خالد القشطيني
مشكلة الشخير
المرأة قليلة الشخير. وهذا من الفوارق المهمة بين الذكور والإناث. الرجل يشخر كثيراً والمرأة لا تشخر إلا قليلاً. وشخير المرأة ناعم ورقيق، على عكس شخير الرجل الذي يشابه ضجيج ماكينة القطار أو خلاطة الإسمنت. كثيراً ما سمعت (عندما لا أكون غارقاً في النوم والشخير بنفسي) شخير الرجال في الفنادق وهم في الطابق الأعلى أو الأسفل مني. وغالباً ما أدى هذا الفارق إلى كثير من المنازعات والعكننات بين المتزوجين إلى حد أن محاكم أميركية اعتبرته سبباً كافياً للطلاق.
من المعتاد للمرأة أن ترد على شخير زوجها بتسديد رفسة قوية إلى بطنه أو بلكمة قاضية على صدره أو لطمة داوية على وجهه لتوقفه عن هذا الضجيج. تضع بعضهن وسادة على فمه وأنفه ليخنقن ذلك الإزعاج. يمكنني أن أتصور كم من الرجال لقوا حتفهم بسبب ذلك. وجاء ذكرهم في شهادة الوفاة أن السبب كان قضاء وقدراً. لا ينهض الرجل صباحاً إلا ويكون قد تلقى عشرات اللطمات والرفسات. ربما يتصور أن كل هذه الكدمات والرقع الزرقاء على جسمه علامات أولية من السرطان، أو أن الشيطان قد هاجمه ليلاً. ولو أحصى الزوج المشخر الضربات التي تلقاها من أم الولد أثناء شخيره لوجدها تفوق بكثير كل ما سدده لها من ضربات ولطمات طوال حياتهما الزوجية السعيدة. وكل ذلك بسبب ظاهرة طبيعية بريئة ابتلينا بها من دون ذنب منا.
يتعاطف القضاة مع الزوجة في شكواها عن شخير زوجها ولا يتعاطفون معه عما تلقاه منها من لكمات ورفسات. والذنب ذنب المشخرين. عليهم أن يتضامنوا ويؤسسوا جمعية للدفاع عن حقوقهم الإنسانية في الشخير الحر، فلا تنهرهم زوجاتهم أو يضحك عليهم أولادهم ولا هم يعتذرون عن شخيرهم للقاصي والداني كلما استضافوا أحداً أو نزلوا ضيوفاً عند أحد. ينبغي تعديل صيغة عقد الزواج الأوروبي الذي تتعهد به الزوجة بخدمة زوجها والوقوف معه في الصحة والمرض، والغنى والفقر، بحيث تضاف إليها عبارة «في اليقظة والشخير».
المشكلة هي أن الذكور لا يشخرون اعتيادياً في شبابهم. تتطور الظاهرة بالكبر، فلا يستطيع أهل المخطوبة أن يتحققوا من ذلك قبل إجراء العقد فيطالبوا الخطيب بمهر أعلى. وهذا ميدان خصب لشركات التأمين. يشتري منها العريس بوليصة يسلمها للعروس تتعهد به الشركة أن تدفع لها شهرياً مبلغ كذا عن كل ساعة يشخر فيها متى ما تحقق منه ذلك.
ولعل جمعية الدفاع عن حقوق المشخرين التي أدعو لها تستطيع أن تبادر إلى استنفار العلماء والتكنوقراط للقيام ببحوث علمية وفنية واسعة لغرض استثمار ظاهرة الشخير كمصدر من مصادر الثروة الوطنية ربما تفوق بقيمتها حقول النفط، فالشخير في الواقع ينطوي على طاقة كبيرة ينفثها المشخر أثناء نومه وتضيع الآن هباباً في الوقت الحاضر. لا بد من وجود وسيلة علمية لاستثمار هذه الطاقة في توليد الكهرباء أو تحلية ماء البحر أو تسيير القطارات وتشغيل المعامل وإنارة البيوت. وهذا موضوع يهمنا كعرب بصورة خاصة بالنظر لاستغراقنا في النوم والشخير أكثر من أي أحد.
959 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع