بسام شكري
التنويم المغناطيسي والتنويم الذاتي علاجات متقدمة وفعاله
حدثني صديق يعمل مدير لاحد البنوك في دولة خليجية بأن أمين الصندوق في البنك جائه في نهاية يوم عمل في بداية صيف عام 2002 وقال له بأن شخصا اسيويا جاء الى البنك في حدود الساعة العاشرة صباحا ووجه له سؤالا لأمين الصندوق : أعطني ما في الصندوق من دولارات أمريكية فقط، فما كان من امين الصندوق الا ان أعطاه ما طلب ولحسن الحظ لم يكن في الصندوف في تلك الساعة سوى ثلاثة الاف دولار ثم غادر الرجل البنك ولم يشعر أمين الصندوق باي خطأ في ذلك السلوك الا عندما بدأ يعد النقود في نهاية يوم العمل ومطابقتها مع المستندات والفواتير فوجد ان هناك نقص مقداره ثلاثة الاف دولار وقد تذكر الموضوع وكأنه حلم قديم مرّت عليه أيام خليجية حارة، فماذا حصل بالضبط؟ أن ما حصل هو أحدث نوع من أنواع التنويم المغناطيسي وقد تم بالتركيز والنظر الى العين الثالثة والامر بحزم وبسرعة وعمق.
لم يستعمل اللص المنّوم الطرق التقليدية في التنويم بل أرسل رسالة واحدة ممغنطة الى أمين الصندوق بواسطة عينه وامره بإعطائه كل الدولارات الامريكية التي في الصندوق وكانت الحصيلة ثلاثة الاف وخمسة عشر دولار. ولولا الكاميرات المثبتة في البنك ومطابقة وقت صرف الثلاثة الاف دولار مع وقوف ذلك الشخص وقف امين الصندوق لدقائق واخذ مبلغا من المال دون ان يقدم أي مستندات لكان البنك قد اتهم امين الصندوق بسرقة المبلغ.
لقد كان التنويم المغناطيسي علما معروفا لدى الكثير من الشعوب في الازمنة القديمة فالكهنة اليونان أستعملوه قبل الميلاد في معابدهم للتأثير على أتباعهم وفقراء الهند القدماء قد أتخذوه جزءا من عباداتهم ومع الزمن فقد تطورت واخذت عدة اشكال منها أسلوب الاسترخاء والتأمل المعروف اليوم باليوغا، في العصر الحديث أول من رتب علم التنويم هو الطبيب النمساوي مسمر وذلك في أواخر القرن الثامن عشر ثم جاء بعده ليبولت ثم شركوت ثم برنهايم والذين حولوا معلومات وأفكار مسمار الى علم جديد أسموه التنويم المغناطيسي وأبتدأوا باستعماله في أشفاء الامراض العصبية والنفسية .
والتنويم المغناطيسي هو نوم جزئي يحدث بواسطة الايحاء والسأم والتكرار وقد يشبه النوم الطبيعي في بعض الاحيان ويكون فيه الشخص برغم نومه الصناعي الوهمي في حالة تركيز ذهني باتجاه نواحي معينة ويتحدث خلالها الى الطبيب ويجيب على أسئلته ويخرج الكثير من المعلومات التي كان يخفيها في يقظته والكثير الكثير من محتويات عقله الباطن، وهذا يعني تعامل اليقظة مع العقل الباطن.
وحالة التنويم هي إحدى حالات الغيبوبة التي يكون فيها الوعي الذهني غائبا مما يعطي اللاوعي (اللاشعور) الحرية لتوجيه الانسان، وبما أن حالة الوعي الذهني هي العقبة لمرور المعلومات المخزونة في مناطق أخرى من الشعور فأن حالة الغيبوبة (المغناطيسية) تزيل تلك العقبة مما يتيح فهما وتطبيقا أكثر عمقا وشمولية للسلوك العاطفي والفعلي.
والتنويم هو أسلوب الخطوة خطوة الذي يتيح للشخص الخاضع له الاسترخاء الى الحد الذي يتوقف فيه نشاط وعيه الذهني وينتقل عندها نشاط الوعي الذهني الى حالة اللاذهن وقد يصل الانسان العادي في الحياة اليومية الى هذه الحالة لا اراديا من خلال استماعه الى صوتا هادئا يكرر جملا معينة توصله الى حالة الاسترخاء
وتبعده عن التأثيرات الذهنية وفي هذه الحالة يكون أحد أجزاء الدماغ يقظا والأجزاء الاخرى نائمة ويطلق على الشخص الذي يدخل في هذه الأجواء بالمفهوم الشعبي بانه صافن. وقد نلاحظ خلال حياتنا اليومية شخص يركز عينية في مكان واحد ويسرح بالتفكير ولا يشعر بما حوله وما ان يأتي صوت عالي او حركة مفاجأة في المكان حتى ينتفض وينتبه على نفسه.
وما زال علم التنويم غامضا وحدود قدراته والياته غير معروفة فكثيرا ما شاهدنا حالات التنويم المغناطيسي للاغراض التجارية والترفيهية حيث يقوم المنّوم بعرض الشخص النائم على الجمهور أو يختار واحدا منهم لينام ويأخذ بسؤاله بعشوائية عم أسماء بعض الحاضرين أو عن محتويات جيوبهم أو عن أبرز مشاكلهم وقد يعطي النائم حلولا دقيقة لتلك المشاكل.
استعمالات التنويم المغناطيسي في المجالات الطبية
يستعمل اليوم التنويم للاشخاص الذين يعانون من حساسية من التخدير في العمليات الجراحية وكذلك في عيادات الاسنان بشكل واسع لتخطي موضوع المخدر أو الشعور بالالم أثناء وبعد معالجة الاسنان وجذورها واللثة والتهاباتها, وعلى الجانب السلوكي فيستعمل للاشخاص الذين لا يتمكنون من السيطرة على تناولهم للحلويات كمرضى السكري أو المصابين بالتوتر العصبي اللاارادي , وكذلك للتخلص من بعض العادات السيئة أو الضارة كقضم الاضافر أو اللعب في جزء من أجزاء الجسم أو التدخين والادمان على الكحوليات والمخدرات أو الادمان على الاكل أو الحب أو الكره لشيء أو قد يكون علاجا لنسيان حادثة تذكرها يسبب الم نفسيا للشخص .
أما في مجال طب الاطفال فالتنويم يستعمل لعلاج الاطفال الذين يعانون من الصعوبة في الكلام أو التأتأة أو الخرس الانفعالى المؤقت أو الدائمي وكذلك الاطفال الذين يعانون من الامراض العصبية كالربو والرهاب وغيرها من سلس البول الليلي الى الاستيقاض او المشي أثناء النوم.
وفي أحصائية أجراها مركز بوليكنيكا الروسي في نهاية التسعينات على أن 50% من حالات أمراض الاطفال المذكورة أعلاه فان الشفاء بالتنويم المغناطيسي كان سريعا وتاما و25% منها الحالات الاخرى كان تحسنا ملحوظا وفي 15% من الحالات كان هناك تحسن طفيف وفي 10% فقط كان فشلا تاما.
أن أستعمالنا لهذه التقنية العلمية (التي تعتبر أحد أمضى أنواع العلاج البديل) وحصولنا على نتائج أيجابية وسريعة وبدون أستعمالنا لادوية كيمياوية أو أضطرارنا لادخال الاطفال الى مدارس ومصحات ليست لهم وتأخد منا وقتا طويلا وجهدا ومالا وقد لا تؤهلهم في الاخر وقد تظطرنا الى تقديم النصح أو التوبيخ أو الضرب والايذاء الجسدي او النفسي من دون فهم أو أدراك منّا أن الموضوع سهل وبحاجة الى جلسات تنويم مغناطيسي يتم خلالها طرد الخوف وأكساب الطفل الثقة اللازمة بالنفس وزرع مفاهيم وعادات صحيّة وجيدة.
واليوم هناك العديد من التشريعات الدولية التي لا تسمح للعمل في هذا المجال الا لاطباء الجراحة وأطباء الاسنان وأطباء الصحة النفسية وذلك لحماية المجتمع والحيلولة دون أستخدام هذه التقنية لاغراض غير مشروعة.
نام الخمسة وبقي السادس الذي لم ينام
كان المنّوم المغناطيسي الإنكليزي يمتلك ثقة كبيرة بالنفس عندما بدأ بإدخاله الأشخاص الستة الى خشبة المسرح أمام الجمهور العريض الذي كان متشوقا لمعرفة ما سيحصل وأجلس الأشخاص الستة على كراسي خشبية مقابلة للجمهور , وكما هي طريقته في كل مرة بالتركيز على المجموعة التي أمامه ويصدر الأوامر اليهم بالدخول في عالم النوم وما أن بدأ في أصدار الأوامر حتى نام الجميع وقام بتوجيه الأول فقال له أنت الأن في محطة قطار وتودع حبيبتك ووضع في تلك اللحظة يده على خد النائم فبدأ النائم بتقبيل اليد ضنا منه بانه يقبل حبيبته وفجأة وفي غمرة تعجب الحاضرين بما يحدث فتح واحد من النائمين الباقين عينيه ووسط دهشة الجمهور شعر المنّوم المغناطيسي بالخجل وربت على خد ذلك الرجل وطلب منه مغادرة المسرح , ما الذي حصل؟
عندما سألنا الرجل قال عندما أصدر المنّوم أمر النوم أغلقت عيني وانتظرت وأنا في كامل اليقظة ما سيحصل وحينما بدأت قصة تقبيل الرجل لصديقته في محطة القطار أصابني الفضول وفتحت عيني لأرى ما يحصل.
أن الرجال الخمسة قد ناموا جميعا أما السادس فلم ينام لعدة أسباب ولكي نبين بالتفصيل الأسباب علينا التعرف أولا على ألية التنويم المغناطيسي
ألية التنويم المغناطيسي
هناك طريقتان للتنويم المغناطيسي القديمة والحديثة، فالطريقة الحديثة لها جانبين الجانب الاول قدرة المنّوم المغناطيسي والجانب الثاني قبول وأقتناع الشخص المراد تنويمه بالنوم ومراحل التنويم الحديث ثلاثة وهي:
1- الدخول في النوم، وهو تنفيذ ما أمر به المنّوم من أمر النوم وتكون العينين مفتوحتان أو مغلقتان.
2- اصدار الأوامر، وهي عملية أصدار جميع الأوامر سواء بالتخيل أو بالانتقال الفعلي (أنت في الشرق الاوسط أذهب الى بريطانيا شمال لندن ثم أذهب الى ...الخ – انتقال فعلي – أنت في الارض أذهب لمقابلة كائنات فضائية أو قبّل صديقتك في محطة القطار ...الخ أنتقال بالتخيّل)
3- الخروج من حالة النوم، وهو تنفيذ أمر الأستيقاض الصادر من قبل المنّوم والذي لا يتذكر شيء مما حصل خلال عملية التنويم الا في بعض الحالات.
4- أما اذا أراد الشخص المراد تنويمه الكذب وخصوصا اذا كان على معرفة بقواعد التنويم فانه قد يدعي بأنه قد نام ويعطينا معلومات غير حقيقية وخصوصا اذا كان الموضوع يتم من قبل الشرطة الجنائية للوصول الى حقائق في قضايا غامضة أو ناقصة الادلة , فنحن لا نتمكن من معرفة حالة النوم هل هي حقيقية أم لا لذا يجب ان يكون المنّوم متمرسا وعلى خبرة بكافة حالات النوم ومراحله أما التكافؤ في المراحل الثلاثة فيجب ان يتم بنفس مستوى الخبرة لدى الشخص القائم به وذلك لاننا لو أفترضنا بان هناك شخصا قد نام ولا يستطيع المنّوم أيقاضه فانه سيبقى معلقا في الهواء ( كما هو معروف في لغة التنويم ) أي غائب عن الوعي الذهني ويقضي وقتا من حياته غائب عن الوعي ويجب توفر شخص أخر يكون مع المنّوم كاحتياط فيما لو مات المنّوم مثلا في خلال العملية أو تعرض الى نوبة مرضية مفاجئة وغيرها من الظروف الغير محسوبة فالمطلوب هو المزيد من الخبرة العملية لان قراءة المقالات والكتب لا تكسب الا القليل من الخبرة النظرية .
5- في بعض الاحيان لا ينام الشخص وذلك لعدة اسباب منها قوة ونوع الطاقة الكهرومغناطيسية المحيطة بالجسم " الهالة " وهذه حاله نادرة أو لقدرة التركيز العالية التي يمتلكها الشخص أو لعدم توفر شروط النوم من هدوء الاصوات وسكون الحركة وغيرها.
6- . والتنويم بشكل عام في الطريقة القديمة " طريقة البندول " هو قيام الشخص المنّوم بتوجيه الشخص المراد تنويمه الى مراقبة جسم متحرك لمّاع أو مضيء والاستمرارية في الحركة تؤدي الى تعب العينين وبما أن التعب الفسيولوجي يؤدي الى تعب ذهني لذلك تحصل عملية النوم أضافة الى التأثيرات الكهرومغناطيسية التي يرسلها الشخص المنّوم و يقوم المنوّم بأصدار أوامر النوم والاستيقاظ للشخص المطلوب وخلال الفترة الزمنية بين الآمرين تتم عملية توجية الشخص النائم وأستعمال خزينه المعلوماتي والروحي للوصول الى حقائق مختلفة وكذلك التعرف على خزين اللاشعور أو وضع أفكار جديد أو أزالة أفكار ومعتقدات وسلوكيات كانت موجودة .
7- والطريقة الحديثة للتنويم هي بتوجيه النظر الى العين الثالثة وتوجيه الموجات الكهرومغناطيسية والتركيز وتوجيه امر النوم , وفي هذه الطريقة فان أحتمالات عدم النوم او عدم السيطرة على الشخص قليلة جدا وكذلك ليس شرطا ان ينام الشخص كليا بل ممكن ان يكون تحت السيطرة لفترة قد تزيد على عدة ايام ينفذ الاوامر ويقوم بالفعاليات اليومية من اكل ونوم وسياقة سيارة وغيرها - وهذا ما حصل في قصة الاسيوي الذي طلب من امين الصندوق اعطائه كل ما في حوزته من دولارات أمريكية وغادر البنك ولم يشعر امين الصندوق بما حصل الا عندما عدّ النقود في نهاية يوم العمل وتذكر وكان الموضوع كان حلما قديما.
التنويم الذاتي
التنويم الذاتي أو التلقائي له عدة فوائد فهو من الناحية التدريبية عنصر أساسي للمدرب للتعرف على الحالة التي يمر بها الشخص النائم ومن الناحية الصحية فهو مفيد لكل الناس سواء كانت لديهم اهتمامات بالتدريب أم لا وأولى تلك الخطوات هي التأمل حيث تتوفر تقنية التأمل الى تسكين الدماغ نتيجة لبطء حركة الأفكار بحيث أنك تستطيع أدراك المادة من تلقاء نفسك الداخلية والوصول الى غيبوبة يتم الوصول اليها ذاتيا وتعطيك الفرصة للقيام ببرمجة حركة الدماغ بشكل ذاتي وترتيب وتركيز عملية التفكير بشكل ذاتي وأبعاد كل وسائل ومؤثرات التشويش الخارجية أضافة الى أن الصفاء الذهني الذي يوفره التنويم الذاتي يجعل الدماغ يفكر باستقلالية وبطرق غير مطروقة في الوسط الحياتي المعاش والوصول الى حلول أكثر دقة وبعيدة عن المؤثرات الخارجية والقيام بزرع أفكار في النفس الداخلية وترتيب نظام وظائف أعضاء الجسم ومن فوائده ان يعطينا مهارات متعددة لتنشيط الادراس الحسي العالي
أن التنويم الذاتي له فائدتين الاولى هي التدريب على التنويم والتعّرف على الية النوم والثانية هي أطلاق القدرة الشاملة للعقل وذلك بما يوفره التأمل والاسترخاء من العودة الى الطبيعة والمنطق وبعيدا عن المؤثرات الخارجية والتفكير بطرق جديدة غير مطروقة سابقا.
والكثير منا قد مرّ بالتنويم الذاتي خفيف دون أن يكون لديهم علم بذلك كأن يقرأ أحدنا كتابا أو يشاهد فلما ويشرد ذهنه بعيدا الى اللانهايه ويأتي شخص من الخارج فيكلمه فلا يسمعه أو قد ينظر أحدنا الى شمعة أو نافورة ماء مضيئة أو النظر الى شمس الاصيل بتكرار فيدخل في حالة التنويم الذاتي التي تفرغ الدماغ من التفكير بالواقع والهيام في سماء اللاوعي. والتنويم الذاتي طريقة علاجية لمن يريد ان يقوم بتنمية روح الابداع والابتكار او الخروج من ازمة نفسية او الخوف من شيء او التفكير به او علاج ما بعد الصدمة. وفي حالتي التنويم المغناطيسي او الذاتي فان الشخص يحتاج ان يعرف نظام التركيز أولا ويأخذ فكره عن نظام التأمل والأشخاص الذين قمت بتدريبهم على مدى الثلاثين عاما الماضية على التركيز يعرفون ماذا اقصد بنظام التركيز وقد استعانوا بنظام التركيز في حياتهم المهنية والاجتماعية ولم يقرأ المتدربين معي كتابا او مقالة بل قضوا ساعات طويلة في التدريب والمثابرة.
واليوم هناك عدة طرق حديثة للتنويم المغناطيسي (ليست طريقة تحريك البندول امام العينين وحدها) وهناك الطريقة الحديثة لكن هناك طريقة مرتبطة بعوامل متعددة يمتلك الشخص فيها القدرة العالية على التركيز وارسال الموجات الكهرومغناطيسية والنظر الى العين الثالثة بتركيز وأصدار الاوامر بسرعة وبثقة قد يجعل الامر المرسل أمرا واجب التنفيذ من قبل الشخص الآخر وهذا ما حصل مع أمين الصندوق.
الباحث
بسام شكري
1935 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع