بسام شكري
ساحة التحرير تصنع اليوم الرأي العام
قبل ستة اشهر من الغزو الأمريكي للعراق ولغاية نهاية حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما كانت هناك حملة أمريكية وبرنامج حرب إعلامية سميت برنامج هوليوود العراق فقد تمت عملية فبركة الاخبار للوصول الى إيصال الناس الى راي عام غير حقيقي وإشاعة جو من الخوف والإحباط بين العراقيين والعرب عموما فكانت وسائل الاعلام الامريكية تنشر الاخبار بطريقة ترفع معنويات الجانب الأمريكي لإحباط معنويات الجانب العراقي وكان اول فلم امريكي مفبرك عندما تم عرض مجموعة من الجنود العراقيين يستسلمون للجيش الأمريكي في منطقة الفاو وهم بدون غطاء للراس ويرفعون أيديهم ويمشون في طابور باتجاه الجيش الأمريكي وتبين لاحقا ان ذلك الفلم قد تم تصويره في أمريكا قبل اشهر من الحرب وان الجنود كانوا ممثلين واشخاص عاديين من المغرب العربي قام مخرج امريكي باستئجارهم على أساس انها لقطة من فلم حربي سيتم انتاجه لاحق والمضحك ان الفاو بقيت تقاوم ولم تسقط عسكريا الا بعد ان دخل الجنود الامريكان بغداد واحتلوا القصر الجمهوري ومنذ تلك اللحظة بدأت الة الدعاية الكاذبة بالعمل فمثلا لو قامت المقاومة العراقية بقتل 100 جندي امريكي فان الاخبار تخرج علينا بقتل 10 جنود ولو حصلت عشرين عملية ضد القوات الامريكية في بغداد يقولون حصلت عمليتان وبالمقابل اذا قتلوا مقاوم عراقي يقولون قتلنا عشرة وهكذا وقد استمر ذلك وتطور بان خلقت الإدارة الامريكية أجهزة اعلام داخل العراق مستخدمة مجموعات بائسة بدون أي خبرة في الاعلام من اعضاء الأحزاب الطائفية الجديدة على العراق تقوم على مبدأ نسخ الاخبار الامريكية الكاذبة ولصقها في الصحف العراقية الكثيرة التي انتشرت فجأة بعد الغزو ونشات طبقة من الإعلاميين تابعين للأحزاب الدينية فكانت تخلط الاخبار بأقوال طائفية لتزيد من سخونة الصراع الطائفي وهكذا وبعد تشكيل اول حكومة في العراق تغير الوضع واصبح اشبه بالإعلام الشيوعي أيام جوزيف ستالين فالديمقراطية أصبحت الكلمة المؤثرة وتلك الدعاية الموجهة قد انتشرت الى خارج العراق وبموجب التعليمات الامريكية فقد اخذت وسائل الاعلام العالمية تروج ان في العراق حكم ديمقراطي وان هناك حملة اعمار للعراق والشعب العراقي اخذ يتنفس الحرية وغيرها من الأكاذيب وفي المقابل شنت أجهزة الاعلام الطائفية حربا ضد الشعب العراقي وكانت تتهم الجميع بالانتماء للنظام السابق فلا تقرا في الصحف سوى جملة واحدة المقابر الجماعية وادخلوا العراق في دوامة كبيرة من الكذب في حين ان الواقع غير ذلك تماما ان الفساد بدا من تشكيل اول حكومة عراقية في زمن المجرم بريمر و كان الصفة المشتركة لكل الحكومات ومن جانب اخر فقد أجبرت إدارة أوباما الكثير من الدول الغنية على تقديم مساعدات نقدية وعينية وتدريب للعراق بدون مقابل وكانت المجموعات التي ترسل للتدريب في أوروبا وامريكا مثلا وكما شاهدته بنفسي قد تم اختيارهم بطريقة طائفية وبالمحاصصة ومعظمهم غير مؤهلين دراسيا واغلبنهم يحملون الشهادات المزورة حتى وصل بنهم الدجل والكذب ليشارك بعض نواب البرلمان الطائفي في حملات التجييش الطائفي فتخرج علينا نائبة لتقول لو قتل عشرة من الشيعة يجب ان يقتل عشرة من السنة ولو رسب في المدرسة عشرة من الشيعة يجب ان يرسب عشرة من ال... حتى ادخلوا في المجتمع العراقي مفاهيم غريبه عنه لكن ما ان جاء حكم الرئيس الأمريكي ترامب حتى توقف العالم المنافق عن حملات هوليوود العراق حيث انتقد الرئيس ترامب كل ما قام به الرئيس باراك أوباما في العراق وأفغانستان وما خلقه من أنظمة فاسدة وصمتت أجهزة الاعلام الأوروبية عن نفخ وتعظيم النظام الفاسد في بغداد وتوقفت المساعدات والدعم بكل انواعه.
المرحلة التي أعقبت تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي توقف الاعلام الغربي الكاذب وفي داخل العراق انحسر تدريجيا وأصبح الناس لا يهتمون بأغلب ما تنشره القنوات الفضائية الطائفية، وقد انتشر الوعي عند العراقيين نتيجة الحقائق التي كان ينشرها الفاسدون بسبب للصراعات التي كانت تدور بين المافيات واللصوص فكلما نشا صراع بين لصين خرج احد اللصين على قناة فضائية وفضح خصمه الاخر وبهذا قاموا بكشف الحقيقة للناس ومن جانب اخر بتثبيت قناعات لدى الشارع العراقي بقيت محفورة في ذاكرتهم كالنقش في الصخر بان كل النظام السياسي فاسد وهذا قد خلق راي عام موحد من نتائج ذلك ان كل الطبقة السياسية الحاكمة في العراق فاسدة أي ان كل النظام السياسي فاسد .
ساحة التحرير من يصنع الراي العام الان
نتيجة لما تقدم وانكشاف حقيقة اللصوص واساليبهم بعد ان قاموا هم بنشر غسيلهم الوسخ فقد تبلورت الأفكار واصبح الشباب الذين خرجوا للتظاهر في ساحة التحرير هم من يصنع الراي العام لانهم اكتشفوا ان النظام السياسي نظام لصوص ومافيات وان البرلمان الحالي هو مسرح تمثيلي يقوم به الممثلين بأداء ادوارهم على المسرح لكن في الواقع جميع البرلمانيين متفقون على نهب ثروات العراق ويتم بيع مناصب الوزراء والمدراء والسفراء وهناك مزادات لكل وظيفة حتى داخل نظام المحاصصة , وشباب ساحات الاعتصامات في المدن العراقية بعد ان اكتشفوا انهم جميعا المجني عليهم وان ليس هناك شيء اسمه دين معين او طائفة معينة او قومية معينة وان كل المرجعيات الدينية كانت تعطي الغطاء الديني للمافيات واللصوص لنهب ثرواتهم اصبح شباب ساحات الاعتصامات يتكلمون بلغة واحدة ولهم مطلب واحد هو كلهم شلع قلع .
اليوم تشاهد في ساحات التحرير مجتمع عراقي جديد تسوده المحبة والتعاون فهم يقتسمون الاكل فيما بينهم ويفترشون الأرض واصبح لون السماء ازرق نظيف والهواء نقي والأفكار التي يتناقلونها وخططهم لبناء مستقبل العراق ويعقدون الندوات لمناقشة خططهم المستقبلية وفي الجانب الاخر أصبحت وسائل اعلام السلطة الفاسدة خارج اطار الزمن بعد ان زادت الفضائح وهزت الكرة الأرضية من القطب الشمالي للقطب الجنوبي فقصة ذلك اللاجئ العراقي الذي يعيش في السويد و المصاب بفقدان الذاكر والذي يسافر للعراق في إجازة وتكتشف الحكومة السويدية انه وزير دفاع العراق وساهم في صفقات فساد منذ عدة سنوات واصبح وزيرا للدفاع وساهم بقتل المتظاهرين السلميين اثارت موجه من الاستغراب والضحك في العالم فكيف لهذه القصة ان تحدث وكيف تم استغفال كل وسائل الكشف والاستقصاء وكأننا نشاهد فلم هندي وذلك الوزير الذي يمارس الجنس مع رجل اخر وقد انتشرت أفلامه في جميع انحاء العالم ولم يخجل من نفسه ويقدم استقالته او حتى حكومة تصريف الاعمال لم يصدر عنها أي تعليق وكيف أصبحت خطب المرجعية مملة ومكررة والتي تتكرر في كل أسبوع بنفس النغمة وتتلاعب بالكلمات والمشاعر وتطالب بضرورة حماية المتظاهرين وفي نفس الوقت تتهم المتظاهرين بتخريب الممتلكات العامة وتدعي ان بينهم مندسين.
لقد صنع الشباب في ساحات الاعتصامات الراي العام العراقي بتمسكهم بمطالبهم الشاملة برفض السلطة الفاسدة وبالجو العائلي الذي خلقوه في ساحات الاعتصامات وبالمحبة التي اخذت تربطهم فيما بينهم وبالعواطف الجياشة التي يحملونها فقد اختلطت الدموع بالفرح فيما بينهم وحيث ترى شاب يقبل راس امرأة كبيرة بالسن قدمت له الطعام في الشارع وهي لا تعرفه وأصبح الشباب ينادون النسوة القائمين على خدمتهم بكلمة امي، لقد عادت الحياة للعراق وتوحد بصورة مذهلة وتخطى سنوات طويلة من الظلم والقهر ومحاولات تقسيمه قوميا ودينيا وطائفيا.
لن يتمكن الفاسدون من التأثير على الراي العام العراقي بعد اليوم فشباب الاعتصامات هم من صنع الراي العام الحقيقي وسوف يستمرون في بناء عراق جديد بمفاهيم واخلاق عراقية اصيلة.
الباحث بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
2630 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع