الدكتور مليح صالح شكر
مصرع الضابط وحراجة النظام
من كان يصدق بأن مصرع اللواء قاسم سليماني سيؤدي الى كل هذه الخسائر داخل النظام الايراني ؟
فهل كان سليماني ، الحلقة التي تربط أطراف النظام ، بالرغم عن كل ما أهيل عليه من صفات وهو يمارس القتل والتصفية والإرهاب والحروب الطائفية في العراق ولبنان وسوريا واليمن؟
ولا أظن أن حتى امريكا التي قتلته في مطار بغداد كانت تتوقع كل هذه النتائج عندما أطلقت طائرتها المسيرة صواريخها على قاسم سليماني وهو يهم بالخروج بسيارة مصفحة من بوابة مطار بغداد قادماً من دمشق ، وفي استقباله مهندس القتل الطائفي والتطهير العرقي في العراق، أبو مهدي .
وقد كان واضحاً ان النظام الايراني قد تعرض لزلزال اطاح بما كان يختفي وراءه من ( صمود وعنجهية بوجه قوى الاستكبار العالمي )، فظهرت عوراته ، الواحدة تلو الاخرى .
والقصة هنا ، هي قصة جبار والصخلة التي اقتبسها هنا من صاحبها مع الاعتذار له عن عدم معرفتي بهويته ، لكنها متداولة في مجموعات التواصل :
( يكلك ابو جبار كاعد يتعشى هوه وزوجته وامه ع الفانوس،
دخلت عليهم صخله كله بويه جبار كوم اربط الصخله.
كام جبار عثر بلفانوس وكسره،
وطمس بصينية العشى وكلبهه على امه،
رجع جفص ابطن بيبيته،
زلكت رجله. طاح على راس ابوه،
كلهم ولكم عوفو الصخله ، ربطو جبار ).
(ولكم عوفوا القواعد الامريكية،
اربطو لنا الحرس الثوري)!!
وهكذا هي قصة ايران مع صواريخها التي قتلت العصافير في ناحية البغدادي العراقية أكثر مما أضرت بالوجود العسكري الامريكي في القاعدة العسكرية التي تعتلي هضبة البغدادي .
ولكن ، ما هي الخسائر التي ألحقتها إيران بنفسها جراء تلك الضربة المزلزلة التي روجوا لها بعد مصرع سليماني بصاروخ امريكي؟
تتحدث الأنباء الرسمية ، عن خسائر فادحة قد أصابت إيران وهي تطلق النار على نفسها .
- قتل أكثر من 50 ايرانيا في التزاحم خلال تشييع بقايا جثة سليماني في ايران،
- ومصرع بضعة ضباط رفيعي المستوى مع سليماني وبعده.
- وقتل 176 ايرانياً واوكرانياً وكندياً ً وألمانياً وأفغانياً وبريطانياً في حادث إسقاط صاروخ ارض جو إيراني لطائرة ركاب مدنية أوكرانية فوق مطار طهران وحسبوها هدف امريكي معاد .
اقلعت طائرة الرحلة PS752 من مطار طهران الدولي في 8 يناير/كانون الثاني في الساعة 06:12 بالتوقيت المحلي (02:42 بتوقيت غرينتش). وكانت متجهة إلى تورنتو في كندا عبر العاصمة الأوكرانية كييف.
وكانت من طراز بوينغ 737-800 ، الذي يعد أحد أكثر نماذج الطائرات استخداماً في صناعة الطيران الدولية ، وجديدة دخلت الخدمة قبل ثلاث سنوات فقط من تاريخ نكبتها .
كل ذلك مع عزلة دولية تتزايد يوماً بعد الآخر .
وعلى من كان يتحدث عن الحكمة والعقلانية الايرانية أن يلاحظ مدى غباء وجهل حكام ايران في حادث إسقاط الطائرة المدنية الاوكرانية في طهران بصاروخ وربما صاروخين ارض جو .
ليتذكر الاخوة حادث لوكربي وليبيا ، ومدى ما أسفر عنه من محاكمات وتعويضات مالية باهضة.
وبأقل كلفة عوضت الولايات المتحدة عام 1988 ايران مالياً على إسقاط صاروخ من بارجة أمريكية في الخليج العربي لطائرة ركاب ايرانية كانت متجهة الى دبي وقتلت جميع ركابها ال 290 .
والغباء الايراني يتمثل ايضا في انهم زادوا بأنفسهم من محنة العقوبات الاقتصادية الامريكية عليهم من خلال زيادة عزلتهم عن بقية دول العالم، وقد أوقفت طهران رحلات جميع طائراتها الى كل الدول الأوروبية التي لا يستبعد ان بعضاً من مواطنيها كانوا سيحجزون قضائياً على الطائرة الايرانية التي تحط في مطارات دولهم.
والغباء الايراني كذلك تمثل في ان ايران وهي تعاني من ضائقة مالية بسبب العقوبات الاقتصادية أصبحت مجبرة قانونيا على دفع تعويضات مالية باهضة لضحايا الطائرة كلهم ، وللشركة التي تملك الطائرة المنكوبة .
فهل لدى ايران فائض أموال للدفع .
وعلى ايران احتواء رد الفعل داخل ايران ، لان اكثر من سبعين من الضحايا هم ايرانيون ، واهلهم وشعبهم غاضب على الملالي وحرسهم وعنجهيتهم التي حملت للإيرانيين عموما الكثير من المآسي .
وأتوقع أن لا تنتهي قصة الطائرة المنكوبة هنا ،فليس من المستبعد ان :
يتخذ مجلس الامن الدولي قراراً او قرارات ملزمة ضد ايران كما حصل في حادث طائرة لوكربي واتهام ليبيا بها عام 1988 ، واضطرت ليبيا فيما بعد لدفع تعويضات وصلت الى مليارين و700 مليون دولار.
وربما ستحيل جهة ما ، دول الضحايا ، او مجلس الامن ، أو منظمة الطيران المدني الدولية ،القضية كلها الى محكمة الجنايات الدولية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية .
وذوو الضحايا يطالبون بجثث او بقايا جثث ذويهم التي تناثرت في جميع الاتجاهات عندما انفجرت الطائرة ، وستظهر التحاليل المختبرية هول الصدمة التي تعرض لها الركاب الأبرياء .
فهنا ان تنظيماً عسكرياً نظامياً ، وليس جهة ارهابية اعترف بأنه من أسقط الطائرة المدنية بصاروخ ، ولن تنفع ايران كل التبريرات التي ادعتها في الحادثة .
ولكي يزيدوا من تهورهم وتخبطهم فقد اعتقلت السلطات الايرانية السفير البريطاني الذي كان يتابع المظاهرات المعادية لنظام الملالي ، لكنها اضطرت لإطلاق سراحه بعد ان اكتشفت انها بهذا الأجراء قد خرقت مرة اخرى قواعد القانون الدولي.
بقي ان نتساءل عن أسباب إصابة عدد من دعاة النظام الايراني بالخرس بعد اعتراف الحرس بالمسؤولية عن كارثة الطائرة الاوكرانية ، ومنهم محمد جواد ظريف ودعاة ( محور الممانعة) من قادة احزاب ومليشيات ، والمغردين الأذناب ؟
فهل كان اللواء قاسم سليماني هو الحلقة التي تربط اركان النظام في طهران ، ولما انفرطت هذه الحلقة بمصرع الضابط ، تناثرت بقية الحلقات في كل الاتجاهات ؟والمستقبل كشاف!
906 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع