موظفي حكومة أقليم كوردستان بين مطرقة الاقليم وسندان الحكومة الاتحادية !!

                                                   

                           أ.د.شورش العمري
                          جامعة السليمانية
                            كلية القانون

موظفي حكومة أقليم كوردستان بين مطرقة الاقليم وسندان الحكومة الاتحادية !!

ان القانون لايعبر عن الارادة العامة الا من خلال ضمان احترام الدستور، مع الاسف في بلدنا انتهك الدستور الى ابعد الحدود وفي شتى المجالات ، أهمها خرق مبدأ المساواة المواطنيين امام القانون في الحقوق والواجبات، الأمر الذي يعصف بجميع الحقوق والحريات المقررة في الدستور لهم. فيا للعجب والمفارقة، الموظف والمتقاعد العراقي التابع للحكومة الاتحادية سوف يستلم قبل العيد راتب الشهر السابع( تموز) لسنة 2020 بالتمام والكمال ، في حين نفس الموظف العراقي التابع لما يسمى بحكومة اقليم كوردستان يحلم اذ استلم بعد العيد راتب الشهر الثالث(آذار)لسنة 2020 مع الخصم بنسبة أكثر من 20%، ناهيك عن المتقاعدين من المدنيين والعسكريين الذين لم يستلموا الى ألآن راتبهم لشهر السادس (حزيران) 2019 !!

وهنا نتساءل أليس حقوق موظفي الاقليم في ضمان رواتبهم الوظيفية والتقاعدية، تقع ضمن المسؤليات الاساسية للحكومة الاتحادية بمعناها الواسع، أي وقوع هذه المسؤلية على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، لاسيما رئيس الجمهورية الذي تولى هذا المنصب على حساب حصة الاقليم بناء على التوزيع الطائفي للمناصب السيادية في العراق، وهو باعتباره حاميا للدستور وفق منطوق المادة (67) منه . وذلك في حالة انتهاك هذا الحق الدستوري المقرر للموظفين والمتقاعدين في الاقليم من قبل سلطات اقليم كوردستان بأية ذريعة مبررة أو غير مبررة من الناحية القانونية، فمن المفروض على السلطات الاتحادية المذكورة التدخل لمنع هذا الانتهاك ، كون الحكومة الاتحادية مسؤولة حصرا في كل المسائل المالية من ضمنها الرواتب في كافة انحاء والاقاليم الدولة الفدرالية، أستنادا الى نص المادة (110/ثالثا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي بموجبها منح الاختصاصات المالية بيد الحكومة الاتحادية حصرا حينما نصت على ان( تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية: أولا:.... ثانيا: .... ثالثا- رسم السياسة المالية،والكمركية،وأصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة التقنية وأنشاء البنك المركزي وادارته). اذن وفق النص المذكور اليس من الواجب ومسؤلية الحكومة الاتحادية التحرك لمنع هذا التجاوز على الحقوق الدستورية للمواطنيين في الاقليم.
اذن بماذا يفسر سكوت الحكومة الاتحادية ازاء تجاوزات حكومة الاقليم على الحقوق الموظفيين والمتقاعدين في استلام رواتبهم بانتظام كحال اخوتهم في الحكومة الاتحادية، مع الاسف يفسر ذلك برضى الحكومة الاتحادية على سياسة حكومة الاقليم المالية في انتهاك مباديء دستور جمهورية العراق وروحه، والا كان بامكان الحكومة الاتحادية من خلال اتباع عدة الوسائل والآليات اجبار حكومة الاقليم على دفع رواتب الموظفيين والمتقاعدين في مواعيدها اسوة بزملائهم في الحكومة الاتحادية، أستنادا الى مجموعة النصوص الدستورية منها المواد(2/أولا/ ب وج ، 5، 13،14، 46، 105، 106و 111) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وذلك للألتزام بالدستور الاتحادي، أذ مارست الحكومة الاتحادية تلك الضغوط على حكومة الاقليم اواخر عام 2017 بعد فشل الاستفتاء الشعبي التي اجريت في نفس العام من قبل حكومة الاقليم بخصوص تقرير مصير اقليم كوردستان في العراق بالانفصال او البقاء ضمنه ، اذ سيطرت الحكومة الاتحادية بعد اجراء الاستفتاء على حركة المطارات المتواجدة في الاقليم وكذلك على المعابر الحدودية التي تربط الاقليم بالدول المجاورة، وقد أخضعت الحكومة الاتحادية كافة منافذ الحيوية لحكومة الاقليم تحت سيطرتها ، مما ادى الى استسلام حكومة الاقليم لجميع مطالب الحكومة الفدرالية. فاذا كان بامكان الحكومة الاتحادية اخضاع حكومة الاقليم لمطاليبها الدستورية في اي وقت تشاء ، فلماذا هي ساكتة عن التجاوزات الدستورية لهذه الحكومة على الحقوق الاساسية لمواطني الاقليم من الموظفين والمتقاعدين.
عليه نضع السلطات الاتحادية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية أمام المسؤلية التاريخية لهذه المرحلة الحساسة في تاريخ شعبنا، بان يبذلوا كل جهودهم وبموجب نصوص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ومبادئه السامية، بان يحفظوا كرامة شعب الاقليم من خلال ضمان حقوقه الدستورية في التمتع بكافة حقوقه المقررة في الدستور استنادا الى مبدأ المساواة الواردة في المادة(14) من دستور جمهورية العراق، وان يحصلوا مواطني الاقليم من الموظفيين والمتقاعدين بحقوقهم الاساسية من رواتب والامتيازات الاخرى المقررة لهم في مواعيدها الشهرية المقررة، اسوة بزملائهم الفاطنيين تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، وبعكسه يثبت لنا بان تلك السلطات الاتحادية ليسوا الا زوبعة امام سلطات حكومة الاقليم، وانهم فعلا تابعين لسلطات حكومة الاقليم على العكس من كل التجارب الفدرالية، الامر الذي يتنافى مع كل المباديء والاسس المقررة في التجارب الفدرالية، والخاسرفي هذه التجربة المرة الفريدة ليس الا مواطنيين من الموظفيين والمتقاعديين، الذين تحول استحقاقهم الشهري للراتب الى دون الفصلي، بحيث يستلمون في كامل السنة الميلادية رواتب لأربعة اشهر مع الخصم ، فمن الذي يحمي حقوق هؤلاء المستضعفين امام بطش والجشع المادي لمسؤولي حكومة الاقليم الذين يحبون المال حبا جما !!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع