قبل ضياع العُمُرِ

                                             

                              غادة السعد

قبل ضياع العُمُرِ

إن العُمُرِ طويل بالتدبير قصيرٌ بالتبذير،وكثيراً مايشتغل الانسان في حياته بسفاسف الأمور التي تجرّه الى الْغَضَب والى منغصات الحياة فيضيع العمر بالشقاء والبلاء،وهيهات أن يعرف ذلك إلاّ إذا حمَّ الْقَضَاء ودَنا الأَجل فيتمنّى لو أَنفقَ مافي الأرض جميعاً لزيادة تلك الدقيقة في عمره. فتذكّر ذلك قبل ضياع العمر.

يقولُ أبقراط عالم الطب هذا " الحياة قصيرة والفن طويل ".اكثر الناس ليس لهم مقصد معروف ولا مسلك مألوف ولا عندهم سبيلٌ بيّن فيندفعون مع كل تيار، وقد أحاطت بنا الأهواء والرذائل من كل جانب فلا تترك لنا وقتاً تمكننا فيه من إتجاه أنظارنا نحو الحقائق والإنتفاع بها فقد إنشغل الناس وخصوصاً في بلادنا بمشاغلهم المختلفة وضروراتهم المتنوعة وحاجاتهم المتعددة وجهلهم بما يخطط لهم وعليهم ،وإذا تأملت احوال الناس الذين يعدُّهم الناس أغنياء وأقوياء وعندهم السلطة لوجدت أنهم لأعمارهم أعظم تضييعاً وأكثر تبذيراً لإتساع دائرة أشغالهم وهم مقبلون مديرون وَكَأَنَّ بهم مسّاً ،يزيد تباغضهم ومباهاتهم وتحاسدهم فيهجمون تارة ويدفعون عن أنفسهم تارة أخرى .هؤلاء بعيدون عن السعادة بعدهم عن الحكمة.
الذي يعرف أن كل لحظة هي جزء من فناءه وإنَّ أنفاس المرء خطاه الى أجله ومن الخطأ أن نظن أن الموت سكون بعد حركة بل هو إنقضاء لحظات العمر على التدريج.
لقد إشتغل الإمام علي (ع) وكرّم الله وجهه ، من عمره الذي حدد بعد ضربة السيف الباطلة بثلاثة ايامً كمثل الذي يتأهب للسفر فقضى بوقت قليل كثيراً من العمل بالنصح والإرشاد وإعطاء خارطة الطريق الجديد لخلفاءه ،فلو تعمقنا في دراسة شاملة للكلمات التي جاد بها في الثلاثة أيام هذه لعرفنا معنى الحياة حقا .وقد أنفق العلماء الكثير والحكماء الوقت الطويل لمعرفة علم الإنتفاع بالحياة فلم يبلغوه كما بلغه الإمام عليٌ ولن يبلغه الاّ من بلغ السن العالية ولم يتقنه سوى بعض أفراد وفلاسفة فنحن والعمر على طرفي نقيض نسعى للبقاء وهو يسعى للفناء فلا يشغلك الفناء على حسن البقاء وقبل أن يضيع العمر .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

725 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع