تأملات في فلسفة الوجود والحياة


بقلم الشاعر العراقي: علاء الدين صادق الأعرجي
مفكر ومؤلف

تأملات في فلسفة الوجود والحياة

أيُّ هذا الساري بدربِ الحياةِ
وطويتَ العقـــودَ والسنواتِ
وخـَبَـرْتَ الأحداثَ في كل فجٍ
هل ترى لـُجـَّة َ الكيان العاتي؟
هل تعي ما يدور في أيِّ صَـقع ٍ
تحت أبصارنا وفي الذراتِ ؟
* * *
نحن نسعى في كلِّ يوم ٍ لأمـر ٍ
ويضيع المسعى مع التُرَهَاتِ
أتـُـرانا مثـــل البهائــــم نـعـدو
بغية الـعيش أو لـذي الطيـباتِ؟
غير أنـّـا نَعمى عن الحسِّ في ما
صـار من كل هذه المعجزات !
* * *
كـلُّ مـــا حولنـَا أراه عجيبا ً:
نبتة ً أو جـــرادة ً في فــلاة ِ
صخرة ً أو حمامة ً أو تــُرابا ً
شعلة ً أو تـَبَسُّـمـَا ً من فتاةِ
بــَلـْـهَ هذي النجومَ في الكونِ تسري
في خلاء ٍ يَعُــجُّ بالظــُّـلـُمات ِ
لا تسلْ عن كوامن ِ النفس ِ لمَّـا
تــَشْـتـَهي أو تضيقُ في لحظات ِ!!
وهموم ِ الفكر ِ الجليـل ِ وسيــل ٍ
من خواف ٍ تعصى على مُدرِكاتي
* * *
نحن من جهلنا نــــظنّ ُ بــــأنــَّـا
طلقاء ٌ في هذه ِ الساحات ِ

بـَيْـدَ أنــَّا في سِجْـنِـنا رهن سجن
ثـمَّ قيـد ٍ في دائــم ِ الأوقات ِ :
أرضـُنــا سِجنـُنــا يَضيقُ علـيـنــا
وحُدودُ الإدراك ِتُدمي حياتي
وقيــودُ العقـــل ِ المُـكـبَّـل ِ فيمـا
سادَ في بقـعـةٍ مــن الشائـِعاتِ
فكتابـي وأسرتــــي وصديقـي
قـد يـكـونـون بــذرة َ المــأساة ِ
أنــا طيفٌ في كــل ِهذي المرايا
فـرضتهُ الحياة في كل ذاتي
بـــل وحتى مُفـَـكــِّرونَ تـرَدّوا
بعضَ حين ٍ في كــُل ِ هذي الهـِنات ِ
وصراعُ الأبـطال ِ كان عنــــاءً
لـلـتخلي عــن هــــذه الآفــات ِ
* * *
وأرى العــلمَ والمـعـارفَ آلات ٍ
عِـجابا ً بديعـــــةَ القسمــات ِ
بـيـد أن العلـومَ تبـدو وَبـــالا ً
حيـن تغـدو مطيَّــة ً للغـُـلاة ِ
* * *
كـلــَّما زادت العُــلومُ اتــِّسَاعا ً
فجـَّرتْ أنهرا ً من المُعضِلات ِ
عِـلمُنـا قطرة ٌ ببحر ٍ عظيم ٍ
والبرايا من جَهلها في سُبات ٍ
نحـن نـَعيـا عمَّا يـدور بـجسم ٍ
مُستـَدِق ٍ يحـيا بشكـل ِ نبات ِ
* * *
لا نرى من وجودنا غير نـَـــزر ٍ
رُغـمَ كـل ِ العـلوم ِ والفلسفات ِ

فالـخلايا عــوالــمٌ من حيـــاة ٍ
تسَـتـَـبيـنا بــرائع الآيــــــات ِ
نـــحنُ من غـيِّــنـا نـظـنُ بأنــَّا
قد مَلكـنا حشدا ً من الملكات ِ
* * *
ثم َّ أنساب في الحضيض بـعـُمـق ٍ
وأرى أنـَّـنـا مـن الحَـشـرات ِ
أوَ لـَسْـنـا سوى خلائقَ دُنـيا؟
ليت شعري، هل إنـَّـنيْ أنـا ذاتي ؟
أم أنـا دُميـَة يـُحركـُها الدهرُ
ستـبـقى ما قـدَّروا لـحيـاتـــي ؟
* * *
ولماذا نحيـا ونسـعـى ونـشـقى
ثـمَّ نغفو في عالم ِ الأموات ِ
هل أنـا مالكٌ لجسمي وعـقلي؟
أم أنا ناتـِج ٌ من المُنـتـَجات ِ؟
صَـنـَعـته ُ يـَد ٌ تَحَـكـَّـمُ فــيـنـا
كـُــلُّ شيء ٍ مـُقـَـدَّرٌ بـثـبـات ِ
أتــُرى أنـنـا غـَفــلـنـا طويــلا ً
كـُـلَّ هــذي الأدلـَّةِ الـبـيـنـات ِ
كـلُ ما في الوجود يهمس جهرا ً
هـلْ فهمنا مغازيَّ الهَمَساتِ ؟
ومعاني الأشياء ِ تصرخُ فينا
هلْ أصَخْنا لهذه الصَـرَخـَات ِ
أبــــدع َ الله ُ كـَوْنـَه وتعـالى
فوق كل الأفـــْهام ِ والمُدرَكات ِ
فتأملْ ، يا صـاحبي ، بوجـود ٍ
كـُلــُّه ُ مُعْجِزٌ بشتى الصفات ِ


1- بَلـه، اسم فعل بمعنى: دعْ، أي فما بالك بهذه النجوم السارية في الفضاء الشاسع.
والمقصود معنى التعجب، أي الأعجب من ذلك.

2- المقصود من هذه الأبيات هو أننا في سجون متعددة ودائمة ، فالأرض سجننا الأول الذي نضيق به ويضيق بنا، ليس مادياً فقط بل معنوياً وفكرياً أيضاً . كما أن حدود ما أُدركه من أمور بعقلي البشري الصغير، قيدٌ ثانٍ. كذلك تأثري بما أقرأه من كتب وما يُفرض عليً من معتقدات وآراء نتلقاها من أسرتنا وأصدقائنا قيدٌ ثالث... وهكذا. فنحن عبيد تربيتنا ومحيطنا، إلا ما ندر، من الأشخاص الذين يتمتعون بـ"عقل فاعل"، مقابل "العقل المنفعل"،الذي يسود لدى الناس بوجه عام.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

607 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع