" انتفاضة تشرين السلمية اصبحت ثورة اسطورية بعد ان كانت حلم يراود العراقيين "

                                             

                        سرور ميرزا محمود

" انتفاضة تشرين السلمية اصبحت ثورة اسطورية بعد ان كانت حلم يراود العراقيين "

كان لدى العراقيين حلم التحرر من نيل عبودية وفساد الطبقة الدينية والسياسية، فقد حاول العراقيون التحرك مرار في السنوات الماضية وخاصة وفي صيف 2015 و2016 نزل آلاف العراقيين في مدن الجنوب إلى الشارع للمطالبة بإنهاء الفساد وتحسين الخدمات العامة، لكن اللافت في هذا التحرك اي انتفاضة الأول من تشرين الأول، حيويتها المذهلة ووعيها وادراكها ووطنيتها المسلوبة وسلميتها وعبورها للطائفية وتوحيدها للعراقيين بالرغم من اختلافاتهم، وكان الشباب يردد نريد وطن، وكانت حركة المواطنة واجهت اختباراً دقيقاً إزاء مساعي تحويرها وإجهاضها أو إخمادها من قبل المنضومة الدينية والسياسية، لكن تلك الاختبارات باءت بالفشل.
انتظر العراقيون هذه الانتفاضة وهم يعلمون ان من جعل العراق مضيعة للايرانيين وان من يحكمهم لايمكن ان يعيدوا كرامة العراقيين الى مستوى طموحهم، وان من يحقق التغيير والكرامة والحرية والعدالة هو الشعب اي المجتمع المدني، طفح كيل العراقيين، فالغضب فجر مطالب متنوعة من اسقاط النظام الى تغيير الدستور وحل البرلمان والغاء الطائفية ومحاسبة رؤوس الفساد واعادة الاموال المنهوبة، فتحولت الانتفاضة الى واقع ثورة نضالية سلمية ملأت ساحة المدن الجنوبية وبغداد، فكل محاولات الترهيب والالتفاف والتطويق والاعتقال والقتل والقنص للمنتفظين والنتشطاء وآخرها مجزرة السنك وساحة الخلاني التي خلفت 26 شهيد و145 جريحاً وقبلها في الناصرية والنجف لم تتمكن من كبح جماح الحراك واجهاضه، شباب ثائر وطفل ثائر ونساء ثائرات لهم التحية والفخر والاعتزاز مع رفع القبعة لهم هذا هوالطريق طريق المواطنة للقيام بثورة.
ذكر الشباب العالم بانتفاضتهم السلمية والتنسيق المنظم، وعدم وجود ظاهر لمتكلمين باسمه، ذكروهم بحضارة وادي الرافدين ذات البعد الانساني والفكري ومنجزاتها الكثيرة بما توفر لديها من حكة وقيم وفلسفة، رغم من صعودها وانحلالها، فأن مستودعها ذاكرة انسانية متعددة في منابعها الثقافية وما تجمع لها من مطاللب القوة والبطولة وانتم الشباب رمزاً لها. فمثابرتكم واصراركم وصبركم وتمردكم رغم الشهداء الذين سقطوا وهم عزل، ستحقق نتائجها الى النجاح وقوة هذه ا الثورة السلمية هي حضارتكم.
انه لمن دواعي الفخر بأن حافظ الثوار بنضالهم على سلمية ثورتهم، كما حافظ المهاتما غاندي في مسيرة الملح ضد الاستعمار البريطاني والتي كانت جزأً مهما في تحرير الهند، لقد دعوا الى العصيان المدني لانه طريق الخلاص، كما انهم حافظوا على المؤسسات والمباني الحكومية لأنها ملك للشعب، لقد بين الثوار على وحدتهم وتعاونهم، رشقوكم بالرصاص الحي وانتم تتصدون لها بصدوركم واجسامكم النبيلة، مواقفكم ودعواكم الجيش الى طريق المساندة والالتحاق بالثورة معكم هي شجاعة تفوق التصور، وهذه هي قدسية الثورة وتزداد ثورتهم قوة وصلابة.
العلم العراقي والنشيد الوطني هما رمز التوحيد بين ساحات وشوارع الانتفاضة في صرخة من أجل التغيير والكرامة والحرية والعدالة، لن تستكين الأمور، بالقمع والالتفاف أو التهديد والتحوير ولن يكون الحل بتبديل الكراسي، يوماً بعد يوم، تزداد عزيمة ومناعة وقوة، إذ تعبر من حراك إلى انتفاضة إلى ثورة.
في بداية الانتفاضة كانت مواقف الدولية والعربية والإقليمية باهتة تبعث على التساؤل، مما شجع السلطة والمليشيات المرتبطة بايران بممارسة ابشع انواع القمع والقتل والاختطاف، وبعد ازدياد صمود المنتفضين وقساوة الاجراءات والضحايا المتصاعدة باعدادها الهائلة، اجبرت المواقف الدولية والاعلام العربي والدولي ونشطاء مواقع الاتصال الاجتماعي ان تبرزها بشكل مقبول واخذت تتصدر اخبارها المواقع الامامية.
وطالما ان الثورة استطاعت ان تزيل عقبة واحدة وهي استقالة حكومة عادل عبد المهدي وهي واحدة ليس الا، الأمر لا يحتاج إلى وقت طويل فالشباب لهم قيادة غير ظاهرة، يراجعون مواقع قوتهم ويتغلبون على مواقع الضعف مع تغير الظروف، ومن سير الاحداث بايامها ولياليها يتبين بأن لهم حكمة التصرف والتمسك بسلمية ما يفعلونه وباستراتيجية وتنظيم غير عفوي وهذا يليق بديمومتها، اخذت الثورة تتجه نحو الخلاص والتحرر، طالما ان اهدافهم هي واعدة لبناء دولة مواطنة مدنية بعيدة عن التخندقات الدينية والطائفية، وحتما انها ستؤدي الى محاكمة رؤوس واذناب الفساد واعادة الاموال المنهوبة واصلاح كامل لمؤسسات الدولة وبناء جيش وطني.

ما حدث لحد الان يعد هزيمة فادحة للطائفية والطائفيين، وللإسلام السياسي والتغوغل الايراني، وينبغي التخلص منه، ثورة تشرين الأول 2019 السلمية هي الأولى التي يشهدها العراق، الثورة تنجح عندما تنجح بإنتاج دولة مدنية بكفاءات منشودة وفقاً لدستور جامع شامل وعقد اجتماعي موحد، لا تراجع فالوقت والصمود والتحدي والمثابرة والتماسك كفيل بنجاح الثورة، وهذه الثورة لا يمكن اخمادها او اغتيالها فليس مسموح لهذه الثورة ان تتراجع وهي فرصة تأريخية وحلم للعراقيين وحركته الأنسانية عبر التأريخ ومنابعه الثقافية والفكرية والعقلية ان تحقق القوة والاستقرار
سرور ميرزا محمود

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع