المعماري أيوب غيسى أوغنا
خبير ومحكم دولي وخليجي معتمد
مسقط / سلطنة عمان
سفرتي الوحيدة الى القاهرة قبل أسبوع من حرب ١٩٧٣
بعد تخرجي من جامعة لندن بشهادة الماجستير , عملت لعدة أشهر في الحكومة المحلية لمنطقة سيتي أوف ويستمنيستر في قلب لندن كمهندس معماري , ولكن رؤية أعلان في جريدة التايمس اللندنية عن وجود فرصة عمل لمهندس معماري في دولة خليجية لشركة تايلور وودرو العالمية , أثارت أهتمامي , وعند المقابلة تمكنت من معرفة البلد بأنه سلطنة عمان , وكان خوفي أن يكون البلد هو العراق , الذي كان تحت الحكم البعثي الفاشي , والذي رفضت الرجوع أليه بعد تخرجي حيث سبق وأن كنت طالب بعثة هندسية من الحكومة العراقية سنة 1962 في عهد الزعيم عبدالكريم قاسم , ولذا وافقت لدفع مصاريف البعثة للحكومة على شكل أقساط شهرية و الوفاء بذمة كفيلي من المسؤولية المترتبة لعدم رجوعي . وبعد قضاء عدة أسابيع في المكتب الرئيسي للشركة للتعرف على طبيعة العمل وهو التصميم والأشراف على مدينة عصرية في مسقط ( مدينة قابوس) , وهكذا بدأت سفرتي الى مسقط على الخطوط الجوية البريطانية , وطلبت أن تكون الرحلة عن طريق مصر وقضاء أجازة فيها 4 أيام , وهكذا وصلت الى مطار القاهرة الدولي بتاريخ 27 أيلول / سبتمبر 1973, وكانت أول زيارة لي لدولة عربية , وكنت متلهفا لزيارة الأماكن السياحية المشهورة وخاصة الأهرام , والمعابد الفرعونية وأيضا الأماكن و الأزقة القديمة من القاهرة و جوامعها المشهورة
, لذا كانت السفرة القصيرة مليئة بالبرامج السياحية الرائعة و المثيرة . ولكن المشكلة كانت أيجاد فيلم ملون لكاميرتي لأنني لم أحمل أي فيلم من لندن خوفا من تلفه في المطار بسبب أجهزة الأشعة التي كانت تستعمل لمراقبة الأمتعة , والتي تبين بأنها لاتأثير سلبي على الأفلام سواء داخل الكاميرات أو خارجها , وأستغربت من عدم وجود أي فيلم ملون في عشرات محلات التصوير , عدا فيلم أسود وأبيض ربما من أنتاج محلي أظهرت نتائج رديئة , لذا حرمت من تصوير تلك الأماكن السياحية . لقد كانت الأمور بصورة عامة سيئة جدا نتيجة الحالة الأقتصادية و التقشف ومنع الأستيراد للحفاظ على العملة الصعبة , نتيجة ما آلت أليه الأوضاع بسبب حالة الأستعداد لمواجهة الخطر الأسرائيلي وعمليات التسلح لدرأ أي خطر من نشوء حرب ثالثة بينهما . وحبذت النزول في فندق صغير في منطقة شعبية من القاهرة والأختلاط بعامة الشعب , وكان لصاحب الفندق سيارة قديمة من نوع فيات قام بمهمة الدليل السياحي للعديد من تلك الأماكن التي كنت فيها السائح الوحيد . ولكن تبين لي منذ أول يوم بأنه أيضا يقدم خدمات أخرى للزبائن رغم قلتهم في الفندق , وربما كنت السائح الوحيد القادم من دولة أوروبية , وكان على علم بحيازتي لقنينة ويسكي بلاك ليبيل وجلوس سجائر أجنبية , التي كان مسموحا لي بأدخالها مع أمتعتي في مطار القاهرة . لذا لم يتردد بعمل المستحيل للحصول على تلك البضاعة النادرة في الأسواق وقيمتها باضعاف مضاعفة في السوق السوداء . لذا قدم لي خدماته بالمجان مقابل الحصول عليها , ولم أتردد بمقايضتها !!.. وخاصة وأنني لا أشرب الويسكي ولا أدخن , وهكذا أنقضت العطلة القصيرة بملذاتها بسرعة , ولولا أهمية وصولي الى مسقط لأستلام مهام وظيفتي لكنت قد بقيت ربما أسبوع آخر وزيارة الأسكندرية التي كنت أتوق لمشاهدتها على البحر الأبيض المتوسط , لذا قررت السفر في الموعد المحدد , وبعد وصولي الى مسقط , بأقل من أسبوع سمعت أخبار أندلاع ما سميت بحرب التحرير في 6 أوكتوبر( حرب عيد الغفران اليهودي / يوم كبور)
, وحمدت الله على خروجي سالما من تلك الحرب الضروس وربما حتى فقداني لوظيفتي , نتيجة بقائي محجوزا لفترة الحرب الطويلة . ولم تسنح لي الفرصة مجددا لزيارة أخرى مع الأسف لحد الآن .
3683 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع