بسام شكري
هل يتعلم شعب العراق من حرب الافوكاتو
قبل أيام كنت في زحمة إعادة تحديث معلومات بحث عملته قبل سنتين حول مكافحة الإرهاب ومكافحة المافيا في العالم وما ان انتهيت من القراءات وكتابة احدث المعلومات حتى وصلت الى مرحلة مشاهد الافلام الوثائقية حول المافيات في العالم وطرق مكافحتها وقد اثار انتباهي احد تلك الأفلام وعندما عملت مقارنة بين احداث ذلك الفلم الوثائقي وبين ما يجري في العراق وجدت هناك تشابه كبير بين الحالتين وقد اخترت تلك الحالة لقياسها على الوضع العراقي خصوصا وان الاحداث واقعية وان المجتمع قد تخلص من المافيات وانتصر عليها باقل خسائر فما هو الفلم وما هو ذلك البلد ؟
ان اكبر منطقة تنتج الأفوكاتو في العالم هي ولاية ميتشواكان في المكسيك ونظرا لازدياد الطلب على الافوكاتو المكسيكي من قبل الولايات المتحدة الامريكية لما يحتويه من مواد غذائية متعددة وزيوت ولما تحتويه الافوكاتو المكسيكية من جودة عالية نتيجة للتربة المناسبة والمناخ النموذجي لها فقد زاد الطلب العالمي عليه وعلى الرغم من ان تشيلي تنتج كميات لا باس بها من الافوكاتو الا ان الإنتاج المكسيكي الهائل قد تجاوز انتاج كافة دول أمريكا اللاتينية ونفس جودته العالية بعد ازدهار زراعته خلال نهاية الثمانينات والتسعينات نتيجة لتلك الطفرة في الإنتاج واتباع أساليب حديثة في الزراعة وقد تبعها من ارتفاع المستوى المعاشي لمزارعي الافوكاتو فقد ظهرت عصابات من العاطلين عن العمل من سكان المدن ومن الدول المجاورة وبمشاركة فعالة من قبل عصابات تجارة المخدرات قاموا بتشكيل مافيات تقوم باختطاف مزارعي الافوكاتو وعدم اعادتهم الا مقابل فدية ومن يرفض الدفع يتم قتله وتعليق جثته على أعمدة الكهرباء في الساحات الرئيسي للمدن وتم حرق مئات البيوت والسيارات العائدة للمزارعين وقد عجزت الشرطة المحلية في محاربتهم وفي نهاية المطاف أصبحت الشرطة تتقاسم معهم ما يحصلون عليه من أموال من ابتزازهم مزارعي الافوكاتو واستمرت تلك الحالة لأكثر من عشر سنوات التي راح ضحيتها الاف المزارعين وتكبد الاقتصاد المكسيكي خسائر فادحة حتى بلغت ذروتها وهجر كبار مزارعي الافوكاتو مزارعهم خوفا من الاختطاف .
ان تجارة الافوكاتو مرتبطة بالاقتصاد الأمريكي وهناك عقود شراء سنوية بين شركات الأغذية الامريكية وبين المزارعين المكسيكيين ومن شروط تلك العقود قيام شركات تفتيش على مزارع الافوكاتو وقد قامت المافيات باختطاف المفتشين الأمريكيين أيضا وابتزازهم وقد قتل الكثير من المفتشين الأمريكيين ودخل الموضوع في مجال الدبلوماسية الدولية ونتيجة لقيام بعض المزارعين بدفع فدية وامتناع اخرين عن الدفع ونتيجة لقيام بعض المزارعين بإنتاج كميات كبيرة لا تتمكن المافيات من السيطرة عليها فقد أصدرت المافيات تعليمات للمزارعين بتحديد كمية الإنتاج , كل ذلك والشرطة المكسيكية الشريكة في الابتزاز تدعي انها لا تتمكن من فرض القانون , ما هو الحل وقد بلغ حجم زراعة وتصدير الافوكاتو 2 مليار و 400 مليون دولار والقضية قد أصبحت دولية ؟
في احد أعياد الميلاد وفي احتفال شعبي اجتمع مجموعة من مزارعي الافوكاتو وتدارسوا حالهم وتم الاتفاق على تكوين وحدات حماية ذاتية لكل قرية من متطوعين من نفس الفلاحين وإقامة نقاط تفتيش على مداخل القرى ومنع الغرباء من الدخول وتم حصر كافة القرى وتوقفت في البداية نشاطات المافيات التي جاءت من المدن وبعضها جاء من الدول المجاورة وبعد اقل من أسبوعين رجعت المافيات تهاجم وحدات الحماية الذاتية وتقتل المدنيين لإرهاب المزارعين ودخلت تلك المافيا الى القرى متخفية بسيارات الشرطة وحصلت مواجهات فتم قتل اغلبية تلك العصابات وقامت وحدات الحماية الذاتية بمنع دخول الشرطة الى مناطقهم وتوقفت تدريجيا الاعتداءات الى ان اختفت كليا ورجعت زراعة الافوكاتو الى الازدهار وقام المزارعين بعمل جمعيات واتحادات تقدم الخدمات والبنية التحتية للقرى وبذلك تكونت قوة اقتصادية تنموية عسكرية بحماية ذاتية واليوم يحاول مزارعو المكسيك زيادة انتاجهم بحيث ترجع المكسيك تنتج 80% من افوكاتو العالم.
حالة العراق الان مشابهة لحالة المكسيك وحرب الشعب العراقي ضد المافيات مشابه لحرب مزارعي الافوكاتو ضد المافيا , فلا انتخابات ستنجح في ظل مافيات مسلحة تمسك الأرض وتكمم الافواه بالقتل والاختطاف واتخاذ الدين وسيلة للهيمنة وتقوم بتزوير الانتخابات , صحيح ان الكاظمي امريكي الجنسية ولديه أوامر بإجراء إصلاحات والقضاء على الفساد لكنه يعمل في بحر من الميليشيات فالإصلاح الذي نتوقعه من الكاظمي سيأخذ سنوات عديدة قد تصل الى العشر سنوات يكون العالم قد تطور بشكل هائل ومازال العراق بدون خدمات أساسية كالماء والكهرباء ويفقد العراق شبابه وموارده يتم نهبها وبيئته يتم تدميرها فما هو الحل ؟
العشائر العراقية يمكن شرائها بسهولة من قبل المافيات وكما هو معلوم فان كل شيء في العراق يمكن شرائه ولو انتفضت عشيرة بين عشرات العشائر ضد الظلم تقوم المافيات بدفع عشائر اخرى لمحاربة تلك العشيرة واسكاتها ويتم القضاء عليها بدون ان تخسر المافيات رصاصة واحدة.
تغيير نظام الحكم بانقلاب عسكري مستحيل لان عدد الميليشيات المسلحة من حشد شعبي وميليشيات أحزاب دينية وقوات إيرانية يزيد على عدد القوات المسلحة وكل القطعات العسكرية مسيطر عليها من قبل رجال الدين والأحزاب الفاسدة، فما هو الحل؟
تكوين وحدات حماية ذاتية لكل قرية ومدينة ومحافظة تمنع الميليشيات والأحزاب من الدخول وتمنع حتى أجهزة الشرطة والجيش من الدخول ويتم منع تصدير البترول عن طريق قطع الطرق المؤدية اليها وتدريجيا يتم السيطرة على المطارات والموانئ وقد حصلت مثل تلك المحاولات في بداية ثورة تشرين لإغلاق الموانئ والمطارات لكن المافيات تمكنت من فك الحصار وإعادة التشغيل , قد تبقى المافيات في بغداد وقد تبقى كذلك في مدينة البصرة لكبر المدينة وقربها من ايران وصعوبة منع المافيات لكل مع مرور الوقت تتحول بغداد والبصرة الى مناطق حماية ذاتية وعندها سيضطر الامريكان الذين يحتلون العراق بالتحالف مع إيران بالتدخل لحل الميليشيات والأحزاب الدينية وإعادة تشكيل الجيش والقوات الأمنية على أسس وطنية غير طائفية.
قد تفشل وحدات الحماية الذاتية في البداية إذا كانت غير متفقة فيما بينها لكنها مع مرور الوقت ستقوم بتشكيل نفسها بحيث تصبح قوة وطنية تحمي الشعب وخصوصا إذا ما بدأ تطبيق فكرة الحماية الذاتية مع انطلاق الذكرى الأولى لثورة تشرين بحيث يقوم الشباب الثائر بالمساهمة في فرق الحماية الذاتية وادارتها وتطبيق احتجاجات كبيرة تسد مداخل المدن والمطارات والموانئ.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع