على حمل كميات كبيرة من الرطوبة الناتجة عن تبخر مياه البحر, الأمر الذي ينعكس بتساقط المزيد من الثلوج,علماً أن تبدلات المناخ هي المسؤولة عن ارتفاع حرارة الهواء.
وذكر تقرير علمي نشرته مجلة تايم أن العالم سيصل في نهاية المطاف إلى نقطة يتوقف فيها تساقط الثلوج بسبب ارتفاع حرارة الأرض, ولكن بانتظار تلك اللحظة, فإن العواصف الثلجية ستكون أكثر حدة بسبب رطوبة الهواء المرتفعة.
واعتبر التقرير أنه بناء على ما سبق, فإن قلة الثلوج في مدينة فانكوفر الكندية التي استضافت احدى الألعاب الأولمبية الشتوية,لم ينجم عن الاحتباس الحراري العالمي, بل عن ظروف محلية, باعتبار أن التقلص الدائم للغطاء الثلجي المسجل في فانكوفر بحاجة لعقود من الزمن.
 بعدعقود من تحذيرات العلماء من أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تعمل على رفع درجة حرارة كوكب الأرض,  بدأت الدول في ثمانينيات القرن الماضي بالتفكير في مواجهة هذه المشكلة.
وفيما يلي تسلسل زمني لأهم الجهود الدبلوماسية لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري, وصولا إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باريس:
مونتريال 1987معاهده للحد من انبعاثات الغازات المضره للأوزون.
نيويورك 1988 تشكيل لجنه أمميه معنيه بتغيير المناخ.
لندن 1990 اجتماع تقييمي حول الغازات الدفيئه.
طوكيو 1997 بروتوكول كيوتو للحد من انبعاثات الغازات الدفيءه.
ريودي جانيرو 1992 اتفاقية الأمم المتحده حول تغيير المناخ.

مؤتمر باريس بشأن تغير المناخ ,2015 ديسمبر .
هذه الاتفاقيه تقر بوجود تغيير مناخي مصدره الانسان. ويضع على البلدان الصناعيه الأسبقية في تحمل مسؤولية مكافحة هذه الظاهره.   
يدعو الإتفاق جميع الدول الغنية والفقيرة للتعهد بإتخاذ اجراءات بشأن تغيير المناخ بحصر احترار الأرض بأقل من درجتين مئويتين فوق المستوى الذي كان عليه قبل الثورة الصناعية. ومن المقرر أن يحل الاتفاق محل بروتوكول كيوتو الذي سينتهي العمل به سنة 2020.
حيث اتضح أن الدول الصناعية الكبرى تتقدم الدول باحداث التلوث البيئي وبالتالي الاحتباس الحراري , وأبرزها الصين والولايات المتحدة الأمريكيه.ونصت المؤتمرات  الدوليه على التزامات جديةعلى هذه الدول الملوثه للبيئه , فقد اعلنت الولايات المتحده عدم مشاركتها في مؤتمرات مواجهة تغيير المناخ.الا أن غالبية الدول لا تتفق مع هذا الاعلان والموقف الغريب,وعبرت عن ذلك في مؤتمرات ولقاءات دوليه كان آخرها مؤتمر بون الذي عقد في 2 مايس 2018.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع