بسام شكري
احلامك تكشف حالتك الصحية
كان حلما غريبا بالفعل، ذلك الحلم الذي رآه فاسيلي، العامل القادم إلى ستالينجراد المحاصرة من قبل النازيين في يوم حصارها السبعين بعد المائة، فقد رأى، فيما يرى النائم، أنه يعود إلى أهله في كازاخستان، وأن الأهل احتفلوا بعودته وأعدوا له وليمة كبيرة، فيها خروف مطبوخ، وخبز أبيض، وشوربة، وكان هو يأكل بشراهة، ويشعر بكل لقمة من الأكل تنزل إلى معدته، ورغم أنه أسرف في الأكل إلا أنه لم يشبع، وفجأة بدأ القصف النازي، وعمت الفوضى الجميع، وأخذ الناس يتراكضون في كل مكان وهو يقول لهم: "لا تخافوا"، وبعد فترة انتهى القصف، وواصل هو الأكل، ومع ذلك فإنه لم يشبع، وشعر بالتعب وحاول الوقوف، فأحس بالضعف، ولم يتمكن من المشي، وعندما استيقظ من النوم كان يشعر بالضعف والجوع، وفي اليوم التالي توفي بسوء التغذية.
لقد كان حلم فاسيلي واحدا من 500حلم سجلها الدكتور كاساتكن لما يزيد على100 شخص خلال حصار ستالين جراد من قبل النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وكشفت له هذه الأحلام أنه بالإمكان تشخيص الأمراض التي يعاني منها الناس من خلال أحلامهم، وفيما بعد، كان الدكتور كاساتكن يسأل مريضه قبل إجراء الفحص السريري عن أحلامه التي يتذكرها، أو التي تتكرر، أو الغريب منها، ويسجل هذه الأحلام، ويحللها، ويفسرها ويسجل ملاحظاته عليها، ثم يجري بعد ذلك الفحوصات الطبية التي كانت تظهر تطابقا يصل إلى 90% مع ما سجله من أحلام. وفي بداية تجربته ، تمكن الدكتور كاساتكن من تشخيص الكثير من الأمراض بواسطة أحلام الناس المحاصرين داخل ستالينجراد ، فعلى الرغم من أن الجميع داخل هذه المدينة كانوا يعانون من نقص المواد الغذائية ، ويحلمون بالطعام ، إلا أن الكثير منهم نحت أحلامهم منحى آخر ، وحلموا بأمور متنوعة كان يسجلها هو ، فتكشف له أمراض لاتظهر عليهم إلا بعد فترة وفيما بعد نشر كاساتكن كتابا طبيا بارزا عن تشخيص الأمراض بواسطة الأحلام هو (نظرية الأحلام) لاتزال المستشفيات الروسية تستعين به للمساعدة في التشخيص، وقد اصبح اليوم مادة دراسية مقررة في الكليات الخاصة بعلم النفس والفسيولوجيا ، كما أصبح كتابه مرجعا عالميا لهذا النوع من التشخيص الذي يعتمد ، إضافة إلى الأحلام على ما يسميه بظاهرة (الهاجس) أو (الحدس) تلك الظاهرة الروحية التي تكشف لنا الأحداث قبل وقوعها.
وفي أحد الأبحاث التي أجراها الدكتور كاساتكن، واعتمد في نتائجه على التشخيص، اختار عينة من 17000 حلم، بعد أن أجرى مقابلات مع 1360 شخصا بينهم 1150 مريضا بأمراض عادية ،148 بصحة جيدة، و49 أعمى، و13 أطرش، ومن بين المرضى 291 يعانون من أمراض نفسية و365 من أورام في الدماغ و314 من أمراض جلدية. وكشفت تنائج البحث أن بعض الأحلام المتكررة، والتي تشير إلى جرح في الصدر مثلا، تعني احتمال حدوث أزمة قلبية، والجرح في المعدة يعني سرطان المعدة، والعطش يعني السرطان بشكل عام، وفي الملاحظات العامة فإن 3% من الأحلام نسمع فيها أصواتا، وأن النساء يحلمن أكثر من الرجال بنسبة 2% والذين يولدون عميانا لا يحلمون، ولكن الذين أصيبوا بالعمى فيما بعد يرون أحلاما، والأحلام تصبح أقل ألوانا كلما تقدمت بنا السن والأشخاص الأقل ذكاءا ينامون أفضل من غيرهم لكنهم يحلمون أقل . وبشكل عام فكل الأشخاص المبصرين يحلمون لكنهم لا يتذكرون كل احلامهم والاحلام عالم اخر ومتنفس للروح ونافذة بين العقل الواعي والعقل الباطن.
هناك حالة عامة يشترك فيها معظم الأشخاص وهي انعكاس اخر ما يحدث في الواقع في اخرما يراه الانسان قبل النوم على أحلامه فاذا شاهدنا مثلا قبل النوم فلم رعب فان احلامنا ستتأثر بمشاهد الرعب وعندما نستمع الى موسيقى هادئة فان احلامنا ستكون بنفس مستوى الهدوء.
ينصح الأشخاص الذين يعانون من عدم النوم بشكل صحيح او قلق بالاستماع الى موسيقى هادئة لمدة خمس دقائق يوميا قبل النوم وبذلك تهدأ نفوسهم وينامون وقد شاركت في فريق بحثي في المانيا قبل سنوات في تلك التجربة وكانت ناجحة بنسبة تصل الى 91 بالمائة لكن المضحك ان اغلب الأشخاص الذين أجريت عليهم التجارب واستعملوا الموسيقى كوسيلة للمساعدة على النوم قد دخلوا في سبات النوم عندما تم استماعهم الى نفس تلك الموسيقى خلال يوم العمل العادي وفي وقت الظهيرة وهذا يعني اننا يجب ان لا نستمع الى تلك الموسيقى التي ساعدتنا في النوم خلال أوقات النهار لأننا سننام فورا ونترك اعمالنا.
وحالة التشخيص بالأحلام واحد من استخدامات الأحلام وليست كلها، فلغة الأحلام هي لغة الروح، تلك اللغة النقية الطاهرة النظيفة، وهي ليست كلغة الجسد والعقل، التي تنافق وتغير المسميات والأقوال، وهي لغة مباشرة ليس فيها تلاعب بالألفاظ، وكلما كان الإنسان إيجابيا في حياته اليومية صادقا مع نفسه، كانت روحه كذلك، وانعكست بالتالي على لغة الروح لغة الأحلام لتعطيه المزيد من المصداقية والأحلام والتنبؤات.
أتمنى لكم احلاما سعيدة.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
4868 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع