حيدر زكي عبد الكريم
أعطني معاشي أطلق يدّي !
أليسَ شيء غريب .. ما الذي يحدث لنا ، أن العمر يمضي بسرعة . والهموم تتسارع معه . واننا لم نفعل شيئاً له قيمة واقعية اتجاه المواطن عموماً ؟
اربعون يوماً مضت على الاستحقاق المعاشي للمتقاعد ، وأنّ التأخير وعدم الصرف معناه وفق القانون (جريمة ادارية) ، فيما يتعلق في القوانين الصادرة بالتقاعد منذ العام 2008 كان هناك صندوق توقيفات تقاعدية وتم بقانون العام 2014 واصبح لدينا متقاعدين من ضمن صندوق التوقيفات ومن الموازنة أي المتقاعدون قبل العام 2008 . كلاّ الطرفين لم يستلموا استحقاقاتهم المعاشية وحتماً سيتم الاستلام اليوم او غداً ، لكن المشكلة تكمن في التأخير وله اكثر من سبب :
منهم من يرى انها مسألة حسابية من خلال جدولة حسابات بعض الدوائر الحكومية التي لم تُقدم حساباتها الختامية لعام 2019 .. أذن من يتحمل المسؤولية الخلافية او حتى التاخيرية ان صح التعبير هل (المتقاعد) . لماذا لا يتم التعامل مع تلك الدوائر بالقانون الانضباطي للتسليم وفق الوقت المحدد ، لماذا يترك الحبل على الغارب دائماً .وقصة هذا المثل معروفة .. كان العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته ، في الجاهلية ، قال لها "حَبْلُك على غارِبك" أَي "خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ " . وتفسيرات اخرى لامجال لذكرها هُنا.
ما تردد بوسائل الاعلام من لابد وجود شخصية مسؤولة تُعطيّ الأوامر بصرف الاستحقاق المعاشي ، والسؤال هل هذا الحق المكتسب والواجب تنفيذه يحتاج الى وساطة.
البادرة السيئة (القرار) الذي يحمل الرقم (97) لسنة 2020 الغاية منه وفقاً لمصدر (واع) "ترتيب اولويات الانفاق نتيجة انخفاض أسعار النفط وليس ايقاف تمويل الرواتب" ، لماذا لم يُدرس هكذا قرار واذا كان مدروس فعلياً ، فلماذا هذا الضرر النفسي والاجتماعي والاقتصادي على الموظف والمتقاعد خصوصاً . كان من الممكن ان نعمل وفق (روح القانون) على اقل تقدير مع هكذا حالة سببت الضرر لشريحة أفنتّ زهرة شبابها في خدمة الوطن .
المسألة الاخرى هيّ الاقتصاد الاحادي يرافقها عدم وجود تخطيط اقتصادي سليم ، والريع وتوفيره ليس من مسؤولية الموظف او المتقاعد او المواطن البسيط .
العامل الاخر القاهر تدهور اسعار النفط في انهيار ولا توجد مدخرات ويُصاحبها اهدار المال العام والفساد والبيروقراطية وغيرها ، ومع هذا كله والراتب (المعاش) الحد الادنى قدره 500000 دينار والراتب الاسري (وريث المتقاعد) قدره 300000 دينار شهرياً ، هل يكفي بسّد الاحتياجات من دواء وغذاء والتزامات ثقيلة اخرى ، فليُجرّب القائمون على الحكم ولو لفترة قصيرة (شهر واحد فقط) استلام هذا المعاش ؟ وشبح الحصار الاقتصادي السيئ الصيت يُخيم على الوطن والمواطن ، وهذه ليست نظرة تشاؤمية ، لكن الاقتصاد مسألة قدرات وامكانيات .
يقال ان تأخير هذه المعاشات (اول مرّة) ونتمنى نحنُ ان تكون الاخيرة ولا تكون كقصةّ الفلاّحة البسيطة التي تقول : " ركبت امرأة فلاّحة تكسي ، لأول مرّة ولما بدأ السائق يتحرك للسير ، قالت له الفلاّحة .. على مهلك يا ولدي ، لأنني اول مرة ..أركب فيها سيارة ، وردّ السائق .. لا تخافيّ يا امي .. وانا أول مرة اسوق فيها سيارة " ؟؟
وارجو ان لا تظهر لنا شخصية تقول اننا نحتاج الى تشكيل لجنة ( لجنة الرأفة) كما هو الحال عليه في اللجان السابقة !!
واخيراً : اذا كان اهدار المال العام والفساد مُنذَ الاحتلال الامريكي في العام 2003 ، اصبح عادةِ سيئة وبدون تعميم ، فقد دفع المواطن فاتورة باهظة من حياته واستقراره وامنه ، فمتى يرى ضياء الحرية الحقّة والاستقرار الفعلي والامن المجتمعي الصحيح والتحرر من النفوذ الاجنبي من (س و ص)...
حيدر زكي عبد الكريم
كاتب من العراق
932 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع