أحتياجات سوق الطيران العراقي للكوادر المؤهلة

                                                

                           فارس الجواري

أحتياجات سوق الطيران العراقي للكوادر المؤهلة

إن التحديات الاقتصادية التي أفرزتها العولمة شكلت تحدياً حقيقياً لصناعة النقل الجوي التي ظلت ومازالت تعمل وفقا لأسس ومعايير تنظيمية عالمية مما سيجعلها تدخل السوق وبقوة مما سيزيد من توفير الكوادر المؤهلة للعمل في هذا القطاع لذلك أصبحت دراسة علوم الطيران شئ لا يمكن تجاهله هذه الأيام.
وهو ماأشارت اليه الدراسات لتوقعات السوق العالمية من شركات عالمية مثل الايرباص والتي بينت أن نموالحركة الجوية سيزيد بنسبة 4.5٪ سنويا و هذا يعني في المستقبل سيتم صناعة أكثر من 33,000 طائرة ركاب جديدة فضلا عن طائرات شحن إضافية على مدى العشرين سنة المقبلة , في حين أكدت تقارير أتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) عن توقعاتها للمسافرين جوا في ال 20 عام المقبلة وتحديدا في عام 2036 بأنه سيكون هناك بحدود 7.8 مليار مسافر عن طريق الجو , أما شركة بوينغ الامريكية أكدت بعد أجراء دراسات ان عالم الطيران سيواجه مشكلة وجود نقص حاد في الطيارين العاملين في شركات نقل الركاب في السنوات العشرين القادمة حيث ستحتاج هذه الشركات حول العالم إلى 635٫000 طيار جديد بحلول عام 2036 وأكثر من هذا العدد لبقية كوادر الطيران الاخرين ثلثهم من منطقة آسيا والشرق الاوسط (وأكيد بضمن هذه المجموعة سيكون العراق في أمس الحاجة لهذه الكوادر) مما سيتيح فرص عمل واعدة للراغبين في الانخراط بهذا المجال ومن كافة التخصصات سواء في قيادة الطائرة او المهندسين العاملين في (التصميم، الإنتاج، وصيانة الطائرات) وكذلك بقية الكوادر الخدمية المساندة لتحليق الطائرة من والى وجهتها في السفر وسيشمل ايضا بصورة غير مباشرة بعض التخصصات في مجالات مثل التسويق و الاقتصاد والمالية , لكل ماورد أعلاه يستوجب على واضعي الخطط المستقبلية في سلطة الطيران المدني العراقي الى أنشاء المزيد من مدارس وأكاديميات للطيران وأيضا المراكز التدريبية لمقدمي الخدمات في المطارات وشركات النقل الجوي وفق معايير المنظمات العالمية ذات العلاقة ( الايكاو , الاياتا ... وغيرها ) .
لقد سلطت هذه الدراسات الضوء على مضامين جوهرية في ضرورة بناء قاعدة موارد وطنية اساسها الطاقـــات البشـــرية المدربة والقـــادرة على مواكبـة التقــدم التكنولوجــي الســريع الــذي يعرفــه مجـال الطيـران المدنـي العراقي , وهو مايجب ان نعمل عليه بجدية في المرحلة الحالية والمستقبلية من خلال إستحداث اكاديميات ومراكز تخصصية لتدريب الطيران وعلومه المختلفة كون أن هذه المشروعات الحديثة الهامة ستخدم شريحة واسعة من المجتمع العراقي كما تعمل على سد الفجوة التدريبية في هذا المجال وتحقيق هدف استراتيجي مهم هو توطين تدريب كوادر الطيران داخل العراق وبدعم من المستثمرين ومقدمي الخدمات وشركات الطيران العراقية وخصوصا الخطوط الجوية العراقية وشركات الخدمات الارضية وادارة المطارات بإعطاء خريجي هذه الاكاديميات الوطنية الأولوية في التوظيف.
أن الضـــرورة تقتضـــي مـــن جميـــع مكونــات الطيــران المدنــي في العراق ان تنتهج منهاج علمي مبرمج شعاره " بناء خريطة مستقبل الطيران المدني العراقي " واعتبار التدريـب مـن أهـم آليـات تكويـنه من خلال العمـــل بـكل فاعليـة لتشجيع المستثمرين ودعمهم في أنشاء هذه المؤسسات التدريبية وفق المعايير والقواعد القياسية للمنظمة الدولية للطيران المدني ICAO لمواكبة التطــورات والمســـتجدات التـــي تشهدها صناعـــة الطيـــران من تزايـــد نمـــو حركـــة النقـــل الجـــوي وتضاعـــف عـــدد الطائـرات والمطـارات والاسـتثمارات الضخمـــة فـــي كل مكونـــات القطـــاع.
أن الجيل المقبل في سوق الطيران المدني سوف يحتاج الى مزيـــدا مـــن العمالـــة المؤهلـــة والكفـــاءات البشـــرية المتخصصـــة فـــي مجـــال الطيـــران سيصعب توفره اذا لم نتدارك الموقف فورا والانفتاح على بناء هذه المؤسسات التدريبية المتطورة حتى نرفد القطاع بالكوادر المطلوبة مستقبلا بعيدا عن الروتين الحكومي ومعرقلات الادارية الاخرى التي يصنعها بعض موظفين هذا القطاع امام الاستثمارات الخاصة في مجال مؤسســـات التعليـــم والتدريـــب ؟

فارس الجواري
باحث واستشاري طيران

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

683 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع