سعاد عزيز
طهران بين التهديد الداخلي والخارجي
لم يسبق لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومنذ تأسيسه أن واجه تحديا وتهديدا جديا من جانب الولايات المتحدة الامريکية کما يجري حاليا، وهو تهديد صار النظام يأخذه على محمل الجد ولاسيما بعد أن غير من أسلوبه وطريقته في التعامل مع الازمة بأن إختار خيار اللاحرب واللاسلام، إذ يبدو واضحا إن طهران قد أخذت بالنصيحة التي أغدقتها عليها الکثير من الاوساط السياسية والاعلامية والتي تم التأکيد فيها بأن طهران لو إختارت المواجهة ودخلت الحرب ضد واشنطن فسيکون ذلك إيذانا بدمار وهزيمة ساحقة.
التصعيد الذي شهدته الازمة الامريکية ـ الايرانية، والتي يبدو واضحا بأن القادة والمسٶولون الايرانيون يتکلمون بأسلوب الواثق من نفسه والذي ضمن موقف الشعب الى جانبه وإنه ليس لديه من أي مشکلة سوى التهديد الامريکي، في حين إن أکبر وأخطر تهديد يحدق بالنظام في إيران إنما هو التهديد الداخلي، خصوصا بعد إنتفاضتين کبيرتين وتحرکات ونشاطات إحتجاجية ومعارضة نشيطة نجحت أخيرا في إن تقود إنتفاضة وأن تٶسس معاقل في سائر أرجاء إيران تقوم بتوجيه ضربات للمقرات والمراکز الامنية والتابعة للباسيج وغيرها، ولذلك فإن طهران تأخذ التهديد الداخلي بجدية أکبر بعين الاعتبار وتمنحه الاولوية على الرغم من جدية التهديد الامريکي، إذ إن طهران تعلم بأنه إذا جاء الوقت المناسب وإنفجر بوجهها الغضب الشعبي فعندئذ لاتوجد خط رجعة ولامفاوضات ولا أي حد وسط أدنى وإنما سقوط وتلاشي نهائي.
الاهتمام الکبير الذي يوليه النظام الايراني للداخل وحذره الشديد من إحتمالات تتطور الاحتجاجات، هو الذي يشغله لأنه يعلم بأنه وفي حالة حدوث مواجهة فإن الشعب سيجهز عليه قبل أن يعلن هزيمته أمام الامريکيين کما إنه وفي حالة تنازله وقبوله بالمطالب الامريکية فإن ذلك أيضا سيمنح المبرر لإنتفاضة کاسحة ضده قد لايبقى أي من القادة المعروفين بعد على قيد الحياة، ولذلك فإن النظام إختار هذا الحل الذي يعتبره وسطيا لکي تکون عينه على الشعب بصورة مستمرة.
المعارضة الايرانية النشيطة ونقصد بها منظمة مجاهدي خلق، تتابع الاحداث والتطورات عن کثب في وقت يقوم أنصارها بعمليات وتحتکات ضد النظام ويقومون بإحراق أماکن ومقرات تابعة له، فإنها ومن دون شك لن تجعل النظام يلتقط أنفاسه برکونه لخيار اللاحرب واللاسلام، خصوصا وإن العبأ الاکبر سيقع على کاهل الشعب ولذلك فإنه من الواضح جدا إن المنظمة ومع مساعيها الحثيثة من أجل إبقاء الداخل مشتعلا فإنه ستقوم بتنظيم تظاهرات کبيرة خلال شهر يونيو/حزيران القادم في العاصمة البلجيلية والعاصمة الامريکية والعاصمة الالمانية حيث سيشارك فيها الالاف من أبناء الجالية الايرانية إيصال صوت الشعب الإيراني المطالب بإسقاط النظام إلى أسماع العالم و على نطاق سياسي وإعلامي واسع. وبطبيعة الحال فإنه ومع بقاء الجوع والفقر والاوضاع المعيشية الوخيمة والقمع الشديد، فإن هکذا تظاهرات تخرج في ثلاثة أوقات مختلفة ستلعب دورها في تسخين الداخل وجعله يشتعل ول تبقى الامور کام يرغب النظام وينتظر.
609 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع