تعقيب على الفريق السامرائي بشأن دعوات الإقليم

                                        


تعقيب على الفريق السامرائي بشأن دعوات الإقليم
                      أحمد عبدالسلام البغدادي

قرأت بتمعّن واهتمام ما كتبه سيادة الفريق اول وفيق السامرائي في الگاردينيا  بعنوان ((الاقليم العربي السني في العراق إلى أين؟)) وليسمح لي سيادته بالرد التالي عملاً بحرية الرأي وحق الرد والتعقيب، مع احترامي وتقديري لأفكاره النيّرة وشكري لمجلة الگاردينيا وسعة صدر القائمين عليها.
أؤيدك سيدي الفريق في أن الأمر يحتاج إلى عميق دراسة وتحليل من قبل المختصين استراتيجيا وعسكريا فضلا عن النواحي السياسية والشرعية، بعيداً عن منطق التخوين والتكفير الذي تمارسه بعض الجهات بشكل أكاد أقول عنه (غير لائق .. بل غير مهذّب أحياناً)،فمثلما أفتى بتحريم دعوات الاقليم ثلاثة او أربعة من العلماء الأجلاء فإن 20 عالماً جليلاً من علماء العراق المشهود لهم، أفتوا بجوازه.. وبالتالي فالمسألة ليست فقهية ولا دينية ولا تعبّدية، ولا تدخل في نطاق فتاوى التحليل والتحريم،  وإنما هي مسألة دنيوية ترتبط بالمصلحة ومنطق الضرورة، وليس في القرآن ولا الشرع دليل على اتخاذ  نمط معين من انظمة الحكم.
وابتداءً ياسيدي وأنت سيد العارفين، يجب أن نقرّ بأن أهل سنة العراق - وبالأخص العرب منهم - كانوا هم حماة لوحدة العراق منذ تأسيس دولة العراق الحديثة، بخارطتها الحالية أوائل القرن المنصرم – ولا نغمط مواقف الشيعة الوطنيين- كما أن السعي للاقليم ليس ترفاً ولا إختياراً ولا بطراً، بل إنه إضطرار المضطر أزاء الظلم الواقع من قبل دكتاتورية المركز، ومن وراءه إيران بكل ثقل أطماعها وتدخلها السافر، وانت ترى ما أصاب ويصيب السنة العرب كل يوم من ضيم وقهر وتجاوز وانتهاك حرمات وبشكل سافر وواضح لا يحتمل اللبس والتهوين..
إن اختيار العرب السنة للاقليم (وهم كانوا أوّل من عارضه عامي 2003 و 2004 حين رفع لوائه المرحوم عبدالعزيز الحكيم ومن معه) لكن حين انقلب المالكي وانفرد بالحكم الدكتاتوري القمعي الطائفي، بدعم ايراني وامريكي واضح، وقام بتهميش السنة العرب، وصادر حريتهم وكرامتهم، لم يعد امام السنة العرب الا ركوب موجة الاقليم كما وردت في الدستور المسخ، الذي رفضوه، وهذه مسـألة تعد في صالح أهل السنة وليس ضدهم، وينبغي ان نعلم يا سيدي حقيقة يجب أن تكون ماثلة أمام العين، وهي ان اللجوء للاقليم هو خيار تكتيكي وليس استراتيجي، فالخيار الاستراتيجي الوحيد لأهل السنة العرب هو ((وحدة العراق)) التي لا بديل عنها حين تتحقق العدالة ويزول كابوس الظلم، اما الاقليم فهو حل تكتيكي مؤقت وان كان لا يخلو من عيوب ومثالب انت ذكرت بعضها، لكن الاقليم صار مطلبا لـ 90% من المتظاهرين والمعتصمين في ساحات العز والكرامة.
لا اعتقد ان نظرة المالكي في رفضه مطالب المتظاهرين بانشاء الاقليم رغم أنه حق كفله (دستور نوري المالكي!!) لهم، ولكل محافظة عراقية تختار طريق انشاء الاقليم، وهذه هي ازدواجية من يتحكمون في العراق اليوم!
أنا أرى أن يتخلى المتعنتون عن (بغلاتهم) ويلجأوا للحوار العقلاني المُهذب المؤدّب بعيداً عن التخوين والتكفير.. وانا اعلم جيدا من مصادر موثوقة جداً، ان الشيوخ دعاة فتاوى تحريم الفيدرالية مغلوبون على امرهم بسبب كبر سنهم وعجزهم عن فهم مقصود النظام الفيدرالي وتشويه الصورة لديهم من قبل من يحيطون بهم، وأن هناك من ابنائهم واخوتهم من يؤثر فيهم، بحيث ان أحدهم تراجع عن فتواه في حضرة عدد من العراقيين الذين ناقشوه وشرحوا له مقصد الاقليم فاجابهم انه لم يكن يعلم ذلك من قبل ولم يُخبره احد بهذه الحقائق من قبل!! اما الدكتور الجليل المنعزل في اليمن منذ عشرين عاماً وقد قارب عمره المائة، وهو بعيد عن واقع العراق، فإن هناك من المحيطين به من يؤثرون عليه بحيث أنه أفتى (بقتل من يدعو للفيدرالية) وهو أمر لا يصح ولا يليق في فتوى دينية... واذا تطلب الأمر فسأعلن لك سيدي الوقائع بحذافيرها ومن هم الأشخاص الذين يؤثرون على العلماء الأجلاء البعيدين عن واقع العراق.
إن الحل يكمن في مؤتمر عام يحضره المؤيدون والمعارضون في حوار علمي وعقلاني ومهذب بعيدا عن التجريح والتخوين والتكفير، لأن عراقيي الداخل وبكل صراحة تسودهم اليوم مشاعر السخط والتذمر والإحباط من حال المُنظّرين من عراقيين الخارج الذين لا يستشعرون معاناة وأحاسيس وآلام عراقيي الداخل.. وأنا قابلت الكثيرين في ساحات الاعتصام داخل الوطن الحبيب، وتلمست فيهم مشاعر السخط والغضب من الجدال العقيم والمعارك الكلامية، بين عراقيي الخارج بشأن حل الاقليم الذي يراه عراقيو الداخل علاجاً تكتيكياً لإنهاء معاناتهم وآلامهم. بل أن أحدهم صرخ قائلا: "نرجوكم يا عراقيي الخارج اكرمونا بصمتكم واتركونا نحل امورنا بأيدينا!" فلسنا بحاجة لفتاويكم ومعارككم الكلامية.
أخيرا اتفق معك تماما فيما ذهبت اليه بالحرف الواحد إن ((الرد على هذه الملاحظات يتطلب الخوض في عشرات الفقرات الرئيسة وعشرات الصفحات من دراسات علمية، عسكرية وأمنية واقتصادية وسياسية، من قبل خبراء مختصين ، وأن يكون المشروع السلمي موضع نقاش صريح وتفصيلي، وليس في دوائر مغلقة، وإذا ما أمكن الوصول إلى معطيات مرجحة للنجاح يمكن عندئذ النظر إليه بطريقة مختلفة)).
وسأعود في مقالة قادمة لمناقشة أسانيد إقامة الأقليم.. وأثبت لك وللقراء أن الإقليم لا يعني التقسيم...
حمى الله عراقنا العزيز من كل شر وبلاء.. وكفانا فتاوى التخوين والتكفير!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

787 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع