زيد الحلي
مصطفى أمين في عطلة العيد !
دائما اتساءل ، لماذا نحن من الافراد والدول التي لا تذكر مبدعيها ، او تستذكرهم إلا في مناسبات ” يتيمة “؟ .. والامر ذاته ، نجده في وسطنا الصحفي والاعلامي ، فلا نأتي على ذكر اصحاب الاقلام المهمة ، وشخصيات المبادرات في مشوارها الفني باستثناء اشارة هنا ، او هناك ، دون الغوص في الفحوى والمضمون .. وهذا قصور ، نسجله على انفسنا ، واتمنى ان يكون القادم من الايام والسنين اكثر وفاء لمن اعطوا ، فطواهم النسيان ..
عطلة العيد كانت اربعة ايام ، ثم اضافت لها ” اقدار” العطل التي نعرفها فأصبحت عشرة ايام ، بعضنا استغلها في السفر ، وآخرون في استكمال ما تأخر من اعمال البيت ، وغير هذا وذاك ، كانت فرصة لتبادل الزيارات العائلية ، وشخصيا كنتُ ممن ( قضم ) من العطلة الطويلة ، اجزاء صغيرة مما ذكرت، لا تستحق الاشارة ، والعتب على درجات الحرارة التي وصلت حد ” الشواء ” ، فأرغمتني على ان اكون ( بيوتي ) فكانت مناسبة لأعطي جل الوقت لإعادة ( ترتيب ) مجموعات من المجلات والصحف العربية والعراقية ، التي احتفظ بها ، وبالتالي، كانت فرصة لتصفح بعضها والابحار في موضوعاتها ، واعمدتها واسماء كتاب لهم منزلة خاصة في وجداني المهني، فتوقفت امام اسم الكاتب الشهير المرحوم ” مصطفى امين ” وهو رمز صحفي كبير في مصر والوطن العربي ، تجاوزت شهرته محيطنا لتصل الى العالم من خلال احداث عاشها في عهد خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر ، وادت الى سجنه في قضية اخذت صدى عالميا في وقتها ، لا مجال الى ذكرها في حيز هذا العمود ..
لقد توقفت ازاء اسم ” مصطفى امين ” ربما بسبب وازع ذاتي ، اومن اللاشعور الانساني ، حيث وصفني استاذنا حسن العلوي وهو يقدم كتابي ” فم مفتوح .. فم مغلق ” بأنني من مدرسة ” مصطفى امين ” وهو وصف شعرت ازاءه بالذعر ، لكني لم اتدخل في سطور الاستاذ العلوي ، فأين انا من ينوع الصحافة الثر ” مصطفى امين ” الذي اتشرف ان اكون حارسا عند بوابته الصحفية ، وليس من طلاب مدرسته العظيمة .. لكن ما باليد حيلة ، فللعلوي الكبير رؤاه !
ولمن لا يعرف ” مصطفى امين ” لاسيما من الجيل الجديد من الصحفيين والاعلاميين ، اذكر انه “صحفي وكاتب مصري، من مواليد القاهرة 1914 وتوفي 1997 ولد وشقيقه التؤام (على أمين) في منزل خال والدتهما الزعيم المصري (سعد زغلول) وألتحق بكلية (الحقوق) 1953 ثم سافر بعد ذلك الولايات المتحدة، للدراسة بجامعة (جورج تاون) ليحصل على الماجستير في العلوم السياسية عام 1938 ثم عاد لمصر ليعمل مدرساً لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة مدة أربع سنوات… كانت الصحافة عشقه وعشق شقيقه” علي ” ، فأصدرا أول مجلة لهما وهما لازالا في الثامنة، بعنوان (الحقوق)، ثم (التلميذ)، و(الأقلام) .. وهي مجلات اعتمدت على نقل الموضوعات المنشورة من هنا وهناك ، لكنها دلت على محبتهما للصحافة ، وفي عام 1930 أنضم للعمل بمجلة (روزا اليوسف) ثم أشترك مع (محمد التابعي) في إصدار مجلة (آخر ساعة) وفي عام 1944 أصدر الأخوان ” مصطفى وعلي امين ” العدد الأول من جريدة (أخبار اليوم) ثم باع لهم التابعي مجلة (آخر ساعة) لتصبح ضمن مؤسسة (أخبار اليوم) الصحفية، حتى تم إعلان تأميم الصحافة في عام 1961 لتصبح دار (أخبار اليوم) ملكاً للدولة. كان مصطفى أمين صحفيا بارعا يعشق مهنته ، يتصيد الأخبار ويحملها الى حيث يعمل ، يتمتع بقدر كبير من الإصرار والمثابرة، ويسعى وراء الخبر أينما كان، وكان أول باب ثابت حرره بعنوان “لا يا شيخ” في مجلة روز اليوسف…
كتب مصطفى أمين عدة أعمال للسينما، منها: (فاطمة) 1947 معبودة الجماهير) 1967 و(سنة أولى حب) 1976وتحولت رواياته (صاحب الجلالة الحب)، و(لا) إلى مسلسلات تليفزيونية في الأعوام 1978 و1994 من اقوال مصطفى امين : (ان الذين ينادون بمجانية التعليم ومجانية الدواء ينسون أن يضيفوا اليها مجانية الحب) و(الذين لم يعرفوا طعم حب أمهاتهم ، لم يذوقوا أحلى شهد خلقه الله، والذين لم يستمتعوا بحب نسائهم كالذين لم يذوقوا السكر) و( الحياة لا تتوقف أبداً .. إنما تتجدد دائماً كل شيء فيها يتغير ويتبدل .. البشر يولدون ويموتون ..الأبنية تشيد وتنهار ) و (أكثر الذين يجرون وراء المال يفقدون روحهم في الطريق، وما أتعس الذين يعيشون بلا روح!) و (إننا نتخيل دائما أن وراء الأشياء المغطاة جمالا أكثر من جمال الأشياء المكشوفة ، فالخيال دائما أروع من الواقع) و(كل محنة مرت بي ملأت كأسي الفارغة بالصبر و الإيمان) و (إنني بطبيعتي رأسمالي في أحزاني أحتفظ بها كلها لنفسي، و اشتراكي في سعادتي أوزعها على كل الناس!
هذه ومضات سريعة عن ” مصطفى امين ” الذي تحتفل به مصر سنوياً، ترى اليس في العراق من امثاله .. ألم يكن (ابراهيم صالح شكر، روفائيل بطي، سليم حسون، عبد القادر اسماعيل، نوري ثابت، فيصل حسون، توفيق السمعاني ، ابراهيم حلمي العمر، الاب أنستاس ماري الكرملي) وغيرهم .. وغيرهم من يستحقون الاستذكار، كأشخاص رفعوا راية القلم والرأي في العراق؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
436 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع