رنا خالد
بغداد قبل ١٠٠ عام
بغداد والشعراء والصور ذهب الزمان وضوعه العطر يأ ألف ليلة يا مكملة الأعراس يغسل وجهك القمر)) مساء يوم الأربعاء 7/8/ 2019 وتحديداً على قاعة الاورفلي في العاصمة الأردنية عمّان، إستمعنا لمحاضرة الدكتور المهندس احسان فتحي ((مهندس معماري حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من المملكة المتحدة، 1968_1977وشغل عدة مناصب في العراق والأردن))، وكانت محاضرته عنوانها (بغداد قبل مائة عام)، محاضرة تميزت بحضور واسع من شخصيات المجتمعين العراقي والأردني
وتضمنت أربعة محاور رئيسة وهي: الاول: عن تاريخ بغداد. والثاني عن جغرافية بغداد، أما الثالث فقد كان حول الانسان الذي ساهم في بناء هذه المدينة والشخصيات التي عاشت فيها على مر الزمن، ثم المحور الأخير الذي تناول التراث المادي واللاماديTANGIBLE- INTANGIBLE وبخصوص المحور الأخير فقد أُثير تساؤل أثار فضول الكثير بمن فيهم المتحدث، ما هو مصير هذا التراث؟، وهل مازال هناك بغداديون قدماء في بغداد؟، وكيف يمكن الحفاظ على ما تبقى من هذا التراث في المستقبل؟
والمفارقة التي سمعناها في المحاضرة المذكورة إن عمر بغداد الأن 1258 وانه نفس التاريخ الذي احتل به هولاكو بغداد 1258م. ...بغداد أكبر مدن العراق وثاني أكبر مدينة في الوطن العربي بعد القاهرة من حيث العدد السكاني وتاريخ التأسيس، وهي المركز الاقتصادي الأساس في العراق ... وفي هذا المساء الجميل والهواء العليل في حديقة الاورفلي اخذنا د. احسان من خلال كلامه في رحلة الى بغداد ربما يوجد من الحاضرين من عاصروا ويتذكروا الاحداث أفضل مني بحكم العمر لاسيما مع وجود صور تعرض وتوثق الأحداث تعطي إحساس لمن كان يستمع انه أقرب من الواقع....بعد المقدمة قال د.احسان فتحي ((أن بغداد أكثر من سكنها في ذلك الزمن هم الملوك والحاشية والوجهاء وكبار الشخصيات، بغداد المدورة كما عرفناها وسمعنا عنها وتحدث التاريخ عن ذلك.. لكن اين هي الان تلك المعالم؟! لم يبقَ منها سوى محارب من الرخام الابيض عثر عليه مؤخراً في جامع الخاصكي من المتوقع العثور عليها تحت الأرض بعد مرور دهر من الزمن!
تحدث د. فتحي عن الحقبة الزمنية للعصر العباسي التي لم يبقَ من الأماكن الأثرية سوى ثمانية منها واهمها المدرسة المستنصرية والقشلة التي كانت أفخم بناء الى وقت التسعينات حيث يبلغ طولها 190 متر وأيضا سوق السراي. وإن بغداد لم تكن كبيرة في بداية القرن العشرين في مساحتها كما هو الحال الآن حيث كانت تبدأ من موقع مطار المثنى سابقاً بإتجاه الشالجية ثم العطيفية فالكاظمية عبوراً الى الاعظمية، بل وحتى الكاظمية والاعظمية كانتا خارج حدود بغداد.. الرصافة مركز السلطة والقوة وهي الأكبر والأقدم، من الجانب الغربي الكرخ ودجلة الخير العنصر الأساسي الذي يقسمها الى شطرين.. كانت بغداد مسورة والرصافة تحديدا، وكان للسور خمسة أبواب، كالباب الشرقي (الجنوبي)، باب الطلسم، الواسطي، السلطان (باب المعظم).. وعندما جاء مدحت باشا واراد بناء القلعة الخاصة به احتاج الى كميات مهولة من الطابوق فقام بهدم الأبواب والسور وهو أمر يؤسف له حقا وكان من المفترض بناء مدينة جديدة خارج الاسوار وبقاء المدينة القديمة، كما في فاس والرباط في المغرب التي احتفظت بمعالم المدن القديمة لليوم.
وذكر د. فتحي ان ضمير ووجدان الانسان البغدادي مرتبطان بدجلة والبساتين التي تهب مناخاً بديعاً جداً.. فالمدن دائما بحاجة للطبيعة التي تعطيها الحياة وإن دجلة تمد بغداد بروح الحياة ،أما فيما يخص المحلات القديمة منذ بداية القرن العشرين فهي في جانب الكرخ كانت (عشرين) محلة منها الشيخ علي والجعيفر والمشاهدة، الفحامة ،سوق حمادة ،خضر الياس ،ست نفيسة وان لكل محلة ذكريات فالمدينة ليست بناء فقط إنما المدينة ذاكرة كذكريات المطبخ العراقي القديم وبعض الصناعات كسوق الصفارين او كما يطلق عليه العراقيين "سوق الصفافير "وهي كلمة شعبية وربما لفظها خطأ لكن علينا الاحتفاظ بها لأنها من التراث الشعبي ،و لا يمكن الان مقارنة قطعة في هذا السوق تضاهي القطع القديمة في جودتها،،، والاغاني التي كانت أيام زمان والمقام العراقي... اما عن جهة الرصافة التي تتكون من (خمسين) محلة منها الميدان ،الحيدر خانه ،حمام المالح ،قنبر علي، فرج الله ،الفضل، حسن باشا نلاحظ في القلعة التي بناها مدحت باشا لمحة غربية كالقشلة والسراي ، وعلة ذلك أن الوالي كان قد جلب معه فرنسيين وأتراك من مهندسين وعمال وهم من بنوا القلعة وفي فترة تولي مدحت باشا لولاية بغداد عام 1869 شهدت بغداد نموا عمرانيا زاهرا لمدينة بقيت خامدة في ظل حكم العثمانيين لفترة أكثر من ثلاث قرون، مؤكدا أن عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي يمثلان ذروة العمارة المزدهرة في بغداد بشكل خاص، وفي العراق بشكل عام
وهناك فترة أخرى من تاريخ بغداد نتكلم عنها عندما حكم بغداد خليل باشا لفترة قصيرة هو جنرال في مهم وخال انوار باشا رئيس اركان الجيش العثماني دحر الإنكليز في الكوت وقام بتوسيع وتعديل الطريق العام الممتد من الباب الشرقي الى باب المعظم وأصبح حاكم بغداد وقائد الجيش العثماني وعام 1910 افتتح شارع الرشيد الذي أطلق عليه تسمية شارع (شارع خليل باشا) في وقتها ثم تغير اثناء الاحتلال البريطاني باسم (شارع النصر)عام 1917 وفي الحكم الملكي أطلق عليه( شارع الرشيد) الى يومنا هذا ،، شارع الرشيد من اقدم شوارع بغداد واطولها ويبدو للناظرين انه مستقيم لكنه غير ذلك في الرسم الهندسي
اضافه د. فتحي في حديثه عن بغداد: ان من المؤلم جدا هدّ جامع مرجان في عام 1946 من اجل توسيع شارع الرشيد.. جامع مرجان من المساجد التاريخية الاثرية القديمة في العراق ويقع على يمين الداخل لسوق العطارين بمنطقة الشورجة في بغداد، وهكذا انتهت محاضرة د. احسان، أما ملخص الخاتمة فهو : ((يحزننا ماضينا الجميل الذي غادرنا ويقلقنا حاضرنا ونتكلم من اجل مستقبلنا، بغداد جمعت كل معالم الحضارة وعاش فيها العديد من المفكرين والعلماء وتألف فيها جمع كبير من الطوائف والأديان تشكو اليوم حالها للزمن ونحن وأنتم دائما نطالب بالحفاظ على الحضارة والأرث الثقافي كونه يمثل تاريخ الأجيال الماضية والحاضرة والمستقبلية، هذا كان الهدف من المحاضرة والتي دار النقاش بعدها بين د. احسان فتحي والحاضرين وعن كيفية إيصال صوته وصوتهم لمن يهمه الأمر ونفس الموضوع دفعنا لكتابة هذا المقال
552 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع