د علوان العبوسي
24 / 3 / 2019
العراق الى المجهول
تحية طيبة ...اعتادت الدول بكل مستوياتها بوضع تفاصيل منهجية لعمل اداراتها الوطنية لكي تسير عليها تباعا ضمن خطط خمسية او عشرية لتحقيق اهداف دفاعها الوطني الاستراتيجية، وهكذا لكافة تفرعاتها المختلفة، بغض النظر لما سبقتها من إدارات تستكمل لما قبلها. في بلدنا العراق بعد الاحتلال غاب هذا الموضوع جملة وتفصيلاً أسبابها باتت معروفة لأبسط فئات المجتمع ، وحل محلها الاجتهاد الاني غير المبرمج بالشكل الصحيح في أسس بناء الدولة ، لا اقول العصرية المعاصرة بل حتى الدول الصغيرة البدائية لضمان سيادتها وقوتها وسمعتها بين دول العالم ، السبب الرئيس هو مبدئ المحاصصة المتخلف الذي اعتمدته السلطات الثلاث للدولة لسد الفراغات الطائفية التي ارتكز عليها هذا المبدئ بغض النظر لمستوى الكفاءة والوطنية والارتباط المبدئي بالعراق ، نتج عنه فوضى وازمات في كل مفترق الاعمال سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى امنياً ومعنويا ونفسيا ...الخ ، المشكلة الرئيسة ان المسؤول الأعلى والأدنى يعلمون علم اليقين ان ذلك لا يصب في مصلحة البلد وهذه الفوضى والأزمات مفتعلة بسببهم وهم غير قادرين على سلوك النهج الصحيح في بناء الدولة وباتوا في حقيقة الامر ينتظرون ان يفعل الاخرون ذلك سواء المحتل او المحتل الجديد ايران وحتى غيرهم من الدول ، لذلك اصبح موضوع التداخل الجغرافي والسياسي مفتوح حتى لمن هو من غير الأصول العراقية .
بعد 2003 بدء المحتل بوضع اهداف وغايات استراتيجية في تغيير كل نهج كان يخدم العراق لإضعافه وتكريس الاحتلال لخدمة مصالحه في المنطقة للهيمنة والتسلط السياسي والأمني مستعيناً ببعض دول الجوار وعلى راسها إيران بعد مغادرة القوات الامريكية العراق في 2011 ، هذا البلد كاره العراق وكل سبل التطور والانعتاق المتمدن ، عليه فقد استعان بقادة منتخبين حسب رؤيتها ممن لا تربطهم صلة الوطنية الحقيقة للعراق، لذلك بدأت هذه الازمات تتفاقم وتزداد وبات الحل صعب يصعب تداركه دون التدخل الفعلي لها في كافة مناحي الحياة بل بات هؤلاء القادة يستجدون تدخلها رغم علمهم بانها تنتهك سيادة البلد الوطنية بكافة اتجاهاتها لكنهم في الاعلام يرفضون ذلك وهذا وفق النهج الإعلامي والنفسي المعمول به هذه الأيام وفق وسائل السوشل ميديا ليبرهنوا ولائهم الكاذب للعراق
في عام 2009 كتبت موضوع مهم تحت عنوان ( ايران أطماع لا تنتهي ) بأسلوب علمي دقيق ، نشرته في معظم المواقع على الانترنيت باعتباره الوسيلة الوحيدة المتاحة للجميع في نقل أفكارهم ومقترحاتهم لخدمة العراق ، حذرت من خلاله المشاريع الإيرانية تجاه العراق والوطن العربي أوضحت فيه الانتهاكات التي تقوم بها ايران مستغلة ضعف الحكومة بالاستيلاء على حقولنا النفطية الحدودية بطرق غير مشروعة بالخصوص حقول نفط ( الفكة) التي تقع ضمن الحدود الجغرافية لمحافظة ميسان ، ثم اعقبتها بأربع مقالات بنفس العنوان أوضحت فيها الأهداف الاستراتيجية الإيرانية العميقة ضمن خطة خمسية تشمل خمس مراحل مدة كل مرحلة عشرة سنوات في تصدير الثورة الإيرانية لجميع الدول المجاورة انطلاقا من العراق بعد احكام قبضتها عليه ، بحجة توحيد الإسلام (الإيراني) اكرر الإسلام الإيراني المتطرف ، ثم التوسع منه لباقي وطننا العربي وهذا الذي يحدث الان ويتطور بشكل خطير على مستقبل بلدنا والعالم العربي والإسلامي.
هذه مقدمة بسيطة لمقالي حول الأوضاع السياسية والأمنية الإيرانية المستقبلية تجاه العراق تؤطرها الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني روحاني للعراق وهي في حقيقتها تستكمل المشروع الإيراني المنوه عنه آنفاً وما تمخض عنها من رؤيا خجولة للقادة العراقيين حيالها حول أهم القضايا المصيرية للشعب العراقي أهمها التجاوز الإيراني في تدخلها بكل صغيرة وكبيرة في الشأن العراقي، بالمقابل الثقة الإيرانية في طرح العديد من القضايا ذات الاهتمام الإيراني فقط التي تخل بأمننا الوطني والقومي نأمل ان يرفضها القادة العراقيون وقد تتضح لنا الصورة اكثر في الأيام القادمة.
ساترك قليلاً موضوع زيارة الرئيس روحاني لإيضاح مدى التدخل الإيراني في العراق وما هو المطلوب من إجراءات ينبغي اتخاذها من سلطات الدولة حيال الخطر الإيراني المتفاقم يوما بعد اخر وفق سياستها الناعمة والمشبوهة .
الاساليب والخطط التي تتبعها إيران في التوغل العميق بكل سلطات الدولة تمهيدا لتحقيق مشروعها التوسعي
يذكر الجنرال اوديرنو – قائد القوات الامريكية في العراق ماياتي (ان أكبر مخاوفي تتلخص في اننا نجهد من أجل ترسيخ استقرار العراق، ثم سنسلمه الى ايران في وقت نندفع فيه مسرعين بالانسحاب منه ، ثم يذكر الجنرال بترايوس في نفس المصدر ماياتي (من الجنرال قاسم سليماني الى الجنرال بترايوس، انا قائد فيلق القدس الايراني المسؤول الوحيد عن السياسة الايرانية في العراق ( 1).
بعد الثورة الايرانية في شباط 1979 وتبني خميني مشروعه السياسي ولاية الفقيه في تصدير ثورة الاصلاح او الثورة الإيرانية كما يدعي (يعود بنا إلى استذكار مفهوم الأيديولوجيات المغلقة، أو ما يسمى بالفقه السياسي المعاصر ، التي توصد الباب أمام النقد، وتتعالى على التجربة وترفض النصح، وبالتالي فإنها ترفض الرأي الآخر) (2) . وعليه فلا يرى من حوله وأمامه إلا اتجاهاً واحداً يمضي به على انها صورة خالدة للحياة والكون والمصير، ومن مظاهر هذه الصورة إطلاق الأحكام النهائية والتمسك المتناهي بالنتائج الذاتية ، بمعزل عن المكان والأزمان، وعلى هذا النحو من العناد اللاعقلاني ، تتشكل الحياة لدى خميني من لون واحد، وتظل على هذه الحال من المبتدأ إلى المنتهى (إما أن تكون معنا أو تصير عدوا لنا)، ليس ثمة من موقف محايد أو رأي مستقل، وهو المنهج الذي تبناه في فكره، وسار على هديه المرشد الثاني خامنئي ، وكان العراق وسيظل لحقب طويلة مثالاً حياً على عدوانية الفقيه الإيراني، ومن المفارقات المحزنة التي تحز في النفس أن كثيراً من دولنا العربية وغيرها لاتزال متمسكة بالرأي القائل: إن العراق وحده من يتحمل مسؤولية حرب الثماني سنوات، ولعلهم سيدركون يوماً حقيقة ما حدث، ويعيدون قراءة الصفحات الابتدائية التي سبقت اندلاع المواجهة المسلحة بين البلدين، ولعلهم أيضاً يدركون ما يحدث اليوم، بعد أن قدمت إيران الإسلامية (منذ الاحتلال العدواني الأميركي حتى اليوم) دليلاً تلو الدليل على تدخلها المُشين المبرمج في الشأن العراقي، على نحو غير مسبوق، حتى صار نفوذها المتعدد الأوجه يدركه القاصي والداني وعابر السبيل.
الاساليب المتبعة في تصدير الثورة الايرانية
الاسلوب الدبلوماسي
تعززت العلاقات العراقية الايرانية بعد الاحتلال بشكل غير طبيعي كما يحدث بين الدول ، من مصالح مشتركة تدعم دفاعهما المشترك سياسياً واقتصاديا واجتماعياً وامنياً ...الخ ، وقفزت هذه العلاقات إلى مستوى متقدم في ظل حكومة إبراهيم الجعفري 2005 ، حيث أصدرت تلك الحكومة أمرا بالعفو عن المحتجزين والمعتقلين الإيرانيين في السجون العراقية ترحيبا بزيارة وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي لبغداد.
وفي تطور مشهود للعلاقات الثنائية بين البلدين لم يحدث منذ أربعين عاما زار وفد عسكري عراقي كبير برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي طهران، وقدم الوفد اعتذاره لإيران حكومة وشعبا عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، وتكللت هذه الزيارة بتوقيع اتفاق للتعاون العسكري في مجالي الدفاع ومحاربة الإرهاب.
كما زار ابراهيم الجعفري طهران لتعميق وتوثيق العلاقات بين البلدين بعد أن شابها التدهور في ظل حكومة إياد علاوي 2004 الذي اتهم طهران بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي.
وقدم الجعفري التطمينات اللازمة لطهران، مؤكدا أن حكومته لن تسمح للمعارضة الإيرانية (منظمة مجاهدي خلق) بأن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقا لممارسة عملياتها ضد إيران.
وكان من أبرز نتائج تلك الزيارة التوقيع على اتفاقية تعاون أمني مشترك بموجبه شكل البلدان لجانا مشتركة للتنسيق الأمني وضبط الحدود والمساعدة في إعادة تأهيل الجيش العراقي.
استمر الخط البياني للعلاقات الإيرانية العراقية في تصاعد حتى بعد خروج الجعفري من الحكومة وتولي نوري المالكي رئاسة الوزراء (2006 – 2014)، حيث بادر الأخير إلى زيارة إيران، واستقبله الرئيس الإيراني الجديد أحمدي نجاد الذي أعلن أثناء هذه الزيارة عن ربط أمن بلاده بأمن العراق، قائلا إن بلاده مستعدة لإحلال الأمن كاملا في العراق، لأن أمن العراق هو من أمن إيران.
وقد رد المالكي على ذلك بقوله إنه لا توجد حواجز تعترض طريق التعاون بين البلدين.
وكانت ثمرة هذه اللقاءات استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتوسعها بافتتاح خمس قنصليات تثير الريبة والشك بشكل خطير لمستقبل العراق دون ردود فعل منطقية من سلطات الدولة ، فالعراق ليس بذات المساحة الذي يستوعب كل هذا العدد من القنصليات في محافظات مهمة ذات بعد سياسي واقتصادي واجتماعي وامني في البصرة واربيل والسليمانية وكربلاء والنجف بحجة انها ستساعد عملية دخول الزوار الايرانيين الى العراق فضلا عن بناء علاقات اقتصادية بين البلدين (3) اذن تعتبر هذه الخطوة لغرس نصل الخنجر بقلب العراق لمستقبل مظلم تخطط له ايران في تدميره بأساليب كاذبة خبيثة اعتادت عليها ايران في تعاملاتها السياسية مع كافة دول العالم .
منذ أن احتلت الولايات المتحدة وحلفائها العراق في العام 2003 كان شغل إيران الشاغل هو الاستفادة من الفراغ الذي تسبب فيه إسقاط النظام السابق والسيطرة على مقاليد الأمور في العراق، وبالطبع فإن هكذا أمر لم يكن يتم لولا تمتع الإيرانيين بضوء أخضر أمريكي واضح فعملت طهران على نشر أذرع لها في كافة ربوع العراق بأشكال مختلفة ، منها الرسمية الدبلوماسية كما جاء انفاً والاخرى ممثلة بصورة مؤسسات خيرية وعسكرية وثقافية تخفي وراءها الأهداف الحقيقية من تواجدها بعلم السلطات العراقية ، وهذا معروف ولا يحتاج الى دراسات وتقادير مواقف سياسية معمقة يفهمها حتى الجاهل بعلم الجغرافية السياسية .
اسلوب المؤسسات الخيرية والثقافية والعسكرية الايرانية تحت غطاء انساني
استغلت ايران فقدان الامن في العراق بعد الاحتلال وشرعنه بعض الاحزاب الرئيسة بتأسيس الجيش الجديد وفق الامر 91 سيئ الصيت بأنشاء عدد من مؤسساتها المخابراتية المسلحة بغطاء انساني مستغلة لحاجيات المواطن البسيط بعد انتشار الفساد المالي والاداري بالإضافة لفقدان اسس المواطنة الحقيقية فبادرت بأنشاء ميليشياتها المدعومة من المرشد الأعلى خامنئي ودعم السيد علي السيستاني أهمها (عصائب أهل الحق ،سرايا طليعة الخراساني ، كتائب سيد الشهداء ، حركة حزب الله النجباء كتائب حزب الله ، سرايا السلام ، فيلق الوعد الصادق ، منظمة بدر - الجناح العسكري لواء عمار بن ياسر ،لواء اسد الله الغالب ، لواء اليوم الموعود ، سرايا الزهراء ،لواء ذو الفقار ، لواء كفيل زينب ، سرايا أنصار العقيدة ، لواء المنظر ، بدر المجاميع الخاصة ، لواء أبو الفضل العباس ،حركة الجهاد والبناء ،سرايا الدفاع الشعبي ،كتائب درع الشيعة ،حزب الله الثائرون ،كتائب التيار الرسالي ،سرايا عاشوراء ،كتائب مالك الاشتر ،حركة الأبدال ،حركة العراق الاسلامية - كتائب الإمام علي ، جيش المختار ،الحشد الشعبي ، جيش المهدي ، وغيرها ( 4) .
وكذلك دأبت ايران على تأسيس العديد من الشركات والمؤسسات الايرانية الأمنية بغطاء انساني مبطن بأساليب مخابراتية بغرض ان تتماشى مع الواقع الاجتماعي والسياسي العراقي المتأزم داخلياً منها ما يلي (مؤسسة الامام السجاد الخيرية ، كمقر لعناصر المخابرات الإيرانية ، مؤسسة الامام المهدي ، وهي مؤسسة مخابراتية تخضع لفيلق القدس الإيراني ، مؤسسة روح الله تعمل بغطاء ثقافي ، مؤسسة الخطيب الثقافية الاسلامية ، مؤسسة الامام الصادق تعمل بغطاء ثقافي ، مؤسسة دار القران ، مؤسسة الامام للإغاثة ولها فروع في (سوريا ولبنان فلسطين العراق) يشرف عليها ضابط من فيلق القدس ، مؤسسة الاوقاف تقوم بتوزيع كتب الادعية للزوار وتقديم الطعام لهم ، مؤسسة أنصار فاطمة الزهراء ، مؤسسة نور الهدى يشرف عليها ضباط من فيلق القدس الإيراني ، مؤسسة المظفر الثقافية ، مؤسسة دار التوحيد لديها فروع في الوسط والجنوب تعمل على مساعدة عوائل حزب الدعوة والمجلس وهي تمول من مكتب خامنئي ، مؤسسة المشاريع الخيرية ، مؤسسة شهيد المحراب ، مؤسسة اغاثة ايتام العراق هذه المؤسسة شكلت بتوجيه من المرجع الديني الشيعي اللبناني محمد حسن فضل الله ولها فروع في عدد من الدول العربية ، مؤسسة الاغاثة الانسانية تعني بمساعدة الاكراد (الفيلين) وتعمل على توطين العوائل الايرانية والتبعية الايرانية لتغيير وضع المدينة ديموغرافيا لكونها مجاورة للحدود الإيراني ، مؤسسة الرحمة لليتامى ، مؤسسة يوم المستضعفين ، مؤسسة خميني الخيرية لها فروع في النجف وبقية محافظات الوسط والجنوب لتقديم الخدمات للأيتام والارامل من العراقيين ، مؤسسة المدينة المنورة ، مؤسسة الكوثر وهي من المؤسسات الخطيرة ولها تعاون مع جمعية الهلال الاحمر العراقية ولجنة الامام للإغاثة ، مؤسسة النخيل يشرف على هذه المؤسسة حزب الله فرع العراق ، مؤسسة الحجة تقوم بتامين السكن للعناصر المخابراتية الايرانية وتوزيعهم ببغداد ، مؤسسة بارسيان الخضراء وظيفتها جمع المعلومات بغطاء صحي عن العراقيين الرافضين للتواجد الايراني ، مؤسسة بالان تعمل بغطاء هندسي معماري ، مؤسسة الخميس لها فروع في الوسط والجنوب وتعمل بمجال الاتصالات والهندسة المعلوماتية ، مؤسسة الرافدين للسياحة ، مؤسسة ميلي المصرفية او بنك ميلي عرصات الهندية يقدم التسهيلات المالية للأعمال المخابراتية الايرانية وعملائهم في العراق ، منظمة الحج والزيارة الايرانية لها فرع في النجف وكذلك في سوريا لنقل الزوار الإيرانيين ، بنك سبه مقره وله فرع بالنجف والبصرة مهمته الرئيسية غسيل الاموال للأعمال الارهابية بالعراق والمنطقة وتحت حماية الاطلاعات الإيرانية ، بنك التعاون الاقليمي الاسلامي للتنمية والاستثمار مقره بغداد وله فروع بالنجف/ كربلاء/ البصرة/ السليمانية مهمته غسيل الاموال والتمويل الإرهابي ، شركة الوسام وهي منظمة ارهابية تستهدف العناصر المناوئة لإيران في العراق ، هيئة المرئي والمسموع المرتبطة بمنظمة بدر وتمتلك هذه الهيئة (3) محطات فضائية و(9) محطات تلفزيونية أرضية و اذاعات محلية واجبها ترويج الثقافة الخاصة بولاية الفقيه وتصدير سياسة الثورة الاسلامية الايرانية والتركيز الطائفي المذهبي ، مكتب مساعدة فقراء الشيعة في العراق له فرع في النجف جند هذا المكتب عشرات الالوف لفيلق بدر الايراني من الشباب مقابل مساعدات مالية وعينية لعوائلهم) ويشرف على هذه المنظمات قاسم سليماني ويعاونه احمد فروزند والسفارة الايرانية وقنصلياتها التي توفر الغطاء الدبلوماسي للجميع( 5) .
الاسلوب القسري
نحن كعراقيين خبرنا ايران طويلا فهي كالأفعى جلدها ناعم ولكن ضررها شديد خاصة عندما تدرك ان المقابل ضعيف لا يقوى على رد عدوانها بالسبل المتاحة ولو بإظهار القوة والعزم والجدية في عدم الرضا عن فعلها ، فهي لم تقوى على هذه الافعال مالم تكن قد أيقنت ان الحكومة العراقية ومعظم مجلس نوابها يسيرون بالاتجاه التي اختارته في استكمال احتلال العراق بعد ان كان عصياً عليها طويلا ثم الانطلاق الى كل الوطن العربي الذي مزقته الادارة الامريكية واسرائيل ليكون جاهزاً للضربة القاضية الاخيرة التي هي حصة ايران كما خططت لذلك هذه الادارة الوقحة دون عناء منها وتخريب البلاد والعباد والدين الاسلامي الحنيف الذي يعتبر الهدف الاستراتيجي الاكثر اهمية في اهدافها .
من الشواهد القسرية التي تلجأ اليها ايران هو استيلائها على الابار النفطية العراقية القريبة من حدودها منها على سبيل المثال احتلالها للبئر الرابع من حقل الفكة النفطي العراقي ( يبعد 500 متر عن الحدود الايرانية بمنطقة الطيب ضمن الحدود الادارية لمحافظة ميسان العراقية ، سبق ان دارت على ارضها معارك الشرف في الدفاع عن العراق ابان الحرب مع ايران في 1980 -1988) بشكل علني وسافر ، ثم تجاوزاتها ايضاً على حقول مجنون وحقل نفط خانه وجزيرة ام الرصاص وراس البيشة وخور العمية وقطع المياه التي تصب في شط العرب وانشاء السدود وغير ذلك ما جرى من تجاوزات على الاراضي العراقية التي اضطر العراق الى استعادتها في القرن الماضي قبل الحرب مع ايران بعد سلوكه كل السبل الدبلوماسية طوال سنوات عديده دون رد فعل مؤثر من ايران () .
الدور الايراني في تشكيل ودعم المليشيات العراقية
لست بصدد التوسع أكثر في مجال البحث في المليشيات العراقية / الايرانية فهذا موضوع يحتاج الى دراسة خاصة موسعة لأهميتها في بلورة شكل النظام العراقي الحالي بسيطرة إيران ولكن لإيضاح ما يجري على ارض الواقع المؤلم وجعل العراق كمرتكز للتوسع الفارسي على باقي اقطارنا العربية في انهاء الوجود العربي الاسلامي المعتدل بذرائع تسعى لها اسرائيل وامريكا وعليه سأتطرق بإيجاز شديد للدور الايراني في تحقيق اهدافها الخطيرة من خلال المليشيات العراقية / الايرانية.
نتيجة للفراغ الامني والفوضى الناجمة عن الاحتلال الامريكي للعراق بعد تدمير مؤسساته وحل وتفكيك الجيش العراقي الوطني وضعف ردود فعل النظام العربي والدولي والتواطؤ الامريكي المفضوح نجح النظام الايراني من التوغل بالشأن العراقي في كافة المجالات واصبح له دور ملموس بالوضع السياسي والامني ، وقد لعبت بشكل رئيس على وتر الطائفية والمذهبية لاستقطاب العراقيين المعارضين الهاربين والمسفرين من التبعية الايرانية وبعض اسرى الحرب الى صفها لمقاتلة النظام السابق خلال الحرب 1980 – 1988 ، كما سعت ايران الى خلق عراق ضعيف غير قادر على الوقوف حيال مخططاتها ومشاريعها عليه كان توغلها في العراق بعد الاحتلال بكل جوانب الحياة العامة للتخريب من جانب والتبعية من جانب اخر ، وبدأت بتنفيذ مخطط خطير كلفت به المليشيات بدءً بتصفية كبار القادة السياسيين والعسكريين والاكاديميين والضباط والطيارين والعلماء والكفاءات العراقية ولا يزال مشروعها قائم حتى الان دون مسائلة فعلية من الدولة للأدوار التخريبية التي تقوم بها () .
تصريح الجنرال جورج كيسي قائد القوت الامريكية في العراق
بوقت متأخر جداً في 22 / 6 / 2013 وعند القاء خطابه في مؤتمر المعارضة الايرانية ذكر الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية السابق في العراق حول حادث تفجير الامامين العسكريين ما يأتي( نظام طهران هو المسؤول عن قتل الالاف من العراقيين ، وايران هي المسؤولة عن تفجير الامامين العسكريين في العراق من اجل تأجيج الصراع الطائفي فيه وصولا الى اضعافه وتدميره وانهائه كدولة ...، واخبرني المالكي وهو شريكهم بان غالبية التفجيرات التي استهدفت المدنيين هي من مسؤولية الحرس الثوري الايراني وان المليشيات في العراق تلقت كل الدعم من الحرس الثوري الايراني .. (6). كما ذكر كيسي إن النظام الإيراني يقوم بتعزيز الميليشيات وتمويلها وتدريبها في العراق منذ عام 2006 ، وهـــم قاموا بقتل عدد كثير مـــن الأميركيين والعراقيين وعندما اعتقلنا وألقينـــا القبض على 6 من أعضاء فيلق القدس الإيراني، وجدنا لديهم مخططا وخارطة وقد قسموا العراق فيها إلى مناطق لونية حسب الطوائف .
كما اوضح الجنرال بترايوس قائد القوات الامريكية في العراق شباط/فبراير 2007 ما يأتي(ان الشيء الوحيد الذي تهتم إيران لأجله هو بقاء نظامها واستمراريته ... إيران هي من ترشي السياسيين العراقيين وهي التي تسلح المليشيات ، وتتدخل في النزاعات الداخلية ، وتخلق المنظمات من أمثال حزب الله ، وهي التي تشرف على الاغتيالات ، وهي التي تدرب عناصر المليشيا وتدفع الجميع باتجاه المزيد من العنف ).ويضيف بترايوس ( كيف لنا ان نتحاور مع اشخاص مثل هؤلاء (ويقصد المليشيا الايرانية ) ، كل ما يفعلونه هو ان يأخذوا ما هو أمامهم على الطاولة ويضيعون الوقت ثم يعودوا لممارسة أشد فتكاً من ذي قبل ) (7) .
بعد هذا التنويه الموجز للدور الإيراني الغير مسبوق ضد العراق والذي ارتئيت الايضاح عنه لكي تتضح تطور النوايا القادمة لهذا الدور المسكوت عنه لدى السلطات العراقية وكذلك مع الأسف لفئات واسعة من شعبنا العراقي انخدعت بإيران الكارهة لهم اذهب الى زيارة روحاني الأخيرة للعراق للانتقال لمرحلة جديدة من العلاقات تطبيقاً للخطة الإيرانية المشار اليها آنفاً ، ومع ذلك أقول اذا كان النظام الإيراني راغب بجعل العراق احدى محافظاته كما جاء بتصريحات العديد من مسؤوليه لم لا يحاول اصلاح الضرر في زيادة موارده المائية من روافد دجلة القادمة من إيران وحفظ حقوق العراق في شط العرب وعودة المياه العذبة لنهر الكارون لخفض الملوحة في شط العرب و تحويل المبازل إلى الخليج مباشرة ومساعدة العراق في بناء صناعته و زراعته الوطنية و الحفاظ على ثرواته الوطنية و منع سرقتها و تهريبها ومنع تهريب المخدرات بين البلدين و التعاون في مكافحة الفساد و عدم إيواء سراق المال العام من المسؤولين العراقيين في إيران والاحترام المتبادل للحقوق السيادية و الاستقلال السياسي و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين و إيقاف الدعم للميليشيات المسلحة التي أصبحت فوق القانون ..الخ ، فلم نسمع أي شيء عنه لا من الرئيس العراقي و لا من الإيراني ولكن سمعنا مالم نود سماعه برفع رسوم التأشيرة ( الفيزا ) بين البلدين ، ثم ماذا يعني ربط ايران بخط للسكك الحديدية بين البلدين بدل الوقوف مع العراق في إصلاح أوضاعه الداخلية والمساهمة بحل ازماته المتفاقمة يوما بعد الاخر دون حلول ناجزة لها ، ففي هذا الخط الممكن إنجازه بأسرع وقت حسب تصوري هو خرق جديد للأمن الوطني العراقي والقومي العربي .
أن أهداف الزيارة لها أبعاد أوسع وأكبر من تحسين العلاقات الثنائية وغيرها، الزيارة في الحقيقة حسب تصوري تتمحور بثلاث محاور مهمة للغاية لإيران أكثر منها للعراق فيما يلي أهمها :
1. الوصول إلى البحر المتوسط عبر العراق ، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالسيطرة الكاملة على العراق لشق الطريق نحو سوريا ولبنان التي تعتبر النافذة إلى هذا البحر للسيطرة التامة على كامل المنطقة العربية ، وقد سبق كشف المسؤولون الإيرانيون في عدة مناسبات عن نيتهم وطموحهم في ذلك منهم قائد الحرس الثوري الإيراني، والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني يحيى رحيم صفوي، إذ قال إن حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن بل تنتهي عند شواطئ البحر المتوسط عبر الجنوب اللبناني ، كما كررها في اذار /مارس 2015 الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عندما قال ( إن إيران باتت الآن على ضفاف المتوسط وباب المندب). وكانت كلمة شمخاني جاءت بعد يومين من تصريحات لعلي يونسي مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، آنذاك عندما قال (إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي، في إشارة إلى الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل مجيء الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها).
إذن إحدى أهداف روحاني الاستراتيجية هي التأكيد على نفوذ إيران في العراق من خلال دعم الميلشيات التابعة لطهران والتي أصبحت أحزاباً تسيطر على القرار العراقي.
2. كما تأتي هذه الزيارة في ظل ضغوط أميركية على العراق للحد من علاقاتها مع طهران ،خاصة أن العراق يعتبر المناخ المناسب لأنشطة إيران الأمنية والاقتصادية والملشياوية بعد سيطرة طهران على القرار العراقي كما اشرت عبر جماعاتها المنفلتة داخل العراق وهذا ما يسهل لها عملية غسيل الأموال والحصول على العملة الصعبة دون مراقبة ،مستغلة سماح الولايات المتحدة للعراق من اعفاء مؤقت من عقوباتها لإيران لتعزيز نفوذها التجاري والاقتصادي والعسكري المبني على دعم المليشيات ، حيث صرح قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري في 17 / 3 / 2019 بما يأتي ( تم تشكيل قوات الحشد الشعبي في العراق وقوامها 100 ألف مقاتل من أبناء الشعب، وتوجهت قوات إيرانية هناك بغرض نقل خبراتها إلى تلك القوات الشعبية وإعدادها وتنظيمها).
3. السيطرة على السوق العراقي في إشارة الى روحاني قبيل سفره إلى العراق في مقابلة مع الوكالات الإيرانية بمطار طهران (أن حجم التبادل التجاري بين إيران والعراق حالياً يصل إلى 12 مليار دولار سنويا ونسعى أن يصل إلى 20 مليار دولار).
فيما تقدم ان زيارة الرئيس روحاني لا تهدف سوى تكريس الاحتلال الفارسي للعراق بنوايا سياسية مبطنة لنشر مبدئ ولاية الفقيه التي جاء بها خميني بعد الثورة الإيرانية عام 1979 بدل تبادل المصالح المشتركة المتعارف عليها بين الدول فعلى القادة العراقيين اذا كانت نواياهم سليمة تجاه العراق ان يكونوا اكثر حذرا من هكذا زيارات مصلحية خطيرة من جانب واحد والاهتمام بإصلاح اوضاعنا الداخلية التي تصب بخدمة مجتمعنا بصورة خاصة لخدمة عراقنا الحبيب ومن الله التوفيق .
----------------
1 ) ايما سكاي EMMY SKY خبيرة بريطانية في شؤون الشرق الأوسط ، عملت ما بين 2003 – 2010 كمستشارة سياسية لقيادة الجيش الأمريكي في العراق ..كتابها (الانهيار ...الآمال الكبيرة والفرص الضائعة في العراق)، ترجمة قيس قاسم العجرش ، الطبعة الثانية ، بيروت ، 2017 .
2 ). الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي : التجربة الإيرانية (الواقع والمالات): مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية : دار عمار للنشر والتوزيع : عمان : 2017 : ص 30.
3 ). الموسوعة الحرة : ويكيبيديا : العلاقات العراقية الايرانية .
4 ). ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
5 ).وكالة يقين للأنباء – سعد الكناني 2017 .
). أكد تقرير صادر عن "المركز العالمي للدراسات التنموية" في لندن، أن إيران تستنزف معظم الحقول العراقية النفطية المجاورة لها بشكل كبير، مشيراً إلى أن هذه الحقول التي تحتوي على احتياطي نفطي يقدر بأكثر من 100 مليار برميل لا تعتبر كلها حقولاً مشتركة، لأن قسماً كبيراً منها عراقي بالكامل ويقع ضمن الشريط الحدودي العراقي، وذكر التقرير، أن حجم ما تستنزفه إيران من النفط العراقي بلغ قرابة الـ130 ألف برميل يومياً من أربعة حقول عراقية هي حقول دهلران ونفط شهر وبيدر غرب وأبان، في حين أن حجم التجاوزات
الإيرانية لحقول الطيب والفكة وأجزاء من حقل مجنون بلغ قرابة ربع مليون برميل يومياً! ، وقدر حجم التجاوزات الإيرانية للنفط العراقي ما قيمته 17 مليار دولار سنوياً أي قرابة 14 % من إيرادات الدولة العراقية التي كانت ستصب في مصلحة المواطن العراقي. (فيديو يمثل مقدار ما تسرقه ايران من النفط العراقي ... https://youtu.be/iQHi_GU0J1o)
).الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي : سفير العراق في ايران حتى 2003 : في لقاء مع قناة روسيا اليوم حول ايران ودورها في الحرب الامريكية على العراق : الحلقة الثانية : 26 / 10 م 2012 .
6 ) .. . https://youtu.be/pXEGRV5aqCc خطاب الجنرال كيسي حول تفجير الامامين في سامراء.
7 ). ايما سكاي : مصدر سابق ص 406
589 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع