مؤيد عبد الستار
العراق...إفلاس و وجع راس
في وضع استثنائي أصبحت حكومة الكاظمي خاوية الوفاض من المال والبنين،فاموال النفط تبخرت عاما بعد عام،منها ما سرقه كبار المسؤولين، ومنها ما شفطه تجار العملة من خلال بيع البنك المركزي للدولارات في مزاد العملة الذي يجري على قدم وساق أمام أنظار الملأ.
ومنها ما ضاع في مقاولات وهمية هرب بها العديد من المقاولين الى دول الجوار واوربا وامريكا وربما الى جزر الواق واق.
إن سرقة المال العام ليست وليدة الساعة، وإنما استشرت بعد سقوط نظام العصابة الصدامية واستلام القوى السياسية الاسلاموية سدة الحكم ، فأصبحت السرقة والاستيلاء على المال العام عملية يقرها الشرع الذي تفنن الفقهاء الجهلة في تحليله وشرعنته وفق أحاديث ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن نافلة القول أن للفساد جذورا عميقة في الدولة العراقية منذ تأسيسها بعد الاحتلال البريطاني وتأليف حكومة عبد الرحمن النقيب اوائل عشرينات القرن الماضي والتي كانت دمية بيد السير برسي كوكس المندوب السامي البريطاني وسكرتيرته المسس بيل .
فان الجهاز الحكومي كان باشراف بريطاني حتى ان الشبيبي أشار الى ذلك في أبيات يهجو بها الحكومة قائلا :
المستشار هو الذي شرب الطلا / فعلام ياهذا الوزير تعربدُ
وقال الرصافي :
ألا بلغوا عني الوزير مقالة / له بينها لو كان يخجل توبيخُ
أراك بحمام الوزارة نورة / وأما جناب المستشار فزرنيخُ
ولمن لايعرف الزرنيخ والنورة نقول ان الزرنيخ مادة سامة، كان يستخدم في الحمامات البغدادية لازالة الشعر والنورة- الكلس - مادة مساعدة تخلط معه ، لذلك جاء المثل البغدادي:
العمل للزرنيخ والصيت للنورة.
ومن الجدير بالذكر إن المحتل لا بد وأن يعمل على تسخير من يراهم يصلحون لخدمته من المواطنين وبهذا الشأن يقول عبد الرزاق الحسني في كتابه تاريخ الوزارات العراقية * :
أقامت الادارة البريطانية الى جانب كل وزير مستشارا بريطانيا ... والى جانب كل متصرف مشاوره البريطاني.. أما الكتاب والمترجمون ، وصغار الموظفين ، فقد تم اختيار معظمهم من الطبقات الوضيعة ، ممن لم تبرهن الايام على نزاهتهم، وعزة نفوسهم ، ولم تكن لديهم المؤهلات العلمية والاخلاقية لأن الطبقة المهذبة ، المعتزة بكرامتها ، المحافظة على سمعتها ، كانت تستنكف من الخدمة في الحكومة التي كونها صناديد الاحتلال . ج1 ص 29 .
فهل نعجب اليوم من وجود هذا الكم الهائل من الفساد في مفاصل الحكومة العراقية التي عاث فيها فسادا كل من تمكن من دسّ اصبعا فيها سواء بوساطة حزبه أو عشيرته أو طائفته أو قرابته!!
وهل نردد القول المأثور : ما أشبه الليلة بالبارحة !
747 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع