على زيدان
رداً على تعقيب خليل عبد العزيز:
الحقائق المغيّبة في إعدام رئيس جهاز المخابرات الأسبق
عبد السلام احمد حسن البكر يخرج عن صمته ويكشف لأول مرة أسرار العلاقة بين ابيه الرئيس الراحل وفاضل البراك نشرت صحيفة الزمان الغراء في عددها الصادر يوم الخميس 22 اب 2019 مقالا للسيد خليل عبد العزيز تعقيبا على المقال المعنون ” الحقائق المغيبة في إعدام رئيس جهاز المخابرات الاسبق الدكتور فاضل البراك” تناول فيه مشكورا شهادته بشأن بعض الأحداث التي رافقت مسيرة الراحل البراك. وفي الوقت الذي نرحب فيه بكل الاراء والشهادات المتعلقة بسيرة أشهر واخطر مدير لجهاز المخابرات العراقي كونها تسهم بمعرفة الحقيقة وتثبيت الحقائق التي يسعى البعض لطمسها فإن ما ورد بمقال السيد خليل عبد العزيز يحتاج إلى إيضاح حقائق وسرد مشاع دون ادلة على الرغم من تسجيل شكرنا الجزيل للسيد عبد العزيز في تصحيح بعض المصطلحات الواردة في مقالنا المنشور في 4 اب فمن المؤكد ان تجربة كتابة مقال يؤرخ لحقبة زمنية ماضية لابد أن تظهر فيه بعض الأخطاء غير المقصودة. يتناول السيد خليل عبد العزيز في تعقيبه رواية وكأنها حقيقة دامغة لا تقبل الدحض تداولها البعض حتى باتت مسلماً بها الا وهي المشاجرة المزعومة مع المرحومة زوجة الرئيس الراحل احمد حسن البكر ونقله بعدها الى موسكو. ابتداء فان معلومة السيد عبد العزيز صحيحة بكون البراك عمل طوال فترة عمله في السفارة العراقية بموسكو معاونا للملحق العسكري ولكن في اخر أربعة أشهر وبعد التأكد ممن عمل معه شغل منصب الملحق العسكري في السفارة العراقية قبل نقله مديرا للأمن العامة، فاذن كان منصب الملحق العسكري هو آخر منصب له بعد سنوات من توليه منصب معاون الملحق الذي مارس من خلاله ربما دورا كبيرا تجاوز حتى دور السفير العراقي انذاك. أما بالنسبة لقصة مشاجرة البراك مع زوجة الرئيس البكر، فإن الحقيقة وكما جاءت على لسان السيد عبد السلام احمد حسن البكر والذي خصني بشهادته بعد التواصل معه فكانت على عكس كل مايقال وينشر، اذ يقول في شهادته بشأن هذه الواقعة تحديدا وهي المرة الأولى التي يتحدث بشأنها ان ” الكثير يتناول هذه القصة ولكن ليس هناك سند حقيقي لها يعتمد عليه في اصل القصة فالوالدة رحمها الله كانت تتصل بسواق البيت ولا تتصل بالمرافقين او بالقصر الجمهوري نهائيا وبعض الاحيان كانت تكلف الخادمة بالاتصال بالسواق لتلبية الاحتياجات ولا يمكن لشخص مثل ابو علي ( د. فاضل البراك) المعروف بخلقه ان يتطاول على زوجة الرئيس احمد حسن البكر وهذا امر غير ممكن لا من ناحية الأخلاق ولا من العرف أو حتى الخشية من العقوبة فعلاقته مع الرئيس احمد حسن البكر رحمه الله كانت طيبة دائما ومثل هذه القصص لغرض الاثارة او التشويه”.
وبشأن التشكيك بمدى أهلية البراك بنيل شهادة الدكتوراه من معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم السوفيتية فإن حصوله على الشهادة لم يكن سهلا خصوصا لرجل في مقتبل العمر ولم يسبق له خوض تجربة الكتابة وأمر طبيعي ان يستعين طالب الدكتوراه بمن هم أكثر خبرة منه لتصويب اخطاء رسالته وانضاجها بالشكل الأمثل كما أن الدكتور فاضل البراك كتب بنفسه وفي مقدمة طبعة كتابه الموسوم(دور الجيش العراقي في حكومة الدفاع الوطني والحرب مع بريطانيا عام 1941) شكراً وتقديراً لكل من ساعده على إنجاز رسالة الدكتوراه وتضمنت اسماء لاكاديميين سوفيت وعراقيين وعرب اكثر مما تناوله مقال السيد خليل عبد العزيز عرفانا منه لمن قدم له المساعدة ومنهم غفوروف والياس فرح وغيرهما وستكون صفحة مصورة للشكر والتقدير ملحقة بالرد ليتسنى لمن يشكك ادراك بأن لا شيئ يمكن اخفاؤه او التغطية عليه وبذلك فإن أهلية البراك لا أعتقد بأنها محل للطعن بشهادة من عاصره وتعامل معه أو عمل معه.
وبخصوص ما تضمنه المقال من إشارات بشأن رد فعل الرئيس الراحل احمد حسن البكر بعد معرفته بأن البراك يقوم بإعداد رسالة الدكتوراه في موسكو فإن الواقع يثبت عكس ماذهب اليه السيد خليل عبد العزيز إذ كيف يمكن لشخص يضمر له الرئيس كرها ان يتم تعيبنه بعد نيله الدكتوراه بفترة في منصب مدير الأمن العام وبقرار من رئيس الجمهورية فيبدو ان الاحداث اختلطت لدى السيد كاتب المقال ازاء موقف البكر من البراك. ويؤكد السيد عبد السلام البكر في معرض حديثه بشان العلاقة بين الرجلين بانها كانت” جيدة جدا ولم الحظ اي شيئ سلبي فيها فقبل وفاة الرئيس البكر بمدة ربما نهاية 1981 او بداية 1982) بعد سنوات من تخليه عن الرئاسة ) ذهبت لمجلس فاتحة ابراهيم الحسن (ابو برزان وسبعاوي ووطبان وزوج والدة صدام حسين) في قاعة الخلد ورأيت الوالد جالسا وجاء ابو علي (د. فاضل البراك) وجلس بجانبه وطول الوقت كان يتحدث للوالد ويضحك الوالد أكثر من مرة” لافتا إلى أن” تولى الدكتور فاضل البراك بمنصب مدير الامن كان قرارا جاء بقناعة من الرئيس البكر فلا يمكن في ذلك الوقت ان يعين شخصا بهذا المنصب الحساس تحت الضغط ولم يكن في ذلك الوقت وجود لما يطلق عليه اسم جناح او محور او تكتل هو ربما محسوب على الوالد ( احمد حسن البكر) من جهة ولكنه كان صديقا للرئيس صدام حسين فجاء تعيينه بمنصب مدير الامن العام نتيجة لمزاياه وامكانياته وقدراته وفقا لقناعة الرئيس البكر بذلك”. ويسرد السيد عبد السلام البكر روايات عدة تثبت قوة العلاقة بين الرجلين ومنها” انه في مرة من المرات كنت مع الرئيس البكر في سيارة واحدة ومعنا طارق حمد العبدالله يجلس الى جانب السائق ورويت فكاهة كانت منتشرة انذاك تدور احداثها بين ضابط قوات خاصة وضابط امن، فضحك الرئيس رحمه الله كثيرا وابلغ طارق الحمد بالاتصال بالبــــــــــراك الذي كان مديرا للأمــــــــن العامة وروى المزحة له مما يدل على المودة والملاطفة وروح الفكاهة الموجودة بين الرئيس والبراك”.
مسيرة علمية
وفي معرض تقييمه لمسيرة الدكتور فاضل البراك العملية والسياسية والفكرية، يلفت السيد عبد السلام البكر بالقول” باعتـباري كمراقب فان اغلب المدراء في جهازي الامن والمخابرات او من عمل معه وصفوه في كتاباتهم وبحسب اطلاعي بانه من افضل من تولى منصب مدير الأمن العام ومدير جهاز المخابرات وأكدوا بانه احدث تغييرا في جهاز المخابرات وعمله ووضع منهجية ودستوراً للمخابرات وفقا لاحد العاملين معه فضلا عن الاستعانة بذوي الكفاءة والاختصاص في جهاز المخابرات مما يدحض فرية الخيانة، فمن يريد الخيانة لايمكن له تطوير الجهاز او يعيش بشخصية الخائن وشخصية من يحمي البلد وامنه واستقراره وكان البراك يدعم عمل جهاز المخابرات باخلاص وكفاءة وتركه بافضل حال لذلك فالبراك لايملك نزعة عدوانية عدا ان تركيبة الجهاز ودوره هي بهذا الشكل كما لم يثري بشكل غير مشروع او يعتدي على شخص او نازعه على ملك ما وكان يميل للتراضي والحوار”. ويشير السيد عبد السلام احمد حسن البكر الى ان “الرجل (فاضل البراك) كان مثقفا ويملك مكتبة شخصية كبيرة ومصنفة وكان يلتقي ببعض المؤرخين والمثقفين وابلغته ذات مرة بشان منع محمود شيت خطاب من السفر فارسل له سيارة والتقى به وسهل إجراءات سفره كما يعجبه اللقاء مع الشخصيات التي لها عمق فكري وثقافي وكان يمتلك رؤية واسعة عن الدول الاوربية فهو رجل مخابرات له اطلاع على مايدور في العالم والسياسات الخارجية فضلا عن كونه اسهم بدعم المثقفين وتعزيز العلاقة معهم “. ويروي السيد عبد السلام البكر مواقف عن مرونة البراك في التعامل مع بعض القضايا المهمة او التي على تماس بحياة البسطاء من الناس منها والكلام للبكر الابن بانه” بعيد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية تم تشكيل لجنة لمراجعة القوانين والقرارات التي اتخذت بحكم ظروف الحرب لالغاءئها او تعديلها تخفيفا عن الناس ولاضفاء أجواء السلام وكان الدكتور البراك عضوا في اللجنة او رئيسها ( لا أتذكر) واخبرني بأن العجيب اصرار بعض الوزارات على التشديد بحجة وجود دواع امنية وانا الذي امثل الجانب الأمني أصر على التيسير وعدم التشديد ماضيا بالسرد” كما اتذكر موقفا انسانيا فقد جاء رجل كردي كان يسكن بغرفة في مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني حاملا قضية امراة باكستانية مجنسة بالجنسية العراقية وزوجها ايضا مجنس لكن لديها بنت صغيرة من زوجها الاول لاتملك الجنسية وعندما بلغت البنت 18 سنة تم انذارها من قبل دائرة الاقامة بمغادرة العراق فشاهدت حالتهم المزرية وقالت لي لا نعرف أحدا في باكستان والبنت ولدت بالعراق او جاءت صغيرة جدا وتقدم لخطبتها شاب كردي وذهبت لمنزل الدكتور فاضل البراك حاملا شكوى هذه العائلة لغرض منحها اقامة لمدة ستة اشهر وتم الأمر ومنحت الإقامة لستة أشهر وخلال هذه الفترة تم خطبتها وزواجها وبقيت في العراق”. اما بشأن ما تناوله المقال بخصوص موقف البراك من الحزب الشيوعي العراقي فان موقفه كان واضحا من الحزب الشيوعي او اي حزب اخر يعمل بالساحة السياسية ولاينكر مساهمته في محاولة استقطاب رموز الاحزاب المعارضة انسياقا مع عمله في جهاز المخابرات وتحركاته القائمة على اساس مواجهة أحزاب المعارضة انذاك.
في الختام لا بد ان اتقدم بجزيل احترامنا وشكرنا للدكتور احمد عبد المجيد ولجريدة (الزمان) الغراء اضافة الى السيد خليل عبد العزيز وما بذله من جهد في التعقيب على المقال المنشور والتطرق لكل ما يتعلق بسيرة أخطر وابرز رئيس لجهاز المخابرات العراقي وأكثرهم إثارة للجدل وهو ما يدفعنا الى مزيد من بذل الجهد للوصول إلى الحقائق المخفية او المغيبة.
المصدر: صحيفة الزمان
989 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع