ناجية المراني
بمناسبة الذكرى التاسعه لرحيل الاديبه ناجيه المراني/ قصيدة لها بعنوان من حسابات الشيوخ.
في حساباتيَ أني بعد سبعين وأكثرْ
ذرةٌ في الكون لا تُغني، ولكن تتغيّرْ
إذْ يشفُّ الماء، والينبوعُ تقتيراً يُقتّرْ
والبناءُ الطينُ اجزاءً فأجزاءً يُدمّرْ
يسقط المنثورُ والمنظومُ، اوراقاً تُبَعثَرْ
فبريقُ النورِ يخبو وتويجُ الزهرِ يُحسَرْ
والذي لاقيتُ في يومٍ خصيباً، يتصحّرْ
لا غدٌ يرجى، ولا ذخرٌ ومخزونٌ مدوّرْ
ويد الفنان عن رفدٍ وتلوينٍ، تقصَّرْ
قدري، ما بيدي، أحيا الى يومٍ تأخّرْ
لزمانٍ، ان يشأ درباً سويّاً يتعثّرْ
لكرومٍ ظامئاتٍ، وزكيِّ الماءِ يُهدَرْ
لحروفٍ بيّناتٍ، والمعاني تتنكّرْ
سوفَ أطوي ما شجاني ومريرُ الشجوِ يُستَرْ
واغنّي، علَّ في يومٍ غنائي سيُفَسّرْ
كلُّ شيءٍ - ماعدا الحب الذي عندي- سيُقهَرْ
سوفَ أبقى اعشقُ النهرين، عشقُ النهر أسمرْ
في حنايا الموج كم سفرٍ، وكم لوحٍ تقَدّرْ
كم نداءٍ طاف بالشطين، كم شِعرٍ تفجّرْ
لو روت روّت جليساً كاد يبساً يتحجّرْ
وسأبقى املك الازهارَ انْ نيسانُ ازهرْ
فالندى انْ يلثم الطلعَ صباحاً، يتعطّر
وسأبقى اعشق البدر إذا في الليلِ اسفرْ
حرمةٌ للبدرِ عندي والليالي البيضُ تُذكَرْ
أذُني يبقى لها وعيٌ لنايٍ او لمزهرْ
كم عتاباتٍ ، وكم ليلٍ وكم دمعٍ تحدّرْ
دمعةُ الشوقِ بها يخضرّ ما ولّى وأدبرْ
وجمالُ الخلقِ آياتٌ بها الخلّاقُ بشّرْ
كلُّ حسنٍ عبقريٍ يصطبي روحي فتسكرْ
سِعةٌ عن شحَّ عمرٌ وهدىً ان ضجَّ محشرْ
إنْ يدٌ مُدّت الى حسنٍ بغدرٍ، اتكدّرْ
وكتابي هو خِلّي سامري يغفو ويسهرْ
سائغٌ وِرد صفيٍّ إن معيني يتعكّرْ
أينما ضاءت شموعٌ ها هنا بيتي يُنوّرْ
إنّه الانسانُ يلقاني كبيراً ، لا مكبّرْ
فوصالُ الفكرِ بين الناسِ من قيدٍ محرّرْ
ويراعي حافظٌ منّيَ ما يخفى ويظهرْ
مفرجٌ عن نفَسي، إنْ نفَسي يمنعْ ويُحجَرْ
بيننا سلوى وشكوى إن أمينٌ يتعذّرْ
واذا ما خفَّ ظعنٌ ومضى واجتازَ معبَرْ
ورجا خلٌّ لقائي سوف يدعوهُ فيحضرْ
وصعودُ العمر يُلفي عدد الاحبابِ أكبرْ
فهنا عودٌ قديمٌ وبظلِّ العودِ نسمرْ
وهنا غرسٌ جديدٌ وبظلِّ الغرسِ أثمرْ
في يدي وشلٌ واسقي ليكون الغرسُ أنضرْ
كلُّ ذا عندي ويبقى منزلي ريّانَ أخضرْ
لم يدرْ قطُّ ببالي أنني يوماً سأُهجَرْ
في نسيجِ الكونِ تحيا ذرّةٌ تُطوى وتُنشرْ
عائداً لله ما يسمو، وما يدنو لقيصرْ
بغداد
آذار 2001
1016 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع